أمران لفتا انتباهي وأنا أقرأ كتاب انتقام الجغرافيا الذي نشره كاتبه روبرت كابلان بالإنجليزية عام 2012م ، ونشر مترجماً للعربية ضمن سلسلة عالم المعرفة في عدد فبراير 2015م.
الأمر الأول، إن كابلان يعقد فيه مقارنة بين رجال الدين الشيعة « الملالي» ورجال الدين السنة، يؤكد على تفوق الأولين وانفتاحهم على الفكر الإنساني بمختلف مشاربه وأنهم يقرأون الفلسفة بمختلف مدارسها وليسوا محصورين بالفكر الديني « لا شك في أن رجال الدين الشيعة هم أكثر انفتاحا على مجموع النصوص غير الإسلامية من علماء السنة [العرب؛ فآيات الله هم من كبار القراء بما في ذلك قراءتهم لفكر ماركس وفيورباخ Feuerbach، ففي نفوسهم شيء من الرهبان اليسوعيين أو الدومينيكان، وبالتالي فهم يجمعون بين التوفيق الواضح بين المعتقدات الفلسفية وبين التقيد الصارم بالفتاوى الدينية… تتسم الثقافة المزدوجة لرجال الدين الشيعة بكونها لافتة للنظر فهي متمسكة بالتقاليد للغاية … ومع ذلك منفتحة للغاية على العالم الحديث»،( انتقام الجغرافيا ص 327).


بينما رجال الدين السنة عكسهم منغلقين ، ويسيطر عليهم هاجس الرفض لكل وافد تحت ذريعة حماية أنفسهم من أي غزو ثقافي أو غزو فكري.
وهذا لا يعني أن رجال الدين الشيعة لا يعيرون مثل هذا الهاجس أهمية ، وإنما ينظرون للمسألة من منظور مختلف يقوم على النقد ، وتوفير الحماية من خلال معرفة الآخر الغربي والدخول معه في سجال ونقد، أو بعبارة أخرى من خلال تفعيل حركة استغراب معاكسة لحركة الاستشراق التي قام بها الغرب ضد الشرق، وعلى قاعدة إذا أردت أن تهزم خصومك وتفشل مشاريعهم ، فعليك فهمهم ومعرفتهم من داخل نسقهم المعرفي ومعرفة أساليبهم وطرائق تفكيرهم.
وفي أوج ما عُرف بالصحوة الإسلامية انتشر تحذير وهابي من الغزو الثقافي والغزو الفكري الذي يشبه إلى حد بعيد التحذير الراهن من الحرب الناعمة.
وكلا التحذيران لم يقودا إلى الانغلاق والتحوصل حول الذات ورفض معرفة الآخر، وإنما يقودا إلى الكسل الذهني وتوفير ذريعة إعفاء عقلي بسبب فقدان الكفاءة والمَلكة.
وهذا التحوصل حول الذات ثقب أسود دمّر الفكر الديني السني، وبدلا من الإصلاح الديني ذهبت السلطة السياسية إلى إزاحة الفكر الديني المأزوم والقبول بالقيم الغربية، وبذلك يكون الغرب حقق غزوه الثقافي والفكري، الأمر الذي يحول دون قيام دولة تستمد مقوماتها من خصائصها الثقافية المحلية وبالتالي تآكلها على المدى البعيد.
والأمر الثاني، حديثه عن اليمن من واقع زيارته لها وبعد وصفه الأثنولوجي وجغرافية البلد، خلص إلى أن اليمن سيلعب دوراً كبيراً في إحداث تغييرات داخل المملكة، حيث خلص كابلان قائلاً « خلاصة القول أنه في شبه الجزيرة العربية، يبقى جنوب غرب البلاد ذو الكثافة السكانية العالية هو المنطقة التي تكون المملكة العربية السعودية فيها غير حصينة بالفعل، فمن هنا تتدفق الأسلحة، والمتفجرات والمخدرات، وأوراق القات عبر الحدود اليمنية. إن مستقبل اليمن المزدحم بسكانه، وذي الطبيعة القبلية سيمارس دوراً كبيراً في تحديد مستقبل المملكة العربية السعودية»، ( انتقام الجغرافيا ص 303 ) ، لكنه يعزوه للجغرافيا وحسب.
ويبدو بعد ما مر به اليمن من عدوان بربري همجي قاس وما نشهده اليوم من دعم شعبي بفعل قرار قيادته الثورية والسياسية الدخول إلى معركة طوفان الأقصى نُصرةً لأهلنا في غزة، أن دور اليمن في التغيير لن يكون مقتصراً على المملكة وحسب ، بل سيلعب دوراً في تحولات جيوسياسية عالمية يرافقها هزات ارتدادية إقليمية ومحلية..!!

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

في ظل الحظر المرتقب.. هل سيشتري إيلون ماسك تيك توك؟

ظهرت تقارير تشير إلى أن السلطات الصينية تنظر إلى إيلون ماسك، ملياردير التكنولوجيا، باعتباره مشتريا محتملا لتطبيق تيك توك TikTok، يواجه تطبيق الوسائط الاجتماعية حظرا في الولايات المتحدة اعتبارا من يوم الأحد 19 يناير، بسبب مخاوف تتعلق بالأمن القومي.

وبحسب ما ذكره موقع مجلة “newsweek”، يستخدم ثلث البالغين الأمريكيين تطبيق تيك توك، وفقا لبيانات مركز بيو للأبحاث، وأدت علاقة التطبيق مع الشركة الصينية الأم بايت دانس ByteDance إلى مخاوف من إمكانية استخدامه للتجسس والاضطراب السياسي.

ما هو RedNote؟ بديل تيك توك في الولايات المتحدةقيمة تيك توك في الولايات المتحدة تصل إلى 50 مليار دولار هل سيشتري "إيلون ماسك" تيك توك؟

يعتبر إيلون ماسك أغنى رجل في العالم، وهو شخصية مؤثرة في السياسة والتكنولوجيا، وهو يعتبر مالك الحالي موقع التواصل الاجتماعي إكس (تويتر سابقا)، ومؤخرا من قبل الرئيس المنتخب “دونالد ترامب” لقيادة وزارة الكفاءة الحكومية المنشأة حديثا، وهو حليف وثيق للرئيس القادم وكان أكبر مانح سياسي في انتخابات 2024.

قبل حظر تيك توك الذي يلوح في الأفق، ذكرت “بلومبرج” يوم الاثنين الماضي، نقلا عن أشخاص مطلعين على الأمر، أن المسؤولين الصينيين يدرسون خيارا من شأنه أن يؤدي إلى بيع أعمالها في أمريكا إلى إيلون ماسك.

وفي رسالة بالبريد الإلكتروني تمت مشاركتها مع مجلة Newsweek، قال متحدث باسم تيك توك: "لا يتوقع منا أن نعلق على محض خيال".

ووفقا لوكالة “بلومبرج”، فإن الحكومة الصينية، التي تمتلك "حصة ذهبية" مسيطرة في شركة بايت دانس، تفضل بشدة أن تحتفظ الشركة بالسيطرة على تيك توك ولكنها تستكشف البدائل، بما في ذلك البيع المحتمل إلى إيلون ماسك، كجزء من المناقشات المستمرة حول كيفية الرد على الحظر الأمريكي المحتمل.

وذكرت “بلومبرج” وصحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، نقلا عن مصادر لم تسمها أن السيناريو الذي يزعم أنه قيد المناقشة يتضمن سيطرة شركة "إكس" المملوكة لـ إيلون ماسك على عمليات تيك توك في الولايات المتحدة ودمج المنصتين.

ومع ذلك، ليس من الواضح في الوقت الحالي ما إذا كانت بايت دانس على علم بهذه المناقشات، أو ما إذا كان رئيس SpaceX وتيك توك قد شاركا في محادثات من أي نوع.

من المتوقع أن يحكم قضاة المحكمة العليا الأمريكية، على قانون يحدد موعدا نهائيا يوم الأحد 19 يناير لـ تيك توك إما لبيع عملياته في الولايات المتحدة أو مواجهة الحظر في البلاد.

كيف سيؤثر استحواذ إيلون ماسك المحتمل على تيك توك؟كيف سيؤثر استحواذ إيلون ماسك المحتمل على تيك توك؟

قالت أنينديا جوس لمجلة “Newsweek”، عبر البريد الإلكتروني: "إن الاستحواذ المحتمل على تيك توك من قبل شخص مؤثر معروف عالميا مثل إيلون ماسك يمكن أن يعيد تشكيل كيفية رؤية بعض الأشخاص للدور المتطور لوسائل التواصل الاجتماعي في ربط المجتمعات العالمية ومشاركة المحتوى".

وأضاف جوس: "يمكن أن يؤدي الاستحواذ المحتمل على تيك توك بواسطة إيلون ماسك إلى تغييرات كبيرة في العمليات الأساسية للمنصة وتجربة المستخدم، بالاعتماد على نهجه الإداري الحالي في إكس". 

وتابعت: "أتصور أن المستخدمين قد يشهدون إدخال أنظمة التحقق المدفوعة، والتغييرات في سياسات الإشراف على المحتوى، وميزات التجارة الإلكترونية الجديدة"، مضيفة: “قد يواجه منشئو المحتوى حوافز وسياسات منقحة لتحقيق الدخل”.

ويمكن أن تخضع خوارزمية توصية التوقيع الخاصة بالمنصة لتعديلات لتتماشى مع حرية التعبير واستخدام البيانات. ومع ذلك، يمكنني أن أتخيل أن مثل هذا الاستحواذ قد يواجه عقبات تنظيمية، بما في ذلك التقييم المرتفع لـ تيك توك، والمتطلبات التنظيمية المعقدة عبر ولايات قضائية متعددة، والمقاومة المحتملة من بايت دانس، وقالت جوس إن التدقيق التنظيمي يمكن أن يركز على تركيز السوق وممارسات تعديل المحتوى، خاصة في أسواق الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

مقالات مشابهة

  • في ظل الحظر المرتقب.. هل سيشتري إيلون ماسك تيك توك؟
  • ديسمبر 2025.. المملكة تحتضن معرض التحول الصناعي "هانوفر ميسي"
  • الحزب الصهيوني الديني يدرس الاستقالة قبل تصويت حكومة الاحتلال على صفقة الرهائن
  • جانب من سير عمل لجان التصحيح في الكنترول الأدبي والتعليم الديني
  • وقف النار المرتقب!
  • مسير لخريجي الدورات المفتوحة “طوفان الأقصى” في أفلح اليمن بحجة
  • وزير الثقافة: التحول الرقمي للمحتوى الثقافي العربي رهان المستقبل
  • وزير الثقافة: التحول الرقمي للمحتوى الثقافي العربي رهان المستقبل... ومصر مستعدة لمد الدول الشقيقة بخبرتها
  • النيل للإعلام بالفيوم يناقش دور الخطاب الديني في تعزيز الأمن الفكري
  • انتقام إلهي أم غضب الطبيعة.. حرائق أمريكا بين التفسيرات العلمية والتأويلات الغيبية