قدمت هوليود عدد كبيرا من الأفلام عن الصحفيين، سواء في حالات التعرض للخطر في مواجهة النظم المستبدة أو عصابات الفساد أو رصاص الجيوش، لكن هذا العدد لا يقارن بالأعداد الهائلة لشهداء مهنة البحث عن الحقيقة.

فطبقا لما أعلنته منظمة "مراسلون بلا حدود" في نهاية ديسمبر/كانون الأول 2022، قُتل ما يزيد على 1700 خلال الأعوام العشرين الماضية.

ورغم ذلك، فإنه خلال الشهرين الماضيين قتل أكثر من 73 صحفيا في قطاع غزة بنيران جيش الاحتلال، فضلا عن القصف الذي قتل عائلاتهم.

ورغم البخل الشديد الذي تمارسه السينما مقارنة بالحجم الهائل للدراما التي يعيش فيها الصحفي ويموت بها أيضا، فإن عددا من الأفلام التي قدمتها هوليود تعد علامات إرشادية مضيئة لأولئك الذين يقفون على الحدود بين الموت والحياة وبين الجيوش المتحاربة وبين الشعوب وعصابات الفساد التي قد تسيطر عليها. وهنا خمسة من أشهر هذه الأفلام.

1- "مقتل صحفي" 2022 (The Killing of a Journalist)

تكمن المفارقة في قصة "مقتل صحفي" التي جرت أحداثها الحقيقية في "سلوفاكيا"، في أن القاتل هو نفسه الشخص الذي ظهر في الإعلام باعتباره الباحث عن حقيقة مقتل الصحفي الشاب جان كوتشياك الذي قُتل بوحشية غريبة، ويؤسس الفيلم لمقولة ملخصها أن وراء قتل كل صحفي مسؤول حكومي لا يرغب في كشف الحقيقة، ومن ثم ينطلق في القصة.

تدور القصة حول مقتل الصحفي الاستقصائي يان كوتشياك وخطيبته بوحشية في منزلهما بسلوفاكيا عام 2018، وتثير الجريمة احتجاجات واسعة النطاق. ويَعرض رئيس الوزراء مكافأة قدرها مليون يورو لمن يدلي بمعلومات عن القتلة. ويتلقى زملاء الصحفي معلومات من مصدر سري، وتشير الدلائل إلى رئيس الوزراء نفسه والمافيا والفساد المستشري في الطبقات العليا من المجتمع.

في الفصل الأول من الفيلم، يُعثر على الصحفي وخطيبته مارتينا ميتين بطلقات نارية في منزلهما البسيط. ويقدم المخرج "مات سارنيكاي" مشهدا مذهلا للصحفي الشاب الذي قتل على طريقة تنفيذ الإعدام بالرصاص وسقط على درج السلم، بينما قُتلت خطيبته ولا يزال جهاز الحاسوب الخاص بها مفتوحا على موقع لاستعراض فساتين الزفاف.

ويصرح رئيس الشرطة أنه سيكون هناك تحقيق كامل، لكن كل الصحفيين يعلمون أن شيئا مريبا هنا، لتتكشف القصة شيئا فشيئا، ويبدأ المُشاهد وصانع العمل معا في اكتشاف الصلات الخفية للمسؤول الحكومي بجريمة القتل.

وفي الفصل الثاني، ينطلق الفيلم من الخاص (جريمة قتل صحفي) إلى العام (جريمة فساد حكومي كامل)، حيث يتسابق الصحفيون للبحث عن الحقائق المتعلقة بالجريمة، ليكتشفوا المزيد والمزيد من التفاصيل عما حدث خلف الكواليس، مما أدى إلى صدور الأمر بهذا القتل، فمن الذي قتل ولماذا؟ ويتضمن الفصل الثالث محاكمة العصابة الحاكمة بأكملها.

2- "قتل الرسول" 2014 (Kill the Messenger)

وفي كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأميركية، يبدأ الصحفي غاري ويب عام 1996 التحقيق في دور وكالة المخابرات المركزية في الثمانينيات في توصيل الكوكايين إلى أحياء السود في مدينة لوس أنجلوس والتربح منه لتمويل متمردي الكونترا في نيكاراغوا بالأموال والسلاح.

قصة الفيلم حقيقية ودرات أحداثها في تسعينيات القرن الماضي، عندما كشف ويب عن الدور السابق لوكالة المخابرات المركزية في استيراد كميات هائلة من الكوكايين إلى الولايات المتحدة وبيعها بقوة في أحياء السود لجمع الأموال لجيش المتمردين في نيكاراغوا. ورغم الضغوط الهائلة لعدم القيام بذلك، اختار ويب متابعة القصة ونشر أدلته علنا عبر سلسلة تحقيقات تحت عنوان"تحالف الظلام" (Dark Alliance).

ونتيجة لذلك، تعرض الصحفي للقتل المعنوي عبر حملة تشويه شرسة غذتها وكالة المخابرات المركزية. وبدلا من التركيز على عمله، وجد ويب نفسه يدافع عن نزاهته وعائلته وحياته. ولكن بعد مرور عام على وفاة غاري ويب، تواصل الصحفي نيك شو مع عائلة ويب للحصول على مباركتهم لتأليف كتاب عن غاري.

قال شو: "لقد صدمت لأنه لم يقم أي شخص آخر بذلك بالفعل. لقد كتبت الكتاب لأن إرث غاري لم يُفهم بالكامل. وعندما توفي وصفه البعض بأنه غير عادل ومراسل فاقد للمصداقية ". وأضاف: "لا أستطيع أن أتذكر عدد رسائل الرفض التي تلقيتها من دور النشر قبل أن توافق إحداها وتنشر كتاب قتل الرسول، ولكن كان لدي هذا الشغف لسرد قصته ووضع الأمور في نصابها الصحيح".

3- السلفادور.. الحب والموت والمصور المهووس 1986 (Salvador: love, death, and the obsessive photographer)

يقدم أوليفر ستون مخرج فيلم "المواطن كين"، مقولة قاسية وصادقة في الوقت ذاته عبر فيلم "السلفادور.. الحب والموت والمصور المهووس"، وهي: "يجب أن تقترب للحصول على الحقيقة. وإذا اقتربت كثيرا ستموت".

ويجسد ستون هذه المقولة من خلال قصة صحفي يسافر من الولايات المتحدة إلى السلفادور ليؤرخ للاضطرابات العسكرية عام 1980، بما في ذلك اغتيال رئيس الأساقفة أوسكار روميرو، ويشكل تحالفا غير مستقر مع كل من المتمردين في الريف الذين يريدون منه أن يوزع الصور على الصحافة الأميركية، ومع الجيش اليميني الذي يريد منه أن يقدم لهم صورا للمتمردين. وفي الوقت نفسه، على أن يحمي حياته وحياة من يهتم لأمرهم.

يرسل ستون عبر الفيلم العديد من الإشارات حول غدر اليمينيين في السلفادور وتواطؤ الدبلوماسيين الأميركيين في الحرب التي استمرت 12 عاماً ضد المتمردين اليساريين، والتي حولت السلفادور إلى مسلخ.

4- "قواعد اللعب" 2009 (state of play)

يُعد الأميركي إيليا باريش لوفغوي أول صحفي قتل بسبب مهنته، إذ اغتاله حشد من المؤيدين للعبودية عام 1837 في ألتون بولاية إلينوي، وكان اغتياله مجرد بداية فقط، فقد قضت العصابات الأميركية والخلافات السياسية والفساد وبعض المؤسسات الحكومية على العشرات من الصحفيين الأميركيين داخل وخارج الولايات المتحدة.

ويأتي فيلم "قواعد اللعب" ليرسم الخطوط ويحدد الإجراءات الدقيقة التي ينبغي أن يهتم بها الصحفي، لحماية حياته أثناء ممارسة مهنة البحث عن الحقيقة.

وتبدأ القصة حين يُقتل لص صغير بالرصاص في أحد الأزقة، وتسقط مساعدة النائب (ماريا ثاير) أمام مترو الأنفاق، مما يؤدي إلى حالتي وفاة لا يبدو أن بينهما علاقة. ولكن الأمر ليس كذلك بالنسبة للمراسل الصحفي كال ماكافري (راسل كرو) الذي يسعى للكشف عن مؤامرة.

رغم التهديدات ومحاولات التصفية المعنوية وتهديد المراسل بماضيه، وبمساعدة الكاتبة الصاعدة الشابة الطموحة ديلا فراي (راشيل ماك آدمز)، يبدأ كال في جمع الأدلة التي تقوده إلى مؤامرة كبرى تضم مخبرين وقتلة، ولكن مع اقترابه من الحقيقة، يجب على الصحفي أن يقرر ما إذا كان الأمر يستحق المخاطرة بحياته من أجل الحقيقة.

5- "سترة معدنية كاملة" 1987(Full Metal Jacket)

وفي تطور للعلاقة بين الحروب والصحافة، فإن الصحفي في فيلم "سترة معدنية كاملة" الذي يلعب دوره ماثيو مودين، هو أيضا جندي من مشاة البحرية. يبدأ الفيلم بمقدمة تظهر القسوة في المعسكر التدريبي للقوات، وينتهي بمعركة الوحشية.

يقدم المخرج الدرامي الأشهر ستانلي كيوبريك فيلما عن الجرح الأميركي الغائر في فيتنام والذي عانى منه جيل كيوبريك، ولعل تلك العبثية التي ظهرت في الحرب ليست إلا واحدة من نتائج الهزيمة الأميركية في فيتنام.

ويؤكد ذلك أن التحول الدرامي في الفيلم يخرج من قضية العلاقة بين الصحافة ببحثها الدائم عن الحقيقة وبين أعدائها، إذ يقرر ما هي الحقيقة وينحاز لها، فالصحفي في الفيلم شاهد أحد أفضل أصدقائه يموت، وكان رد فعله أن ترك كاميرته واستخدم بندقيته، ليعبر الجسر من البراءة إلى الوعي.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

نص كلمة الرئيس السيسي في المؤتمر الصحفي للقمة الثلاثية بين مصر وقبرص واليونان

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

شارك الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم، في أعمال القمة العاشرة للآلية الثلاثية بين مصر وقبرص واليونان، والاجتماع الثاني للجنة الحكومية العليا المشتركة بين مصر وقبرص، واللذين عقدا بقصر الاتحادية بالقاهرة، وقد تلا الاجتماعين عقد مؤتمر صحفي شارك فيه الرئيس وكل من الرئيس القبرصي "نيكوس خريستودوليدس" ورئيس الوزراء اليوناني "كيرياكوس متسوتاكيس"، وفيما يلي نص كلمة الرئيس خلال المؤتمر الصحفي:

"يطيب لي، أن أرحب بالضيفين الكريمين في القاهرة، للمشاركة في القمة العاشرة لآلية التعاون الثلاثي.. تلك الآلية التي تعكس عمق الشراكة، والعلاقات التاريخية الراسخة بين دولنا، وتعتبر نموذجاً يُحتذى به لتعزيز الاستقرار والتنمية، في منطقة شرق المتوسط.

لقد شهدت قمتنا اليوم، مناقشات ثرية وبناءة.. تناولت سبل تعزيز تعاوننا المشترك في مختلف المجالات، وبشكل خاص في مجال التعاون الاقتصادي، وزيادة التبادل التجاري والاستثماري.. وأرحب في هذا الصدد، بعقد منتدى الأعمال اليوم على هامش هذه القمة، والذي يستهدف بحث فرص تعزيز الاستثمارات والتجارة المتبادلة، بين مجتمعات الأعمال في دولنا الثلاث.
وقد كان ملف الطاقة، حاضرا بقوة في محادثاتنا اليوم.. حيث اتفقنا على ضرورة تطوير مشروعات مشتركة، في مجالات الطاقة المتجددة والربط الكهربائى، ونقل الغاز الطبيعي، وتعزيز البنية التحتية للربط الكهربائي بين الدول الثلاث.. بما يحقق التكامل الإقليمي في قطاع الطاقة، ويسهم بشكل فعال في ضمان أمن الطاقة العالمي، الذي عانى من الاضطراب، جراء الأزمات العالمية الأخيرة.

وأود الترحيب في هذا الإطار، بما شهدناه اليوم من توقيع عدد من مذكرات التفاهم، سواء على المستوى الثلاثي بين مصر واليونان وقبرص، أو الثنائي بين مصر وقبرص.. وأؤكد في هذا الصدد، على ضرورة التنفيذ الفعال لتلك الاتفاقيات ومذكرات التفاهم، لما لها من فوائد اقتصادية مشتركة.

تتشارك مصر وقبرص واليونان الرؤى، بالنسبة للتعامل مع التحديات والأزمات الراهنة، التى تشهدها منطقة الشرق الأوسط

وكانت قمة اليوم، فرصة لمناقشة الكارثة الإنسانية غير المسبوقة، التي يتعرض لها إخواننا الفلسطينيون في غزة.. حيث أطلعت الضيفين العزيزين، على الجهود المتواصلة التي تبذلها مصر، لوقف إطلاق النار، وضمان نفاذ المساعدات الإنسانية، وإطلاق سراح الرهائن.

وقد أكدنا في هذا الصدد، على أنه لا سبيل لتحقيق الاستقرار فى المنطقة، إلا بوقف شامل لإطلاق النار، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية بشكل فوري، ووقف أية ممارسات تؤدي إلى التهجير القسري للفلسطينيين، أو بحرق الأرض وخلق الظروف التي تدفع الفلسطينيين للمغادرة.  وأشدد في هذا الصدد، على أننا نرفض تلك الممارسات والسياسات، وأن مصر لن تقبل بها أبدا.

لقد أكدنا خلال القمة، على أن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وفقا للمرجعيات الدولية وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، هي السبيل الوحيد لتحقيق السلام المستدام، وبالتالي تحقيق التنمية الاقتصادية، والتعاون الشامل المنشود بين شعوب المنطقة.

وأؤكد على أن المنطقة، لا تتحمل المزيد من المغامرات، التي قد تهز استقرارها وتعصف بدولها، وتؤثر سلبا على مقدرات شعوبها. لقد آن الأوان لإحكام العقل، والأخذ بالاختيارات السليمة، وتجنب المزيد من الحروب والدمار والكراهية.

ناقشنا كذلك الأوضاع فى سوريا، وأكدنا على تطلعنا، لتحقيق طموحات الشعب السوري في الاستقرار والأمن.. كما شددنا على أهمية الحفاظ على وحدة وسلامة وسيادة سوريا، وأن تتسم العملية الانتقالية بالشمولية والتعددية.
وتبادلنا وجهات النظر أيضا، حول الأزمة الليبية، واتفقنا على أهمية تحقيق الاستقرار الأمني والسياسي في ليبيا.. وتناولنا كذلك تطورات الأوضاع في السودان واليمن، وأكدنا بصفة عامة، على ضرورة سرعة تسوية الأزمات والصراعات الدائرة، تحقيقا للاستقرار، وبما يحافظ على ثروات البلاد وشعوبها.

لقد سعدت صباح اليوم أيضا، بترؤس أعمال الاجتماع الثاني، للجنة الحكومية العليا المشتركة، بين مصر وقبرص، مع فخامة رئيس جمهورية قبرص.. حيث أكدنا على التزامنا المشترك، بتعزيز الأمن والاستقرار فى منطقتنا، ومواصلة دفع العلاقات الثنائية، بين بلدينا الصديقين قدما، فى شتى المجالات ذات الاهتمام المشترك.

وإنه لمن دواعي سروري، ما أشهده من تقدم ملموس، فى العديد من ملفات التعاون بين مصر وقبرص... بما في ذلك التعاون في مجال الطاقة، واستثمار الموارد الطبيعية فى البحر المتوسط، بالإضافة إلى التعاون فى مجالات الأمن البحري، والتكنولوجيا، والتعليم والبحث العلمي.

واسمحوا لي قبل أن أختم كلمتي أن أوجه الشكر لفخامة رئيس قبرص ودولة رئيس وزراء اليونان على الدور الذي قامت به قبرص واليونان خلال السنوات العشر الماضية، فمنذ عام 2014 كانتا أول دولتين متفهمتين للموقف الذي مرت به مصر، وأتوجه إليهما بالشكر على الدور الكبير الذي قاما به، لأنه في ذلك الوقت كانت الظروف صعبة جداً في مصر وكثير من دول العالم لم تكن متفهمة ما يحدث في مصر باستثناء قبرص واليونان، وبالتالي فإني أشكرهم.

وختاما، فإنني أجدد الترحيب بالضيفين العزيزين.. وأؤكد حرص مصر، على استمرار التعاون مع اليونان وقبرص، لضمان مستقبل مزدهر للعلاقات بين دولنا".

مقالات مشابهة

  • الإعلامي وائل الإبراشي.. صوت الحقيقة الذي لا يغيب
  • الأردن وإسرائيل : ساعة الحقيقة دقّت
  • هل سقط محمد رمضان على المسرح مرة أخرى؟ فيديو يكشف الحقيقة
  • نص كلمة الرئيس السيسي في المؤتمر الصحفي للقمة الثلاثية بين مصر وقبرص واليونان
  • براء شريف الطلياني ممثل الأفلام الإباحية من تهمة هدم قيم المجتمع
  • براءة شريف الطلياني من تهمة الإساءة لقيم المجتمع
  • بعد 26 يوماً.. أب ينقذ ابنته المخطوفة على طريقة أفلام الأكشن
  • رئيس لجنة وقف النار: الجيش هو المؤسسة الشرعية التي توفر الأمن للبنان
  • وداعا بيري.. وفاة الحمار الشهير الذي ألهم إيدي ميرفي في فيلم "شريك" عن عمر يناهز 30 عامًا
  • الحكم بالسجن على صانع أفلام صيني بسبب فيلم وثائقي عن احتجاجات في الصين