الأقصر "د.ب.ا": تُعد مقبرة الملك امنحتب الثالث، والتي نحتت في منطقة الوادي الغربي، البر الغربي لمدينة الأقصر التاريخية في صعيد مصر، أحد أقدم المقابر الملكية المكتشفة في جبانة طيبة القديمة، التي ظلت لقرون عاصمة لمصر القديمة، وباتت اليوم أحد أشهر مقاصد السياحة الثقافية بالعالم.

وتقع منطقة الوادي الغربي - أو وادي القرود كما يُطلق عليه البعض – على الجانب الأيمن من الطريق المؤدي لمنطقة وادي الملوك الأثرية في البر الغربي لمدينة الأقصر التاريخية في صعيد مصر، وهي المنطقة التي تضم بين جنباتها عشرات المقابر التي شيدها ملوك مصر القديمة قبل آلاف السنين.

وبجانب كونها أحد أقدم المقابر الملكية المكتشفة في جبانة طيبة، فإنها تكتسب أهميتها ايضاً من مكانة صاحبها الذي كانت فترة حكمه واحدة من أكثر الفترات التي شهدت فيها مصر القديمة ازدهاراً في شتى المجالات: سياسياً واقتصاديا، وحتى في مجالات الفنون والعمارة وشتى مناحي الإبداع.

ونظرا لتلك الأهمية التي تتميز بها تلك المقبرة، فإنها تخضع اليوم لمشروع كبير يستهدف ترميم لوحاتها الجدارية، وذلك بمعرفة فريق مشترك من جامعة هيغاشي نيبون الدولية في اليابان، والمجلس الأعلى للآثار المصرية.

ويؤكد آثاريون مصريون التقتهم وكالة الأنباء الألمانية(د.ب.أ) في الأقصر، على أهمية مشروع ترميم جداريات المقبرة، وذلك نظراً لما عُرف عن سوء أغلب نصوص هذه المقبرة ومناظرها وذلك منذ اكتشافها، وقد خضعت المقبرة لأعمال ترميم في السابق، لكن هذا المشروع يُركز على الجداريات الفنية التي تُزيّن جدران المقبرة.

ومشروع ترميم مقبرة الملك امنحتب الثالث، هو جزء من استراتيجية العمل بالمجلس الأعلى للآثار المصرية، والتي تشتمل على القيام بأعمال ترميم دوري للآثار المصرية من معابد ومقابر ومقاصير وغيرها، وذلك بالتعاون مع جامعات ومؤسسات دولية، وعبر فرق عمل من الآثاريين والمرممين المصريين.

ووفقا للمصادر التاريخية وكتب المصريات، فإن مقبرة الملك امنحتب الثالث (1408 – ۱۳۷۲قبل الميلاد) تتكوّن من ثلاثة محاور، وبالرغم من طول فترة حكم صاحبها إلا أنه يبدو أن الوقت لم يتسع لاستكمال رسومها، لكن كثيرا من تلك الرسوم وجدت مكتملة وخاصة جداريات حجرة الدفن والممر المؤدي لها، وفي مناطق أخرى من المقبرة.

ويشير لنا الباحث في علوم المصريات، الدكتور محمد إمام، إلى أن المقبرة تبدأ من المدخل حتى الحجرة ذات العمودين في اتجاه الجنوب الشرقي ثم نتجه بعد ذلك إلى الشمال الشرقي حتى حجرة الدفن ومنها نتجه ثانية إلى الجنوب الشرقي.

ويلفت إلى أن المقبرة تبدأ بسلم هابط يوصل إلى الممر الذي يوصل إلى حجرة شكلت أرضيتها على هيئة سلم،‏ بعد ذلك نصل إلى الممر، ثم إلى بئر، حيث تتكوّن المقبرة من ثلاثة محاور بها غرف عدة.

وبحسب تصريحات "إمام" لوكالة الأنباء الألمانية، فإن المشاهد الملوّنة التي رُسمت أعلى جدران حجرة البئر، تمثل الملك ومعه زوجته، ولوحة تُمثل الملك يستقبل علامة الحياة "عنخ" من كل من أنوبيس والهة الغرب "أمنتت" ومن الإله أوزيريس، ونشاهد ايضاً نشاهد الملك امنحتب الثالث وزوجته أمام الآلهة نوت.

وفي حجرة الدفن التي يبدأ بها المحور الثالث نجد 6 أعمدة في صفين، تتبعها 7 حجرات جانبية بأحجام مختلفة: حجرتان على يمين الداخل وثلاثة على يسار الداخل، ثم حجرتان نصل إليهما عن طريق مدخل في نهاية حجرة الدفن. كما يلاحظ أيضا المنخفض الذي نصل إليه عن طريق درج صغير بين العمودين الخامس والسادس.

ووفقاً للدكتور محمد إمام، فإننا نجد على جدران حجرة الدفن مناظر ونصوصا من كتاب "امى دوات" المعني بالعالم الآخر، كما نجد تقليداً مميزاً للبردية المفتوحة والتي توجد أيضا في مقابر الملك تحتمس الثالث والملك امنحتب الثاني.

تمثل واجهات أعمدة حجرة الدفن هنا الملك أمنحوتب الثالث في علاقاته المختلفة مع الآلهة في العالم الآخر مثل أوزيريس وأنوبيس وحتحور وأمنتت.

وقال مدير منطقة آثار وادي الملوك ألثري المصري علي رضا، لـ(د.ب.أ)، إن أروع النقوش البارزة الموجودة في مدافن طيبة، وصالة الأعمدة في معبد الأقصر الأثري المطل على نهر النيل الخالد، وكثير من تماثیل سخمت التي اكتشفت في معبد امنحتب الثالث، وتمثالي ممنون العظيمين – أول ما يستقبل الزائر لجبانة طيبة القديمة بالبر الغربي لمدينة الأقصر - والتماثيل الجنوبية الضخمة في معابد الكرنك تشهد ببراعة فناني عصر الملك امنحتب الثالث، والذين أبدعوا آثاراً بقيت حتى اليوم لتشهد بالذوق الرفيع الذي اتسمت به الأعمال الفنية في ذلك العصر.

وينوّه "رضا" إلى أن آثار ذلك الملك تدل على مدى حبه لزوجته الملكة "تي"، وعلى ما بلغته الإمبراطورية المصرية في عهده من مجد وازدهار وقوّة عسكرية واقتصادية.

يّذكر أن جبانة طيبة القديمة في البر الغربي من مدينة الأقصر التاريخية بصعيد مصر، والتي تقع بها مقبرة الملك امنحتب الثالث، هي من أكثر المناطق التاريخية المصرية غنىً بمقابر ملوك وملكات ونبلاء ونبيلات مصر القديمة، ومعابدهم الجنائزية الضخمة، حيث تضم المنطقة بين جنباتها مئات المقابر التي نحتت في صخور جبل القُرْنَةْ مثل مقابر وادي الملوك، ووادي الملكات، والأشراف، وذراع أبوالنجا، ودير المدينة وغيرها، والكثير من المعابد التي تمتد بطول المنطقة وعرضها مثل معبد الملك امنحتب الثالث، ومعبد الملك سيتي الأول، ومعبد الرامسيوم، ومعابد هابو وغير ذلك من المعابد الجنائزية التي تضرب بجذورها في أعماق التاريخ.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: مصر القدیمة حجرة الدفن ن المقبرة

إقرأ أيضاً:

علماء في اليابان يمنحون الروبوتات وجوها بـجلد بشري وابتسامة

يعكف فريق من العلماء والمهندسين اليابانيين على تطوير روبوتات تتمتع بجلد يشبه الجلد البشري، وقادرة على تقليد الانفعالات الإنسانية، خاصة الابتسامة، وذلك حسب تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.

وقام الباحثون بتصميم قناع من خلايا جلد بشرية وربطوه بالروبوتات باستخدام تقنية جديدة، تخفي الوصلات وتتيح للجلد المرونة الكافية لتكوين تعبيرات متنوعة، من العبوس والتجهم والابتسام.

والنتيجة حتى الآن تمزج بين القناع المخيف لشخصية "هانيبال ليكتر" في عدد من أفلام الرعب، وشخصية "غامبي" الطينية المشهورة في عروض الأنيماشن، حسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.

A #robotic face with living skin can smile thanks to ligament-inspired anchors that connect lab-cultured skin to a 3D facial mold. ????

Read more in @CellRepPhysSci:https://t.co/9qKpIUatrn@UTokyo_News_en Michio Kawai, Minghao Nie, Haruka Oda and Shoji Takeuchi pic.twitter.com/5VOuD1DaYh

— Cell Press (@CellPressNews) June 27, 2024

لكن العلماء يؤكدون أن هذه النماذج الأولية تمثل خطوة رائدة نحو روبوتات أكثر تطوراً، بفضل الطبقة الخارجية المرنة المتينة التي تحمي الروبوت وتجعل مظهره أكثر إنسانية.

وجبات بأيادٍ آلية.. هل تخطف "روبوتات المطاعم" وظائف البشر؟ بدأت عديد المطاعم حول العالم وضع رهانات كبيرة على الروبوتات التي تقوم بمهام البشر، مثل القلي وخلط المشروبات وخبز البيتزا وتوصيل الوجبات إلى الزبائن.

وإضافة إلى القدرة على التعبير العاطفي، يقول الباحثون إن الجلد المصنوع من خلايا جلد حية في المختبر، يمكن أن يتعرض للندوب والحروق، وأيضًا يمتلك قدرة ذاتية على الشفاء، وفقاً لدراسة نشرت في 25 يونيو في مجلة "Cell Reports Physical Science".

وقال شوجي تاكيشي، أستاذ في جامعة طوكيو والباحث الرئيسي في الدراسة، في رسالة بريد إلكتروني: "إن الوجوه والتعبيرات الشبيهة بالبشر تحسّن من التواصل والتعاطف في التفاعلات بين الإنسان والروبوت، مما يجعل تلك الآلات أكثر فعالية في مجالات الرعاية الصحية والخدمات والمرافقة".

وتأتي هذه الأبحاث في وقت أصبحت فيه الروبوتات أكثر انتشاراً في المصانع على مستوى العالم. ففي عام 2022، كان هناك 3.9 مليون روبوت صناعي يعملون في خطوط تجميع السيارات والإلكترونيات وأماكن عمل أخرى، وفقاً للاتحاد الدولي للروبوتات.

مقالات مشابهة

  • علماء في اليابان يمنحون الروبوتات وجوها وابتسامة من جلد بشري (شاهد)
  • علماء في اليابان يمنحون الروبوتات وجوه وابتسامة من جلد بشري (شاهد)
  • تسببوا بحرائق أربيل وكركوك.. القبض على مجرمين يعملون لصالح PKK وخططوا لعمليات ببغداد
  • علماء في اليابان يمنحون الروبوتات وجوها بـجلد بشري وابتسامة
  • الصين تُخصص 45 مليون يوان لدعم ترميم الطرق المتضررة من الفيضانات
  • دراسة مثيرة عن العيون المائية الحرارية المكتشفة على عمق 3000 متر قرب غرينلاند
  • دراسة مثيرة عن العيون المائية الحرارية المكتشفة على عمق 3000 متر قبالة سفالبارد
  • أنابيب أرضية تهدد إيسلندا بكارثة.. علماء يكشفون سر الانفجارات البركانية المتكررة
  • الصين تفتح أبوابها لدراسة عينات القمر..
  • خلطة سحرية لإزالة بقع القهوة القديمة من السجاد.. حضريها بأقل تكلفة