النوم فى العراء وخيام غارقة فى الوحل، وأناس يحاولون انتشال ما تلتقطه أيديهم من مياه الأمطار، وأدخنة سامة، وأطفال بلا طعام وشهداء يتم نقلهم وسط السيول، مشهد تفصيلى يبدو وكأنه لقطات سينمائية داخل دور العرض، لكنه الواقع الذى يعيشه 1٫8 مليون نازح فلسطينى فى جنوب قطاع غزة، وفق الإحصائية الرسمية التى أعلنت عنها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا».

«أبوالعبد»: الخيام لا تقى من البرد

داخل خيمة هانى أبوالعبد، فى خان يونس، كانت الأوضاع مأساوية، حيث يقف المسن السبعينى والمياه تتساقط من ثوبه المهترئ، ويرتجف جسده النحيل من شدة البرد جرَّاء الأمطار الغزيرة التى أغرقت المكان، لكنه يحاول إزاحة المياه التى تسربت إلى داخل خيمة يقطنها 15 فرداً من أبنائه وأحفاده بعد استشهاد زوجته أثناء نزوحهم من بلدة بيت حانون شمال غزة. وقال: «كنا نايمين لما السماء مطرت واتفاجئنا بالمياه داخل الخيمة وكل شىء اتبل حتى الفرش وملابسنا، ومش عارفين إيش بدنا نسوى فى هذا الوضع».

عائلة «أبوالعبد» واحدة من بين عشرات الآلاف الذين أجبرهم عدوان الاحتلال على ترك منازلهم والإقامة داخل المخيمات، وتابع: «الخيام من النايلون وخفيفة ما تقى من البرد ولا تحمى من المطر، وأخشى أن تطول المحنة ويهجم فصل الشتاء برياحه القوية وأمطاره الغزيرة على الآلاف فى جنوب القطاع الذين باتوا بلا مأوى و(أونروا) عملت مخيمات قليلة ولم تُسلِّم عدداً كبيراً من النازحين الخيام وكانوا بيناموا على الأرض ولو الشتاء اشتد الناس والأطفال هيموتوا من البرد».

«فوزية»: ابنى مات من الجوع

فوزية الهلايل، 30 عاماً، نازحة للمرة الثالثة من حى الدرج، شمال غزة، تجلس داخل المخازن والمستودعات التابعة لـ«أونروا»، بعدما تسرب داخلها مياه الصرف الصحى، فى مدينة رفح، أقصى جنوبى القطاع، التى استقبلت أكثر من 30 ألف نازح، وتتخذ من الحجارة المرتفعة عن الأرض مقعداً لها، بينما ترتدى ثوبها الفلسطينى التراثى، وتغطى أنفها بحجاب رأسها الخفيف؛ لمنع وصول الدخان الأسود الذى يتصاعد من «الخراطيم» البلاستيكية التى تستخدمها لإشعال النيران من أجل طبخ العدس، فى محاولة منها لسد جوع أطفالها الأربعة بعد أن توفى أحدهم من شدة الجوع بعد انعدام المواد الغذائية.

وقالت: «أنا باعرف إن الدخان اللى بيطلع من إشعال الخراطيم سام، لكن إيش أسوى؟ مفيش بديل والأولاد جوعانين، صار لينا خمسة أيام وولادى ما أكلوا إلا رغيف واحد اتوزع بينهم وصاروا يبكوا من الجوع، وتعد رحلة البحث والحصول على الحطب للتدفئة هى مخاطرة تجعل أصحابها فى مرمى نيران واستهدافات الاحتلال، ومن يومين راح شابين من الخيمة اللى جنبنا يجيبوا حطب والطيارات قصفتهم واستشهدوا».

معاناة النازحين لا تقتصر على مبيتهم فى العراء بسبب إغراق مياه الأمطار لخيامهم، وتسببت عمليات النزوح فى أزمات أخرى، وأكد الطفل محمد حجازى، 16 عاماً، الذى اضطر إلى النزوح من حى الشجاعية، فى الشمال، أنه أصيب بالجرب؛ بسبب عدم تمكنه من الاستحمام سوى مرة واحدة على مدار 45 يوماً، وتابع: «ما كان بيمر يوم فى بيتنا إلا وكنت أتحمم مرتين وتلاتة، بس من وقت ما بدأت الحرب والمياه والكهرباء انقطعت ما قدرت حتى أحط المياه على جسمى غير مرة واحدة لأننا استخدمناها للشرب، وبسبب النزوح إلى خان يونس وجلوسنا بأعداد كبيرة فى الخيام وعلى الرمال أُصبت بهذا المرض الجلدى ومفيش أى أدوية آخدها للحكة ولا عارف إيش اللى هيصير بعد كده وما إلنا غير الله».

عائشة خليل، 20 سنة، تقف منذ الرابعة فجراً ضمن طابور طويل يتكون من 500 نازح لدخول دورة المياه، وقالت: «مخيم رفح فيه حالياً 20 ألف نازح بتخدمه 20 دورة مياه فقط، يعنى 1000 واحد على كل حمام، وممكن نستنى ساعات طويلة للدخول، والأطفال وكبار السن هم أكثر المتضررين من هذا الأمر، والمكان أصبح بؤرة لانتشار الأمراض، ما يدفع الناس إلى تحويل الخلاء إلى أماكن لقضاء الحاجة، إلا أنّ الفتاة العشرينية، التى نزحت من حى التفاح وسط القطاع، لا تستطيع الوقوف لمدة طويلة بسبب تورم قدميها لأنها حامل فى شهورها الأخيرة.

وتابعت: «الحمل بيخلينى أروح الحمام أكثر من مرة، وأقف شوية فى الطابور، ولما أتعب باقعد على الأرض لأنى لو رُحت الخيمة ورجعت تانى مش هلاقى دورى وهضطر أنتظر ساعات أطول».

فصل آخر من معاناة النزوح تعيشه «عائشة» رفقة زوجها ووالدتها، إذ تضطر إلى المشى يومياً 4 كيلو، وسط مخاوف من استهداف طيران الاحتلال، إلى محطة «ياسين»؛ للحصول على زجاجتين متوسطتين من المياه، وأضافت: «زوجى اتصاب فى أطرافه الأربعة أثناء قصف بيتنا فى مخيم النصيرات وتم بترها جميعاً، وهذه الكمية القليلة من المياه يتقاسمها 3 أشخاص للطبخ والشرب، وبالتالى ليس هناك إمكانية لرفاهية غسل وجوهنا، ورغم ذلك نظل عطشانين بالأيام لأنه من الممكن أن نذهب لإحضار المياه ونكتشف أن المحطة توقفت عن العمل فى ذلك اليوم بسبب انقطاع الكهرباء، ونضطر للشرب من المياه الملوثة، فأغلب الأطفال هنا أصيبوا بالنزلات المعوية والكوليرا، وعندنا تخوفات من تفشى مزيد من الأمراض الخطيرة، فى ظل انعدام سبل النظافة أو الماء الصالح للشرب واستحالة الحصول على الدواء».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: العدوان الإسرائيلى ضحايا العدوان قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

لمدة 12 ساعة.. قطع المياه عن دكرنس بسبب أعمال الصيانة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أعلنت شركة مياه الشرب والصرف الصحي بالدقهلية عن انقطاع مؤقت في المياه سيؤثر على عدة مناطق بمركز ومدينة دكرنس يوم السبت الموافق 9 نوفمبر 2024.

وأوضحت الشركة في بيان لها، أن انقطاع المياه سيستمر لمدة 12 ساعة، بداية من الساعة الثامنة صباحًا وحتى الثامنة مساءً، وذلك بسبب أعمال صيانة وربط لخط مياه جديد بقطر 630 ملم بشارع مجلس المدينة.

المناطق المتأثرة بالانقطاع:

- مدينة دكرنس بالكامل.

- الوحدات المحلية: نجير، كفر أبو ناصر، دموه، ديمشللت، وأشمون الرمان.

وأهابت الشركة بالمواطنين في المناطق المتأثرة بتدبير احتياجاتهم من المياه خلال فترة الانقطاع، وتخزين كمية كافية منها للاستخدامات الضرورية، كما ناشدت المخابز والمستشفيات والمؤسسات الحكومية بالاستعداد لهذا الانقطاع واتخاذ الإجراءات اللازمة.

وأكدت الشركة أن أعمال الصيانة التي تتم حاليًا تأتي في إطار خطة تطوير شبكات المياه وتحسين جودة الخدمة المقدمة للمواطنين على المدى الطويل، داعيةً المواطنين إلى التواصل معها عبر قنواتها الرسمية للاستفسار عن أي تفاصيل إضافية أو للإبلاغ عن أي مشاكل قد تواجههم.

مقالات مشابهة

  • عدادات ذكية داخل الضيعات لتعقب استهلاك المياه
  • أمريكا.. فرارُ المئات من منازلهم بسبب حرائق الغابات في جنوب كاليفورنيا
  • لمدة 12 ساعة.. قطع المياه عن دكرنس بسبب أعمال الصيانة
  • عبداللطيف المر: حقنة البرد خطيرة على الصحة ولا علاقة لها بالأمراض الفيروسية
  • استخراج 1540 شهادة صحية للعاملين بمحطات المياه في سوهاج
  • من النيل للحنفية.. طلاب مدرسة الإبراهيمية بالشرقية يشهدون مراحل تحويل المياه العذبة إلى منازلهم
  • صرخت لما شافته.. التحقيق مع عامل صوَّر موظفة «في دورة المياه» بالشيخ زايد
  • مصرع أربعة أفراد من أسرة واحدة داخل بئر بسبب عادم ‘‘ماطور’’ شفط المياه (الأسماء)
  • بسبب هذه المضاعفات.. وزارة الصحة تحذر من استخدام حقنة البرد
  • مع تقلبات الطقس.. كيف يحمي الغذاء الصحي من نزلات البرد في الشتاء؟