الحرة:
2025-04-10@10:01:44 GMT

طبيب يصف الحب بين أمواج الموت في مستشفيات غزة

تاريخ النشر: 16th, December 2023 GMT

طبيب يصف الحب بين أمواج الموت في مستشفيات غزة

تحدث الجراح البريطاني الفلسطيني، غسان أبو ستة، لصحيفة واشنطن بوست عما شاهده في 43 يوما قضاها في الحرب بغزة، حيث كان شاهدا على ما أصاب بعض المستشفيات، الشفاء والأهلي، بينما كانت الغارات الجوية الإسرائيلية تضرب بلا هوادة.

وأشار الطبيب (54 عاما) الذي يتخصص في العمليات الجراحية التجميلية إلى إنه ذهب إلى غزة ضمن طاقم تطوع مع منظمة أطباء بلا حدود، في التاسع من أكتوبر الماضي، بعد يومين من هجوم حماس على إسرائيل أسفر عن مقتل 1200 شخصا، بحسب إسرائيل التي تعهدت إثره بـ "القضاء" على حماس.

ومن ذلك الحين تواصل إسرائيل شن هجوم على القطاع الفلسطيني خلف أكثر من 18800 قتيل، بحسب أحدث حصيلة صادرة عن وزارة الصحة التابعة للحركة.

ويقول أبو ستة: "كل ما فعلته في حياتي قادني إلى هذه النقطة، وهذا هو المكان الذي كان من المفترض ان أكون فيه.. في عدة ليالي كنت أذهب للنوم معتقدا أنها ستكون النهاية لنا".

Sorry, but your browser cannot support embedded video of this type, you can download this video to view it offline.

ووصف الأيام التي قضاها في غزة أنها "الأكثر تحديا وفظاعة" خلال ممارسته لمهنة الطب مشيرا إلى أنها اتسمت بمشاهدة "من الإنسانية والحب".

وشبه أبو ستة أعداد الجرحى والمصابين الذين يأتون للمستشفيات بأمواج البحر "عندما تكون في البحر وتأتي موجة وتغمرك، وفي تلك اللحظة تحاول رفع رأسك فوق الماء ولكنك لا تستطيع لأن الأمواج أعلى منك؟.. شعرت بذلك. أنت تجري عملية جراحية وتعتقد أنك قمت بعمل جيد وعالجت 12 مريضا، لكنك تعلم أنه في النصف ساعة الأخيرة كانت هناك غارة جوية أدت إلى إصابة 70 أو 80.. المزيد من الجرحى وأنت لم تتعامل سوى مع القليل منهم".

ويتذكر خلال علاجه فتاة صغيرة عمرها 8 أو 9 أعوام، وهي ابنة طبيبة قتلت هي وطفلاها، وبقيت الفتاة لوحدها، حيث كانت إصابتها بليغة "نصف وجهها كان مفقودا.. نصف أنفها وجفونها مُزقت من العظم.. عندما تبدأ بهذه الحالات عليك تنظيفها، لأن كل الأوساخ والغبار والحصى موجودة في الجرح، وأن أنظف الوجه والشعر للتأكد من عدم وجود إصابات أخرى، رأيت ربطة الشعر البلاستيكية الصغيرة على شكل زهرة".

وأضاف عندما ترى هذا النوع من الأمور "تفقد أنفاسك.. يدمرك هذا تماما".

وأكد أنه رغم الأهوال التي يعيشها أهالي غزة إلا أنك ترى الكثير من الحب، حيث "يبدأ الناس في مقاومة عالم الموت من خلال أعمال الحب" لتصبح نوعا من أفعال "المقاومة"، وقال: "كان هناك طفل صغير عمره 3 سنوات لم نعرف أسمه.. بترت ساقه وذراعه، وفي اليوم التالي عندما ذهب للاطمئنان عليه، كانت المرأة التي أصيب ابنها في السرير المجاور له، تضعه في حضنها وكانت تطعمهما سويا، لأنه ليس لديه عائلة".

وكانت أعمال الحب هذه حاضرة دائما إذا ترى الناس تستضيف النازحين ويسمحون لهم بالبقاء في منازلهم طوال الحرب لأنهم فقدوا منازلهم، حيث تخلى الجميع عن الفردية وعاد الجميع إلى نهج الحياة الجماعية، حيث تقاسموا كل شيء: الطعام والدواء والمنازل، بحسب الطبيب أبو ستة.

واستطرد أن أفعال الحب والإنسانية وصلت إلى حدود لم تكن مسبوقة، وعلى سبيل المثال في أحد الأيام جاء حلاق إلى مستشفى الأهلي وعرض على الجميع أن يقوم بالبقاء والمساعدة، ليقوم بحلاقة ذقون الجميع، مشيرا إلى أننا "كنا نتحول إلى رجال كهف" في إشارة إلى طول ذقونهم لانشغالهم بمساعدة الآخرين، وقال إن هذه اللفتة لوحدها كانت كفيلة في تغيير مزاج الجميع.

ويقول إنه عندما كان القصف يقترب من المستشفيات كانت المباني تهتز بعنف، وكان في إحدى الليالي "يجلس وحيدا نوعا ما، وتصالح مع فكرة أنه لن يتمكن البقاء على قيد الحياة.. لم يعد قلقا.. كان في سلام مع نفسه ومع خياراته في الحياة.. كان هناك حزن خاصة تجاه ابنه الأصغر".

ويتذكر بأن كل ما أراده حينها أن "يرسل رسائل صوتية إلى أولاده، للتأكد أنهم سمعوا صوته في اليوم الذي يموت فيه، وهو أمر كئيب. ولكن الرسائل كانت رسائل ممتعة. مثل: أفتقدكم. أحبكم".

ويؤكد أن قرار مغادرته غزة لم يكن سهلا، إذ أنه كان بعدما أنهى جولة من العمليات الساعة الخامسة صباحا وأخبرهم طبيب التخدير "أنه لم يعد هناك أي مخدر. وليس هناك شيء آخر يمكننا القيام به".

سلطات غزة تعلن ارتفاع حصيلة القتلى جراء القصف الإسرائيلي أعلنت حكومة حماس، الجمعة، أن 18 ألفا و800 فلسطيني قتلوا في القصف الإسرائيلي على قطاع غزة منذ اندلاع الحرب مع الدولة العبرية في السابع من أكتوبر.

وقال لرويترز بعد يوم من مغادرته المستشفى واتجاهه سيرا على الأقدام إلى مخيم النصيرات في وسط غزة: "كان الأمر كابوسا حقيقيا، ترك 500 مصاب وأنت تعلم أنه لم يعد بوسعك ما تفعله من أجلهم، هذا أكثر شيء مفجع كان علي أن أفعله على الإطلاق".

وفي مسيرته من المستشفى إلى مخيم اللاجئين التي استغرقت خمس ساعات، قال أبو ستة إنه رأى "مشاهد الدمار" والجثث الملقاة في الشارع.

وأضاف أن مرضى يحتاجون علاجا ظلوا في المستشفى الأهلي وأن مستشفى آخر في شمال غزة لم يستطع أخذهم.

وقال: "بشكل أساسي، لا يوجد مستشفى يعمل في شمال غزة بأكمله الآن".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: أبو ستة

إقرأ أيضاً:

الحب في زمن التوباكو (3)

 

 

 

مُزنة المسافر

 

جوليتا: كان شجارًا عاديًا، خشيتُ أن تتشاجر عمتي ماتيلدا مع دخان التوباكو مجددًا، علّها تكتشف يومًا أن ما يُصدره التبغ هو هواء ملوث، وأن حياتنا الحلوة قد تكون حلوة دون رماد، ودخان وغليون وعيون مطالبة بالمزيد.

لا يوجد من مزيد، نحن نرقص ونغني لشعب التوباكو ممن يقطنون المكان، يا لهم من سكان، إنهم يدخنون مثل عمتي، ويأتوننا مساءً ليسمعوا غنائي، وإدراكي للقوافي، والمغنى الأصلي.

تقول عمتي إن الفلكلور هو المطلوب، وخلق الحروف الجديدة يربك الجمهور والحضور.

وهل من حضور غير تلك الوجوه المكررة؟ يا إلهي، كم هي مُهدِرة للوقت، جاءوا للتسلية أكثر من الاستماع، وهم وسط مغنانا يشعرون بالضياع. تقول عمتي إن الضياع مطلوب هذه الأيام وسط القصائد الصعبة، وأن الموسيقى لا بُد أن تجد لحنًا سهلًا يسيرًا، وتبتعد عن تلك الألحان التي تأتي بالمتاعب.

وأي تعب يا عمتي، غير التعب الذي أشعرُ به، وأنا أنحتُ على خشبة المسرح خطوطًا عريضة تناسب أي لحن تبتغينه، وقد حرمتني عمتي ماتيلدا من الغناء خلف النافذة، وصارت تخبرني أن الجمهور سيضجر ويمل من صوتي حين يرى أنه صوتٌ يُسمع للعامة في الشارع، ويُسمع كذلك في المسارح.

ما العمل يا ترى؟ وهل من إنسان رأى مجد عمتي ماتيلدا حين ترددُ بأحبالها الصوتية أغنيةً شعبية، وتُلقي بقصائدي في الوحل، لم أشعر بعدها بالوجل منها بتاتًا، وصار انتقامي لعبثها بموهبتي، هو أن أتحدث مع النادل الذي يعزف البوق جيدًا، وطلبت منه أن يتبع رقصي، ورسمي للحركات على المسرح، ومن ثم أبدأ أنا في الغناء، وحينها فقط شعرت بالسناء، ورددت كلمات الحب والاشتياق، والشعور بالانسياق لأي نغمٍ كان.

أفاقها هتاف البوق من قيلولة قصيرة، وجاءت للمسرح وصرخت في وجه العازف، أليس هو بعارف أنها النجمة الوحيدة، وأنني لم ألمع بعد حتى يكون لي عازفٌ خاص.

غرقتْ هي في الغيرة، وغرقتُ أنا في كتابة كلمات جديدة، وصارت فجأة عديدة، وامتدت للسقف، مع حروف راقصة وعاصفة، كان هذا بدايتي ببساطة في النجومية.

وصارت كلماتي أقل عبثية، وصارت تنسجُ العجائبية، وأرى جمهورًا يُردد ما أقول، وصرتُ أصول وأجول في المسرح، وأبدعُ في الميلان، وكأنني لم أعد إنسانًا؛ بل بتُ شيئًا يتحرك كثيرًا، مثل غزالٍ جميل، لا يمكن له أن يضيع وسط غابة مُعتِمة؛ لأن الأنوار كانت تتبعني، وتترصد وجودي وتخترق فؤادي الذي ينادي في مُناه بالغناء والألحان.

مقالات مشابهة

  • المزوغي: الجميع في ليبيا متوافق على تشكيل حكومة جديدة
  • الحب في زمن التوباكو (3)
  • "أمواج" تدخل عالم الرحلات الفاخرة بتقديم تجربة حصرية لموسم حصاد الورد بالجبل الأخضر
  • النفط يُعاقب الجميع.. والعراق أول المتضررين في زمن الرسوم
  • الحب أخلاق قبل أن يكون مشاعر
  • الحبّ الفلسفي
  • "أمواج" تشارك في "أسبوع ميلانو للتصميم" بمجموعة فنية عن عُمان لغايتانو بيشي
  • تدهور الوضع الصحي في مستشفيات غزة
  • رياح قوية وأمواج عالية على هذه السواحل
  • أمبن صندوق الوفد: الانتخابات القادمة صعبة وتتطلب من الجميع الاصطفاف