الأميرة رشا يسري تكتب.. امتحان الوعي وفرحة الانتصار
تاريخ النشر: 15th, December 2023 GMT
لقد بدا واضحاً أن فرحة المصريين بإنجاز الانتخابات الرئاسية فى إنجاح المرشح الرئاسى بمنصب رئيس الجمهورية متوازية مع فرحتهم بنجاح الشعب نفسه فى امتحان الوعى. وجاءت التغطية الإعلامية بكل جوانبها وهى ترصد مظاهر هذا الفرح بين فئات الشعب المختلفة، كاشفة لفرحة المصريين بهذا الإنجاز فى وقت يُحاصر فيه التوتر حدود مصر الأربعة، للتأكيد على أن مصر بخير.
يأتى ذلك متزامناً مع نجاح الأحزاب فى اختبار التعدّدية الحزبية.. إنه نجاح للحوار الوطنى بامتياز، وتألق لا مثيل له فى تضافر جهود ومؤسسات الدولة فى إنجاح هذا الحدث المهم فى لحظة تاريخية تمر بها الدولة المصرية الجديدة.
إن رصد نجاحات هذا الحدث العظيم «الانتخابات الرئاسية» ليس بالأمر الهين، فقد تعدّدت الجوانب وتعدّدت النجوم، ولكن العزاء الوحيد أن القمة حقاً قد استوعبت الجميع.. فقد شكل الشعب المصرى صورة للنجوم تلألأت فى سماء الوطن، صورها لنا ونقلها نجوم الإعلام من القنوات الفضائية والصحف المصرية عبر صحفيين وإعلاميين كانت أعينهم خير ناقل لهذه الصورة البديعة، بجهود متفانية من مؤسسات الدولة جميعها دون استثناء، كل فى مكانه، فنجوم هذا الحدث قد بعثت من خلال تصدّرها هذا المشهد رسالة إلى العالم بأن مصر قوية بشعبها ومؤسساتها، وأن وعى الشعب المصرى وإدراكه للتحديات التى تواجهها بلاده وصلت إلى حدها الأقصى، وتمت ترجمتها عملياً فى هذا الصندوق الصغير الذى يحمل أحلام الوطن، فهنيئاً لمصر بشعبها ومؤسساتها ذلك النجاح منقطع النظير..
إن النجاح الساحق للإعلام المصرى كان علامة فارقة فى هذا الحدث، فهو الضوء الساطع الذى تم تسليطه من أجل إبراز جهود الدولة التى وفّرتها لإنجاح وتيسير سُبل العملية الانتخابية وبث لنا عبر القنوات الفضائية ببراعة مشاهد اصطفاف المصريين أمام اللجان، للإدلاء بأصواتهم من شتى أنحاء مصر، من سيناء الحبيبة، ومن حلايب وشلاتين، ومن الوادى الجديد، من مرسى مطروح، صورة بديعة حقاً جذبت أعين العالم لمتابعة هذا الحدث الكبير..
تسيد جزءاً كبيراً من هذا المشهد الانتخابى فى قلبى دور نساء مصر، عظيمات مصر.. إن المرأة المصرية ضربت مثالاً يُحتذى به فى الانتخابات السابقة، بل وكل استحقاق انتخابى بشكل عام وفى الانتخابات الرئاسية الحالية بشكل خاص، فقد أحدثت زخماً غير مسبوق فى الشارع المصرى، لتؤكد حرصها على التمسّك بالمكتسبات التى حصلت عليها وأملها فى المزيد، الأمر الذى كان دافعاً لوجودها بقوة ومشاركتها الفعّالة فى جميع ربوع الوطن، وهذا هو المتوقع من نساء مصر اللائى يثقن فى القيادة السياسية للدولة، ويدركن أهمية الوطن وضرورة مواجهة التحديات والمخططات التى تستهدف مصر، كلمات كبيرة لخّصتها سيدة مصرية عاشقة لوطنها تقيم خارجه حينما قالت لى «مصر فى قلبى ودمى وروحى، وأبسط ما أستطيع أن أقدّمه هو صوتى الانتخابى».
توالت مشاهد النجاحات لتصل إلى الناخبين الجُدد من الشباب ممن أصبح لديهم الحق فى الإدلاء بأصواتهم وتم تسجيلهم فى قوائم الانتخاب حديثاً، فقد سارعوا بتوثيق هذا الحدث الذى اعتبروه بمثابة حدث عظيم يفتخرون به ويضعونه على حساباتهم فى منصات التواصل الاجتماعى، صور وفيديوهات حصرية لأصحابها من براعم الشباب الذين وقفوا فى طوابير مزدحمة أمام اللجان للإدلاء بصوتهم للمرة الأولى، مشاهد عكست حماسهم المحمود لأول استحقاق دستورى فى حياتهم يدلون به، مستخدمين عدسات أجهزتهم المحمولة لتوثيق هذا الحدث، كل منهم مُقدّم قصته الشيقة الفريدة.
إن الدولة المصرية بكل مؤسساتها فى هذا الحدث العظيم «الانتخابات الرئاسية» أثبتت للعالم أنها دولة جديدة فى كل شىء، فتضافر الجهود والتنسيق غير المسبوق بين كل مؤسسات الدولة تقف وراءه مجهودات مضنية قام بها رجالات الدولة من جنود مجهولين لا نعلمهم.. ولكن الله يعلم صدق نواياهم وحرص قلوبهم على الوطن.
تحية واجبة لهؤلاء الذين يقفون دائماً خلف الكواليس ويضعون نُصب أعينهم مصلحة الوطن. وتحية من قلبى لأبناء الشعب المصرى الذين لم ولن يخذلوا بلادهم أبداً.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: فرحة المصريين الانتخابات الرئاسية الاستحقاق الدستورى الانتخابات الرئاسیة هذا الحدث
إقرأ أيضاً:
هل يمكن أن يعود حظر الحجاب إلى الجامعات التركية؟
صرح وزير التعليم التركي يوسف تكين، قبل أيام، بأن حظر ارتداء الحجاب قد يعود إلى المدارس والجامعات التركية في حال فاز مرشح حزب الشعب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية القادمة. وأشار تكين في جوابه على سؤال الصحفي التركي آدم متان، حول هذا الاحتمال، إلى أن حزب الشعب الجمهوري تقدم عام 2007 إلى المحكمة الدستورية بطلب إلغاء التعديل المتعلق بحرية ارتداء الحجاب في الجامعات، وقال في طلبه آنذاك إن هذه الخطوة يمكن أن تفتح الباب أمام المطالبة بحرية ارتداء الحجاب في الدوائر الحكومية والشرطة والجيش. ولفت الوزير إلى أن هذا حدث قبل بضع سنوات فقط، وليس قبل زمن طويل.
حزب الشعب الجمهوري يحاول أن يظهر نفسه كحزب يحترم قيم المجتمع المسلم والحريات الشخصية، ويقول إن حظر ارتداء الحجاب لن يعود، إلا أن التجارب السابقة والحالية تؤكد أن عقلية هذا الحزب مثل "الذيل الذي لا ينعدل"، ولا يمكن أن تتغير، مهما قال وفعل قبل الانتخابات لكسب أصوات الناخبين المتدينين. ولعل أقرب مثال لذلك، هو ما قامت به رئيسة بلدية أسكودار في إسطنبول، سِينَمْ دَدَطاشْ، المنتمية إلى حزب الشعب الجمهوري.
الشعب الجمهوري يحاول أن يظهر نفسه كحزب يحترم قيم المجتمع المسلم والحريات الشخصية، ويقول إن حظر ارتداء الحجاب لن يعود، إلا أن التجارب السابقة والحالية تؤكد أن عقلية هذا الحزب مثل "الذيل الذي لا ينعدل"، ولا يمكن أن تتغير، مهما قال وفعل قبل الانتخابات لكسب أصوات الناخبين المتدينين
منطقة أسكودار معروفة بسكانها المتدينين، وكانت تعتبر من قلاع الأحزاب المحافظة، كما أن الرئيس السابق لبلديتها كان منتميا إلى حزب العدالة والتنمية. ولما فازت مرشحة حزب الشعب الجمهوري برئاسة بلدية أسكودار في الانتخابات المحلية الأخيرة، قامت بإلغاء الأيام والساعات المخصصة للنساء في مسبح البلدية، وفرضت الاختلاط على الجميع في استخدام المسبح. كما أحضرت معلمة رقص من أفريقيا في شهر رمضان المبارك لتعليم الفتيات رقصة "توركينغ"، وهي "تدوير إيقاعي للأطراف اللحمية السفلية بقصد الإثارة الجنسية أو الضحك للجمهور المستهدف"، وفقا لــ"الموسوعة الحرة ويكيبيديا".
تركيا برئاسة رجب طيب أردوغان أزالت العوائق التي وضعت أمام تحفيظ القرآن الكريم وتعليم تلاوته، ومكَّنت الطلاب من حفظ القرآن الكريم كاملا وتلقي العلوم الإسلامية بالتوازي مع مواصلة دراستهم المتوسطة. وإضافةً إلى ذلك، تنظِّم رئاسة الشؤون الدينية دورات صيفية لتعليم الأطفال الصغار تلاوة القرآن الكريم، وهو ما يعارضه حزب الشعب الجمهوري جملة وتفصيلا، بحجة أن النظام العلماني يجب أن لا يلقن الأطفال الصغار أي معلومة متعلقة بالدين ليبقى على مسافة واحدة من جميع الأديان والمذاهب والمعتقدات، ما يعني أن هذه العقلية ستغلق مدارس تحفيظ القرآن الكريم ودورات تعليم تلاوته، إن تمكنت من الفوز في الانتخابات وشكَّلت الحكومة.
رئيس حزب الشعب الجمهوري، أوزغور أوزل، في رده على ما قاله وزير التعليم، حاول أن يطمئن الناخبين المتدينين، قائلا إنه هو من سيقف ضد محاولات حظر ارتداء الحجاب في ظل أي حكومة يشكلها حزب الشعب الجمهوري. ولكن مثل هذه التصريحات لا تكفي لإزالة المخاوف، لأن ارتداء الحجاب لم يكن محظورا لوجود قانون أو مادة دستورية، بل كانت القوى المتسلطة على الإرادة الشعبية تحظره بناء على تفسيرها لمبدأ العلمانية، ولا يوجد أي مؤشر يشير إلى تراجع مؤيدي حزب الشعب الجمهوري عن ذاك التفسير المتطرف للعلمانية. مثل هذه التصريحات لا تكفي لإزالة المخاوف، لأن ارتداء الحجاب لم يكن محظورا لوجود قانون أو مادة دستورية، بل كانت القوى المتسلطة على الإرادة الشعبية تحظره بناء على تفسيرها لمبدأ العلمانية، ولا يوجد أي مؤشر يشير إلى تراجع مؤيدي حزب الشعب الجمهوري عن ذاك التفسير المتطرف للعلمانيةبل هناك من يتجرأ منهم على محاولة حظر ارتداء الحجاب في حصته بالجامعة أو شتم الفتيات المحجبات والاعتداء عليهن في الشوارع، رغم وجود حكومة تدافع عن حقوقهن. ومن المتوقع أن يطبق كثير من المسؤولين الموالين للمعارضة، حظر ارتداء الحجاب تلقائيا دون أن ينتظروا قرار الحكومة، لمجرد فوز مرشح حزب الشعب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية.
تركيا تشهد حالة استقطاب غير مسبوق منذ فترة، تغذِّيه المعارضة وفلول تنظيم الكيان الموازي التابع لجماعة غولن. ولضمان استمرار تلك الحالة، يتم شحن الموالين للمعارضة بمشاعر العداء والكراهية تجاه الحكومة والأحزاب المؤيدة لها، من خلال بث الإشاعات والأنباء الكاذبة. ويجعل هذا الوضع الناخبين المؤيدين للمعارضة لا يعترفون أبدا بالخدمات التي تقدمها الحكومة، كما لا يرون الفساد المنتشر في البلديات التي يديرها رؤساء منتمون إلى حزب الشعب الجمهوري، بل ولا يبالون بارتكاب هؤلاء الرؤساء جرائم، مثل اختلاس أموال البلدية أو الابتزاز أو تلقي الرشاوى، ما داموا ينتمون إلى الحزب الذي يؤيدونه، ويعتبرون كافة الاتهامات الموجهة إليهم سياسية مهما كانت مبنية على أدلة دامغة، كما هو الحال في قضية رئيس بلدية إسطنبول المقال أكرم إمام أوغلو.
أوزغور أوزل، بعد انتخابه رئيسا لحزب الشعب الجمهوري، حاول أن يتبنى سياسة تخفيف التوتر بين الحكومة والمعارضة، إلا أن جهوده اصطدمت بجدار عقلية حزبه المترسخة، وسرعان ما عاد إلى لغة التصعيد التي بلغت ذروتها بعد اعتقال إمام أوغلو بتهمة الفساد ودعم الإرهاب. ويسعى حزب الشعب الجمهوري الآن إلى تحريض طلاب المدارس الثانوية ضد الحكومة من أجل تحويلهم إلى حطب يبقي نار الاستقطاب مشتعلة. ومن المؤكد أن هؤلاء الذين يتم شحنهم الآن بكمية كبيرة من مشاعر العداء والكراهية تجاه المواطنين المؤيدين للحكومة، بدعوى أنهم هم من أوصلوا البلاد بأصواتهم إلى الوضع الراهن، سيبحثون عن سبل الانتقام منهم في أول فرصة سيجدونها.
x.com/ismail_yasa