عربي21:
2024-12-23@06:54:57 GMT

فيلم الرعب: الدّرك الأسفل!

تاريخ النشر: 15th, December 2023 GMT

هناك مخرج سينمائي قد وسّع خيال الجريمة عنده إلى أبعد نقطة قد يصل إليها خيال بشر، يريد فيلما يحقّق حياة الدرك الأسفل مما قد يصل إليه الإنسان، أراد لفيلمه أن يحطّم خيال من قبله في أفلام الرعب، وأن يحقّق أرقاما قياسية لم يسبقه إليها أحد، وكان لا بدّ لتحقيق نجاح هذا الفيلم من ميزانية هائلة تقدّر بالمليارات، فستكون هناك أماكن تصوير مكلفة جدا، وسيستخدم معدّات وآليات تحاكي الواقع وهذه مكلفة وتحتاج بعد توفيرها إلى من يقودها من الفنيين والمحترفين من ذوي الخبرات العالية، وكذلك لا بدّ من مجموعة كبيرة جدا من الممثلين الذين سيقومون بأدوار إدارية وقيادية، وهؤلاء يجب اختيارهم من عتاولة الفن السينمائي والمشهود لهم بإتقان الدور على أعلى درجات الإتقان، بالإضافة إلى جمهور هائل من "الكومبارس"، وكذلك يحتاج إلى طواقم التصوير البارعة في التصوير السينمائي من ذوي الخبرات الطويلة والإنجازات المشهود لها في الوسط الفنّي.



وكان من أصعب المهام هو تحضير المكان بما يتلاءم مع غايات الفيلم، والتي تتلخّص بإحداث صدمة هائلة ونقلة نوعية مذهلة في عالم أفلام الرعب، وأن تكون هناك مسافة شاسعة بين هذا الفيلم ومن سبقه وبما يتلاءم مع خيال مخرجنا العظيم وطموحات خيالاته التي لا يصل إليها أحد.

فالمطلوب فيلم صرعة وصدمة وصرخة عظيمة في عالم انهارت فيه القيم الإنسانيّة، وحتى يعود إلى رشده لا بدّ وأن نزلزل كيانه بفيلم رهيب يعيده إلى صوابه وإصلاح أمره وإنقاذ القيم الإنسانيّة من الضياع والدمار.

المكان المطلوب لإخراج هذا الفيلم يجب أن يكون قطاعا سكّانيّا منكوبا في الأصل ويعيش حياة مأساوية، حالة من الضعف والهوان، وغالبية سكانه من الأطفال، فيه شبه مدارس يتعلّم فيها أطفالهم، وفيه مشاف مستهلكة مستنزفة الموارد، ولا بدّ من مساجد كثيرة لأننا نريد أن نُظهر المشهد الفاتك بالمسلمين الذين يتقنون فن الإرهاب، وبعض الكنائس حتى نُظهر الاستهداف الكلّي لجنس الإنسان، ولا بدّ من مساكن مكتظة تشبه مخيمات اللجوء والشتات للشعب الفلسطيني، ولا بدّ أيضا من اختيار الجغرافيا المناسبة حيث يكون هذا القطاع من السكّان محاصر من قبل الأعداء منذ فترة طويلة من الزمان.

وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى يحمل لقب "النتن" بعد أن سمع بأنباء التحضير لهذا الفيلم من مستلزمات وأماكن تصوير تناسب الغايات، هذا الرجل زعيم عصابة وعنده الكثير من الميزانيات والاستعدادات، والأهم من هذا أن خياله ينسجم مع خيال هذا المخرج، قال له: لِمَ تُتعب نفسك أيها المخرج الهُمام بتحضيرات المكان؟ لديّ مقترح لمكان جاهز فيه كل المواصفات التي تريد، مكتظ بالسكان وفيه ما يكفي من الأطفال والمدارس والمربّعات السكنية المتهالكة والمستشفيات، وهو كما تريد، محاصر ومنكوب وكلّ شيء فيه مضروب، لِمَ تتعب نفسك في بناء أمكنة التصوير والتي ستستهلك ميزانية الفيلم وتستنزف كلّ الامكانيّات؟

ولديّ مجموعة كبيرة من الممثّلين الذين يتقنون الأدوار خير إتقان، ولديّ أيضا من المعدات والآليّات ما يفي بالغرض الذي تريد، لديّ من الطائرات والدبّابات من كلّ الأشكال والانواع..

وبخصوص طواقم التصوير ستأتينا من كلّ صوب وحدب ومن كلّ الأشكال والألوان، وبإمكانك أن تستخدم الذخيرة الحيّة وأن تعتبر ما أقدّمه لك مختبر تجارب لكل أنواع السّلاح، بإمكانك أن تجرّب كلّ ما وصل إليه عالم الإجرام من سلاح وقوة تدمير وقتل هائلة على الأحياء والأموات.. نعم أقصد ما أقول، حتى أمواتهم ومقابرهم مستباحة كما هو حال الأحياء. أمورك كلّها جاهزة عندي أيها المخرج الهمام.

سُرّ المخرج من هذا الفتح المبين والذي سيوفّر عليه كثيرا من الميزانيات، ولكنّه أعرب عن قلقه بخصوص الطبيعة البشرية للممثّلين، هل سيقبلون بممارسة أسوأ أنواع الجريمة التي يحتويها الفيلم، فالمشاهد على أسوأ مما يتخيّلون؟ طمأنه "النتن" وقال له إنهم نسخة بشرية على أسوأ مما وصل إليه خيالك، لا تقلق أبدا. قال له المخرج: ستكون هناك مشاهد فيها قتل أطفال ونساء ومدنيين من كل الأنواع، وسيكون هناك قصف مساجد وكنائس ومدارس مكتظة بالناس ومستشفيات تعجّ بالجرحى والمرضى وووو.. طمأنه "النتن" وقال له: لديّ من يتلذّذ وهو يقوم بهذه الأدوار وستجد منهم ما يسرّك ويثلج صدرك، ولكنّي سأبادلك قلقك بقلق آخر: سنجد من يقاوم فكرة هذا الفيلم فيواجهون ممثلينا مواجهة شديدة وقاسية. المخرج من جانبه قال: هذا جيّد لأننا بذلك نجد ما يبرّر جرائمنا ونضفي على الفيلم هالة من "الآكشن" والانفعال.

بدأ الفيلم بعد أن اختاروا له قطاع غزّة، لقد نجحوا في إنتاج أسوأ مشاهد الجريمة التي قد يتخيّلها إنسان، نجحوا في إنتاج مشاهد الدمار الشامل، دمّروا عشرات المشافي والمدارس والكنائس وارتكبوا مئات المجازر التي كان جلّ ضحاياها من الأطفال والنساء، تفنّنوا في مشاهد مستشفى يهوي على رؤوس مرضاه ومسجد مع مئذنته يخرّ صريعا كلّ يوم، وأنتجوا مشاهد كثيرة لا تعدّ ولا تحصى لأطفال يخرجون من تحت الركام أحياء وأموات، وأنتجوا مشاهد كثيرة لعائلات يُقتل جميع أفرادها
وسأل "النتن": وهل تستطيع تحمّل تبعات خسائرنا من الأرواح والمعدّات، ردّ المخرج: هذه مقدور عليها، ولكن لا دخل لي بما يلحق ذاك القطاع من خسائر في الأرواح والممتلكات.

وبدأ الفيلم بعد أن اختاروا له قطاع غزّة، لقد نجحوا في إنتاج أسوأ مشاهد الجريمة التي قد يتخيّلها إنسان، نجحوا في إنتاج مشاهد الدمار الشامل، دمّروا عشرات المشافي والمدارس والكنائس وارتكبوا مئات المجازر التي كان جلّ ضحاياها من الأطفال والنساء، تفنّنوا في مشاهد مستشفى يهوي على رؤوس مرضاه ومسجد مع مئذنته يخرّ صريعا كلّ يوم، وأنتجوا مشاهد كثيرة لا تعدّ ولا تحصى لأطفال يخرجون من تحت الركام أحياء وأموات، وأنتجوا مشاهد كثيرة لعائلات يُقتل جميع أفرادها ويبقى منها طفل وحيد بقي على قيد الحياة.. ألقوا من صواريخ الدمار ما يعادل ثلاث أو أربع قنابل نووية، ضربوا ما يزيد عن ثلاثة آلاف هدف بأعتى المدمّرات، منازل ومربعات سكنية بالجملة ومن غير حساب.

وما لم يكن بحسبان المخرج أن هؤلاء الذين قاوموا العدوان نجحوا في إحداث تغيير جوهري على سيناريو الفيلم، حرفوا له البوصلة، مع النكبة والكارثة وحرب الإبادة أنتجوا مشاهد أخرى، لم تكن رغبات المخرج وأهدافه إلا أن يحقّق سبقا في عالم الجريمة والرعب والقتل، أمّا أن يحقّق الفيلم سبقا في عالم الفداء وأن يحقّق كل هذه الخسائر البشرية وتدمير المعدات لهذا المتبرّع الجبان، فهذا لم يكن بحسبان، وأنّى له تعويض ما هو أضعاف أضعاف تكلفة تهيئة المكان، وما تجرّه أيضا تداعيات هذا الفيلم على صعيد حضارة الإنسان كثيرة ويضيق لها هذا المكان.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الدمار غزة جرائم دمار مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة من الأطفال هذا الفیلم أن یحق ق فی عالم

إقرأ أيضاً:

5 أبراج فلكية تحب الصحراء والتخييم في الغابات.. بتدور على الرعب

بعيدًا عن ضوضاء المدينة، يسعى مواليد بعض الأبراج إلى هدوء الصحراء المرعب والتخييم فوق الجبال الشاهقة، لا يعرف الوسط المحيط بهم كيف يفكرون، هل رغبتهم هي تدفق الأدرينالين الذي يمكن الحصول عليه من خلال اكتشاف أماكن جديدة؟ أم الشعور باستكشاف مناطق مجهولة واختبار أنفسهم بمغامرات مثيرة وترك المنطقة الآمنة، وعلى أي حال هم يغامرون بالسفر والتأمل في الصحاري دون الإلتفات إلى مخاطرها، فمن هم هؤلاء الأبراج؟ وفق موقع «timesofindia».

برج السرطان

غالبًا ما يُنظر إلى مواليد برج السرطان على أنهم أشخاص حنونون و ودودون، ولكن لديهم أيضًا شغف كبير بالطبيعة والاستكشاف، يجد مواليد برج السرطان مواقع مثل جزر أندامان وجهة مثالية لرحلة ستبقى في ذاكرتهم لسنوات، من خلال السباحة مع الثدييات في المياه الصافية لهذه الجزر، ولديهم هواية السفاري والتخييم الغابات المطيرة المليئة بالعديد من أنواع النباتات والحيوانات، ولقاء القبائل ذات طرق الحياة والتقاليد الفريدة.

برج الأسد

ينجذب مواليد برج الأسد إلى الأحداث المثيرة مثل التخييم في الصحراء والسفر إلى البحار البعيدة والتأمل الشاطئ والاستمتاع بالرياضات المائية مثل التزلج على الماء والطيران الشراعي ومحاولة استكشاف أسواق السلع المستعملة والاستمتاع بالطعام الريفي اللذيذ.

برج العذراء

يبحث مواليد برج العذراء عن المغامرات التي تلبي شغفهم بالإثارة وتروي عطشهم للمعرفة ،من خلال زيارة المواقع التاريخية والثقافات المختلفة، ستشمل هذه العقول الفضولية بالتأكيد المعابد القديمة، والتي تتميز بالهندسة المعمارية المعقدة والمنحوتات المثيرة في الأماكن التي يجب زيارتها.

برج الحمل

يعتبر مواليد برج الحمل من أكثر الأشخاص شغفًا وشجاعة واندفاعًا، ولا يخافون من المخاطرة وهم دائمًا على استعداد لتجربة شيء جديد، يفضلون زيارة الأماكن المرتفعة مثل جبال الهيمالايا الشمالية التي تعد ملعبًا لجميع أنواع الأنشطة التي تضخ الأدرينالين، كما تعد الرحلة إلى البحيرات المرتفعة مثل بانجونج تسو تجربة مذهلة لهم.

برج الجوزاء

يشتهر الجوزاء بفضولهم وتنوعهم وتقديرهم للأشياء المختلفة، لذا فإن رحلة السفاري الصحراوية المليئة بالمغامرات وتأمل السماء وتجربة الرمال الذهبية والاستمرار حتى حلول الليل وظهور كم هائل من النجوم، يعد أفضل تجاربهم.

 

مقالات مشابهة

  • شريف دسوقي: والدي كان رافض دخولي الفن وعملت بمهنة كثيرة لأنفق على نفسي
  • ساكا يثير الرعب في آرسنال.. تعرف على حجم إصابته
  • قام بإصلاحات كثيرة.. الكنيسة الأرثوذكسية تحتفل بذكرى نياحة البابا مرقس الثامن
  • 5 أبراج فلكية تحب الصحراء والتخييم في الغابات.. بتدور على الرعب
  • «المشروعات القومية تدفع عجلة التنمية».. سياسيون: الدولة تحملت أعباء كثيرة للوصول للجمهورية الجديدة
  • هل بر الوالدين يمحو الذنوب ولو كثيرة .. الإفتاء توضح
  • بدر بانون:غادرت الأهلي لأجد راحتي .. وتركت أموالا كثيرة
  • بينتو: أسباب كثيرة تجعل مواجهة قطر «صعبة»!
  • إسرائيل تستعد لسيناريو الرعب في الضفة الغربية
  • لعبة الرعب والبقاء Pacific Drive تتحول إلى برنامج تلفزيوني