الأسرة/خاص
يواجه أطفال فلسطين عموما وقطاع غزة على وجه التحديد- العدوان الإسرائيلي الذي يعيش شهره الثالث بشجاعة عجيبة وبسالة لا تختلف كثيرا عن المآثر البطولية التي يسطرها مجاهدو فصائل المقاومة الفلسطينية في مقارعة جحافل جيش العدو في مختلف محاور القتال منذ 70 يوما من بدء الحرب العدوانية التي تشنها أمريكا وإسرائيل بوحشية وهمجية لم يشهد لها التاريخ مثيلا.


كيان الاحتلال وضع أطفال ونساء غزة في رأس قائمة أهداف عدوانه المتواصل وقتل الآلاف وأصاب عشرات الآلاف وشرد الملايين من هذه الفئة الاجتماعية الأضعف والأكثر تضررا من الحرب والمحمية وفق بنود القانون الإنساني الدولي وكل المواثيق والمعاهدات الدولية التي تفقد فاعليتها ومضامينها وغاياتها عندما يتعلق الأمر بأطفال فلسطين
أكثر من 70 % من أعداد الشهداء الذي بات يناهز العشرين ألفاً هم من الأطفال والنساء ولا زالت آلة القتل الأمريكية الصهيونية تحصد المزيد منهم على مدار الساعة دون أن يكترث القاتل لفداحة جرائمه أو يبدي أي مخاوف من التبعات الناجمة عن المذابح بحق الأطفال وقد تسلّح بالدعم الغربي والفيتو الأمريكي الذي يبيح له كل المحظورات والفظائع بحق الإنسانية.
ورغم أهوال القصف الصهيوني العشوائي للمناطق السكنية وتدمير أحياء بكاملها وهدمها على رؤوس ساكنيها، ظل أطفال غزة صامدين وثابتين في أرضهم ومتمسكين بقضيتهم التي قدم آباؤهم الأولون أغلى التضحيات في سبيلها ليسجلوا كما يظهر ذلك في مئات الفيديوهات والمشاهد التي يتم تداولها في قنوات الإعلام الدولية ومختلف وسائل التواصل الاجتماعي مواقف بطولية وتحدياً وإصراراً على الحياة وعلى الكرامة والحرية والاستقلال، وهو ما عجز وجبن عنه السياسيون وكبار القادة في أنظمة العمالة والتطبيع والخنوع والارتهان لمشاريع ومخططات أعداء الأمة.
وتقول منظمة الطفولة والأمومة الأممية “يونيسيف” أن من بين أطفال فلسطين وخاصة في غزة من عاش أربع وخمس حروب، ونجمت عن ذلك أضرار فادحة على حياة مئات الآلاف من الأطفال، فإضافة إلى مقتل أعداد كبيرة منهم فإن تدمير المنازل والمدارس والمرافق الصحية ومشاريع مياه الشرب، يجعل حياتهم أكثر صعوبة ولم يعد هناك من مكان آمن قد يلجأ إليه الأطفال في كل أنحاء القطاع.
دماء أطفال غزة اليوم بمثابة الكابوس الذي يلاحق القتلة والمجرمين والحقيقة التي كشفت زيف الشعارات واليافطات التي ترفعها أمريكا وكثير من دول الغرب ومنظماتها عن الإنسانية، كما جعلت كيان الاحتلال وداعميه يركعون منهزمين أمام كبرياء أطفال غزة وطهر دمائهم المسفوكة ظلما وعدوانا ويشعرون بالخوف والرعب والهلع أمام صمودهم العظيم.
كشف الأقنعة
الأطفال في غزة فضحوا أكاذيب الغرب ودعواته المضللة بالديمقراطية والحرية والمساواة والإنسانية وجعلوا أعين وعقول الشعوب تفتح على الحقائق المرة عن هذه الشعارات والمفاهيم الجوفاء، وذلك لا شك- كما يقول مختصون- سيغير النظرة لدى كثير من البلدان والأمم عن طبيعة وأهداف وخفايا هذه المفاهيم والشعارات التي تخفي غير ما تبطن وهي من النتائج الإيجابية التي يقدمها أطفال فلسطين حاليا للعالم بأسره.
وتقول الإعلامية والأكاديمية الأردنية الدكتورة آمال جبور إن حرب غزة بكل تفاصيلها وأحداثها الدموية والمواقف الدولية بشأنها قد شكلت وعياً حقيقياً للجيل القادم، ليس للقضية الفلسطينية فقط، بل وعيه لقضايا إنسانية عادلة تتساوى بها الشعوب تحت مظلة العدالة والمساواة وعدم التحييز والتمييز بين أطياف البشرية كافة.
وتضيف: بعد عقود طويلة والمنظمات الغربية في مجتمعاتنا تطربنا بمفرداتها الفضفاضة وتسويق منتوجاتها الفكرية المختلفة، شهدنا اليوم في غزة ومن قبل الأطفال والنساء وكل فئات الشعب الفلسطيني إرادة وإصراراً يعبر عن ثقافة جيل كامل مقاطع لرموز الثقافة الغربية وماركاتها العالمية.
وتوضح الأكاديمية جبور أن هذه التضحيات والمواقف المشرفة للشعب الفلسطيني تعبر بصورة أو بأخرى عن الوعي الحقيقي لا المزيف لواقع الشعارات والمفاهيم الغربية التي تلاشت وتبخرت خلال العدوان على غزة، وهو ما سيكون له ما بعده وسيرسم خلال السنوات القادمة في فلسطين وبلدان المنطقة وكافة الشعوب في العالم مسارات جديدة عنوانها الحرية والاستقلال وعشق الأرض والحياة وذلك على طريق تصحيح المفاهيم وإعادة الأمور إلى نصابها بعيدا عن التستّر خلف الشعارات المزيّفة والعناوين الكاذبة.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

“كعك” العيد.. نافذة لانتزاع بسمة من أطفال غزة وسط الإبادة والمجاعة

غزة – تصر نساء فلسطينيات داخل أحد مراكز الإيواء بمدينة خان يونس جنوب قطاع غزة على إعداد كعك العيد رغم استمرار الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل وما يرافقها من جرائم التجويع والقتل، في محاولة منهن لانتزاع بسمة من وجوه أطفالهن الذين أنهكتهم الحرب.

ورغم حالة الألم والقهر والحسرة التي تلف قلوب تلك الفلسطينيات على ما فقدنه خلال الإبادة من منازل وأحباء إلا أنهن يسعين من أجل توفير الحد الأدنى لأطفالهن وإنقاذهن من دائرة “الحرمان” التي تدفع إسرائيل فلسطينيي غزة إليها عبر التجويع.

ويحل عيد الفطر على فلسطينيي غزة لهذا العام، وسط ظروف إنسانية واقتصادية صعبة في وقت تصعد فيه إسرائيل من جرائم إبادتها الجماعية بارتكاب المجازر والتجويع والتعطيش.

ومنذ 2 مارس/ آذار الجاري، تفرض إسرائيل حصارا مشددا على قطاع غزة عبر إغلاق المعابر أمام دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية، حيث باتت الأسواق شبه خالية من البضائع فيما ترتفع أسعار المتوفر منها لمستويات كبيرة ما يحول دون قدرة الفلسطينيين الذين حولتهم الإبادة الإسرائيلية إلى فقراء.

تواصل هذا الإغلاق ينذر بتفاقم الكارثة الإنسانية التي تسببت بها الإبادة المتواصلة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وفق ما حذرت منه حركة “حماس” الجمعة.

والأسبوع الماضي، أعلن المكتب الإعلامي الحكومي بغزة دخول القطاع أول مراحل المجاعة جراء إغلاق المعابر ومنع دخول المساعدات التي تشكل شريان الحياة للفلسطينيين بغزة.

**إصرار على الحياة

في مشهد يحمل في طياته تناقضا لكنه يعكس إصرارا كبيرا على الحياة، تجلس الفلسطينية كوثر حسين أمام فرن مصنوع من الطين تم وضعه في أحد زوايا مركز الإيواء وتحاول إشعال النار تمهيدا لخبز كعك العيد، فيما تقصف المدفعية الإسرائيلية مناطق مختلفة من القطاع.

إشعال النيران باتت من المهام التي تثقل كاهل الفلسطينيات بغزة لما تتطلبه من جهد ووقت كبير حيث يتم ذلك باستخدام قطع الكرتون والأخشاب، بعدما نفد غاز الطهي من القطاع جراء الإغلاق الإسرائيلي.

دون أن تكترث للدخان المنبعث من عملية الاحتراق، تدخل حسين الأواني التي تم ترتيب قطع الكعك عليها تباعا من أجل خبزها.

وتقول بينما تخبز الكعك: “الأجواء حزينة جدا هنا، لقد فقدنا الكثير من الأقارب والأحباب، ونعاني من حصار وأزمة إنسانية كبيرة”.

وأوضحت في حديثها للأناضول، أنه رغم الفقد والحرمان الذي يعاني منه النازحون الفلسطينيون وفقدان مستلزمات الحياة الأساسية، إلا أنهن يحاولن صناعة الحياة رغم الدمار والموت.

وتابعت: “نحن شعب يحب الحياة، لا نريد لأطفالنا أن يعيشوا هذا الحرمان، نحاول أن نوفر لهم من كل شيء القليل”.

وأشارت إلى أنها كانت تصنع في الأعياد التي سبقت حرب الإبادة الجماعية نحو 9 كيلو جرامات من الكعك، إلا أنها ستكتفي هذا العام بكيلو واحد فقط من أجل زرع البهجة في قلوب الأطفال المتعبين من الحرب.

ورغم الحزن، إلا أن إظهار مظاهر الفرح بالعيد فهي من “شعائر الله التي يجب إحياؤها”، كما قالت.

**بهجة رغم الإبادة

الفلسطينية “أم محمد” تحاول تعويض أطفالها وأحفادها عن مستلزمات العيد بـ”توفير الكعك لهم”.

وفي ظل شح الدقيق والمواد الخام المستخدمة في صناعة الكعك، تحاول الفلسطينيات توفير البدائل والاكتفاء بما يتوفر لديهن من القليل من التمور، وذلك في إطار إحياء الشعائر الدينية وزرع الفرح على وجوه الأطفال.

وتقول “أم محمد” للأناضول، إنها تمكنت من صناعة القليل من الكعك من أجل تعويض الأطفال عما فقدوه من طقوس الأعياد خلال الإبادة.

وتتابع: “الحزن يلف الأطفال، نحاول أن نفرحهم بتوفير كعكة لكل واحد منهم، وهذا ما نستطيع توفيره”.

وأشارت إلى أن الأطفال ومع اقتراب العيد، يتساءلون عن الملابس الجديدة التي اعتادوا عليها ما قبل الإبادة، إلا أن هذا السؤال يشكل ألما مضاعفا لذويهم، فيحاولون تعويضهم بإعداد الكعك.

ورغم ذلك، إلا أن مئات الآلاف من العائلات لا يتوفر لديها الحد الأدنى من المواد الغذائية بما يحول دون قدرتهم على إسعاد أطفالهم بالعيد، فيقضون أيامه بألم يعتصر قلوبهم على هذا الحرمان الذي أجبروا عليه.

 

الأناضول

مقالات مشابهة

  • من أوكرانيا إلى فلسطين.. العدالة التي تغيب تحت عباءة السياسة العربية
  • الخارجية الروسية: لن ننسى ولن نغفر كل شيء بسرعة للشركات الأوروبية التي انسحبت من سوقنا
  • شجاعة ممرضتين في إنقاذ أطفال حديثي الولادة من خطر زلزال عنيف .. فيديو
  • مسيرات بإسبانيا تضامنا مع فلسطين بذكرى يوم الأرض
  • العدوان الإسرائيلي يغتال فرحة أطفال غزة
  • “كعك” العيد.. نافذة لانتزاع بسمة من أطفال غزة وسط الإبادة والمجاعة
  • الاحتلال الإسرائيلي يستولي على 52 ألف دونم في الضفة الغربية منذ 7 أكتوبر
  • خلال إجازة العيد... مسارات جديدة للسيارات من الإسكندرية إلى القاهرة
  • أطفال القدس.. حتى أسطح منازلهم لم تعد آمنة
  • أرقام صادمة.. 31 % من أطفال بريطانيا يعيشون تحت خط الفقر