الأسعار فى ظل المقومات الاقتصادية
تاريخ النشر: 15th, December 2023 GMT
تعاملت الأسواق المصرية مع التسعيرة الجبرية فى فترة الخمسينيات والستينيات من القرن الماضى، وعرفت بأنها إحدى آليات الرقابة على الأسواق المرتبطة بالأنظمة الاشتراكية التى تم تطبيقها بعد ثورة 23 يوليو 1952، وكانت تعتمد على وضع تسعير جبرى لكل سلعة تلتزم به الأسواق، ويتم تجريم عمليات البيع بما يخالف ذلك. غير أنه مع تحول مصر التدريجى نحو السوق الحرة فى عهد «السادات» فى فترة السبعينيات وبداية الثمانينيات، تراجعت الحكومة بشكل تدريجى عن تطبيق التسعيرة الجبرية وفتحت المجال الأوسع لآليات السوق الرأسمالية والتى تعتمد فى تسعير السلع والخدمات عى قوى العرض والطلب.
التسعيرة الجبرية بعد أن كانت آلية مهمة للسيطرة على جشع التجار وحماية المستهلك واجهت اتهامات بأنها وراء ظهور السوق السوداء، وتخرج تداول السلع فى الأسواق من النور إلى الظلام، حيث تختفى السلع من الأسواق ويتضاعف ثمن الحصول عليها بالطرق غير المشروعة.
كما وجدت التسعيرة الجبرية من ينتقدها، ويحاول إجهاضها، خاصة أباطرة السوق والمستوردين، وأقنعوا الحكومة بأن القوانين والتشريعات وحتى الدستور، أكدت تبنى الدولة فكر النظام الرأسمالى، الذى يؤمن بالحريات الاقتصادية وتفعيل قوى العرض والطلب فى ضبط الأسواق وحماية المستثمرين والقطاع الخاص من تدخل الدولة فى الاقتصاد وبعيدا عن دورها الرئيسى فى تنظيم السوق والرقابة عليه، كما استند أصحاب السوق الحرة إلى أن قانون جهاز حماية المنافسة، ومنع الممارسات الاحتكارية، يجيز بقرار من مجلس الوزراء تحديد سعر البيع لمنتج أساسى لفترة زمنية محددة بعد استطلاع رأى الجهاز، ولا يعتبر ضارا بالمنافسة أى اتفاق تبرمه الحكومة بقصد تطبيق الأسعار التى تم تحديدها.
حتى الاستثناء الذى أتاحه قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية بتدخل الحكومة لتحديد سعر سلعة استراتيجية كما كان سيحدث مع السكر، يراهن عليه المستوردون بأن الحكومة ستفشل فى اتخاذ هذا الإجراء لعدم امتلاكها الأدوات المطلوبة للتطبيق، لأنها لم تستطع منع المضاربات على السلع فى الأوضاع الطبيعية والسلع متاحة فى السوق، فكيف لها أن تراقب وتواجه السوق السوداء التى تنتج عن فرض نظام التسعيرة الجبرية، وهل تتبعت أجهزة الحكومة كل كيس سكر يباع فى محل صغير فى شارع ضيق، واستشهدوا بما حدث مع الأرز عندما اختفى من على الأرفف فى المحلات!! عندما حاولت الحكومة تسعيره.
إطلاق المافيا للسيطرة على الأسواق وتحديد الأسعار وإخفاء السلع لابد أن يواجه بعصا غليظة تعيد الانضباط وتحمى المستهلكين من الجشع الذى تجاوز الحدود، وجعل الناس تكلم نفسها بعد الارتفاع اليومى فى أسعار السلع الأساسية المرتبطة بالطعام. هناك انفلات فى الأسواق لابد من مواجهته، والتصدى للفساد والمفسدين فى أى مكان.
النقطة المهمة هى إلقاء نظرة على المقومات الاقتصادية للدولة كما جاءت فى دستور 1971، وكما جاءت فى الدستور الحالى فى دستور 71 الأساس الاقتصادى للدولة هو النظام الاشتراكى الديمقراطى القائم على الكفاية والعدل بما يحول دون الاستغلال ويؤدى إلى تقريب الفوارق بين الدخول ويحمى الكسب المشروع، ويكفل عدالة توزيع الأعباء والتكاليف العامة.
أما النظام الاقتصادى فى الدستور الحالى فإنه يلتزم بمعايير الشفافية والحكومة ودعم محاور التنافسية وتشجيع الاستثمار والنمو المتوازن، ويلتزم اجتماعيا بضمان تكافؤ الفرص والتوزيع العادل لعوائد التنمية وتقليل الفوارق بين الدخول ويهدف إلى تحقيق الرخاء.
والسؤال: هل النظام الاقتصادى يحتاج إلى نظرة تشريعية أكثر تحديدا؟ الأمر متروك للبرلمان.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الأسعار حكاية وطن الأسواق المصرية القرن الماضي الحكومة التسعیرة الجبریة
إقرأ أيضاً:
انخفاض أسعار السلع وسط ارتفاع الدولار والمخاوف التجارية بعد فوز ترمب
مع تصاعد قوة الدولار، حقق مؤشر الدولار أكبر ارتفاع له مقابل العملات الرئيسية منذ عام 2020، مما جعل المواد الخام أغلى على العديد من المشترين. تُثير المخاوف بشأن إمكانية حدوث نزاعات تجارية جديدة مع الصين قلقًا خاصًا في الأسواق الزراعية.
أشار أولي هانسن، رئيس استراتيجية السلع في "ساكسو بنك"، إلى أن الأسواق تتوقع فرض تعريفات جمركية جديدة، مما قد يؤدي لمزيد من التوترات التجارية.
في الوقت نفسه، تأثرت أسهم الشركات المرتبطة بالسلع، حيث شهدت أسهم شركات الصلب الأميركية ارتفاعًا بينما تراجعت أسهم شركات شحن الحاويات.
وعلى الرغم من التقلبات الكبيرة في أسعار النفط، يتوقع المحللون أن فوز ترمب قد يؤثر بشكل مختلف على السياسة الخارجية الأميركية وبالتالي على أسواق النفط بشكل عام.
بينما يتوقع البعض تأثيرًا إيجابيًا على الذهب على المدى الطويل بسبب ضغوط التضخم وضعف العملة الصينية.