داخل مخيم خان يونس جنوبى قطاع غزة، يجلس أحمد مهنا، الذى يعرفه الجميع بـ«أبوإلياس»، صاحب الـ45 عاماً، أمام موقده الذى حوّله من الغاز إلى الحطب، بسبب انعدام الغاز الطبيعى الخاص بالطهى، بينما تلتقط يداه قِدراً من الصاج يضعه بحذر على النار، قبل أن يخلط الطحين بالماء، لتتكون لديه كميات من العجين، يقوم بفردها على قطعة خشبية قبل أن يبدأ فى خبزها، لتكون فى النهاية أرغفة من الخبز يتم توزيعها على النازحين.

«أبوإلياس» واحد من بين مئات الآلاف من النازحين الذين اتخذوا من إحدى الخيام فى خان يونس التى أقامتها «أونروا»، مأوى لهم بعد أن دمّرت غارات الاحتلال الإسرائيلى منزله فى منطقة تل الهوى جنوب غرب مدينة غزة، فى الأسبوع الأول من العدوان، ويقول فى حديثه لـ«الوطن»: «جاءنا تحذير بأن البناية سيتم قصفها، وعلينا إخلاؤها والخروج منها على وجه السرعة، وهو ما قُمنا به أنا وزوجتى وأبنائى الأربعة». لم يحمل الرجل الأربعينى أى شىء من محتويات منزله أو الاحتياجات الشخصية لأسرته: «وأنا طالع ما قفلت الباب بالمفتاح وقُلت بصوت عالى يا رب أنا استودعتك واستعوضتك فى بيتى وتعبى وشقاى، لأنى كنت حاسس إنى مش هارجع على بيتى».

ما يقرب من 50 يوماً هى الفترة التى مضت على «أبوإلياس» داخل مخيم النزوح، إلا أنّه قرّر بعد نحو أسبوع البحث عن الدقيق لإنتاج الخبز بعد تجربة مريرة يخوضها الفلسطينيون فى القطاع فى سبيل الحصول على رغيف خبز واحد. ويتابع: «كنت أطلع من الساعة 3 الفجر وأقف فى طابور طويل لحد الظهر علشان بس أقدر أجيب ربطة خبز واحدة، وأوقات كتير لما الدور كان يوصلنى يكون الخبز خلص وأرجع بدون ولا أى شىء».

رب الأسرة الأربعينى قرّر صُنع الخبز بنفسه وتوفيره للنازحين: «الدنيا صعبة مش سهلة، خاصة فى الحرب، وتحديداً هاى الحرب المدمرة، واللى عمرى ما عِشت زيها، ووقفة النساء وكبار السن على المخبز كانت بتوجع قلبى، هذا غير الخطر اللى بنتعرّض له لأن الاحتلال كان يستهدف المخابز ويتسبّب فى ارتقاء عشرات الشهداء».

ويستعين «أبوإلياس» بأبنائه فى الحصول على الطحين من «أونروا» وحمله إلى خيمتهم، ليقوم بعدها بإشعال النيران باستخدام الخشب أو الحطب الذى يقوم بإحضاره من الطرق المؤدية إلى شمال القطاع، قبل أن يتعرّض لإطلاق نار من قِبل مدفعية الاحتلال المتمركزة بالقرب من شارع صلاح الدين الواصل بين قطبى المدينة، ليُقرر شراءه من التجار رغم ارتفاع ثمنه أو البحث عند جيرانه فى المخيمات: «يومياً باسوى دور خبز وبياكل منه 6 عائلات بمجموع 27 شخصاً». ويتابع حديثه ضاحكاً: «بمعدل رغيف لكل فرد، وهذا أمر يُعد رفاهية فى ظل تقاسم النازحين الآخرين رغيفاً واحداً بين 3 أو 4 أفراد». ويختم «أبوإلياس» حديثه بينما ترتسم الابتسامة على وجهه، قائلاً: «صرت خبرة، وراح أفتح فرن بس تخلص الحرب».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: العدوان الإسرائيلى ضحايا العدوان قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

منظمة دانماركية تحذر من خطر داهم يهدد سكان غزة بعد الحرب

حذرت منظمة دانماركية غير حكومية من أن الأسلحة المتفجرة المستخدمة في منطقة مكتظة بالسكان مثل قطاع غزة ستستمر في تعريض المدنيين للخطر حتى بعد وقف الحرب.

وكتبت كورين لينكار من مجلس اللاجئين الدانماركي في تقرير نشر أمس الاثنين "إن مخلفات الحرب هذه، التي لا تنفجر على الفور أو التي ربما تُركت أثناء القتال، تشكل تهديدا طويل الأمد للمدنيين، وغالبا ما تتسبب في الإصابة والوفاة بعد فترة طويلة من انتهاء القتال".

وتقدر المنظمة غير الحكومية الموجودة في قطاع غزة، بعد تحقيق دام عدة أسابيع، أن الذخائر المتفجرة، سواء انفجرت أم لا، موجودة في العديد من المناطق المأهولة بالسكان في القطاع الفلسطيني المدمر.

وأفاد التقرير أن 70% من الذين شملهم الاستطلاع يعودون إلى المناطق التي وقع فيها القتال حيث هم معرّضون لخطر الإصابة جراء هذه الأسلحة المتفجرة، والتي يمكن أن تكون بقايا القنابل والصواريخ منها لم تنفجر.

ومع شح المساعدات الإنسانية التي تسمح إسرائيل بدخولها إلى القطاع، يشير الاستطلاع إلى أن سكان غزة يفتقرون إلى كل شيء، وخلال بحثهم عن "الضروريات الأساسية بين الأنقاض" يمكن أن يكونوا عرضة لهذه الأسلحة.

ويضيف التقرير أن "19% فقط من ضحايا الذخائر المتفجرة يتلقون الإسعافات الأولية"، مشيرا إلى أن الأطفال معرّضون للخطر بشكل خاص لأنهم يمكن أن يظنوا أن هذه الأسلحة المتفجرة مجرد ألعاب أو خردة.

بقايا القنابل والصواريخ في قطاع غزة خطر على المدنيين وخاصة الأطفال (الجزيرة)

وقالت لينكار "إن إسرائيل تستخدم الأسلحة بشكل عشوائي في المناطق المدنية، بشكل متكرر وفي انتهاك للقانون الإنساني الدولي".

وحتى قبل الحرب الحالية والمستمرة منذ أكثر من عام، كانت الذخائر المتفجرة تطرح بالفعل مشكلة في قطاع غزة، الذي تعرض للقصف الإسرائيلي المتكرر خلال أكثر من 10 سنوات.

ويشير التقرير إلى أن هذه الذخائر "ستستمر في القتل والتشويه لفترة طويلة بعد انتهاء الصراع".

وبدعم أميركي تشن إسرائيل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 حربا على غزة، خلَّفت نحو 149 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.

مقالات مشابهة

  • وقفة احتجاجية بوزارة الصحة تنديداً باستهداف المستشفيات والأطباء في غزة ولبنان
  • وقفة احتجاجية في الجوف تنديدًا بالعدوان الصهيوني على غزة ولبنان
  • وقفة لمستشفى الحزم تنديداً باستمرار العدوان على غزة ولبنان
  • وقفة بطولكرم دعمًا وإسنادًا للمعتقلين في سجون الاحتلال
  • العلاج بالفنون.. دواء جديد لدعم الأطفال النازحين
  • يوميات شاقة للحصول على الغذاء والخبز في غزة / شاهد
  • منظمة دانماركية تحذر من خطر داهم يهدد سكان غزة بعد الحرب
  • لبنان بين الحرب والنّزوح.. غياب التنسيق والرقابة الحكومية يزيد من معاناة النازحين
  • وقفة بنابلس نصرة للأسرى والأسيرات ورفضًا للإبادة الجماعية والعنف ضد المرأة
  • منخفض جوي على غزة.. أمطار غزيرة وأمواج البحر تغرق خيام النازحين