«وابور الجاز» VS «الاحتلال».. سلاح أهالي غزة لسد البطون والدفء
تاريخ النشر: 16th, December 2023 GMT
إرادتهم لا تلين وعزيمتهم لم تنكسر، رغم مرور 73 يوماً على بدء الحرب. هم أهل فلسطين، وفى القلب منهم أبناء غزة، الذين لاحقتهم قذائف الاحتلال، ومنعت عنهم وصول الإمدادات وقطعت عنهم الكهرباء، وهو ما أعادهم للعصور البدائية، حيث يستخدمون «وابور الجاز» كوسيلة أساسية لإعداد الطعام الذى يسد رمق أطفالهم.
داخل محل متهالك بجنوب غزة، يقف المهندس محمود الهمص، بين مجموعة من الحدايد والصاجات وبوابير الجاز القديمة، التى يتعدى عمرها الـ70 عاماً، يبحث عن قطع غيار لتصليحها ومساعدة الأهالى فى استخدامها، لإعداد الطعام بشكل مجانى أو بأجر رمزى: «أنا مهندس تبريد وأستاذ جامعى خريج إحدى جامعات ألمانيا، لكن الحرب جلعتنا نترك كل شىء ونعود لمهنة أجدادنا، هذا الوابور كان مهنة أبويا من 70 سنة وقت استيرادها من الخارج زمان كانت تحتاج لتصليح وصيانة، فبرع والدى فيها».
يواصل «محمود» حديثه: «بنساعد الناس علشان تقوم بواجبات البيت، تسخين مياه، إعداد طعام، وغيره، ورجعنا ليه لعدم توافر الغاز والكهرباء، بنحاول نصلح البوابير اللى عمرها 70 سنة، وبنجيب قطع غيار ونصلحها مجاناً أو بأجر رمزى علشان الحياة صعبة، ورجعنا ليها فى 2008 لما الكهرباء قطعت ومنعوا الغاز والوقود، وكذلك فى 2014 نفس القصة، مع كل أزمة بيكون هو وسيلة الستات للعيش».
نزحت إيناس عسقلان، 47 عاماً، وأسرتها من شمال غزة إلى منطقة الجنوب هرباً من الحرب ونفاد الوقود، تركت منزلها وكل شىء وراءها من أجل إنقاذ حياة أبنائها، ولم تجد سوى «وابور الجاز» لإعداد الطعام البسيط لأسرتها: «ما بقى قدامنا غير وابور الجاز أو الحطب علشان نقدر نطعم ولادنا، ما فى وقود ولا إشى».
«وابور» واحد تتبادله «إيناس» مع مجموعة من النازحين فى مخيمات رفح، تطهو الأسرة عليه الطعام، ثم تقوم أخرى باستعارته لإعداد طعام أو تسخين مياه إن وجدت، وفق إيناس: «هو وابور واحد بنتبادله كلنا، ما كل الناس تقدر تجيبه لأنه قديم وما متوفر الآن فى فلسطين كلها، فاضطرينا نصلّح القديم ونستخدمه كلنا».
بين ليلة وضحاها تبدّل كل شىء، ودّعت السيدة «حليمة طعيمة» حياتها الهادئة، دمَّر القصف يومياتها كما دمر جدران بيتها، إلا أنها حرصت على اصطحاب «وابور الجاز» فى حقيبتها البسيطة التى حملتها من غزة إلى جنوب رفح الفلسطينية، ليكون هو الأداة الوحيدة التى تستخدمها لتسيير حياة أسرتها: «لما نزحنا الوابور كان رفيقى، فى كل مرة بتقوم فيها الحرب هو أول حاجة بجهزها تحسباً للنزوح، علشان بعرف إنه الأداة اللى هتخلينا نطبخ وناكل».
توارثت «حليمة» وابور الجاز عن والدتها، التى اشترته قبل 50 عاماً: «الوابور ده توارثناه من أمهاتنا، كان وسيلتهن زمان لإعداد الطعام، علشان كده محافظين عليه وعارفين إنه هيكون وسيلتنا فى إعداد الطعام مع كل أزمة، وفى الشتاء أكثر علشان ما فيه غاز ولا كهرباء».
«وعهد الله هنعمّرها حتى لو بوابور الجاز.. هنعيش وهنتحدى وهنعدى وهننتصر»، قالها عم عدنان المحمودى، البالغ من العمر 74 عاماً، والذى يعتمد على وابور الجاز كأداة رئيسية فى إعداد الطعام هو وزوجته: «هاد الوابور أصبح رفيقنا، وشاهد على جرائم الاحتلال، مع كل جريمة ونزوح ونكبة بيكون هو أول إشى بناخده معانا، وغير استخدامه فى الطهى وتسيير الحياة، كمان بنسلفه لأهالينا».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: سيدات غزة نازحو غزة معاناة أهالي غزة
إقرأ أيضاً:
بالمصرى .. عن عيد الأم وجدتى وأمي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
فى عيد الأم اسمحولى أحكى عن أمى اللى ولدتنى وأمى اللى ربتنى وأشكرهم.. جدتى لأبويا الحاجة نوحة أمى إللى ربتنى واللى القدر خلاها تتحمل مسئولية تربيتى من وأنا طفله عندى ٦ سنين.. الست اللى اتعلمت منها كل حاجة فى الحياة واللى كانت حياتها عبارة عن الاهتمام بينا كلنا.. بناكل من إيديها ونعيش بنصايحها ودعواتها لينا وكنت لما أتعب ترقينى بإيديها وأنا حاطة راسى على رجلها وأروح فى النوم.. الست اللى كانت بتحلم بالرسول وحكت أحلامها للراحل محمد الكحلاوى ومن قصصها غنى جانى فى منامى يابا لبسنى توب واللى كانت عيديتها البسيطة فيها بركة عجيبة.. جدتى الست اللى كانت نظيفة جداً ولازم تتعطر قبل ماتنام.. جدتى الست اللى جوزها مات وهى شابة وسابلها ٦ أولاد.. ٣ بنات و٣ صبيان.. ولما بابا بكى يوم رحيل والده قالتله اسكت أبوك سابك راجل ومن النهارده أنت المسئول عن إخواتك.. جدتى اللى ربتنى زى ماربت عماتى علشان كده أنا مش شبه جيلي.
جدتى اللى لما جالها جلطة فى المخ والدكاتره قالوا إن اللى فاضل مجرد ساعات ودخلت غيبوبة مسكت إيديها وقعدت أكلم ربنا وأترجاه يرجعهالى تانى لأنى محتاجة وجودها وفعلاً فاقت وقالتلى حاقعد معاكى ٣ أيام.. وكل المستشفى كانوا مستغربين المعجزة وإنها فاقت من الغيبوبة وبقت زى القمر وكانت بتدعيلى وتقولى إنها راضية عنى وبعد ٣ أيام فعلاً ويوم عيد الأم اللى كان موافق ١٧ رمضان الساعة ٢.١٥ صباحاً رحلت.
جدتى الحاجة نوحة اللى كانت بتقولى إنتى بنت يعنى لازم مهما كان عندك ناس تساعدك تتعلمى تعملى كل حاجة تنضفى بيتك وتطبخى وتخيطى وتكوى علشان النهارده عندك حد يساعدك لكن ممكن بكره الأحوال تتغير ولازم تكونى قادرة وعارفة تعملى كل حاجة.. جدتى اللى علمتنى إيه يصح وإيه مايصحش وإزاى أتعامل بالأصول مع الناس ولما أطلب حاجة من الست اللى بتساعدنا فى البيت لازم أقولها من فضلك وأتعامل معاها بحب ورحمة. جدتى اللى ليها كل الفضل فى حياتى واللى عايشة برضاها واللى يقينى إنها فى مكان أفضل وحلو قوى فى الجنة.
أما أمى اللى ولدتنى فهى الكرم الطائى اللى كانت ممكن تبيع حاجة من عندها علشان تسلف المحتاج واللى لو حد قالها ساعتك حلوة تقلعها وتلبسهاله وتهاديه بيها وتحلف ماهى راجعة.. أمى اللى كنت لما أكلمها فى التليفون تفضل تدعيلى لغاية ماقولها كفايه دعاء عاوزة أطمن عليكى وأعرف أخبارك ولازم تختم المكالمة بكلمة بحبك يا سحر.
أمى اللى لما كانت بتزورنى وتبات عندى وأصحى من النوم ألاقيها لابسة النضارة وماسكة الجرايد بتقراها وممكن تتأثر وتبكى بحرقه لو قرأت حادث أو خبر محزن.. أمى الست اللى عاشت علشان تعطى فقط واللى ماخدتش حاجة لنفسها وسعادتها كانت فى العطاء فقط.
أمى اللى لما حارس بيتها مرض، قررت تنقله فى أوضة فى بيتها وتراعيه وتخدمه وتقول ده حقه زى ماعاش بيخدمنا لازم نخدمه لحد مارحل.. أمى اللى لو لقت حد تايه فى الشارع تاخده بيتها تأكله وتساعده وتوصله لمكانه.. أمى الست الجدعة واللى عاشت بقلب طفلة تفرح بحاجات بسيطة وتبكى بحرقة من مشهد فيلم مؤثر.
أمى اللى رحلت فى هدوء وهى بتتوضى علشان تصلى الفجر، مفتقدة دعاها وطيبتها وكرمها وحنانها وعايشة برضاها وعارفة إنها أكيد فى مكان أحسن واللى طول ماكانت عايشة كنت حاسة إنى لسه طفلة ولما رحلت حسيت إنى فجأة كبرت ميت سنة.. أمى فريال كل سنة وانتى فى الجنة سعيدة ومتهنية.
وكل سنة وكل أم خلفت وكل أم ربت وكل أم علمت وكل أم أثرت.. وكل أمهات الكون فى صحة وستر وأمان وسلام والله يرحم من رحلوا.. وزى مابيقولوا اللى خلف ماماتش، أنا بقول إن اللى ربى هو اللى مامتش.