المشاركة السياسية وواجبات الرئيس القادم
تاريخ النشر: 15th, December 2023 GMT
لا شك فى أن صلاح الحياة الاجتماعية لأى مجتمع إنما تقوم على مدى ديناميكية أفراده وحبهم بعضهم بعضًا وأهم مظاهر هذه الديناميكية هى إيجابيتهم فيما يخص الشأن العام وعدم تكاسلهم عن أداء أى واجب أو مهمة يتطلبها مجتمعهم. ومن هنا تأتى أهمية المشاركة السياسية لكل أفراد المجتمع سواء فى اختيار الحاكم أو فى اختيار أعضاء المجالس الشعبية والنيابية، إن تلك المشاركة هى الدليل على وعى أى مواطن بحقوقه وواجباته فى المجتمع؛ لأن مشاركته يترتب عليها حسن اختيار الأفراد الذين يقودون العمل السياسى، ويرسمون السياسات الاقتصادية والاجتماعية التى يتحقق من خلالها جودة الحياة له ولأسرته.
وبالطبع فإن المشاركة السياسية هى الدلالة على أن الممارسة الديمقراطية متاحة للجميع، وأن بامكان المواطن أن يكون فاعلاً فى محيطه السياسى والاجتماعى، وللحق فإن مواطنى مصر لا يقصرون فى تلك المشاركة، حينما يدركون أن لرأيهم صدى سيسمع وآمالاً يمكن أن تتحقق. ومن هنا أرى ضرورة أن تتسع الساحة السياسية فى الفترة القادمة لكل الآراء بحرية يكفلها الدستور للجميع دون حظر على رأى وأن تتسع الرؤية لدى أجهزة الإعلام المرئية والمسموعة لتلك الآراء وألا تقتصر على دعوة فئة معينة من ذوى الحظوة وأهل الثقة! وأعتقد أنه بات ضرورياً أن تدعو الدولة إلى انتخابات محلية قريبة لإتاحة الفرصة أمام الأحزاب لتنشط ونوسع قواعدها الشعبية وإتاحة الفرصة أمام المواطنين الناخبين لاختيار وإفراز قيادات جديدة قادرة على تطوير عمل المجالس المحلية فى القرى والمراكز والمحافظات وقادرة على مراقبة ومحاسبة المسئولين عن المحليات وخاصة أن التقصير والتهاون والفساد فيها يبدو مزمناً للأسف!
إن على الرئيس القادم لمصر أن يرد الجميل لهذا الشعب الصابر المثابر الذى تحمل عبء الحروب والأزمات المتلاحقة التى لم تتح له منذ الستينيات من القرن الماضى أن ينعم بالرخاء والاستقرار يوماً! إن عليه أن يدرك بحق مدى معاناة الشعب من نقص المرتبات وغلاء الأسعار والبطالة، مدى معاناتهم فى حياتهم اليومية الاجتماعية والأسرية! مدى معاناتهم من تدنى الخدمات وتوفير الحاجات الضرورية للحياة!
كما أن عليه أن يدرك بحق أن العلم والعلماء ودعم البحث العلمى يتقدم على أولويات كثيرة أخرى إذا أردنا أن يكون لمصر الاستقلال الحقيقى وتحقيق الاكتفاء الذاتى فى المحاصيل والأدوية والمنتجات التكنولوجية والصناعات المختلفة بما فيها الصناعات العسكرية، إن عليه أن يدرك أيضاً الثقافة والمثقفين ليسوا مجرد ديكور، بل هم صناع التقدم الحقيقى؛ فالريادة الثقافية لمصر هى عمود الخيمة لمكانة مصر فى المنطقة العربية وفى العالم الإسلامى، ومن ثم فدعم الثقافة والمفكرين والأدباء والفنانين واجب قومى.
وأن يدرك ثالثاً أن الحفاظ على الطبقة الوسطى ومستواها الاقتصادى والمعيشى هو رمانة الميزان للمجتمع، وأن اتساع الهوة بين الطبقات نذير الخطر الأول على صحة المجتمع وقوته! وأن تحقيق العدالة الاجتماعية، والحرص على إعادة هيكلة الأجور بما يوازى العمل ونوعه وعدم تمييز هيئات معينه على الأخرى أياً كانت ما دام أن طبيعة العمل ومؤهلاته واحدة، أصبح مسألة لاغنى عنها للحفاظ على استقرار المجتمع والقضاء على الرشاوى والوساطات وصورا أخرى كثيرة للفساد.
إن على الرئيس القادم أن يدرك أيضا أن نشر وسيادة قيم ثقافة التقدم مثل الالتزام والمساواة والعدالة وحرية الفكر وإتقان وجودة العمل الخ.. هو الضامن الوحيد لاطراد التقدم فى أى مجتمع، وهذا ما يجب أن تتضافر عليها جهود وزارات التعليم والثقافة والإعلام. ولذلك عليه قبل كل ذلك وبعده أن يحسن اختيار مساعديه ووزرائه من الكفاءات المستقلة القادرة على حمل الأمانة وأداء الواجب بتجرد وموضوعية وليبتعد فى ذلك قدر الطاقة عن شلل المنتفعين وطالبى السلطه وعشاق الأضواء فى كل عصر ومع أى رئيس! تحيا مصر ووفق رئيسها القادم لخدمة شعبها البطل.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: المشاركة السياسية نحو المستقبل افراد المجتمع أن یدرک
إقرأ أيضاً:
«الوطني الاتحادي».. مسيرة فاعلة في تحقيق رؤية القيادة وتنمية المجتمع
أبوظبي/ وام
أسهم المجلس الوطني الاتحادي منذ عقد أولى جلساته بتاريخ 12 فبراير 1972م، بالتزامن مع انطلاق اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة، في المسيرة الوطنية والنهضة الشاملة بما يحقق رؤية القيادة وتوجهات الدولة وخططها الاستراتيجية في تنمية المجتمع وتحقيق ازدهاره.
وحقق خلال 53 عاماً العديد من الإنجازات التشريعية والرقابية والدبلوماسية البرلمانية، التي واكب خلالها مسيرة الدولة بدعم القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وإخوانه أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات، حيث يعتبر المجلس السلطة الاتحادية التي يترسخ من خلالها نهج الشورى ومساهمة المواطنين في عملية صنع القرار.
ويعد التواصل مع المجتمع وإشراكه في صنع القرار من أولويات عمل المجلس، إدراكاً منه لأهمية الدور الذي يضطلع به المواطنون في تحقيق التنمية الشاملة المستدامة والمتوازنة، والذي يتم من خلال الزيارات الميدانية وعقد الحلقات النقاشية ودعوة ممثلي مختلف المؤسسات الحكومية والخاصة وذوي الخبرة والاختصاص، للاستنارة بأفكارهم وآرائهم ومقترحاتهم حول مشروعات القوانين التي يناقشها المجلس والموضوعات التي يتبناها ويناقشها للتوصل إلى القرارات المناسبة في شأنها.
وشهدت مسيرة العمل البرلماني محطات مهمة أسهمت في تعزيز تمكين المجلس من ممارسة مهامه الدستورية منها برنامج التمكين الذي أعلنه المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، طيب الله ثراه، في عام 2005م والذي تضمن عدداً من المرتكزات.
وتعد نسبة عضوية المرأة في المجلس الوطني الاتحادي الأعلى منذ الفصل التشريعي السابع عشر، تنفيذاً للقرار رقم «1» لسنة 2019م الذي أصدره المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، طيب الله ثراه، الخاص برفع نسبة تمثيل المرأة في المجلس إلى 50% لتمكين المرأة وتعزيز مشاركتها السياسية ومساهمتها في عملية صنع القرار.
وأسهم المجلس خلال مسيرته الوطنية في مشروع البناء والنهضة والتطور والريادة لدولة الإمارات، بعقد 685 جلسة، على مدى 18 فصلاً تشريعياً أسهم خلالها في تحديث وتطوير التشريعات بمناقشة 670 مشروع قانون، وطرح الموضوعات العامة التي لها علاقة مباشرة بشؤون الوطن والمواطنين وتبني التوصيات بشأنها وذلك من خلال مناقشة 355 موضوعاً عاماً، فضلاً عن توجيه 1086 سؤالاً إلى ممثلي الحكومة تناولت مختلف الخدمات المقدمة والقطاعات، ووافق على ثمانية تعديلات دستورية وأصدر 83 بياناً، واطلع على 1168 اتفاقية ومعاهدة دولية، ووقع على 53 مذكرة تعاون مع برلمانات إقليمية ودولية.
ولامست اهتمامات المجلس في ممارسة أدواره الدستورية، القضايا الجوهرية للمواطنين في دولة الاتحاد، حيث أصدرت الدولة خلال السنوات الثلاثين الأولى من تأسيسها التشريعات التي جاءت لتعزيز البنيان الاتحادي ومؤسساته.
وكان المجلس حاضراً من خلال ممارسة اختصاصاته التشريعية والرقابية والدبلوماسية البرلمانية، في المساهمة في بناء دولة القانون والمؤسسات، حيث تناولت القضايا الاجتماعية النصيب الأكبر من الموضوعات التي ناقشها المجلس، منها الشؤون الاجتماعية، والصحة، والتعليم العام والعالي، والبيئة، وبناء المساكن الشعبية، والإسكان وشق الطرق الاتحادية، والتوطين في القطاعين الحكومي والخاص وغيرها.
وجاءت قضية التغير المناخي وتبني الاستدامة من ضمن أولويات عمل المجلس، كونها من الركائز الأساسية لاستراتيجيات وخطط الدولة الاقتصادية والبيئة والتنموية، ضمن رؤيتها للخمسين عاماً المقبلة.
وواصل المجلس خلال الفصل التشريعي الثامن عشر مهامه الدستورية التشريعية والرقابية بما يعزز دوره في المنظومة التنموية الوطنية والمساهمة في مسيرة النهضة الشاملة ويُلبي طموحات الشعب والقيادة، ووافق خلال هذا الفصل الذي بدأ بتاريخ 6 نوفمبر 2023م، على مدى «19» جلسة على ثمانية مشروعات قوانين بعد أن ناقشها وعدل واستحدث عدداً من موادها وبنودها، وتبنى عدداً من التوصيات خلال مناقشة «12» موضوعاً عاماً تناولت عدداً من القطاعات، ووجه «30» سؤالاً إلى ممثلي الحكومة.
وبهدف مناقشة أكبر قدر من مشروعات القوانين عقد المجلس جلستيه الأولى والثانية من الدور الثاني في يوم واحد، بتاريخ 25 نوفمبر 2025م، وهو تاريخ افتتاح دور الانعقاد الثاني من الفصل التشريعي الثامن عشر، حيث وافق على مشروع قانون اتحادي في شأن ربط الميزانية العامة للاتحاد وميزانيات الجهات الاتحادية المستقلة عن السنة المالية 2025م.
وتصدرت قطاعات الصناعة، والأمن الغذائي والمائي والصحة، والشؤون الاجتماعية، الموضوعات العامة التي ناقشها المجلس خلال الدور الأول وتبنى بشأنها توصياته التي رفعها للحكومة، ويعد موضوع سياسة الحكومة في شأن الذكاء الاصطناعي، أول موضوع عام يناقشه المجلس في الدور الثاني بهدف مواكبة رؤية الدولة وتوجهاتها وخططها في هذا الشأن.
وواكب المجلس من خلال تفعيل الدبلوماسية البرلمانية الإماراتية خلال هذا الفصل، رؤية الدولة وتوجهاتها بما يعود بالفائدة على شعوب ودول العالم، وتعزيز العمل المشترك لكافة المؤسسات والمنظمات الوطنية والدولية تجاه القضايا ذات لاهتمام المشترك، لا سيما في مجالات تغير المناخ، وحشد العمل البرلماني لدعم وتعزيز التجارة العالمية والاستدامة وتعزيز الأمن والاستقرار والسلم الدوليين.
وبهدف تعزيز علاقات التعاون القائمة مع برلمانات عدد من الدول الشقيقة والصديقة، قام المجلس الوطني الاتحادي بزيارات رسمية إلى المملكة الأردنية الهاشمية، وجمهورية مصر العربية، وسلطنة عمان، وجمهورية إيطاليا، وجمهورية أرمينيا، وجمهورية الهند.
وجسدت مذكرات التفاهم التي وقعها المجلس الوطني الاتحادي، مع مجلس الشورى في جمهورية مصر العربية، ومجلس النواب بجمهورية مالطا، الحرص على تعزيز أطر التشاور والتنسيق وتبادل الرأي حيال مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك.
وشاركت وفود المجلس من خلال ممارسة الدبلوماسية البرلمانية في قرابة 150 فعالية تضمنت زيارات خارجية وداخلية، ولجان صداقة، ومشاركة في فعاليات برلمانية على صعيد الاتحادات والمؤتمرات المتخصصة، ولقاءات سفراء، واجتماعات أمناء عامين.
وحرص المجلس من خلال ممارسة دوره السياسي وتفعيل دبلوماسيته البرلمانية على المشاركة في الفعاليات البرلمانية الخليجية والعربية والإسلامية والدولية، فقد شارك بتاريخ 7 نوفمبر 2023م في الاجتماع السابع عشر لرؤساء مجالس الشورى والنواب والوطني والأمة بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، الذي عقد في العاصمة القطرية الدوحة، وأكد دعم دولة الإمارات لجميع مشاريع العمل الخليجي الموحد.
واستضاف المجلس الاجتماع الدوري الثامن عشر لرؤساء مجالس الشورى والنواب والوطني والأمة بدول مجلس التعاون، بتاريخ 12 نوفمبر 2024 في أبوظبي.
وتم العمل على توفير مبنى دائم للأمانة العامة للمجلس في دبي، وتم الانتقال إليه في أكتوبر 2024م، بهدف توفير كافة التسهيلات لتمكين أعضاء المجلس من ممارسة اختصاصاتهم الدستورية وفق أفضل الممارسات العالمية، وبما يسهم في إنجاز أعمال اللجان، ودعم مهام كوادر الأمانة العامة بمختلف تخصصاتها.
ويعد المجلس من أكثر برلمانات دول المنطقة تنفيذاً لمستهدفات التحول الرقمي في أعماله، حيث تطبق الأمانة العامة قرابة «43» برنامجاً، ترجمة لسعيها في بذل الجهود الدؤوبة نحو التميز في الأداء المؤسسي، وتقديم خدمات برلمانية إلكترونية ذات جودة عالية.