ندوة “دبلوماسية العلاقات الإعلامية”: رؤية 2030 أسهمت في تفعيل القوة الناعمة للمملكة
تاريخ النشر: 15th, December 2023 GMT
الثقافية_ متابعة علي بن سعد القحطاني
ضمن فعاليات البرنامج الثقافي المصاحب لمعرض جدة للكتاب 2023، الذي تنظمه هيئة الأدب والنشر والترجمة، أقيمت،ندوة حوارية بعنوان “دبلوماسية العلاقات السعودية الإعلامية”، شارك فيها السفير الدكتور سعود كاتب؛ وكيل وزارة الخارجية سابقاً، والدكتور ماجد الغامدي؛ المستشار والمختص في الإعلام، فيما حاورهما المذيع السياسي في شبكة الشرق الإخبارية؛ هاني حجازي.
وحدد حجازي في البدء، إطار الندوة بالإشارة إلى أنها ستطرق إلى الدبلوماسية الإعلامية السعودية وقوتها وتأثيرها وواقعها وتطلعاتها، وكيف يمكن بناء صورة جديدة وحقيقية عن المملكة في ظل ما تشهده من قفزات متسارعة في شتى المجالات وفي ظل ما تشهده من دعم كبير لجذب الأنظار العالمية التي تثمر في تقوية الاقتصاد السعودي وتنويعه بعيداً عن النفط، وكيف يستثمر الإعلام بوصفه قوة ناعمة في خدمة الدبلوماسية السعودية، بما يسهم في بناء مكانة المملكة وقوتها وتطوير عمل وسائل الإعلام الحالية الموجهة للخارج، وكيفية استثمار الإعلام في المجالات المختلفة كالترفيه وفعالياته والاستضافات للنجوم العالميين والرياضة والسياحة في دعم قوة الدولة والخطاب المسؤول العابر للحدود، وبناء الدبلوماسية على الصورة النمطية والهوية السعودية بعدم التخلي عنها.
في ظل هذه الموجهات لمسار النقاش في الندوة أفسح المجال لأول المتحدثين الدكتور سعود كاتب الذي تحدث بقوله: في السابق لم يكن هناك تواصل بين الدول والشعوب الأخرى؛ ولكن بعد اختراع المذياع، ومن بعده التلفاز، ثم وسائل التواصل؛ أصبحت أي دولة تخاطب كل شعوب العالم، فالإعلام مصدر من مصادر القوة الناعمة، والقوة الناعمة هي الجاذبية وكاريزما الدول، ولا تقتصر على جانب معين؛ بل تمتد لكل الجوانب؛ السياسية والاقتصادية والرياضية؛ وحتى في سفر المواطنين للخارج وتعاملهم مع الآخر، والتعامل كذلك مع “السوشل ميديا”.
وتابع سعود حديثه مضيفًا: لقد غبنا سنوات طويلة عن ممارسة القوة الناعمة، ولكن مع رؤية 2030 أصبحت المملكة من أوائل الدول في هذا المجال، فلدينا تنوع كبير من حيث المدن المتطورة والتعليم والجامعات، والبيئة المتنوعة من صحراء وسواحل في الشرق والغرب، وطبيعة ساحرة بالجنوب، وحتى تساقط الثلوج في شمال المملكة في أوقات معينة من العام، وأصبحت المملكة متاحة للوصول إليها من جميع دول العالم بعد إتاحة إصدار التأشيرات المتنوعة.
أما الدكتور ماجد الغامدي فقال: نعيش في المملكة مع رؤيتها 2030 عرسًا اقتصاديًا وسياسيًا وثقافيًا، وفي كل المجالات، رغم قصور الإعلام في نقل صورة مشرقة عن المملكة من سنوات؛ ولكن في السنوات الخمس الأخيرة أصبح هناك تطور في نقل بعض من الصور الجمالية للمملكة، ومازلنا نطمح للمزيد.
اقرأ أيضاًالمجتمعمحافظ الرس يشهد توقيع اتفاقية ذوي الإعاقة لنشر الوعي بحقوقهم
واعتبر الدكتور ماجد أن هناك قصورًا في وجود المتحدثين المفوّهين، الذين يتحدثون عن المملكة، وخصوصًا من خلال الإعلام الغربي، مشيدًا بإقبال السواح على زيارة المملكة؛ قائلاً: لقد أصبحت السعودية حاليًا من أهم الدول في إقبال السواح عليها، وخطونا خطوات كبيرة في هذا الجانب.
المصدر: صحيفة الجزيرة
كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية
إقرأ أيضاً:
السعودية تخلع معطفها القديم
في عالم السياسة، لا شيء يحدث مصادفة، وحين يتغير خطاب بحجم الإعلام السعودي الرسمي، فذلك لا يعد مجرد تعديل في النشرة، بل انقلاب في البوصلة، منذ شهور وأنا أتابع هذا التحول الغريب، جميل في بعضه، مربك في توقيته، ومذهل في إيقاعه المتصاعد، القناة السعودية الأولى، التي اعتادت لعقود أن تتجنب الاقتراب من حدود السياسة الإقليمية المشتعلة، باتت تتكلم كما لو أن داخلها قناة عربية ثائرة أطلق سراحها
في قلب شاشة الإخبارية الرسمية، تقرير عن هتلر العصر نتنياهو بلغة حادة، ويدك الكيان الصهيوني بلغة كانت محظورة في الإعلام الخليجي لعقود، باستثناء الإعلام القطري، واللافت أن هذا الخطاب لا يظهر عرضا، بل هو مستمر منذ أسابيع في هذه القناة تحديدا، التي تعبر بشكل مباشر عن التوجه الرسمي
وفي الوقت ذاته، كانت القناة تبث مقابلات مع معتمرين سودانيين من قلب الحرم المكي، يدعون للبرهان بالنصر، ويشاركهم الدعاء الصحفي السعودي ذاته، المشهد لا يحتمل التأويل، الرسالة واضحة، السعودية اختارت طرفا في الصراع، دون مواربة، ولا لغة رمادية، كما أن وزير الخارجية السوداني قال أن المملكة أبلغتهم أنها ستتكفل بكل احتياجات السودان لمدة ستة أشهر ،،
حتى المعرفات السعودية ذات الأعلى متابعة، بما فيها حسابات صحفيين بارزين، لم تعد تغرد خارج السياق الجديد، تحول خطابها بشكل لافت ليواكب التوجه الرسمي، تبنت نبرة دعم واضحة للجيش السوداني، وقبلها انفتاحا كبيرا تجاه السلطة السورية، هذا التحول في المزاج الرقمي يعكس أن التغيير لم يعد مقتصرا على القنوات الرسمية، بل أصبح يشمل الوعي العام الموجه أيضا
منذ متى تفعل السعودية ذلك، منذ متى يتحدث إعلامها بلهجة الجزيرة، دون أن تكون الجزيرة، هناك شيء يتغير، لا في الشاشة فقط، بل في القصر
منذ عام 2011، وأنا أتابع الإعلام السعودي حين أنشأت أول صفحة لي على تويتر،، كما عملت مراسلا لصحيفة الاقتصادية لعام ونصف من صنعاء ، كان الإعلام السعودي أقرب إلى متحف رسميات، لا يعادي ولا يناصر، كان حياديا إلى درجة البرود..
اليوم، لم يعد كذلك
الخطاب تغير
اللهجة تغيرت
كما أن تجربتي المهنية في مجال رصد وتحليل المحتوى، والتي امتدت لست سنوات، تجعلني أقرأ هذا التحول في الخطاب السعودي بدقة، ما يحدث في المنصات الرقمية، خصوصا عبر المعرفات الأعلى متابعة، بما فيها حسابات صحفيين وإعلاميين مؤثرين، ليس مجرد تفاعل لحظي، بل هو تحول موجه ومتدرج في المزاج العام، يعكس انسجاما مع التوجه الرسمي الجديد
هذا التغير لم يأت ارتجالا، بل يظهر بوضوح أن هناك إعادة تموضع شاملة في الخطاب، تتجاوز الإعلام الرسمي لتصل إلى وعي الجمهور عبر أدواته اليومية..
قبل أيام، ظهر عيدروس الزبيدي في خطاب تهديدي فج تجاه قبائل حضرموت، خطاب لم يأت من فراغ، بل من أزمة ثقة تتعمق بين مشروعه والمكون القبلي في الشرق، بعدها بأيام فقط، يظهر وزير الدفاع السعودي في لقاء مباشر مع رئيس حلف قبائل حضرموت
الرسالة لا تحتاج إلى محلل استراتيجي
في الملف السوري، الخطاب السعودي أقرب إلى نبض الشعب، منه إلى الخط الرسمي للدولة، أحيانا لا يمكنك أن تفرق بينه وبين خطاب قناة الجزيرة حين تتحدث عن القضايا الكبرى..
من كان يتوقع أن تتحدث القنوات السعودية بهذا الوضوح عن الغارات والاحتلالات والحق الفلسطيني، بهذا القدر من الحزم والصفاء، ما نراه ليس تغييرا في اللهجة فقط، بل تفكيك كامل للخطاب القديم
قد يقول البعض إن التغير نتيجة ظروف إقليمية بعد السابع من أكتوبر، وآخرون يرونه استجابة لحاجة واستدارة داخلية وخارجية واسعة، لكن مع ذلك، السعودية تغيرت.
من يراقب المشهد بعين أوسع سيدرك أن ما يحدث في الإعلام ليس سوى انعكاس لتحول جذري أعمق في السياسة السعودية مع صعود محمد بن سلمان، فقد نسجت المملكة خلال السنوات الأخيرة علاقة استراتيجية متنامية مع الصين، متجاوزة بذلك النمطية التقليدية التي حصرت توجهاتها لعقود في النفوذ الأمريكي، وكأن واشنطن كانت الخيار الإجباري الوحيد، هذا الانفتاح نحو الشرق أجبر واشنطن على إعادة النظر في تعاملها مع الرياض، بعدما تخلت الأخيرة عن موقع التابع واختارت أن تتصرف كقوة مستقلة وفاعلة في توازنات الإقليم والعالم، وكان اختيار السعودية كمقر للحوار الروسي الأمريكي دليلا واضحا على هذا التحول