موقع 24:
2025-02-06@07:22:30 GMT

هل ستترك أمريكا أوكرانيا لمصيرها؟

تاريخ النشر: 16th, December 2023 GMT

هل ستترك أمريكا أوكرانيا لمصيرها؟

أوكرانيا الدولة القلقة جغرافياً وسياسياً تخوض حرباً صفرية مع روسيا الكبيرة جغرافياً والقادرة عسكرياً

عندما حرَّكت روسيا قواتها إلى داخل حدود أوكرانيا، منذ سنتين اعتقدت أنَّ حربَها لن تتجاوزَ أياماً معدودات، أو في أسوأ الحساباتِ بضعة أشهر. فوجئت روسيا بحجم الدعم الأميركي والغربي لأوكرانيا. سلاح من دون حدود، ودعم مالي تجاوز مئات المليارات، وتدفق السلاح لكييف من أميركا، وبريطانيا، وألمانيا وفرنسا.

المهاجرون الأوكرانيون، فتحت لهم دول أوروبا الأبواب وأغدقت عليهم المساعدات، ومكّنتهم من فرص العمل في كل المجالات. الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، طاف العواصمَ الأوروبية، وتحدَّث بملابسه الكاكي البسيطة أمام حكوماتها وبرلماناتها، شارحاً قضية وطنه، وطالباً الدعم لبلاده التي تقاوم الغزوَ الروسي. طالت المواجهات العسكرية العنيفة بين أوكرانيا وروسيا، واتَّسمت الحرب بالهجوم والهجومات المضادة من الطرفين، لكن طلبات الدعم من زيلينسكي، كان لها صوتٌ واحدٌ يزداد ارتفاعاً مع استمرار وطيس الحرب التي طالت.
في الأشهر الأخيرة، بدأ الموقف الأوربي يغشاه البرود، وخاصة في بعض دول أوروبا الشرقية. المجر وبولندا وبلغاريا. بدأت تفقد الحماس للدعم الأميركي والأوروبي لأوكرانيا، في حين استمر الحماس والدعم الأميركي والبريطاني، وإلى حد ما الفرنسي والألماني لأوكرانيا. المعاناة العسكرية والاقتصادية والاجتماعية، زاد ثقلها على أوكرانيا، رغم الدعم الغربي، وفي مقدمته الولايات المتحدة. بعد ما سببه وباء الكوفيد من أزمات اقتصادية في العالم، وارتفاع التضخم، أضافت الحرب الأوكرانية - الروسية، أزمة جديدة لأزمة الوباء الذي ضرب الاقتصاد العالمي. المقاطعة شبه الشاملة التي فرضها الغرب على روسيا، سببت أزمات في الغذاء في البلدان الفقيرة عامة، ولم تنجُ من ضرباتها حتى الدول الأوروبية الغنية، وخاصة في قطاع النفط والغاز والأغذية والأعلاف. الأموال والأسلحة التي يضخها الغرب لأوكرانيا، طالت جيوب المواطنين الأوروبيين، وحتى الأميركيين، حيث ارتفعت مؤخراً أصوات في أميركا، تقول إن عشرات الملايين من المواطنين يعانون الفقر. ترعرع مزاج جديد بين شعوب الدول المانحة لأوكرانيا، وتراجعت المظاهرات الضخمة التي خرجت في البداية تأييداً لأوكرانيا ضد الاجتياح الروسي، وبدأت الأصوات تتغير في وسائل الإعلام الغربية، وفي بعض البرلمانات ارتفع السؤال، إلى متى تستمر هذه الحرب، وإلى متى ندفع من قوتنا أموال لحرب لسنا طرفاً مباشراً فيها؟
دخلت الولايات المتحدة، السنة الساخنة، سنة الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. الحزب الديمقراطي يعيش حالة من المخاض التنافسي في داخله. الرئيس جو بايدن أعلن ترشحه لخوض الانتخابات عن الحزب، لكن المؤشرات المبكرة، بها غموض يغذي الخلافات، والاستطلاعات المبكرة، ليست في صالح الرئيس بايدن. أما الحزب الجمهوري فيعيش حالة غير مسبوقة في جولاته الانتخابية الرئاسية. الرئيس السابق دونالد ترمب، أعلن مبكراً عن ترشحه للرئاسة، وسط طوفان من الاتهامات التي قادته إلى القضاء. استطلاعات الرأي داخل حزبه، تضعه في المقدمة. ليس داخل حزبه فحسب، بل على المستوى الوطني. ترمب له مريدون داخل الحزب الجمهوري وحتى خارجه، وهم أكثر تشدداً من المؤيدين، ولن يترددوا في حشد تجمعات كبيرة، قد تندفع إلى العنف في حالة صدور أحكام نافذة ضد ترمب. المشهد السياسي في الولايات المتحدة، يشوبه غموض مشحون. كل ذلك له انعكاسات ساخنة على السياسة الخارجية الأميركية. الصين هي الناقوس الذي يفعل فعله داخل أميركا. روسيا لها حضور في داخل أميركا، والحرب الروسية في أوكرانيا، هي العامل الذي يحرك ذلك. الدعم المالي والعسكري والسياسي الأميركي المستمر والمتصاعد لأوكرانيا، أعاد زمن حرب فيتنام إلى الشارع الأميركي، بما فيها من تكاليف باهظة. احتمال انتصار أوكرانيا في حربها التي مع روسيا، بدأ يتلاشى، ومراجعة أميركا موقفها من هذه الحرب، بدأت مؤشراتها تتزايد. تاريخ أميركا في صراعاتها السياسية والعسكرية، يؤكد منهجها البراغماتي في إدارتها هذه الصراعات. في الحربين العالميتين الأولى والثانية، لم تتدخل في بداياتهما، ثم دفعت بثقلها العسكري في كلتيهما بعد حسابات براغماتية متأنية ودقيقة. في الحرب الكورية، التي كانت هي المواجهة الأولى بين الغرب الرأسمالي والشرق الشيوعي، حققت القوات الأميركية تقدماً ضد القوات الشمالية الشيوعية المدعومة من الاتحاد السوفياتي والصين الشعبية، كان هدف الجنرال ماك آرثر، السيطرة على كامل شبه الجزيرة الكورية، لتأسيس دولة كورية واحدة موالية للغرب، لكن بعد تدخل عسكري صيني كاسح، وتكبّد قوات الحلفاء الغربيين خسائر كبيرة، قبلت الولايات المتحدة، مشروع تقسيم شبه الجزيرة الكورية إلى دولتين. شمالية شيوعية، وجنوبية رأسمالية موالية، بل تابعة للغرب.
حرب فيتنام التي استمرت لسنوات، وكانت أقرب إلى حرب عالمية، كانت أكبر مواجهة بين الغرب الرأسمالي والشرق الشيوعي. دفعت أميركا بمئات الآلاف من جنودها المدججين بأحدث الأسلحة لمواجهة هجومات الفيتكونغ الشيوعية التي تهدف إلى توحيد الشمال والجنوب تحت الحكم الشيوعي. كلفت تلك الحرب الولايات المتحدة خسائر كبيرة. وسّعت أميركا حربها لتشمل دولاً أخرى حول فيتنام، لكن مع توسع نطاق الحرب، وارتفاع الخسائر الأميركية، جنحت أميركا إلى الحل السياسي، وزار الرئيس ريتشارد نيكسون الصين، وقبلها عملت أميركا على إحلال الصين الشعبية الشيوعية، محل الصين الوطنية في مجلس الأمن كعضو دائم، وانتهت الحرب الفيتنامية بمؤتمر باريس للسلام. انسحبت القوات الأميركية من فيتنام الجنوبية، في مشهد أظهر السفير الأميركي وهو يغادر هانوي على طائرة مروحية، وعشرات الفيتناميين الجنوبيين الموالين لأميركا يتقافزون نحو الطائرة هرباً مما ينتظرهم من ملاحقات الشيوعيين. شاه إيران محمد رضا بهلوي، الذي كان من أكثر الموالين لأميركا، هرب من طهران بعد اندلاع الثورة، والمرض أوهن جسده. أراد أن يدخل أميركا للعلاج، لكن أبوابها سُدت أمامه؛ إذ لم يعد له دور سياسي في بلاده والمنطقة. ما تابعه العالم من مشاهد في كابول الأفغانية، والكبار والصغار من الأفغان، يتعلقون بأجنحة الطائرات الأميركية التي تقلع مغادرة من مطار كابول، تحمل القوات الأميركية المنسحبة، كتب بحبر البشر سطور السياسة البراغماتية الأميركية. لقد أنجزت أميركا ما أرادته من حربها الطويلة في أفغانستان، فحان أوان المغادرة، وترك من كانوا خيوطاً في نسيج زمن غبر.
اليوم، يشهد العالم تغيرات استراتيجية كبيرة. الصين الشعبية والولايات المتحدة، هما القوسان الكبيران اللذان يتحرك بينهما المسار الدولي الكبير. الصين هي الخصم الكبير لأميركا اقتصادياً وسياسياً وحتى عسكرياً، أما روسيا فهي خصم من الدرجة الثانية. تايوان التي كانت تسمى فرموزا، وسياسياً تحمل اسم الصين الوطنية، لن تتردد أميركا في القبول بإلحاقها بالصين الشعبية الشيوعية، وفقاً لقاعدة دولة واحدة بنظامين، كما تم بين الصين وهونغ كونغ. الهدف هو تأسيس علاقة جديدة بين القوتين الأكبر في العالم، ولكل ذلك ثمن، في مقدمته التنازلات الكبيرة المتبادلة.
أوكرانيا الدولة القلقة جغرافياً وسياسياً، تخوض حرباً صفرية مع روسيا الكبيرة جغرافياً، والقادرة عسكرياً، وما زالت متشددة في سياستها تجاه أوكرانيا، رغم الدعم العسكري والمالي الغربي الذي لا حدود له، لن تتراجع في حربها الطويلة ضد كييف. أميركا البراغماتية، التي تموج في حراك سياسي داخلي، لا نستبعد أن ترتب إلى اجتماع في باريس أو في مكان غيره، كما كان لإنهاء حرب فيتنام، لتترك أوكرانيا تواجه مصيرها، كما كان مع من سبقها من حلفاء الولايات المتحدة. البراغماتية سلاح السياسة الواقعية الأميركية الشامل.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل مونديال الأندية الحرب الأوكرانية عام الاستدامة أوكرانيا الولایات المتحدة الصین الشعبیة

إقرأ أيضاً:

ترامب يجدد تهديده باستعادة قناة بنما: أمريكا ستتحرك بقوة ..ما علاقة الصين ودورها؟

(CNN)-- جدد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الأحد، تعهده "باستعادة" قناة بنما، محذرا من تحرك أمريكي "قوي" في نزاع دبلوماسي متصاعد مع الدولة الواقعة في أمريكا الوسطى بشأن الوجود الصيني حول الممر المائي الحيوي.

وقال ترامب للصحفيين: "الصين تدير قناة بنما التي لم تُمنح للصين، بل أُعطيت لبنما بحماقة، لكنهم انتهكوا الاتفاق، وسنستعيدها، وإلا سيحدث شيء قوي جدا".

وقبل ساعات، بدا أن الضجة الدبلوماسية الناتجة عن رغبة ترامب المتكررة والمعلنة بأن تستعيد الولايات المتحدة السيطرة على القناة قد هدأت، بعدما التقى وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، بالرئيس البنمي راؤول مولينو، حيث قام روبيو بأول رحلة خارجية له بصفته وزيرا للخارجية الأمريكية.

ورغم أن مولينو أخبر روبيو أن سيادة بنما على القناة ليست محل نقاش، إلا أنه قال أيضا إنه تناول مخاوف واشنطن بشأن نفوذ بكين المزعوم حول الممر المائي.

وقال مولينو إن بنما لن تجدد مذكرة التفاهم لعام 2017 للانضمام إلى مبادرة التنمية الخارجية الصينية، المعروفة باسم "مبادرة الحزام والطريق"، وأشار أيضا إلى أن الاتفاق مع بكين قد ينتهي مبكرا.

وأضاف مولينو للصحفيين أن بنما ستسعى للعمل مع الولايات المتحدة في استثمارات جديدة، بما يشمل مشروعات البنية التحتية. وقال الرئيس البنمي: "أعتقد أن هذه الزيارة تفتح الباب لبناء علاقات جديدة، ومحاولة زيادة الاستثمارات الأمريكية قدر الإمكان في بنما".

وخلال الاجتماع، قال روبيو لرئيس بنما ووزير خارجيته خافيير مارتينيز، إن المخاوف بشأن "سيطرة" الصين على قناة بنما قد تعني أنه يتعين على الولايات المتحدة أن "تتخذ الإجراءات اللازمة لحماية حقوقها" بموجب معاهدة طويلة الأمد بشأن حياد القناة وتشغيلها.

وأُعيدت القناة إلى بنما بموجب معاهدة العام 1977، والتي تسمح للولايات المتحدة بالتدخل العسكري إذا تعطلت عمليات الممر المائي بسبب صراع داخلي أو قوة أجنبية. واليوم، تمر عبر القناة شحنات أكبر من أي وقت مضى مقارنة بسنوات سيطرة الولايات المتحدة عليها.

وقال مولينو، الأحد، إنه لا يعتقد أن هناك خطرا حقيقيا من أن تلجأ الولايات المتحدة لاستخدام القوة العسكرية لاستعادة القناة.

وأكد مولينو أيضا أن السلطات البنمية تجري مراجعة بشأن شركة مرتبطة بالصين تدير ميناءين حول القناة.

وقال مولينو: "يتعين علينا الانتظار حتى تنتهي هذه المراجعة قبل التوصل إلى استنتاجاتنا القانونية والتصرف وفقا لذلك".

والشركة المعنية هي شركة موانئ بنما، وهي جزء من شركة تابعة لمجموعة CK Hutchison Holdings التي تتخذ من هونغ كونغ مقرا لها. وتعد موانئ Hutchison واحدة من أكبر مشغلي الموانئ في العالم، وتشرف على 53 ميناء في 24 دولة، بما في ذلك حلفاء آخرين للولايات المتحدة مثل المملكة المتحدة وأستراليا وكندا.

وكما ذكرت شبكة CNN في وقت سابق، لا تتحكم شركة Hutchison في الوصول إلى قناة بنما. ويقوم العمال في المينائين التي تديرهما الشركة فقط بتحميل وتفريغ الحاويات على السفن وتزويدها بالوقود. وهناك 3 موانئ أخرى في محيط القناة تديرها شركات منافسة تقدم خدمات مماثلة.

وقال مولينو أيضا إن السلطات البنمية تحدثت مع ماركو روبيو حول إمكانية توسيع برنامج رحلات إعادة المهاجرين إليها لإبعاد الرعايا الأجانب الذين لا يملكون أساسا قانونيا للتواجد في بنما، وأصر على أن الولايات المتحدة ستضطر إلى تحمل التكاليف.

وردا على سؤال لتوضيح ما إذا كان المهاجرون سيأتون إلى بنما وبعدها يتم نقلهم إلى بلدانهم، قال مولينو: "نعم. بالضبط، يمكننا القيام بذلك، دون مشكلة، في ظل تحمل الولايات المتحدة التكلفة الإجمالية. بنما لن تنفق دولارا واحدا فيه".

ويهدف البرنامج، الذي تم توقيعه في يوليو/تموز الماضي، إلى الحد من الهجرة غير الشرعية عبر منطقة "دارين غاب"، وهي منطقة غابات جبلية مطيرة تربط بين أمريكا الجنوبية والوسطى. ويمشي المهاجرون لمسافة 66 ميلا (106 كيلومترات) عبر المنطقة من كولومبيا إلى بنما، وتشكل ممرا حيويا لمن يأملون في الوصول للولايات المتحدة وكندا.

وقال مولينو، الأحد، إن العائدين قد يشملون مهاجرين من فنزويلا وكولومبيا والإكوادور ودول أخرى.

مقالات مشابهة

  • الصين تفرض رسوماً على أميركا.. وأوروبا تحذر ترامب
  • الكرملين: على أمريكا وقف تقديم المساعدة العسكرية لأوكرانيا كليا
  • ترامب يساوم أوكرانيا لإيقاف الحرب مع روسيا
  • ترامب: ينبغي أن تزود أوكرانيا أمريكا بمعادن نادرة مقابل الدعم
  • الصين تعلن فرض رسوم جديدة على واردات أمريكا
  • الصين تفرض رسوما على أميركا وأوروبا تهدد ترامب برد حاسم
  • استئناف شحنات الأسلحة الأميركية لأوكرانيا
  • هذه أبرز النزاعات التي تواجه العالم في عام 2025.. حروب ترامب من بينها
  • الاتحاد الأوروبي: الصين هى الطرف المستفاد من الحرب التجارية بين أمريكا وأوروبا
  • ترامب يجدد تهديده باستعادة قناة بنما: أمريكا ستتحرك بقوة ..ما علاقة الصين ودورها؟