يرى البعض أن شركات منتجات التجميل تلعب على مشاعر عدم ثقة المستهلكين بمستوى جمالهم لتدفعهم لشراء منتجاتها، وينظر أصحاب هذا الرأي إلى أن صناعة التجميل تستغل الحساسيات الشخصية لدى المستهلكين من خلال ترويج معايير معينة للجمال المثالي، والإيحاء بأن المظهر الطبيعي للشخص غير كاف، مما يؤدي إلى الشعور بضرورة الامتثال لتلك المعايير من خلال استخدام منتجات التجميل للوصول إلى مستويات أعلى من الجمال.

فكيف يمكن أن تروّج صناعة التجميل لمعايير جمال معينة والإيحاء بأن المظهر الطبيعي للشخص غير كاف؟ وكيف يؤدي ذلك إلى فقدان المستهلكين الثقة بمظهرهم والشعور بالضغط للامتثال لهذه المعايير من خلال استخدام منتجات التجميل؟

إستراتيجيات التسويق

عام 1938، وضع مؤسس شركة "لوريال" الفرنسية يوجين شويلر إستراتيجية تسويقية، فسرها البعض على أنها محاولة من شركة منتجات التجميل والعناية بالبشرة والشعر لإشعار المستهلكين بأنهم ليسوا نظيفين بالقدر الكافي، ومن ثم ليسوا جذابين ولا يتمتعون بالجمال.

يزعم مارك تونغيت في كتابه "الجمال ذو العلامات التجارية: كيف غيّر التسويق من أشكالنا؟" (Branded Beauty: How Marketing Changed the Way We Look)، أن شويلر قدم معيارا جديدا قال فيه "هناك 43 مليون شخص في فرنسا، وإذا تخيلنا أن هؤلاء الـ43 مليون شخص يغسلون شعورهم مرة في الأسبوع، فسنبيع 20 ضعفا من الوحدات التي نبيعها في الوقت الحالي".

واعتبر تونغيت أن خلاصة نهج شويلر التسويقي تتمثل في أنه "أخبر الناس أن رائحتهم ليست جيدة، وأنهم ليسوا جذابين"، ليدفعهم هذا الشعور لشراء المنتجات التي يحصلون بها على جاذبية وجمال تروج له الشركات، كما أشار موقع مجلة "تين فوغ" (Teen Vogue) الأميركية.

بعض شركات التجميل تلجأ لحيل تسويقية من خلال اختلاق مشاكل جمالية مزيفة ومن ثم بيع منتجاتها كحلول (بيكسلز) خلق "عيوب" لتسويق الحلول

في الواقع، نجد كثيرا من إعلانات التجميل تروج لمنتجاتها على هذا النهج، فتجد إعلانا يقول: لديك بثور على وجهك؟ استخدم هذا الكريم المضاد للبثور الذي سيجعلها تختفي في 5 ثوان. وآخر يقول: هل لون بشرتك غير متجانس؟ هذا الكريم سيوحد اللون ويجعله جذابا. ويحالفنا الحظ، إذا كنت تتقدم في العمر ولديك تجاعيد على وجهك؟ فستجد مجموعة الكريمات المضادة للتجاعيد على الرغم من أن التجاعيد جزء طبيعي من عملية نمو الإنسان وتقدمه في السن.

ويذهب بعض معارضي إستراتيجيات الدعاية إلى أن الشركات تستخدم حيلا تسويقية بسيطة تتمثل في خلق "عيوب" جمالية زائفة وبيع منتجاتها لإصلاح تلك "العيوب"، فتعتبر حب الشباب، والنقاط السوداء، وتمدد الجلد، وشعر الجسم، والمسام، والتجاعيد، والبشرة الداكنة أو اللون غير المتجانس، عيوبا جمالية وتسوّق منتجاتها كحلول.

معايير جمال غير واقعية

يقول موقع "ميديوم" (Medium) الأميركي إن صناعة التجميل تقوم بوضع معايير جمال غير واقعية لعلمهم المسبق باستحالة تحقيق الشخص العادي لها، فتوحي للنساء بأن مفتاح الجمال يكمن في أن يصبحن مثل عارضات الأزياء والفنانات ونجمات تلفزيون الواقع ومشاهير شبكات التواصل الاجتماعي.

وأشار الموقع إلى انتشار جراحات التجميل بين نجوم الفن والمشاهير، وذكر -على وجه التحديد- قيام عديد من نجوم الـ"كي بوب" مثل يوي من فرقة "أفتر سكول"، وجوي من فرقة "مومولاند"، بالخضوع لجراحات الأنف وتكبير الجفن لتتناسب أشكالهم مع المعايير الجمالية المثلى في كوريا الجنوبية. فأصبح شرطا أن تكون للمشاهير ملامح تشبه الدمية مثل عيون كبيرة، ووجه صغير، وجسم نحيف، وأنف صغير، وشفاه منتفخة.

بعض شركات التجميل توحي بضرورة أن تشبه المرأة عارضات الأزياء والفنانات ونجمات تلفزيون الواقع ومشاهير الشبكات الاجتماعية (بيكسلز) بيع حلم وثقة زائفة

ولا تكتفي شركات مستحضرات التجميل بتسويق منتجات إصلاح "العيوب"، فبعضها تبيع أملا وحلما زائفا؛ بمعنى أنك إذا اشتريت هذا المنتج فستصبحين مثل العارضات التي تظهر في إعلانات هذا المنتج، وإذا استخدمت كريم حب الشباب، ستختفي البثور في غضون أيام كالسحر.

وحسب صحيفة "ذا غارديان" (The Guardian) البريطانية، فإن بعض الشركات تلجأ لبيع حلم آخر يتعلق بالثقة بالنفس، إذ تروج أنك ستصبحين أكثر جاذبية وسيفتن بك الجميع وستلتقين شريك حياتك، وتختفي مشاكلك في حال استخدمتِ منتجاتها.

نتائج بعض استطلاعات الرأي في أميركا تظهر أن 44% من النساء يشعرن بالقبح من دون المكياج (بيكسلز) دور تطبيقات تعديل الصور

من جانبها، نجحت شبكات التواصل الاجتماعي في الترويج لنوع آخر من الجمال المزيف، وهو جمال مرشحات (فلاتر) الصور. فانتشار تطبيقات التعديل على الصور وإضافة (الفلاتر) خلق وهم "الوجه المثالي"، إذ تقوم هذه المرشحات بطمس المسامات، وتكبير العينين، وتضييق الأنف، وتحديد الفك، كما تضيف بعض المرشحات الرموش ومكياج العين وأحمر الشفاه.

لكن في الحقيقة، تخلق هذه التطبيقات فجوة متزايدة بين وجهك الطبيعي ووجهك المعدل، وهو ما يورث نوعا من عدم الثقة بالوجه والملامح الطبيعية باعتبارها أقل جمالا.

المكياج وعمليات التجميل

وفي هذا الصدد، نقل موقع "ميديوم" بعض استطلاعات الرأي في أميركا، التي تظهر نتائجها أن 44% من النساء يشعرن بالقبح من دون المكياج، بينما تقول 14% من النساء المشاركات في الاستطلاع إنهن يستيقظن في وقت مبكر لوضع المكياج حتى لا يرى شركاؤهن وجوههن على طبيعتها. وحسب الاستطلاعات، ترى 6 من بين 10 نساء أنهن لا يفكرن في الذهاب إلى العمل من دون المكياج، وذلك لأن عدم وضع مساحيق التجميل قد يؤثر سلبا على فرصهن المهنية.

وعام 2020، تم إجراء 15.6 مليون عملية تجميلية في الولايات المتحدة وحدها. ومع ذلك، كانت واحدة من كل 5 قد خضعن لجراحة تجميلية غير راضيات عن النتائج، كما تضطر بعض النساء لإجراء جراحة تجميلية إضافية لإصلاح أو تحسين العمليات الفاشلة من قبل جراحين غير مؤهلين.

تختلف هذه النسب والأرقام من مجتمع إلى آخر ومن شريحة إلى أخرى، لكنه الهوس بشكل معين من الجمال يسيطر على بعض النساء لدرجة أنهن لا يستطعن أن يظهرن بوجوه طبيعية، بل يردن شكلا مثاليا معينا خاليا من كل العيوب التي حدثتنا عنها شركات التجميل.

انتشار تطبيقات التعديل على الصور وإضافة الترشيحات أو الفلاتر خلق وهم "الوجه المثالي" (بيكسلز) صيحات المنافسة تزداد شيوعا

في المقابل، أصبح صيحات مثل #بدون_مكياج التي تدعو لمشاركة الصورة بالمظهر الطبيعي شائعا بشكل متزايد، وتدعي مثل هذه الاتجاهات أنها تمنح النساء الثقة بإزالة الضغط للظهور من دون مكياج أو بعيوب البشرة من دون خجل، بعيدا عن ضغط الحفاظ على معايير الجمال المثالية التي تروج لها الشركات.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: من خلال من دون

إقرأ أيضاً:

غدًا.. جامعة أسيوط تحتفل بذكرى ثورة 30 يونيو

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تنظم جامعة أسيوط، غدا الأربعاء، تحت رعاية الدكتور أحمد المنشاوي، رئيس الجامعة؛ احتفالية كبرى بالذكرى الحادية عشرة لثورة 30 يونيو، ومحاضرة للواء الدكتور أسامة الجمال المستشار العسكري بأكاديمية ناصر، عن دور ثورة ٣٠ يونيو في الحفاظ على الأمن القومي المصري، تحت إشراف الدكتور أحمد عبد المولى، نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب، والدكتورة مديحة درويش، عميد كلية الطب البيطري، والمشرف على الأنشطة الطلابية، والدكتور هيثم إبراهيم مدير عام رعاية الشباب، وذلك بقاعة الدكتور محمد رأفت بمركز المؤتمرات بالمبنى الإداري بالجامعة.

وأشار الدكتور المنشاوي: إن الاحتفال بالذكرى الحادية عشرة لثورة 30 يونيو، يهدف إلى تعزيز الوعي لدى الشباب حول التحديات التي تواجه الأمن القومي المصري، وسط واقع دولي، وإقليمي، يتزايد تعقيده، واضطرابه على نحو غير مسبوق، بالنظر إلى تغير طبيعة التهديدات، التي أصبح جزء كبير منها يستهدف الداخل، مؤكداً حرص جامعة أسيوط على بث روح الولاء ، والانتماء للوطن لدى الشباب، الذي يمضي على طريق التنمية، والنهضة، في مسيرة عطاء ، وجهد ، وعمل دؤوب تحت قيادة فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي.

تتضمن الاحتفالية عدداً من  الفقرات، على رأسها؛ محاضرة اللواء دكتور مهندس أسامة الجمال زميل كلية الدفاع الوطني/ الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية، وأيضاً عرض لفيلم تسجيلي عن إنجازات القوات المسلحة المصرية، كما تشمل فقرات فنية لطلاب الجامعة يشارك فيها بعض الطلاب من ذوي الهمم، وسيتم تكريم عدد من أفراد، وجنود القوات المسلحة.

جدير بالذكر، أن اللواء أسامة الجمال؛ خريج الدفعة (١٨) دفاع جوي (٨٣) حربية عام ١٩٩٠م، وتولى الكثير من المناصب بكلية الدفاع الجوي، ومحاضر زائر بالكليات العسكرية المصرية، وألقى أكثر من (٥٠٠) محاضرة تثقيفية توعوية داخل القوات المسلحة، و(٤٠٠) في المجتمع المدني (مدارس، جامعات، هيئات، ونقابات)، وحصل على عدة أنواط، وميداليات، أبرزها: نوط الواجب العسكري من الطبقة الأولى، ونوط الواجب العسكري من الطبقة الثانية، وميداليات: اليوبيل الفضي لحرب أكتوبر ١٩٧٣، واليوبيل الذهبي لثورة يوليو ١٩٥٢، واليوبيل الفضي لتحرير سيناء ١٩٨٢، وميدالية ٢٥ يناير ٢٠١١، وميدالية ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣.
 

مقالات مشابهة

  • بالصور.. حي الدقي مستمر في محاربة الكيانات الوهمية بالغلق والتشميع
  • "سار" تحصد المركز الأول بجائزة السلامة الدولية في صيانة القطارات
  • هيت راديو": 4 ملايين خسائر... والنيابة تتهم مومو بالسرقة الوهمية
  • "جيلي عُمان" تكشف عن سيارات جديدة وفق معايير "CMA" المتطورة
  • «زعبولا» يرث تجارة الجمال من أجداده.. «مقدرش أبعد عنهم»
  • سقوط نصاب وظائف البترول الوهمية في قبضة شرطة سوهاج
  • صناعة المكانة الدولية.. الإمارات نموذجاً
  • حُجيجة آل سعيد تقص شريط افتتاح "مصنع مرجان" لإنتاج مستحضرات التجميل والعناية الصحية
  • بيوتي كوين تقدم مستحضرات تجميل بصناعة مصرية 100% بجودة تضاهي العالمية
  • غدًا.. جامعة أسيوط تحتفل بذكرى ثورة 30 يونيو