أبناء صلاح الدين.. الشجاعية ليست مجرد حي ولن تسقط حتى بعد ألف عام
تاريخ النشر: 15th, December 2023 GMT
كتب الصحفي ومحرر صحيفة "فلسطين كرونيكال-أحداث فلسطين" الدكتور رمزي بارود عن حي الشجاعية؛ ومقاومته الحالية الشرسة ضد الاحتلال الإسرائيلي، وتاريخه، قائلا إن الشجاعية ليست مجرد حي، بل هي إرث.
وقال بارود، الباحث غير المقيم في "مركز الإسلام والشؤون العالمية"، إنه عندما يدعي الإسرائيليون أن الحل الوحيد لغزة هو تهجير الفلسطينيين، لا يبدو أن لديهم الكثير من المعرفة بغزة وأحيائها، خاصة الشجاعية، ولو علموا لما تقدموا إلى غزة.
وأوضح أن من ضمن تاريخ هذا الحي، لو علم الإسرائيليون، أن مقاتليه الشباب هم من نسل الجيوش العظيمة التي هزمت الصليبيين، وقاتلت الفرنسيين والبريطانيين، ولذلك، يقول بارود، لن يسقط الشجاعية في يوم أو أسبوع أو ألف عام.
وسرد الكاتب، بتفاصيل وافرة، المعارك التي دارت في الشجاعية خلال العدوان الإسرائيلي على غزة في 2014 وعقب السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي واستبسال المقاتلين هناك وتكبيدهم الغزاة الإسرائيليين خسائر بشرية كبيرة.
معاركها كانت هي الحاسمة في 2014وقال إنه يُعتقد أن معركة الشجاعية في عام 2014 كانت المعركة الأكثر حسما بين المقاومة الفلسطينية والقوات الإسرائيلية. ففي ذلك الوقت، اعترفت إسرائيل بمقتل 16 جنديا.
وقالت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، إن عدد الجنود الإسرائيليين الذين لقوا حتفهم آنذاك في 3 كمائن متتالية بالشجاعية، يتجاوز بعيدا عدد "الإصابات" التي أعلنتها إسرائيل.
وفي المعارك الحالية، قال بارود، إن الجيش الإسرائيلي يقاتل "لواء الشجاعية المميت" لمدة أسبوع ونصف الأسبوع، وهي معركة يبدو من المستحيل تقريبا الفوز بها، لأن القتال يدور في مناطق دُمرت بالكامل، وبشكل متكرر، بسبب الضربات الجوية الإسرائيلية، ولا أحد من الغزاة يعرف من أين يأتي المقاتلون وأين يختفون؟!
لا يمكن كسبها من الجو أو الأرضواستمر الكاتب يقول إن الجيش الإسرائيلي قد توصل بنفسه إلى استنتاج مفاده أن معركة الشجاعية لا يمكن كسبها بالضربات الجوية، لكن يبدو أنه لا يمكن كسبها من الأرض أيضا، حيث يتم قصف الجنود الإسرائيليين وتفجير الدبابات والمعارك الشرسة، والتي يتم تحديد نتائجها دائما تقريبا من قبل المقاتلين الفلسطينيين.
وقال بارود لن يكون من المبالغة الادعاء بأن معركة الشجاعية من المرجح أن تكون أحد العوامل الرئيسية التي ستؤدي إلى هزيمة الجيش الإسرائيلي في غزة.
ومع ذلك، يضيف، فإن أسطورة الشجاعية ليست قصة جديدة يتراوح عمرها من يوليو/تموز 2014 إلى ديسمبر/كانون الأول 2023، بل هي أقدم من ذلك.
وعن تاريخ الحي، يوضح الكاتب أن كلمة شجاعية غالبا ما يساء فهم أصلها؛ إذ أول ما يتبادر إلى الذهن هو أنه من الشجاعة، "وهذا التفسير منطقي للكثيرين بسبب شجاعة المحاربين الواضحة المنبثقة من هذا الحي على مر السنين".
شجاع الدين الكرديلكن المصادر التاريخية تشير إلى أن الاسم يُنسب إلى شجاع الدين عثمان الكردي، المحارب الشهير الذي توفي في معركة بين الأيوبيين والجيوش الصليبية الغازية عام 1239 للميلاد.
وكانت الأهمية العسكرية للشجاعية واضحة منذ مئات السنين، ويرجع ذلك جزئيا إلى تل المنطار، وهو تل إستراتيجي يقع في الشجاعية ويعتبر بوابة غزة. ومن يسيطر على تل المنطار سيتوفر له موقع إستراتيجي ورؤية مدينة غزة بأكملها.
نابليون قاتل من الشجاعيةوهذا هو بالضبط السبب في أن نابليون بونابرت قاتل للسيطرة على المنطار، وفي النهاية خيّم مع جيشه الغازي بالقرب من التل.
والآلاف من جنود الحلفاء، بعد سنوات عديدة، لقوا حتفهم بالقرب من هذا التل، وهو ما يفسر مقبرة الحرب العالمية الأولى في غزة، وهي واحدة من العديد من المواقع التاريخية التي تحكي قصة أكبر بكثير من حرب إسرائيل الجارية حاليا.
وفي الشجاعية بالذات، هللت الجيوش المنتصرة بانتصاراتها، حيث قام قادتهم الفخورون بإيقاف خيولهم العربية على تل المنطار، وهم يحدقون في مدينة غزة وضواحيها.
وقصة الشجاعية هي قصة متجذرة في التاريخ، تربط بين شعوب تلك المنطقة بأكملها -العرب والأكراد والتركمان والمسلمين والمسيحيين واليهود- وبالتالي تبرز أهمية التاريخ في كيفية تصور الفلسطينيين، بشكل جماعي، لأنفسهم ومقاومتهم الشجاعة.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
بالتفصيل.. الجيش الإسرائيلي يكشف خبايا معركة 7 أكتوبر
كشف التحقيق العسكري الإسرائيلي عن “سلسلة من الإخفاقات التي أدت إلى سقوط قاعدة ناحال عوز العسكرية في 7 أكتوبر، حيث لم يكن يحرس القاعدة سوى جندي واحد، وكانت القوات غير مستعدة، وناقلات الجند المدرعة غير مؤهلة، والمدافع الرشاشة مقفلة. ونتيجة لذلك، تمكن حوالي 250 مقاتلًا فلسطينيًا من السيطرة على القاعدة بسهولة”.
وأشارت التحقيق إلى أن “القوات الإسرائيلية داخل القاعدة كانت قليلة العدد، ولم تكن ناقلات الجند المدرعة في حالة تأهب، كما أن المدافع الرشاشة كانت مقفلة في المستودعات، ما أدى إلى تسلل حوالي 250 مقاتلًا فلسطينيًا والسيطرة على القاعدة بسهولة”.
وبحسب التحقيق، “لم تكن هناك خنادق أو عوائق كبيرة تعيق الهجوم، ما سمح لمقاتلي حماس بالوصول إلى مواقع حساسة بسرعة، ونتيجة لذلك، نجح المهاجمون في تحييد الدفاعات والسيطرة على القاعدة في وقت قياسي”.
وأوصى التحقيق بـ”اتخاذ إجراءات عقابية بحق كبار الضباط الذين كانوا في قلب الفشل، لكن هذه التوصيات لم تُنفذ بعد بسبب قرار رئيس الأركان المستقيل هرتسي هاليفي ترك الأمر لخلفه إيال زامير”.
وخلص التحقيق إلى أن “المعايير التشغيلية في القاعدة كانت متدنية للغاية، ولم يكن هناك حد أدنى واضح لعدد القوات المطلوبة في الموقع، وأن المواقع العسكرية لا ينبغي استخدامها كقواعد متعددة الوحدات، بالإضافة إلى أن فشل القيادة العسكرية انعكس على أداء الجنود الذين لم يسعوا إلى الاشتباك بفعالية مع المقاومين الفلسطينيين”.
وأشار التقرير إلى أن “الهجوم كان مخططًا له بعناية، حيث استخدمت “حماس” نموذجا تدريبيا يحاكي القاعدة داخل قطاع غزة للتدرب على اقتحامها”.
هذا “وشن الهجوم 65 مقاتلًا من القسام في الموجة الأولى بين الساعة 6:30 و7:00 صباحًا، تبعهم 50 مقاتلًا آخر في الموجة الثانية بحلول التاسعة صباحًا، وبحلول العاشرة صباحًا كان أكثر من 250 مقاتلًا قد استكملوا السيطرة على القاعدة، وفي ذروة الهجوم، كان 162 جنديًا داخل المعسكر، أي نصف العدد المعتاد في أيام الأسبوع، مما زاد من صعوبة التصدي للهجوم، وأسفر الهجوم عن مقتل 53 جنديًا، إضافة إلى 22 من أفراد الدعم القتالي، بينما تم أسر 10 آخرين إلى داخل غزة”.
استقالة رئيس قسم العمليات في الجيش الإسرائيلي بعد تحقيقات 7 أكتوبر
أعلن اللواء عوديد سيوك، رئيس قسم العمليات في الجيش الإسرائيلي، استقالته من منصبه، في أعقاب التحقيقات التي كشفت عن إخفاقات جسيمة خلال هجوم السابع من أكتوبر.
وأكد سيوك، في تصريحات مغلقة بعد انتهاء التحقيقات، أنه “لم يتم إدراك انهيار فرقة غزة في الوقت المناسب”.
وجاء إعلان استقالة “سيوك”، قبل يومين فقط من تسلم رئيس الأركان الجديد اللواء إيال زامير، مهامه رسميا، وبعد أسبوع من تقديم تقرير التحقيقات حول الإخفاقات العملياتية في ذلك اليوم”.
وأصدر الجيش الإسرائيلي بيانا رسميا قال فيه: “التقى رئيس مديرية العمليات، اللواء عوديد سيوك، مع رئيس الأركان الجديد، اللواء إيال زامير، وطلب التقاعد من الجيش بعد نحو أربع سنوات قضاها في منصبه، وقد وافق زامير على الطلب، لكنه طلب منه الاستمرار في منصبه خلال الأشهر المقبلة، نظراً للتحديات العملياتية القائمة.”
وفي سياق آخر، نقلت القناة 13 العبرية عن ضابط استخبارات في أحد ألوية الاحتياط بالجيش الإسرائيلي، “أن حركة “حماس” تعمل على إعادة بناء قوتها العسكرية استعدادا للرد على استئناف إسرائيل المحتمل للقتال”.
وبحسب المصدر، فإن “حماس”، “نجحت في تجنيد آلاف المقاتلين الجدد، مما يجعل وضعها العسكري قريبا مما كان عليه قبل اندلاع الحرب، عندما كان يقدر عدد عناصرها بحوالي 30 ألف مقاتل”، كما أشار المصدر إلى أن “الحركة تستغل وقف إطلاق النار لزرع المتفجرات في مناطق مختلفة داخل القطاع، وهو ما تمكنت القوات الإسرائيلية من رصده عبر عملياتها الاستخباراتية والميدانية”.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، هدد باستئناف العمليات العسكرية في غزة، مؤكدا أنه “إذا لم تفرج “حماس” عن الأسرى الإسرائيليين، فستدفع ثمنا لا يمكنها تخيله”.
من جانبه، أعلن وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، أن “وقف المساعدات إلى غزة ليس سوى الخطوة الأولى، وأن الخطوة التالية ستكون قطع الكهرباء والمياه، وشن هجوم واسع وقوي يؤدي إلى احتلال القطاع، مع تشجيع تنفيذ خطة الرئيس الأمريكي السابق “دونالد ترامب” لتهجير السكان”.