إيكونوميست: ضعف النظام الإيراني يجعله أكثر مرونة ويمكنه احتواؤه
تاريخ النشر: 15th, December 2023 GMT
نشرت مجلة "إيكونوميست" تقريرا قالت فيه مقالا قالت فيه إنه قبل اثني عشر شهرا، كانت إيران تعاني من الاحتجاجات التي أشعلتها وفاة شابة في الحجز بعد أن ألقي القبض عليها بسبب ظهور شعرها.
وأصبح نظامها الثيوقراطي معزولا على نحو متزايد، حيث أقامت الدول العربية علاقات أوثق مع عدوتها إسرائيل. كما أن اقتصادها في حالة من الفوضى، مما زاد من الغضب الشعبي تجاه المرشد الأعلى الإيراني المسن والرئيس غير الكفؤ.
وفي كثير من النواحي، يبدو موقفها أقوى اليوم، منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر، يقاتل وكلاء إيران إسرائيل ويهاجمون القوات الأمريكية في سوريا والعراق. ومع ذلك، تمكن النظام من الحفاظ على الانفراج الأخير مع السعودية، كما أن التقارب السعودي مع إسرائيل معلق، على الأقل في الوقت الحالي.
وقامت إيران بتعميق علاقاتها مع روسيا من خلال بيع طائرات مسيرة لها. ورغم أن إيران تقترب من التحول إلى دولة مسلحة نوويا، فتقوم بتخصيب المزيد والمزيد من اليورانيوم إلى درجة نقاء 60%، إلا أن أميركا خففت من العقوبات المفروضة على النفط. وتضخ إيران الآن أكثر من 3.4 مليون برميل يوميا، وهو أعلى مستوى منذ خمس سنوات.
ومع ذلك، إذا نظرنا بشكل أكثر جدية، فسنجد أن نقاط ضعف إيران واضحة. ورغم أن الميليشيات الوكيلة عنها انضمت إلى المعركة للدفاع عن حماس في غزة، إلا أن جهودها كانت فاترة.
وتعلق المجلة ان إيران أصبحت محاصرة من قبل أمريكا، التي أرسلت مجموعتين من حاملات الطائرات إلى الشرق الأوسط. ويبدو أن هذا قد ردع إيران عن إصدار الأوامر لحزب الله، وكيلها اللبناني، بتصعيد الحرب على غزة. وهي تعلم أن أي شيء أكثر من مجرد شن هجمات رمزية على إسرائيل من شأنه أن ينطوي على مخاطر رد فعل مدمر.
يتذمر قادة حماس من دعم طهران الضعيف. يقول إنريكي مورا، مبعوث الاتحاد الأوروبي لإيران: "إما أن يفقدوا ماء وجههم، أو يفقدوا ذراعهم. لقد قرروا أن يفقدوا ماء وجههم."
والاقتصاد الإيراني أسوأ مما يبدو أيضا. وتضخ البلاد المزيد من النفط، لكن عائدات بيعه غالبا ما تبقى في الخارج. والريال أضعف بنسبة 25% عما كان عليه قبل عام. ولا يزال التضخم فوق 40%. ولا تستطيع روسيا أن تقدم الكثير من الاستثمارات، إن وجدت، ولن تفعل الصين ذلك بينما تخضع إيران للعقوبات الأمريكية.
علي خامنئي، المرشد الأعلى، يبلغ من العمر 84 عاما. وستكون خلافته محفوفة بالمخاطر: فالمرشحون المحتملون لا يتمتعون بشعبية، أو كفاءة، أو كليهما. يقول أحد المحللين الإيرانيين عن النظام: "قد تعتقد أنهم واثقون من النظام. لكنهم متوترون للغاية."
وترى المجلة أن هذا الواقع يجب أن يوجه السياسة الأمريكية. يريد البعض أن يحاول الرئيس جو بايدن إحياء الاتفاق النووي المهجور في عام 2024. لكن إيران لن تعقد صفقة كبيرة مع رئيس قد يحل محله دونالد ترامب قريبا.
وبدلا من ذلك، ينبغي لأمريكا أن تستمر في التركيز على وقف التصعيد. وهذا يعني الاستمرار في إظهار القوة. وينبغي لها أن تواصل الضغط العسكري على إيران ووكلائها، وأن تشكل تحالفا دوليا لردع الحوثيين في اليمن عن شن المزيد من الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر (ويقال إن المحادثات حول تشكيل مثل هذا التحالف جارية).
ومن ناحية أخرى، تعلق المجلة، يتعين على أمريكا أن تستأنف المحادثات غير المباشرة مع إيران. ويتعين عليها أن تركز على الاستقرار الإقليمي، والضغط من أجل التوصل إلى اتفاق يقضي بتحريك حزب الله لقواته شمال نهر الليطاني في لبنان، وبالتالي تجنب حرب أكبر مع إسرائيل.
وقد يكون ذلك نقطة انطلاق لمفاوضات أوسع نطاقا. يجب على بايدن تجنب العودة إلى سياسة سلفه الفاشلة المتمثلة في "أقصى قدر من الضغط" وترك الباب مفتوحا أمام اتفاق يحد من برنامج إيران النووي وتدخلها في المنطقة.
وتقول إن إيران أمامها خيار، فالميليشيات التي ترعاها في بلدان أخرى تهدد الآن مصالحها الخاصة. لقد عرّضوا جهود وقف التصعيد للخطر. كما كلفتها 6 مليارات دولار على شكل عائدات النفط المجمدة التي كانت على وشك إطلاق سراحها بعد تبادل الأسرى مع أمريكا قبل أسابيع قليلة من 7 تشرين الأول/ أكتوبر.
بل إن أميركا هددت بمهاجمة إيران مباشرة إذا لم تتمكن من كبح جماح حزب الله. وبدلا من إبقاء الصراع بعيدا عن حدود إيران، كما كان من المفترض أن يفعلوا ذلك، فإن وكلاءها يخاطرون الآن بتقريبه.
وتختم المجلة بالقول "الإيرانيون مضطربون. تلوح في الأفق مرحلة انتقالية صعبة. فالنظام، كما هو الحال دائما، يهتم أكثر من غيره باستقراره، وهو ما يمكن أن يخدمه على أفضل وجه من خلال تخفيف حماسته الثورية في الخارج. ومن البديهي أن يكون هذا بمثابة مصدر راحة لجيرانها أيضا".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية إيران روسيا علي خامنئي إيران روسيا علي خامنئي الحرب على غزة النظام الإيراني سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
هل تخلت إسرائيل عن ضرب منشآت إيران النووية بسبب ترامب؟
في ظل المحادثات الجارية بين الولايات المتحدة وإيران حول الاتفاق النووي، يبدو أن إسرائيل غيرت موقفها من شن هجوم عسكري على المنشآت النووية الإيرانية، بعد دخول الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، فثمة تحول في الاستراتيجية الإسرائيلية، حيث تفضل الآن الطريق الدبلوماسي على الخيار العسكري.
هكذا يعتقد المحلل السياسي لصحيفة "يديعوت أحرنوت" الإسرائيلية، إيتمار آيخنر، ففي تقرير له يذكّر بأن إسرائيل عارضت لسنوات طويلة أي اتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي، معتبرة أن طهران تسعى إلى تطوير أسلحة نووية تحت غطاء برنامجها النووي السلمي.
وقد قدمت إسرائيل أدلة ووثائق، مثل ما أسماه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو "الأرشيف النووي"، لتأكيد انتهاكات إيران للاتفاق النووي الموقع في 2015، والذي انسحبت منه الولايات المتحدة في 2018 تحت إدارة ترامب الأولى.
دبلوماسية بديلا للتهديدويقول آيخنر إن إسرائيل كانت دائما تفضل خيار الضربات العسكرية كوسيلة لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية. ومع ذلك، يبدو أن التهديدات المتكررة بشن هجوم مشترك مع الولايات المتحدة قد تراجعت في ظل التطورات الأخيرة، خاصة بعد أن بدأت إدارة ترامب محادثات مع طهران.
إعلانفمع عودة ترامب إلى السلطة، بدأت الولايات المتحدة في إجراء محادثات مع إيران عبر وسيط سويسري، مما أدى إلى تغيير في حسابات إسرائيل.
ووفقا للتقرير، فإن إسرائيل، التي كانت تعارض أي اتفاق مع إيران، أصبحت الآن أكثر انفتاحا على الخيار الدبلوماسي، شريطة أن يمنع الاتفاق إيران من الحصول على أسلحة نووية.
وقد أعلن ترامب مؤخرا أنه أرسل رسالة إلى المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي يدعوه فيها إلى التفاوض على اتفاق نووي جديد. وقال ترامب في مقابلة مع قناة فوكس نيوز "آمل أن تجري مفاوضات، لأنها ستكون أفضل بكثير لإيران". هذه الخطوة جاءت بعد أن اتصلت إيران بالولايات المتحدة عبر سويسرا لاستكشاف إمكانية إجراء محادثات.
كما واصل ترامب تهديداته ضد إيران، حيث قال في تصريحات صحفية "نحن في المراحل النهائية مع إيران، سيكون الأمر مثيرا للاهتمام، نحن في اللحظات الأخيرة.. على أي حال، ستكون مشكلة كبيرة. إنه وقت مثير للاهتمام في تاريخ العالم، ولكن هناك وضع مع إيران أن شيئا ما سيحدث قريبا، قريبا جدا".
خيارات إسرائيلووفقا للمحلل السياسي، فإن إسرائيل تدرس في الوقت الحالي عدة خيارات للتعامل مع الملف النووي الإيراني، بما في ذلك فرض عقوبات أكثر صرامة، والحفاظ على خيار عسكري ذي مصداقية، ودعم المحادثات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة وإيران.
ويضيف "وعلى الرغم من أن إسرائيل لا تثق تماما في إيران، إلا أنها لا تستبعد إمكانية التوصل إلى اتفاق جديد إذا كان ذلك سيحقق الهدف الأساسي المتمثل في منع طهران من امتلاك أسلحة نووية".
ويلفت في هذا السياق إلى تصريح مسؤول إسرائيلي لصحيفة واشنطن بوست بأن إسرائيل كانت قد صاغت خططا لهجوم مشترك مع الولايات المتحدة ضد المنشآت النووية الإيرانية بعد هجوم أكتوبر الأخير. ومع ذلك، فإن التطورات الأخيرة تشير إلى أن إسرائيل تفضل الآن المسار الدبلوماسي، خاصة في ظل التنسيق الكبير بين واشنطن وتل أبيب فيما يتعلق بالتعامل مع إيران.
إعلانويقول المحلل السياسي إنه على الرغم من التحول نحو الدبلوماسية، فإن إسرائيل لا تزال تحتفظ بخيار الضربة العسكرية كاحتمال قائم، مشيرا في هذا السياق إلى أن إسرائيل أجرت مؤخرا مناورات عسكرية مشتركة مع الولايات المتحدة، حيث شاركت طائرات مقاتلة إسرائيلية مع قاذفات أميركية.
ويؤكد أن "هذه المناورات، التي تحدث في ظل إدارة ترامب، تهدف إلى إرسال رسالة واضحة إلى إيران مفادها أن الدولتين منسقتان وتريدان تحقيق نفس الهدف، بغض النظر عن الطريق الذي سيتم اختياره".
ويسلط آيخنر الضوء على التصريحات الإيرانية المضادة، ومنها تصريح وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي لوكالة الأنباء الفرنسية، حينما قال إن برنامج إيران النووي لا يمكن تدميره بعمل عسكري، مشيرا إلى أن إيران لن تتردد في الرد بشكل حاسم إذا تعرضت منشآتها النووية للهجوم، وأن أي هجوم إسرائيلي على إيران سيؤدي إلى اندلاع حريق واسع في الشرق الأوسط.
ويلفت إلى رغبة إيران الحقيقية في التوصل لاتفاق نووي مع الغرب، لأن من شأن ذلك أن يؤدي إلى رفع العقوبات وتحسين الوضع الاقتصادي في البلاد.
ولكن آيخنر الذي يرى أن "الثقة بين الطرفين لا تزال في أدنى مستوياتها، مما يجعل أي تقدم نحو اتفاق نووي جديد تحديا كبيرا"، يؤكد أن الخيارات مفتوحة، سواء كانت دبلوماسية أو عسكرية بالتنسيق مع الولايات المتحدة.
ويختم المحلل السياسي تقريره، قائلا "مع استمرار المحادثات والتهديدات يبقى مستقبل العلاقات بين هذه الأطراف غير مؤكد، لكن التطورات الأخيرة تشير إلى أن الدبلوماسية قد تكون الطريق الأفضل لتحقيق الاستقرار في المنطقة".