إعداد: فرانس24 تابِع إعلان اقرأ المزيد

تطرح الحرب الدائرة في غزة بين حركة حماس وإسرائيل تساؤلات عدة أبرزها مصير عملية السلام، خصوصا مسار حل الدولتين.

ومع إصرار تل أبيب على المضي قدما وبلا هوادة في حربها رغم الضغط الدولي عليها حتى من قبل حليفتها الأمريكية، ارتفعت حصيلة القتلى الفلسطينيين في القطاع لما يقرب 19 ألف قتيل، حسب وزارة الصحة في غزة.

ولعل القلق من انهيار مسار حل الدولتين، مرده التصريحات الأخيرة للمسؤولين الإسرائيليين وما تبعها من ردود فعل دولية غربية خصوصا. من جانبها، قالت الحكومات العربية، لا سيما مصر والأردن، منذ تفجر الحرب في السابع أكتوبر/تشرين الأول إنه يتعين ألا يُطرد الفلسطينيون من الأراضي التي يريدون إقامة دولتهم عليها في المستقبل.

اقرأ أيضارئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية: "حل الدولتين لايزال قابلا للتحقيق"

هذه الضبابية عززها أيضا عدم تقديم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس رؤية واضحة لخطة ما بعد الحرب التي تمت مناقشتها مع المسؤولين الأمريكيين والتي تتولى السلطة بموجبها إدارة القطاع. كما أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو قال إن بلاده لن تقبل بأن تحكم السلطة بشكلها الحالي غزة. واكتفى عباس بالقول إن "الولايات المتحدة الأمريكية تخبرنا أنها تدعم حل الدولتين وأنها ترفض أن تحتل إسرائيل قطاع غزة أو تقتطع أي جزء من أراضيه أو تكون لها سيطرة أمنية على قطاع غزة".

ما هو مسار حل الدولتين؟

تقوم رؤية "حل الدولتين" والتي تعني وجود دولة فلسطينية وأخرى إسرائيلية تتعايشان بسلام، على إقامة دولة فلسطينية ضمن الحدود التي رسمت في أعقاب الحرب العربية الإسرائيلية في 1967. فقد تم حينها رسم الخط الأخضر الذي يحدد الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية التي يطالب الفلسطينيون بها عاصمة لدولتهم.

وفي 1988، أصدر ياسر عرفات إعلان الاستقلال الذي تحدث فيه لأول مرة عن "دولتين لشعبين"، معترفا بذلك بدولة إسرائيل وبسيادتها على 78 بالمئة من أرض فلسطين التاريخية. يحظى هذا الاعتراف بتأييد منظمة التحرير الفلسطينية التي كانت تضم كافة الفصائل والأحزاب الفلسطينية عدا حركتي حماس والجهاد الإسلامي. حيث تعارض حماس، التي لا تعترف بإسرائيل، حل الدولتين وتدعو إلى إقامة دولة فلسطينية على كامل أراضي فلسطين التاريخية.

منذ 1947، تبنت الأمم المتحدة قرارا بتقسيم فلسطين مذيلا بخرائط تحدد حدود الدولتين، فيما شكلت القدس كيانا ثالثا تحت إشراف دولي. رفض القادة العرب هذا المقترح.

وتنص اتفاقيات أوسلو الموقعة عام 1993 على قيام دولة فلسطينية بحلول 1999. في 30 أبريل/ نيسان 2003، عرضت اللجنة الرباعية للشرق الأوسط والتي تضم الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، خارطة طريق تنص على إقامة دولة فلسطينية بحلول 2005، في مقابل إنهاء الانتفاضة وتجميد الاستيطان في الأراضي الفلسطينية.

"يريدون دولة من النهر إلى البحر"

لكن الموقف الإسرائيلي الأخير بعد اندلاع الحرب ضد حماس، بات أكثر تشددا. ففي مقابلة بثتها قناة "سكاي نيوز" البريطانية الخميس، رفضت سفيرة إسرائيل في بريطانيا تسيبي هوتوفلي أي حل يتضمن إقامة دولة فلسطينية.

وردا على سؤال بخصوص إقامة دولة فلسطينية، أجابت هوتوفلي: "قطعا لا". وأضافت: "إسرائيل تعرف ذلك اليوم، وعلى العالم أن يعرف ذلك الآن، السبب في فشل اتفاقات أوسلو هو أن الفلسطينيين لم يرغبوا قط في أن تكون هناك دولة إلى جانب إسرائيل". وتابعت تسيبي هوتوفلي: "يريدون أن تكون لهم دولة من النهر إلى البحر"، أي من نهر الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط.

وتثير عبارة "من النهر إلى البحر، فلسطين حرة"، التي كثيرا ما تتردد في المظاهرات الداعمة للفلسطينيين، الجدل، كما تتم إدانتها بانتظام باعتبارها دعوة إلى تدمير إسرائيل، أو يتم الدفاع عنها باعتبارها دعوة لإنهاء التمييز الذي يُمارس ضد الفلسطينيين. وردا على طلب التعليق على تصريحات السفيرة، أعرب رئيس الحكومة البريطانية ريشي سوناك عن عدم موافقته، مذكرا بموقف المملكة المتحدة المؤيد لحل الدولتين.

02:01 "حل الدولتين بعد 7 أكتوبر مكافأة لحماس"

والجمعة، نقلت صحيفة "ذي تايمز أوف إسرائيل The Times of Israel" عن مسؤولين إسرائيليين دعوتهم سرا الرئيس الأمريكي جو بايدن، إلى الامتناع عن الحديث علنا عن مسار حل الدولتين. وأضافت الصحيفة أن مسؤولا أمريكيا قال إن رسالة إسرائيل هذه لا يعبر عنها فقط نتانياهو بل أعضاء آخرون في حكومة الحرب بمن فيهم بيني غانتس ويائير لابيد.

كما لفتت "ذي تايمز أوف إسرائيل" إلى تصريح مسؤول إسرائيلي آخر قال فيه إن "حل الدولتين بعد ما حدث في 7 أكتوبر/تشرين الأول هو مكافأة لحماس". وتابع: "نتانياهو يقول ذلك بصوت عال وصريح، إسرائيل ليست متحمسة لفكرة الدولتين". تضيف الصحيفة أيضا: "حتى قبل بدء الحرب، كان غانتس يتحدث عن حل الكيانين متجنبا استخدام مصطلح الدولة لوصف الكيان الفلسطيني الذي سيوافق عليه".

وفي ظل الموقف المتشدد للحكومة الإسرائيلية من مسار حل الدولتين، حذر الرئيس الأمريكي جو بايدن الثلاثاء نتانياهو من أن الدولة العبرية بصدد خسارة الدعم العالمي لحربها ضد حماس بسبب قصفها "العشوائي" لقطاع غزة.

وفي أشد انتقاد يوجهه لنتانياهو منذ اندلاع الحرب الحالية، قال بايدن خلال فعالية انتخابية في واشنطن إنه ينبغي على رئيس الوزراء الإسرائيلي "تغيير" موقفه بشأن حل الدولتين. ودعا بايدن نتانياهو إلى "تغيير" حكومته بغية إيجاد حل على المدى الطويل للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي. واعتبر أن إسرائيل التي تقصف بعنف قطاع غزة، بدأت تفقد تأييد الرأي العام العالمي.

بايدن يحذر إسرائيل من تراجع الدعم الدولي لحربها

عبر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في 3 ديسمبر/كانون الأول عن موقف بلاده من مسار حل الدولتين، قائلا إن الولايات المتحدة ستستمر في معارضة إقامة مستوطنات جديدة في الضفة الغربية المحتلة. وصرح بلينكن أمام "جاي ستريت" (J Street) وهي مجموعة ضغط أمريكية تقدمية مساندة لإسرائيل: "سنواصل أيضا معارضة لا لبس فيها لأي أعمال تقوض آفاق حل الدولتين بما يشمل مثلا توسيع المستوطنات أو خطوات في اتجاه ضم الضفة الغربية أو تغيير في الوضع التاريخي القائم للمواقع المقدسة وعمليات الهدم والإخلاء والتحريض على العنف".

اقرأ أيضابلينكن: الولايات المتحدة ستواصل دعم حل الدولتين وتعارض إقامة مستوطنات إسرائيلية جديدة

وقال بلينكن إن بلاده تعتزم العمل عن كثب مع حكومة إسرائيل الجديدة، ومواصلة دعم حل الدولتين من أجل إنهاء الصراع المستمر منذ عقود مع الفلسطينيين. مؤكدا أن الرئيس بايدن لا يزال ملتزما "بتحقيق الهدف الدائم للدولتين، نعتقد أن الفلسطينيين والإسرائيليين، مثل الناس في كل مكان، لهم نفس الحقوق ونفس الفرص".

من جهتها، قالت كامالا هاريس نائبة الرئيس الأمريكي في 2 ديسمبر/كانون الأول إنه بمجرد انتهاء الحرب، ينبغي متابعة جهود إعادة البناء بهدف تحقيق حل الدولتين الذي تعيش فيه إسرائيل والفلسطينيون في سلام.

وأفادت وكالة أنباء الإمارات أن بايدن ورئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد استعرضا خلال اتصال هاتفي في 29 نوفمبر/تشرين الثاني "أهمية العمل على الوقف الدائم لإطلاق النار في قطاع غزة وضمان آليات دائمة وآمنة لإيصال المساعدات الإنسانية إلى سكان القطاع دون عوائق". كما شددا على "ضرورة إيجاد أفق للسلام الشامل والعادل والدائم في منطقة الشرق الأوسط على أساس حل الدولتين كونه هو السبيل لتعزيز الأمن والاستقرار والسلام الإقليمي".

"حماس لا تريد السلام ولا حل الدولتين"

بدوره، اعتبر نائب المندوبة الأمريكية روبرت وود قبل أسبوع أن حماس لا تريد السلام ولا حل الدولتين. وقال وود: "في حين تدعم الولايات المتحدة بشدة السلام المستدام الذي يتيح للإسرائيليين والفلسطينيين العيش بأمن وسلام، لا ندعم الدعوات إلى وقف فوري لإطلاق النار"، معتبرا أن ذلك "سيؤدي فقط إلى زرع بذور الحرب المقبلة، لأن لا رغبة لحماس برؤية سلام مستدام أو حل الدولتين".

كما أدانت فرنسا الجمعة "بشدة" قرار الدولة العبرية ترخيص بناء مستوطنات جديدة في القدس الشرقية المحتلة، واعتبرت أن هذا يعرّض للخطر "إمكانية إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة في المستقبل".

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية آن-كلير لوجاندر إن "الاستيطان غير قانوني بموجب القانون الدولي". وتابعت: "من خلال الموافقة على مشاريع بناء مستوطنات جديدة، تقوّض الحكومة الإسرائيلية إمكانية إقامة دولة فلسطينية مستقبلية قابلة للحياة ومتجاورة وتعرض للخطر أفق حل (قيام) الدولتين، وهو الحل الوحيد القادر على تلبية حق إسرائيل في الأمن والتطلعات المشروعة للفلسطينيين في إقامة دولة".

"لإنهاء المعاناة يجب إنهاء الاحتلال وتحقيق حل الدولتين"

كذلك، قال المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك الأربعاء خلال مؤتمر صحافي في جنيف إن الفلسطينيين في قطاع غزة يعيشون في "رعب مطلق يتفاقم". وتابع تورك أن وضع حقوق الإنسان في الضفة الغربية المحتلة "مقلق جدا" داعيا السلطات الإسرائيلية إلى اتخاذ خطوات فورية لإنهاء "الإفلات من العقاب على نطاق واسع" عن الانتهاكات.

وأضاف أن "السبيل الوحيد لإنهاء المعاناة المتراكمة هو إنهاء الاحتلال وتحقيق حل الدولتين". وقال تورك إنه التقى فلسطينيين وإسرائيليين يريدون مستقبلا سلميا للطرفين وحاليا لا يتم الاستماع لأصواتهم. وأضاف: "آمل أن يكونوا أقوى بكثير في المستقبل". وخلص إلى القول "هناك شيء واضح جدا، لا يمكن أن يعود الأمر إلى ما كان عليه".

ودعت الأمم المتحدة في 29 نوفمبر/تشرين الثاني المجتمع الدولي إلى التحرك نحو حل الدولتين لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي قائلة إن القدس يجب أن تكون عاصمة للدولتين. وقالت تاتيانا فالوفايا المديرة العامة لمكتب الأمم المتحدة في جنيف في كلمة كتبها الأمين العام أنطونيو غوتيريس: "مضى وقت طويل منذ كان علينا التحرك بطريقة حازمة ولا رجعة فيها نحو حل الدولتين، على أساس قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي". وأضافت أن هذا يعني "تعايش إسرائيل وفلسطين جنبا إلى جنب في سلام وأمن مع أن تصبح القدس عاصمة للدولتين".

السيسي: "لا بد من الاعتراف بالدولة الفلسطينية"

وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قال في 24 نوفمبر/تشرين الثاني، إن "إحياء مسار حل الدولتين فكرة استنفدت ولا بد من الاعتراف بالدولة الفلسطينية". وأكد السيسي أنه "لا بد من تحرك بشكل مختلف وهو الاعتراف بالدولة الفلسطينية وإدخالها الأمم المتحدة... هذا يعطي جدية".

كما اتفق الاتحاد الأوروبي ودول عربية خلال اجتماع بإسبانيا في 27 نوفمبر/تشرين الثاني على أهمية حل الدولتين لإنهاء النزاع الفلسطيني الإسرائيلي. وقال مسؤول السياسة الخارجية في التكتل جوزيب بوريل إن جميع أعضاء التكتل الذين حضروا "منتدى الاتحاد من أجل المتوسط" ​​في برشلونة، وكل الحضور تقريبا، اتفقوا على الحاجة إلى حل الدولتين.

اقرأ أيضاتوافق "عربي أوروبي" على أهمية حل الدولتين لإنهاء النزاع الإسرائيلي الفلسطيني

بدورهم، كرر قادة دول مجموعة السبع الذي اجتمعوا الأربعاء دعمهم قيام دولة فلسطينية. وقالوا في بيان: "نحن عازمون على العمل بتنسيق وثيق مع شركائنا بهدف المساهمة في توفير الظروف الضرورية سعيا إلى حلول دائمة على المدى البعيد لغزة"، مؤكدين "الحاجة إلى العودة لعملية سلام أكثر شمولا". وأضافوا: "نظل متمسكين بدولة فلسطينية في إطار حل (وفق مبدأ) الدولتين، يمكّن الإسرائيليين والفلسطينيين من العيش في سلام عادل ودائم وآمن".

الصين تريد تسوية النزاع عن طريق حل الدولتين

بدوره، أكد وزير الخارجية الصيني وانغ يي دعوات بكين لتسوية النزاع عن طريق حل الدولتين، مشددا على أن "أي ترتيب يتضمن مستقبل فلسطين يجب أن يعكس إرادة الشعب الفلسطيني". 

ودعت الصين مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في 30 نوفمبر/تشرين الثاني إلى وضع جدول زمني وخارطة طريق واقعيين لحل الدولتين من أجل تحقيق تسوية "شاملة وعادلة ودائمة" للقضية الفلسطينية.

وفي 6 ديسمبر/كانون الأول، قال مكتب وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون، إن بريطانيا والولايات المتحدة يمكنهما العمل من أجل التوصل إلى حل طويل الأمد قائم على الدولتين والذي يسمح لكل من إسرائيل والفلسطينيين بالتعايش في سلام.

أردوغان: "نحتاج للتركيز على حل الدولتين"

وفي تركيا، نقلت قناة "إن.تي.في" السبت 2 ديسمبر/كانون الأول عن الرئيس رجب طيب أردوغان قوله إن فرصة تحقيق السلام في غزة بعد الهدنة الإنسانية فقدت في الوقت الحالي بسبب نهج إسرائيل المتشدد. وقال أردوغان في مقابلة مع القناة: "نحن بحاجة إلى التركيز على حل الدولتين... إقصاء حماس أو تدميرها ليس احتمالا واقعيا"، مضيفا أنه لن يصنف حماس منظمة إرهابية.

هذا، وخلصت الباحثة الأمريكية الفلسطينية أماني جمال الأستاذة في جامعة برينستون استنادا إلى استطلاع للرأي أجري في الأراضي الفلسطينية وأنجز قبل يوم من هجوم حركة حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول ، إلى أن الفلسطينيين يعزون معاناتهم إلى "الاحتلال" الإسرائيلي و"تسلط" الفصائل الفلسطينية في آن.

وأفادت الباحثة أنه قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول كان "80 بالمئة" من الفلسطينيين المستطلعين يتمنون تسوية دبلوماسية مع إسرائيل، مع تأييد "56 بالمئة منهم حلا على أساس دولتين، والنسبة المتبقية حلا بدولة واحدة أو كونفدرالية".

ورأت الباحثة بأن "سكان غزة يبدون انفتاحا على حل الدولتين، على مصالحة سلمية مع إسرائيل على أساس حدود 1967". ولفتت إلى أن "الـ20 بالمئة" المتبقين وحدهم يميلون إلى "المقاومة المسلحة".

فرانس24/ أ ف ب/ رويترز

المصدر: فرانس24

كلمات دلالية: الحرب بين حماس وإسرائيل قمة المناخ 28 الحرب في أوكرانيا ريبورتاج مسار السلام النزاع الإسرائيلي الفلسطيني الحرب بين حماس وإسرائيل للمزيد الحرب بين حماس وإسرائيل إسرائيل غزة الجيش النزاع الإسرائيلي الفلسطيني الجزائر مصر المغرب السعودية تونس العراق الأردن لبنان تركيا نوفمبر تشرین الثانی إقامة دولة فلسطینیة أکتوبر تشرین الأول دیسمبر کانون الأول الولایات المتحدة مسار حل الدولتین الضفة الغربیة الأمم المتحدة إلى البحر قطاع غزة على أساس فی سلام من أجل إلى حل فی غزة

إقرأ أيضاً:

اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وغزة معلّق بخيط رفيع

كان ظهور مقاتلي حماس المدجّجين بالسلاح في أثناء تسليم الرهائن الثلاثة الإسرائيليين المحتجزين في غزة منذ السابع من أكتوبر 2023 إلى الصليب الأحمر يوم الأحد بمثابة تذكير كريه، لمن يحتاج إلى تذكير، بأن اتفاق وقف إطلاق النار الذي اتفق عليه الأسبوع الماضي معلّق بخيط رفيع - وقد يتهاوى في أي لحظة.

تكمن المشكلة الأساسية، مستقبلًا، في أنه لا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ولا قيادة حماس المعاد تشكيلها، يريدان حقا للهدنة أن تستمر. فقد قام دونالد ترامب ومبعوثه إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف بإرغام نتنياهو -وهو مجازيا يركل ويصيح- فوافق على الصفقة.

فعلى مدى أشهر عديدة، قاوم نتنياهو -وهو نفسه رهينة لدى حلفاء الائتلاف اليميني المتطرف- المقترحات التي طرحها الرئيس الأمريكي آنذاك جو بايدن في مايو الماضي. ولكن هل من المعقول أن نفترض أن نتنياهو قد يتخلى عن هذه التهدئة؟ ويبدو الآن أن موافقته التي يحتمل أن تكون مؤقتة ناجمة إلى حد كبير عن رغبته في ألا يفسد حفل تنصيب ترامب في واشنطن.

لقد تردد، قبل حتى أن يجف حبر الصفقة، أن نتنياهو طمأن الوزراء الساخطين إلى أن وقف إطلاق النار مؤقت وأنه لا ينوي احترام شروطه بالكامل. ويقال إنه وعد المتشددين إيتمار بن غفير، الذي استقال احتجاجا، وبتسلئيل سموتريتش، الذي يهدد بذلك، بأنه سوف يستأنف الحرب عما قريب.

من المقرر أن تستمر المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار ستة أسابيع. ويجب أن تبدأ المفاوضات بشأن المرحلة الثانية، التي تدعو إلى الانسحاب العسكري الإسرائيلي الكامل وتحرير جميع الرهائن الأحياء في مقابل إطلاق سراح المزيد من السجناء الفلسطينيين، في موعد لا يتجاوز خمسة عشر يوما من الآن. ومن المستبعد أن تبدأ هذه المفاوضات.

فقد كتب أمير تيبون، المحلل في صحيفة هآرتس يقول إن «لدى نتنياهو طريقتين لإغراق الاتفاق وإيجاد ذريعة لتجديد الحرب. الأولى هي ببساطة تعطيل مفاوضات المرحلة الثانية... وإضاعة الوقت. وقد مارس هذا مرات عدة مع فريق بايدن الذي اتسم إما بالضعف الشديد أو العزوف عن الاعتراف بحقيقة هذا التخريب».

«والثانية هي إثارة اندلاع العنف في الضفة الغربية. وقد اشتعلت النيران هناك بالفعل، إذ أشعل المستوطنون المتطرفون النار في المنازل والسيارات في العديد من القرى الفلسطينية ليلة الأحد، في الوقت الذي كان فيه ملايين الإسرائيليين يحتفلون بعودة الرهائن الثلاثة».

وما عنف الضفة الغربية، سواء أثير عمدا أم لا، سوى أحد المحفزات المحتملة لاستراتيجية التخريب. قد يزعم نتنياهو أن حماس لا تمتثل للاتفاق، ولقد فعل ذلك بالفعل في نهاية الأسبوع، معطلا بدء وقف إطلاق النار لعدة ساعات. ومن بين الاحتمالات الأخرى التي علينا أن ننتظرها اندلاع اشتباكات مفاجئة وعشوائية قد تؤدي إلى تمزيق الهدنة في غزة و/أو لبنان.

الحق أن نتنياهو يواجه خيارا مصيريا خلال الأسبوعين المقبلين أو نحو ذلك. فمن خلال التخلي عن وقف إطلاق النار، قد يسترضي اليمين، ويحافظ على تماسك ائتلافه، ويستبقي نفسه في السلطة، ويتجنب التحقيقات في سياسته قبل السابع من أكتوبر القائمة على التسامح مع حماس وفشله في وقف أسوأ هجوم على اليهود منذ عام 1945. وفي حال استئناف الحرب، فلديه كما يقول وعد من ترامب بمدد غير محدود من الأسلحة.

أو قد يراهن على السلام، ويواجه غضب اليمين المتطرف ويخاطر بانهيار حكومته وبانتخابات مبكرة. ومن المتوقع أن يخوض نتنياهو حملته الانتخابية بصفته زعيم الحرب الذي هزم حماس، وأعاد بعض الرهائن إلى الوطن، وسحق حزب الله في لبنان، وألحق بإيران الضرر الكبير مرتين.

وبما أنه يقال إن نحو 60% إلى 70% من الناخبين الإسرائيليين يفضلون إنهاء الحرب، فمن المحتمل أن يخرج نتنياهو على عادته طول عمره السياسي ويفعل الصواب. ومن شأن سلام دائم أن يكسبه نقاطًا إضافية لدى البيت الأبيض، ويمهد الطريق لترامب كي يواصل مشروعه المفضل، أي تطبيع العلاقات بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية وعزل إيران بوسائل غير عسكرية.

لكن المشكلة تكمن في أن حماس وحلفاءها من مسلحي الجهاد الإسلامي في غزة لا يريدون أيضًا لوقف إطلاق النار أن يستمر.

وقد وجَّهت استعراضها للقوة يوم الأحد، وإن كان محدودًا للغاية، رسالة استفزازية مفادها أن حماس نجت، وأنها لا تزال تسيطر على بقية الرهائن، وأنه لم تخلفها حتى الآن أي سلطة في غزة. وفي بيان صدر يوم الاثنين، تعهدت حماس بأن غزة «سوف تنهض من جديد» - تحت وصايتها المشكوك فيها.

ثمة حديث كثير عن إدارة مؤقتة من التكنوقراط مدعومة من مصر وقطر، وعن تولي السلطة الفلسطينية (التي تدير الضفة الغربية من الناحية النظرية) المسؤولية عن غزة. ولكن في الوقت الراهن، ليس لدى أحد السلطة أو الاستعداد لتولي الحكم - وحماس، بطبيعة الحال، تملأ الفراغ في السلطة. ويلام نتنياهو جزئيا في ذلك. فقد رفض لمدة خمسة عشر شهرا وضع خطط «اليوم التالي» أو حتى مناقشتها.

وحينما ننظر قدمًا إلى الأسابيع المقبلة، نجد أن الأمن في غزة قد يصبح قضية بالغة الأهمية مع عودة عشرات الآلاف من النازحين والجياع إلى منازلهم المحطمة وأحيائهم المدمرة وبدء محاولات استئناف حياتهم. وسوف تحاول حماس السيطرة على توزيع مساعدات الأمم المتحدة والوكالات المتحالفة معها، مثلما تسيطر على إطلاق سراح الرهائن من خلال الصليب الأحمر. وقد يتسبب هذا في تعميق الاضطراب وتصاعد الصراع الداخلي.

في الوقت نفسه، من المتوقع أن تبدأ حماس بسرعة في إعادة بناء قدراتها العسكرية، وقد ازدادت عزما عن ذي قبل، بعد الضربة القاضية التي تلقتها، على تكبيد إسرائيل ثمنا باهظا، فهي لا تزال على وعدها بتدميرها. وقد أشارت صحيفة تايمز أوف إسرائيل إلى أن «صور مقاتلي حماس كانت تذكيرا صارخا بأن الجماعة الإرهابية لا تزال مسؤولة عن غزة».

وقالت الصحيفة: إن المسؤولين الإسرائيليين يقدرون أن اثنتين فقط من كتائب الجماعة الأربع والعشرين لا تزالان تعملان.

ولكن يقال إن حماس تعيد تجميع صفوفها تحت قيادة محمد السنوار، الأخ الأصغر ليحيى السنوار، العقل المدبر لأحداث السابع من أكتوبر الذي قتلته إسرائيل في الخريف الماضي. وقال وزير الخارجية الأمريكي المنتهية ولايته، أنطوني بلينكن الأسبوع الماضي: إن الولايات المتحدة تعتقد أن حماس جندت عددا من المقاتلين يساوي عدد من فقدتهم منذ بدء الحرب.ومثلما حدث في أزمات سابقة في الشرق الأوسط، ربما كان من المتوقع أن يتدخل الرئيس الأمريكي في هذه المرحلة الحرجة لضمان التزام الجانبين بكلمتهما فيصبح وقف إطلاق النار سلاما دائما. لكن ترامب ليس من هذا النوع من الرؤساء. فقد كان يخشى من أن تطغى الحرب على يومه المنتظر. والآن سينصرف انتباهه إلى جهة أخرى. فهو لا يطرح خطة أو أفكارا جديدة - وكل ما يطرحه لا يعدو قوائم أمنيات وتهديدات وتحيزات.

وإذا ما قرر زعماء إسرائيل وحماس معاودة القتال في الأسابيع والأشهر المقبلة، فقد لا يكون ثمة من يوقفهم - برغم حقيقة أن معظم الإسرائيليين والفلسطينيين والعالم المتابع يتوقون إلى السلام.

مقالات مشابهة

  • إعمار غزة أولاً ثم المصالحة الفلسطينية ثانياً
  • خبير سياسي: مصر أفشلت خطة إسرائيل لطرد الفلسطينيين من غزة بعد هجوم «7 أكتوبر»
  • اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وغزة معلّق بخيط رفيع
  • لا مجال لعودة السلطة الفلسطينية..إسرائيل تؤكد استمرار سيطرتها على معبر رفح
  • فور نهاية الحرب..قطر: نأمل عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة
  • رئيس الحكومة الفلسطينية يكشف خطوات التصعيد ضد إسرائيل
  • القيادية الفلسطينية المحررة خالدة جرار: إسرائيل لا تعامل الأسرى كبشر
  • نبيل فهمي: الموقف السعودي جيد ويتحدث عن التطبيع عند إقامة دولة فلسطينية فقط
  • الفلسطينيون لا يريدون التعايش..سفير ترامب في إسرائيل يرفض حل الدولتين
  • كيف نجت حماس من عام الحرب ضد إسرائيل؟