أم كلثوم في تل أبيب.. دلالات جديدة بعد هجوم حماس
تاريخ النشر: 15th, December 2023 GMT
تشكّل مسرحية عن قصة حياة أم كلثوم على مسرح يافا في تل أبيب، تجسّد فيها مغنية يهودية شخصية "كوكب الشرق"، صورة نقيضة للمشهد الراهن، حيث اكتسبت دلالات جديدة مع معاودة عرضها بعد توقف مؤقّت عقب هجوم حماس على إسرائيل.
يقف عازف العود علاء أبو عمارة على الخشبة وسط ديكور مَسكَن أم كلثوم (1898-1975)، محاطا بمجموعة من الشخصيات المسرحية التي تتولى فيها الممثلة غاليت غيات دور المطربة المصرية.
ويوفر العمل رحلة عبر المحطات الرئيسية في حياة "سيدة الغناء العربي"، واللقاءات التي حددت اتجاه مسيرتها الفنية وأغنياتها.
وتؤدى أغنيات أم كلثوم الطويلة بالعربية، في حين تدور الحوارات بين الممثلين بالعبرية.
وعلى مقاعد المسرح العربي العبري في منطقة يافا المختلطة في تل أبيب، يجلس جمهور متنوع، يتفاعل مع العمل بالضحك حيناً، وبالتأثر حيناً آخر، ويردد الأكبر سناً من أفراده كلمات أغنيات أم كلثوم بالعربية ممتزجة بالحنين.
وتتوالى المَشاهِد على الخشبة، منها مثلاً شجارات النجمة بنظارتيها السوداوين وفساتينها الفخمة، مع والدتها التي تؤدي دورها خولة حاج دبسي، فيما يعيد الممثل جورج اسكندر بأدائه الصوتي إلى الحياة المطرب والموسيقار محمد عبد الوهاب.
ويشرح منتج العمل إيغال عزراتي أن "ثلاثة يهود وثلاثة عرب يتحدثون العبرية ويغنون باللغة العربية" يشاركون في المسرحية. ويؤكد مدير المسرح أن العمل يحاول أن يُظهر "أن العربية ليست لغة حركة حماس، بل هي لغة جميلة جداً، وثقافة جميلة، وهي بالنسبة لمعظم الإسرائيليين، لغة آبائهم وطفولتهم".
توقفت عروض المسرحية مؤقتا خلال الشهر الذي أعقب هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر والذي أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، بحسب السلطات الإسرائيلية.
ومذّاك أسفر الهجوم الإسرائيلي على غزة وقبله الغارات الجوية على القطاع، عن مقتل 18787 شخصا، 70% منهم من النساء والأطفال، وفقاً لأحدث حصيلة من وزارة الصحّة التابعة لحركة حماس.
وترى المغنية غاليت غيات التي تتحدر من عائلة ذات أصول جزائرية ويمنية، أن هذه المسرحية بمثابة "نفحة أكسيجين" للفنانين والجمهور.
وتضيف "أم كلثوم هي بالنسبة لي مرادف لبيتنا. أتذكر أني كنت في طفولتي أستمع إلى الموسيقى المصرية الكلاسيكية في منزل جدي وكنت أسأل نفسي في كل مرة +لماذا لا تجيدين التحدث بالعربية+".
واليوم، بعد سنوات، تتولى الفنانة الإسرائيلية بنفسها غناء النصوص التي كانت تستمع إليها. وتصف دور أم كلثوم الذي تؤديه بأنه "هدية جميلة جداً من الحياة. نحن نمثّل معاً، مسيحيين ومسلمين ويهوداً، ونعيش معاً، ومعاً يحب بعضنا بعضاً، ويكره بعضنا بعضاً".
"محكوم عليهم بالصمت"ابتاعت شايا من كفار سافا في شمال تل أبيب تذكرتها قبل 7 أكتوبر بوقت طويل، لكن حضورها المسرحية اكتسب بعد هذا التاريخ بُعداً جديداً، هو "الشعور بالصلة بين الشعبين". وتضيف "نحن جيران وآمل في أن يعود لنا السلام مجدداً وألاّ نتقاتل بعد اليوم".
لكنّ "رسائل السلام" التي يعبّر عنها هؤلاء الفنانون اليهود وجزء من الجمهور تلقى آذاناً صمّاء، ولا تعدو كونها ضمادة لا تدوم أكثر من ساعتين لجرح لا يزال نازفاً، أما الطريق إلى الشفاء منه فلا يزال طويلاً.
ولم يشأ أي من الفنانين الثلاثة من عرب إسرائيل الإدلاء بأي تصريح لوكالة فرانس برس.
ويلاحظ إيغال عزراتي أن "الأمر صعب بالنسبة للفلسطينيين، فهم جميعاً ولدوا هنا، وبمجرد أن يفتحوا أفواههم يشعرون وكأنهم يرتكبون سوءاً. محكوم عليه بالتزام الصمت"، إلى حد أنهم "يخافون من التحدث باللغة العربية".
ويشير عزراتي الذي يتولى إدارة مسرح يافا منذ 20 عاماً إلى أن "البعض نشروا على شبكات التواصل الاجتماعي تعليقات في شأن الضحايا وفي شأن الحرب، وجاء الجيش، وأوقِف البعض".
وتُعرض مسرحية عزراتي مرتين في الشهر، وهو يطمح إلى أن تتواصل وتبقى على الخشبة سنةً عاشرةً.
وقبل إسدال الستارة، تُعرَض على شاشة مشاهد من جنازة أم كلثوم. ومع أن القاهرة هي التي شهدت مدّاً بشرياً من المشيّعين رافق نعش المطربة الكبيرة، امتد بحر الدموع عليها من بغداد إلى الدار البيضاء، مروراً بيافا.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: أم کلثوم تل أبیب
إقرأ أيضاً:
“هآرتس”: صور الحشود التي تعبر نِتساريم تُحطّم وهم النصر المطلق
الثورة نت
أشار المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس الإسرائيلية” عاموس هرئيل إلى أن صور الحشود الفلسطينية التي تعبر سيرًا على الأقدام من ممر “نِتساريم” في طريقها إلى ما تبقى من بيوتها في شمال غزة، تعكس بأرجحية عالية أيضًا نهاية الحرب بين “إسرائيل” وحماس، مؤكدًا أن الصور التي تم التقاطها، يوم أمس الاثنين، تحطم أيضًا الأوهام حول النصر المطلق التي نشرها رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو ومؤيدوه على مدى أشهر طويلة، وأكمل بالقول: “معظم فترة الحرب، رفض نتنياهو مناقشة الترتيبات لما بعد الحرب في قطاع غزة، ولم يوافق على فتح باب لمشاركة السلطة الفلسطينية في غزة، واستمر في دفع سيناريو خيالي لهزيمة حماس بشكل تام. والآن، من يمكن الاعتقاد أنه اضطر للتسوية على أقل من ذلك بكثير”.
ورأى هرئيل أن رئيس حكومة العدو، هذا الأسبوع، قد حقق ما أراده، إذ إن حماس وضعت عوائق في طريق تنفيذ الدفعات التالية من المرحلة الأولى في صفقة الأسرى، لكن نتنياهو تمكن من التغلب عليها، على حد تعبيره، موضحًا أنه: “حتى منتصف الليل يوم الأحد، تأخر نتنياهو في الموافقة على عبور مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى شمال القطاع، بعد أن تراجعت حماس عن وعدها بالإفراج عن الأسيرة أربيل يهود من “نير عوز””، ولكن بعد ذلك أعلنت حماس نيتها الإفراج عن الأسيرة، وفق زعمه، فعلّق هرئيل: “حماس وعدت، والوسطاء تعهدوا، أن يهود ستعود بعد غد مع الجندية الأخيرة آغام برغر ومع أسير “إسرائيلي” آخر، والدفعة التالية، التي تشمل ثلاثة أسرى “مدنيين” (من المستوطنين)، ستتم في يوم السبت القادم”. لذلك، قاد تعنّت نتنياهو – ومنعه عودة النازحين الفلسطينيين – على تسريع الإفراج عن ثلاثة أسرى “إسرائيليين” في أسبوع، على حد ادعاء الكاتب.
تابع هرئيل: “لكن في الصورة الكبيرة، قدمت حماس تنازلًا تكتيكيًّا لإكمال خطوة استراتيجية، أي عودة السكان إلى شمال القطاع”، مردفًا: “أنه بعد عودتهم إلى البلدات المدمرة، سيكون من الصعب على “إسرائيل” استئناف الحرب وإجلاء المواطنين مرة أخرى من المناطق التي عادت إليها حتى إذا انهار الاتفاق بعد ستة أسابيع من المرحلة الأولى”، مضيفًا: “على الرغم من نشر مقاولين أميركيين من البنتاغون في ممر “نِتساريم” للتأكد من عدم تهريب الأسلحة في السيارات، لا يوجد مراقبة للحشود التي تتحرك سيرًا على الأقدام، من المحتمل أن تتمكن حماس من تهريب الكثير من الأسلحة بهذه الطريقة، وفق زعمه، كما أن الجناح العسكري للحركة، الذي لم يتراجع تمامًا عن شمال القطاع، سيكون قادرًا على تجديد تدريجي لكوادره العملياتية”.
وادعى هرئيل أن حماس تلقت ضربة عسكرية كبيرة في الحرب، على الأرجح هي الأشد، ومع ذلك، لا يرى أن هناك حسمًا، مشيرًا إلى أن هذا هو مصدر الوعود التي يطلقها “وزير المالية الإسرائيلي” بتسلئيل سموتريتش، المتمسك بمقعده رغم معارضته لصفقة الأسرى، بشأن العودة السريعة للحرب التي ستحل المشكلة مرة واحدة وإلى الأبد، ويعتقد هرئيل أن: “الحقيقة بعيدة عن ذلك، استئناف الحرب لا يعتمد تقريبًا على نتنياهو، وبالتأكيد ليس على شركائه من “اليمين المتطرف”، القرار النهائي على الأرجح في يد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ومن المتوقع أن يستضيف الأخير نتنياهو قريبًا في واشنطن للاجتماع، وهذه المرة لا يمكن وصفه إلا بالمصيري”.
وأردف هرئيل ، وفقا لموقع العهد الاخباري: “ترامب يحب الضبابية والغموض، حتى يقرر، لذلك من الصعب جدًّا التنبؤ بسلوكه”، لافتًا إلى أنه وفقًا للإشارات التي تركها ترامب في الأسابيع الأخيرة، فإن اهتمامه الرئيسي ليس في استئناف الحرب بل في إنهائها، وأكمل قائلًا: “حاليًا، يبدو أن هذا هو الاتجاه الذي سيضغط فيه على نتنياهو لإتمام صفقة الأسرى، وصفقة ضخمة أميركية – سعودية – “إسرائيلية” وربما أيضًا للاعتراف، على الأقل شفهيًّا، برؤية مستقبلية لإقامة دولة فلسطينية”.
وقال هرئيل إن “نتنياهو، الذي أصرّ طوال السنوات أنه قادر على إدارة “الدولة” (الكيان) وأيضًا الوقوف أمام محكمة جنائية، جُرّ أمس مرة أخرى للإدلاء بشهادته في المحكمة المركزية، رغم أنه يبدو بوضوح أنه لم يتعاف بعد من العملية التي أجراها في بداية الشهر، واستغل الفرصة لنفي الشائعات التي تفيد بأنه يعاني من مرض عضال، لكنه لم يشرح بشكل علني حالته الصحية”، مشددًا على أن نتنياهو الآن، من خلال معاناته الشخصية والطبية والجنائية والسياسية، قد يُطلب منه مواجهة أكبر ضغط مارسه رئيس أميركي على رئيس وزراء “إسرائيلي”.