في دراسة بحثية لـ”تريندز” .. “كوب28” نقطة تَحَوُّل عالمي في العمل المناخي
تاريخ النشر: 16th, December 2023 GMT
أبوظبي – الوطن:
أصدر مركز تريندز للبحوث والاستشارات دراسة بحثية جديدة بعنوان “مؤتمر الأطراف “كوب28″ في دولة الإمارات.. نقطة تَحَوُّل في العمل المناخي” تتناول الإنجازات الرئيسية والتاريخية للمؤتمر، وتناقش أهميتها وآثارها على مستقبل جهود المناخ العالمية. وتستكشف الدراسة التقدم المحرز في القضايا الحاسمة، مثل التخفيف من حدة التغيُّر المناخي، والتكيُّف، والتمويل.
كما تهدف الدراسة، التي أعدها كل من الباحثين في تريندز الدكتور محمد أبوغزله الخبير في الشؤون السياسية ورهف الخزرجي رئيس قسم النشر، من خلال تقديم لمحة شاملة عن نتائج المؤتمر إلى إعلام وإلهام المزيد من العمل نحو مستقبل أكثر استدامة.
وبينت الدراسة أنه بينما يتصارع العالم مع التأثيرات المتزايدة الحادة لتغيُّر المناخ، فإن القرارات التي تم اتخاذها في مؤتمر الأمم المتحدة المعنيّ بتغيُّر المناخ كوب28 تُعَدُّ نقلة نوعية وخطوة تاريخية وحيوية إلى الأمام في بناء مستقبل خالٍ من الكربون، وحياة نظيفة ومستدامة لكل شعوب المعمورة.
وأوضحت أيضاً أن “كوب28″، والذي عُقد في دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، ما بين 30 نوفمبر و13 ديسمبر 2023، اختتم بعد أن حقق إنجازات غير مسبوقة على صعيد العمل المناخي. وعلى مدار أسبوعين، انخرط القادة، ومعهم أكثر من 70 ألف مندوب وخبير، من نحو 200 دولة في مفاوضات مكثفة، تَجَلَّتْ ثمرتها في إنجاز سلسلة من الاتفاقيات والالتزامات التاريخية التي تهدف إلى معالجة أزمة المناخ.
وتوقفت الدراسة عند أبرز الإنجازات غير المسبوقة التي حققها المؤتمر على صعيد العمل المناخي، ووضع الأساس أمام المجتمع الدولي لمستقبل أكثر استدامة. مشيرة إلى أن المؤتمر ركز على تعزيز الطموح وتسريع العمل، وزيادة التمويل، ودعم التكيُّف، وتعزيز التكنولوجيا والابتكار، وشدد على أن هناك حاجة إلى بذل جهود أكبر لخفض انبعاثات الغازات الدفيئة، ومساعدة المجتمعات على الصمود أمام تأثيرات تغيُّر المناخ.
وقالت الدراسة انه بدءاً من التأسيس التاريخي للصندوق العالمي للمناخ وتفعيله في اليوم الأول من القمة، مروراً بالمراجعة الطموح للمساهمات المحددة وطنياً، ثم وصولاً إلى الاتفاق التاريخي بشأن مسألة الوقود الأحفوري، لم يقتصر نجاح المؤتمر على تحقيق أهدافه فحسب، وإنما نجح أيضاً في صناعة التاريخ من خلال التوصل إلى اتفاق تحريك الأمور – بشكل واضح – بشأن العمل المناخي، ثم من خلال الدخول في مرحلة جديدة من مكافحة التغيُّر المناخي والاحتباس الحراري، ما يجعل هذه القمة هي الأكثر نجاحاً منذ إطلاق مؤتمر الأمم المتحدة للتغيُّرات المناخية، وفقاً للكثير من المراقبين.
وأشارت الدراسة إلى أنه من خلال إلقاء نظرة سريعة على الإنجازات التي حققها “كوب28″، يتأكّد لنا أن هذا المؤتمر قد شَكَّل بالفعل لحظة محورية في مكافحة تغير المناخ.
وذكرت أن مؤتمر كوب28 أرسل رسالة واضحة، مفادها أن العالم جاد في معالجة تغيُّر المناخ، وأن هناك إرادة سياسية قوية لتحقيق الأهداف المناخية. ومن ثم، فإن هذا المؤتمر يُعَدُّ نقطة تحول في العمل المناخي العالمي، وخطوة مهمة نحو مستقبل خالٍ من الكربون.
وخلصت الدراسة الى أن هذا المؤتمر قد ضخ طاقة متجددة وزخماً في العمل المناخي العالمي. وإحقاقاً للحق، فإن دولة الإمارات العربية المتحدة – باعتبارها الدولة المضيفة – قد وضعت نفسها كدولة رائدة في هذا المسعى الحاسم، وسيستمر التزامها بالعمل المناخي في تشكيل استجابة المنطقة والعالم لهذا التحدي الوجودي.
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
مواد البناء صديقة البيئة: سلاح جديد في مكافحة التغير المناخي
لم يعد تغير المناخ يشكل تهديداً بعيداً، فهو واقع الآن، ويؤثر على كل شيء، بدءاً من الطقس الذي نختبره وحتى الهواء الذي نتنفسه. ولكن ماذا لو كان الحل لهذه المشكلة الهائلة يكمن تحت أنوفنا مباشرة، أو على وجه التحديد، في مواد البناء المستخدمة في بناء منازلنا؟.
وذلك من خلال إدخال ألياف الكتلة الحيوية في الطوب واستخدام الصخور الاصطناعية المحملة بالكربون كمزيج من الخرسانة والإسفلت
تحويل البناء إلى حلول للمناخ“هل يمكن لمواد البناء الشائعة، والتي نستخدمها لبناء منازلنا وطرقنا، أن تكون بمثابة المفتاح للتخفيف من تغير المناخ؟”
هذا هو السؤال الذي طرحته دراسة بحثية جديدة ذات اهتمام بيئي أجراها علماء في جامعة كاليفورنيا، ديفيس ( UC Davis) وجامعة ستانفورد .
تتساءل إليزابيث فان روجين، التي قادت الدراسةكطالبة دراسات عليا في جامعة كاليفورنيا ديفيس، “ماذا لو تمكنا بدلاً من ذلك من الاستفادة من المواد التي ننتجها بالفعل بكميات كبيرة لتخزين الكربون؟”
نشرت الدراسة كاملةً في مجلة ساينس
تم في هذه الدراسة استكشاف الإمكانات الهائلة لمواد البناء اليومية، مثل الخرسانة والإسفلت والبلاستيك والطوب، لتخزين ثاني أكسيد الكربون (CO2).
إن احتجاز الكربون، وهي العملية التي يتم اتخاذها لتحقيق هذه الغاية، يهدف إلى التقاط ثاني أكسيد الكربون وتحويله إلى شكل مستقر وتخزينه حيث لا يمكنه المساهمة في تغير المناخ.
هناك، تكمن كامنة، مغلقة، ولا تؤدي إلى تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري في عالمنا.
السلع الشائعة المستخدمة لصالح المناخ
تبين أن الخرسانة، وهي مادة بناء يتم إنتاجها بالفعل بكميات هائلة، تتمتع بإمكانات كبيرة لتخزين الكربون لمعالجة تغير المناخ.
وهذا ليس مفاجئًا، نظرًا لإنتاج ما يزيد عن 20 مليار طن من الخرسانة سنويًا.
إضافة إلى ذلك، فإن الحجم الهائل لاستخدام الخرسانة على مستوى العالم يجعل أي حل قابل للتطبيق لتخزين الكربون يتضمنها ذا تأثير لا يصدق.
كما تم تحديد البلاستيك الحيوي على أنه واعد، وقادر على امتصاص كمية كبيرة من الكربون حسب الوزن.
واستكشف البحث طرقًا أخرى لتخزين الكربون، مثل إدخال ألياف الكتلة الحيوية في الطوب، واستخدام الصخور الاصطناعية المحملة بالكربون كمزيج من الخرسانة والإسفلت.
صناعة الخرسانةصناعة الخرسانة أسهل مما قد تظن، فهي تبدأ بخلط أربعة مكونات رئيسية: الأسمنت والماء والرمل والحصى.
يعمل الأسمنت كالغراء الذي يربط كل شيء ببعضه البعض. تصب الأسمنت في وعاء كبير، وتضيف الماء لتكوين عجينة، ثم تخلطه بالرمل والحصى.
يؤدي هذا المزيج إلى إنشاء خليط سميك قابل للسكب يمكنك تشكيله على أي شكل تريده، سواء كان رصيفًا أو ممرًا للسيارات أو أساسًا لمنزل يتفاعل الماء مع الأسمنت، مما يؤدي إلى بدء عملية كيميائية تجعل الخليط يتصلب بمرور الوقت.
كما يعد دمج الكتلة الحيوية في عملية تصنيع الخرسانة طريقة رائعة لجعل البناء أكثر استدامة وتقليل بصمتنا البيئية.
تتمثل إحدى الطرق الشائعة في إضافة الألياف الطبيعية، مثل القنب أو الكتان أو الخيزران، إلى خليط الخرسانة. تعمل هذه الألياف كدعامة، على غرار طريقة عمل قضبان التسليح الفولاذية، ولكن مع الفوائد الإضافية المتمثلة في كونها قابلة للتجديد والتحلل البيولوجي.
ومن خلال خلط هذه المواد النباتية مع الخرسانة، يمكننا تعزيز قوتها ومتانتها مع الحد من استخدام المواد التقليدية كثيفة الاستهلاك للطاقة.
وبعيداً عن الفوائد البيئية المباشرة المترتبة على احتجاز الكربون في مواد البناء، هناك جانب آخر متعلق بالمناخ يستحق المناقشة.
تتكون المواد الخام المطلوبة لعمليات التقاط الكربون عادةً من مواد نفايات منخفضة القيمة مثل الكتلة الحيوية، مما يعزز قيمتها ويعزز الاقتصاد الدائري.
وتتراوح جاهزية التكنولوجيا المستخدمة في طرق تخزين الكربون هذه في مختلف المجالات. في حين أن بعضها في مرحلة التحقيق أو التجربة، فإن البعض الآخر مهيأ وجاهز للتبني.
ليس هناك شك في أن هناك حاجة إلى مزيد من تطوير التكنولوجيا، وخاصة في المجالات التي تحتاج إلى التحقق من صحة أداء المواد وإمكانات التخزين الصافي لطرق التصنيع الفردية.
بداية جيدةوبهذا تتوصل هذه الدراسة إلى نقطة عميقة فعندما يتعلق الأمر بتغير المناخ، ربما تكون الأدوات التي نحتاج إليها لمكافحته موجودة بين أيدينا، في انتظار أن نستخدمها بطرق مبتكرة
وبإجراء بعض التعديلات على مواد البناء المعتادة لدينا، قد تتحول منازلنا ومدننا من مجرد سكان إلى أبطال المناخ.
ورغم أن إمكانية استخدام مواد البناء لعزل الكربون تبدو واعدة، فإن توسيع نطاق هذه الرؤية إلى المستوى العالمي لا يخلو من التحديات.
إحدى العقبات الكبيرة تتمثل في طبيعة المواد المصنعة مثل الخرسانة والبلاستيك التي تستهلك كميات كبيرة من الطاقة، والتي تساهم بالفعل في انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري .
ولتحقيق تأثير مفيد، يؤكد الباحثون على ضرورة دمج مصادر الطاقة المتجددة في عمليات الإنتاج.
وعلاوة على ذلك، يتطلب اعتماد هذه المواد المبتكرة التعاون بين مختلف الصناعات، بدءاً من صناع السياسات الذين يعملون على خلق الحوافز للممارسات المستدامة إلى شركات البناء التي تعمل على إعادة النظر في الأساليب التقليدية.
ويشكل الوعي العام جزءًا مهمًا آخر من اللغز – فتثقيف المجتمعات وأصحاب المصلحة بشأن الفوائد المزدوجة لهذه المواد يمكن أن يؤدي إلى القبول والتنفيذ على نطاق واسع.
وعلى الرغم هذه التحديات، فإن الفرص هائلة، فتحويل البناء إلى صناعة سلبية الكربون من شأنه أن يحول المدن إلى مراكز ضخمة لتخزين الكربون، وهو ما يساعد في تعويض الانبعاثات من القطاعات الأخرى.
وكما تسلط الدراسة الضوء على أنه مع استمرار الابتكار والتعاون، فإن الأدوات اللازمة لمكافحة تغير المناخ قد تكون في متناول اليد بالفعل، وهي مدمجة في مواد البناء في بيئتنا المبنية.