حصريًا.. مصادر تكشف لـCNN: اختفاء ملف استخباراتي سري للغاية عن روسيا في عهد ترامب
تاريخ النشر: 15th, December 2023 GMT
(CNN) -- اختفى ملف يحتوي على معلومات سرية للغاية تتعلق بالتدخل الروسي في الانتخابات في نهاية رئاسة دونالد ترامب، مما أثار مخاوف بين مسؤولي الاستخبارات من احتمال كشف بعض أسرار الأمن القومي الأكثر سرية عن الولايات المتحدة وحلفائها، حسبما ذكرت مصادر مطلعة على الأمر لـCNN.\
وقالت المصادر إن اختفاء المعلومات، الذي لم يسبق الإعلان عنه، كان مقلقًا للغاية لدرجة أن مسؤولي المخابرات أطلعوا رؤساء لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ العام الماضي على المواد المفقودة وجهود الحكومة لاستعادتها.
وفي السنتين الماضيتين منذ ترك ترامب منصبه، لم يتم العثور على المعلومات المفقودة.
وقالت مصادر لـCNN إن الملف يحتوي على معلومات استخباراتية أولية جمعتها الولايات المتحدة وحلفاؤها في الناتو عن عملاء روس ومواطنين روس، بما في ذلك المصادر والأساليب التي ساهمت في تقييم الحكومة الأمريكية بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سعى لمساعدة ترامب على الفوز في انتخابات عام 2016.
وكانت المعلومات حساسة جدًا لدرجة أن المشرعين ومساعدي الكونغرس الذين لديهم تصاريح أمنية سرية للغاية كانوا قادرين على مراجعة المواد فقط في مقر وكالة الاستخبارات المركزية في مركز لانغلي، فيرجينيا، حيث كان عملهم في التدقيق في ذلك سري للغاية.
وآخر مرة شوهد فيها الملف في البيت الأبيض كانت خلال أيام ترامب الأخيرة في منصبه. لقد أمر الرئيس السابق بإحضاره إلى هناك حتى يتمكن من رفع السرية عن مجموعة من الوثائق المتعلقة بتحقيقات مكتب التحقيقات الفيدرالي حول روسيا.
وتحت إشراف كبير موظفي البيت الأبيض آنذاك، مارك ميدوز، تم فحص الملف من قبل مساعدين جمهوريين يعملون على تنقيح المعلومات الأكثر حساسية حتى يمكن رفع السرية عنها ونشرها علنًا.
وكانت الاستخبارات الروسية مجرد جزء صغير من مجموعة الوثائق في الملف، الذي وُصف بأن سمكه يبلغ 10 بوصات ويحتوي على مجموعة من المعلومات حول تحقيقات أجراها مكتب التحقيقات الفيدرالي في حملة ترامب 2016 وروسيا. لكن المعلومات الاستخبارية الأولية عن روسيا كانت من بين أكثر المواد السرية حساسية، وحاول كبار مسؤولي إدارة ترامب مرارًا وتكرارًا منع الرئيس السابق من نشر الوثائق.
وقبل يوم من مغادرة منصبه، أصدر ترامب أمرًا برفع السرية عن معظم محتويات الملف، مما أدى إلى موجة من النشاط في آخر 48 ساعة من رئاسته. وبدلاً من ذلك، تم استرجاع النسخ التي تم إرسالها في البداية بشكل محموم بناءً على توجيهات محامي البيت الأبيض الذين يطالبون بتنقيحات إضافية.
وقبل دقائق من تنصيب جو بايدن، هرع ميدوز إلى وزارة العدل لتسليم نسخة محررة لمراجعة أخيرة. بعد سنوات، لم تصدر وزارة العدل بعد جميع الوثائق، على الرغم من أمر ترامب بإلغاء السرية. وانتهى المطاف بنسخ إضافية بمستويات مختلفة من التحرير في الأرشيف الوطني.
لكن نسخة غير محررة من الملف الذي يحتوي على المعلومات الخام السرية اختفت في الساعات الأخيرة الفوضوية في البيت الأبيض لترامب. ظروف اختفائها لا تزال محاطة بالغموض.
ورفض المسؤولون الأمريكيون مرارا وتكرارا مناقشة أي جهود حكومية لتحديد مكان الملف أو تأكيد فقدان أي معلومات استخباراتية.
ولم يكن الملف بين العناصر السرية التي عثر عليها في البحث العام الماضي في منتجع ترامب في "مار إيه لاغو"، وفقًا لمسؤول أمريكي مطلع على المسألة، الذي قال إن مكتب التحقيقات الفيدرالي لم يكن يبحث بشكل خاص عن معلومات استخباراتية تتعلق بروسيا عندما حصل على مذكرة تفتيش لمنزل الرئيس السابق العام الماضي.
ولا توجد أيضًا إشارة إلى الملف المفقود في لائحة الاتهام الصادرة في يونيو/حزيران ضد ترامب بشأن سوء التعامل مع الوثائق السرية في مار إيه لاغو.
وفي السنوات التي تلت ترك ترامب لمنصبه، سعى حلفاؤه إلى متابعة الملف المنقح حتى يتمكنوا من نشره علنًا، ورفعوا دعوى قضائية ضد وزارة العدل والأرشيف الوطني في وقت سابق من العام الجاري.
ويسعى محامو ترامب الآن إلى الوصول إلى المعلومات الاستخبارية السرية من تقييم انتخابات 2016 بينما يستعدون للدفاع عنه ضد التهم الجديدة عن الجهود المبذولة لإلغاء نتيجة انتخابات 2020.
هذه الرواية لرحلة الملف السري إلى البيت الأبيض، وكيف أصبح مسارها باردًا بمجرد ترك ترامب منصبه، والأسئلة العالقة التي تثيرها، تستند إلى مقابلات مع أكثر من 12 مصدرًا مطلعين على الأمر، جميعهم طلبوا عدم الكشف عن هويتهم بسبب حساسية القضية.
رفضت وكالة الاستخبارات المركزية ومكتب التحقيقات الفيدرالي والأرشيف الوطني ومكتب مدير الاستخبارات الوطنية التعليق على هذه القصة. ورفضت متحدثة باسم لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ التعليق. ولم يستجب متحدث باسم ترامب لطلب CNN التعليق على القصة.
أمريكاروسيافلاديمير بوتيننشر الجمعة، 15 ديسمبر / كانون الأول 2023تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2023 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: فلاديمير بوتين التحقیقات الفیدرالی البیت الأبیض
إقرأ أيضاً:
واقعة البيت الأبيض وأبعادها
لن تسقط المشاجرة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وضيفه الأوكراني فلوديمير زيلينسكي من الذاكرة السياسية، وستظل مشاهدها الصادمة مدعاة لتقصي أبعاد هذا الحدث ودلالاته، والتساؤل عما يعنيه بشأن مستقبل العلاقة بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين، فما حدث مع زيلينسكي في البيت الأبيض يكاد يكون تتويجاً لما حدث سابقاً مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر.
كان واضحاً أن العلاقة بين ترامب وزيلينسكي متوترة، ولا تتجه إلى الاتفاق على أي شيء، فالأول، الذي لا يخفي نواياه، صرح بأنه يريد سلاماً ينهي الصراع مع روسيا ويبرم صفقة ضخمة مع كييف حول المعادن النادرة تتمكن من خلالها واشنطن من استعادة مئات المليارات التي قدمتها لدعم التصدي لروسيا، بينما يحاول الرئيس الأوكراني المحافظة على صورته التي رسمتها الدعاية الأوروبية كمناوئ لموسكو ومدافع عن بلده، وهي معادلة لم تعد مجدية، لأن الحرب، التي دخلت عامها الرابع، لم تحقق خلالها أوكرانيا أي شيء عسكرياً، ولكن إذا تم اللجوء إلى المفاوضات، يمكن التوصل إلى حل سياسي يحقن الدماء ويجنب أوروبا حرباً عالمية ثالثة، كما يحذر من ذلك متابعون كثيرون.
وسط هذا الجو المشحون، جاء اللقاء العاصف بين ترامب وزيلينسكي وسط شكوك بأن في الأمر مكيدة أو خطة مسبقة أوقع فيها الرئيس الأمريكي ضيفه الأوكراني، من أجل أن يبعث برسائل إلى من يهمه الأمر. وقد كانت ردود الفعل في العالم الغربي مستاءة ومتعاطفة مع زيلينسكي، وجوبهت الإدارة الأمريكية بانتقادات شديدة، باعتبار أن الملاسنة التاريخية بين رئيسين أمام وسائل إعلام خطأ يتنافى مع أبسط قواعد الدبلوماسية، والمعاهدات والمواثيق، التي تنظم العلاقات بين الدول وتضع الضوابط البروتوكولية التي تصون المناصب القيادية العليا للدول، فحتى عندما يلتقي عدوان، يكون اللقاء وفق أطر معلومة تضمن الاحترام المتبادل لكلا الطرفين، وتحفظ الأسرار والرموز للدول.
من الأهداف الأساسية الدبلوماسية وضع الأطر لإدارة الخلافات والتباينات. وما حدث في البيت الأبيض، بدا أنه أقرب إلى خلاف شخصي بين زيلينسكي وترامب مدعوماً بنائبه جي دي فانس، وفي دقائق معدودة أصبحت المشاجرة قضية الساعة، وذهب بعضهم إلى اعتبارها عنوان مرحلة في النظام الدولي، ستكون فيها الصراعات والرغبات والأهواء السياسية مطروحة على الهواء مباشرة ودون أي اعتبار للأعراف والقيم الديبلوماسية.
وما جرى بين ترامب وزيلينسكي كان يفترض أن يتم داخل غرف مغلقة وبعيداً عن وسائل الإعلام، حتى يظل هناك مجال للفعل السياسي واستمرار التواصل، وبما يسمح للطرفين بحث العلاقة المأزومة واستكشاف فرص تهدئة التوتر، والمساعدة على إنهاء الحرب في أوكرانيا وحفظ الأمن الإقليمي في أوروبا وحفظ أمن جميع الأطراف. ومثلما للدول الكبرى أهداف وخطط، للدول الصغرى والمتوسطة أيضاً مصالح وحقوق في العيش بسلام، دون أن تكون تحت طائلة الابتزاز أو التهديد.
واقعة البيت الأبيض، تؤكد، مرة أخرى، أن العالم مأزوم ويشكو تصدعات مخيفة وكسراً متعمداً لقواعد وسلوكيات حكمت العلاقات بين الدول عقوداً طويلة، وباتت الآن في خطر وأمام تحولات مجهولة العواقب.