د. عشاري محمود: 11 ديسمبر 2023م
تاريخ النشر: 15th, December 2023 GMT
○ 11 ديسمبر 2023م
□ فات على كثيرين الأمر الجوهري، وهو أن قمة الإيقاد كانت مسرحية أمريكية إماراتية، وكان دور رؤساء إثيوبيا وكينيا وجيبوتي وبقية المستنسخين من العم توم، ورئيس الاتحاد الإفريقي فكي، والأخدام المرتشين في سكرتارية الإيقاد، كان دورهم هو دور الدمي للتلاعب بها، وجعلها الغطاء لإخفاء التآمر الدولي ضد السودان.
□ هذه المؤسسة، الإيقاد، وصفتها السيدة البيضاء السفيرة بوزارة الخارجية الأمريكية مولي في، وهي مالكة هؤلاء العبيد، والعبد هو الذي يتم التحكم فيه تحكما يرقى إلى درجة الاستحواذ كما يستحوذ المرء على شيء ما، أي شيء، وصفت السيدة البيضاء منظمة الإيقاد بأن اسمها الرنان ” لا معنى له “، وقالت ما معناه إنها آلية في يدنا ستفعل ما نريد:
(((جدة 11 مايو 2023: سأذهب، إذا سمح الجدول الزمني بذلك، سأسافر غدا إلى أديس أبابا للتشاور مع الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية، …
لأولئك منكم الذين ليسوا غارقين في السودان، استخدمنا ما نشير إليه بآلية ثلاثية وهي الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي. والإيقاد، I-G-A-D، وهي منظمة إقليمية في شرق إفريقيا؛ إنها تعني الهيئة الحكومية الدولية للتنمية، وهو اسم لا معنى له، ولكنه يمثل الكتلة الإقليمية لشرق إفريقيا.
لقد كانوا شركائنا في دعم مفاوضات التحول الديمقراطي التي ناقشها جون غودفري، وأعتقد أنهم سيكونون جزءا من أي آلية يضعها الاتحاد الأفريقي معنا لدعم … هذا النوع من العملية الطويلة للوصول إلى وقف دائم للأعمال العدائية.))
انتهى.
□ أما خطاب المبعوث الأمريكي همر، في جلسة الإيقاد الافتتاحية، فقد كان وقحا واستعماريا وعنصريا. وهذا المبعوث الأمريكي نسي أن السودان ليس ولاية أمريكية أو مستعمرة أمريكية، لكي يأتي هو هذا التفة ويتحشر في شأن هو أصلا شأن سوداني داخلي، وفيه الدولة المعتدية الإمارات هي حليفة أمريكا، وتعمل الإمارات تحت إمرة أمريكا.
□ والإمارات خططت لهذا العدوان وأعدت له وبدأته ونفذته، بعلم أمريكا ورضاها، وبتواطئها.
□ كلها مسألة البينات المفروشة في الأرشيف العام المفتوح، إذا كان الناس يقرأون.
□ أما الإماراتي شخبوط، فقصته معروفة، جاء بالرشاوى وبنص البيان المكتوب في أبو ظبي، البيان الختامي للقمة، الذي اعتمده الأخدام الذين خاطبهم المبعوث الأمريكي هكذا: Our african brothers and sisters …. african solutions for african problems، بالتصغير للآفريكان.
□ فالموضوع الجوهري ليس البرهان، الأمره معروف، وقد بدأت أراجع موقفي إزاءه بعد ما قرأته في خطابه اليوم، بل الأمر الجوهري هو تكشف ذعر المعسكر الأمريكي الإماراتي، الذعر اليائس الذي جعلهم يلجؤون إلى التزوير والبلطجة والوقاحة، لإنقاذ الجنجويد واستعادهم إلى سابق زمانهم عبر المفاوضات.
□ يُحسب لصالح البرهان، وأعرف أني كنت قبلها كتبت فيه “شعرا”، يحسب لصالحه أنه عند الأمريكيين والإماراتيين كان هو السبب في فشل استيلاء عميلهم حميدتي، بصورة سلسلة، على السلطة. وهم لم يغفروا للبرهان ذلك.
□ وكذا هم الأمريكيين والإماراتيين لم ولن يغفروا للبرهان قتله حميدتي، وجعله حميدتي “الجنجويد الأخير”، فعلا.
□ وهم غاضبون على البرهان أنه عرف المحل السري تحت سطح الأرض حيث كان جثمان حميدتي مخفيا في التاتشر المنبوشة لاحقا. □ الآن هم يخشون أن البرهان سيحنث بوعده، حين وعدهم أنه لن ينبس ببنت شفة عن الجثمان “غير المعروف” في التاتشر المنبوشة.
هكذا فهمتُ قمة الإيقاد من كل ما حدث فيها، بما فيه خطاب المبعوث الأمريكي هو خطاب مهم لنا، فيه السياسة الأمريكية نفسها لم تتغير في أي شيء، من البداية في جدة 11 مايو 2023، ومنذ خطاب فكتوريا نيولاند، كبيرة جنجويد الإمبراطورية، لدى مجلس الشيوخ 10 مايو 2023 –السياسة الأمريكية هي الاتفاق الإطاري، مع التوسعة المحتملة.
□ الأمريكيون حددوا خطتهم منذ المقتلة الشنيعة لحميدتي، ومنذ فشل مشروعهم مع الإماراتيين والقحاتة وحمدوك، في يوم بداية الحرب.
لكنهم الأمريكيين يظلون متمسكين بخطتهم الوحيدة، هي استعادة الاتفاق الإطاري، بما فيه الجنجويد كما هم كانوا (يا للأسف بدون “الأمير”)، وبما فيه القحاتة أنفسهم الخونة للوطن من زمان، عملاء السفارات كذلك أخدام محمد بن زايد.
ليست التوسعة للاتفاق الإطاري سوى إضافة بعض شباب المقاومة القحاتة، من نوعية جواسيس السفير الأمريكي المعروفين الذين يحسب لصالحهم أنهم كانوا سربوا كلام السفير الأمريكي كله مسجلا صوتيا في السر، وفيه السياسة الأمريكية المخفية، أن أمريكا تقف مع قيادات الجنجويد والجيش ضد أي تغيير في السودان، منذ دولة 56.
الآن أصبح الجيش عند الأمريكيين ليس هو الجيش أيام الإطاري، تحت قيادة عميلهم البرهان، البرهان الذي كان فولكر بيرثيز، حينئذ، دجنه وأعطاه هو والجيش شهادة قال فيها فولكر إن المجتمع الدولي كلو والأمم المتحدة والشعب السوداني وهو فولكر نفسه، يعترفون أن “المؤسسة العسكرية مؤسسة محترمة جدا”.
□ أما الآن، بعد مقتلة حميدتي، فقد أصبح هذا الجيش عند الأمريكيين والإماراتيين هو “جيش الكيزان”، جيش الإسلاميين المتطرفين المتربصين، الذين سيأتون إلى الحكم فوق انتصار الجيش. □ مما قالت معناه السفيرة مولي في والمبعوث الأمريكي للقرن الإفريقي السفير هامر.
لهذا السبب يتمسك الأمريكيون والإماراتيون بهدف تركيع الجيش، بإرسال المرتزقة التشاديين ومن كل مكان وتسليحهم، وبالعمل على كل المستويات لجعل الحرب مكلفة للجيش وللسودانيين.
□ وهم الأمريكيين والإماراتيين متمسكون بالجنجويد، لضمان تنفيذ مصالحهم، مما لا يحدث إلا بالقوة العسكرية، وهي قوة الجنجويد المسلحين بالأسلحة الأمريكية من مخازن القاعدة الأمريكية في الإمارات، ومخازن القوات المسلحة الإماراتية.
□ أي، لم يبق للأمريكيين والأوربيين والإماراتيين والسعوديين والإسرائيليين إلا هؤلاء الجنجويد، حتى بدون حميدتي.
□ قد يقول قائل: لكن عندهم قيادات قوى الحرية والتغيير، “المدنيون”، اسمع الدلع المستخدم عند الأمريكيين.
كلا. يستحيل أن يعتمد الأمريكيون أو الإماراتيون، أو غيرهم، لضمان مصالحهم غير المشروعة في السودان، على هؤلاء الجهلة قيادات قحت حكاما في السودان.
ليس فقط بسبب جهالة هؤلاء القحاتة، بل كذلك لأن هؤلاء الأفراد قيادات قحت كذابون محتالون معروضون بصورة دائمة للبيع لأي سفير أو جهاز استخبارات، حتى لو كان من كينيا أو توجو، أو إثيوبيا، أو من روسيا أو كازاخستان، المهم للقحاتي هو أن يكون السفير الأجنبي قادرا على الدفع.
□ ذلك هو ما يعزز تمسك الأمريكيين والإماراتيين بالجنجويد، واستخدام القحاتة غطاء مدنيا فاسدا وعميلا.
□ تظل هذه الحرب حربا عادلة يخوضها الجيش والشعب السوداني ضد العدوان الإماراتي، المدعوم أمريكيا، وأوروبيا، وإفريقيا، وإقليميا، ومن قبل الأمم المتحدة. ليس الجنجويد والمرتزقة من كل دول الجوار باستثناء إريتريا ومصر، سوى الأدوات، والأداة كذلك عندها مصالح.
□ عليه، يجب التمسك بالاصطفاف مع الجيش، والعمل هنا، على هذا المستوى، على كشف المخططات الأجنبية التآمرية ضد السودان، وتكييف طبيعة الحرب بصورة صحيحة، أنها حرب عادلة لم يخترها الجيش، بل هو الجيش إنما يرد على العدوان الإماراتي الذي يستخدم الجنجويد بما فيهم المرتزقة من دول الجوار.
□ فأهم ما يجب الشروع في إعداده هو الملفات التوثيقية للعدوان الإماراتي، وإعداد الوثيقة المشتركة الوحيدة، أساس الشكاوى ضد الإمارات، بما هي الدولة المعتدية على السودان.
□ إذ يجب أن تتوقف الإمارات عند حدها، وأن تتم إدانتها، وأن يتم إجبارها على دفع التعويضات عن كل خسائر أو ضرر تسبب فيه.
الشكاوى ستكون لدى الإمارات نفسها، على أساس العلاقات بين الدول، ليس فيها العنف،
وكذا بالتزامن يجب تقديم نفس الشكوى لدى مجلس الأمن، والأمين العام للأمم المتحدة، ومحكمة العدل الدولية.
□ أيضا يجب التعامل الإيجابي بواسطة الحكومة مع المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في جريمة العدوان الإماراتي (لابد من إعلان السودان قبوله اختصاص هذه المحكمة فيما هو خارج دارفور المحالة أصلا وتشمل العدوان الإماراتي في نطاق دارفور).
□ وكذا يتعين تقديم نفس الشكوى لدى محكمة الاستثمارات (بشأن استثمارات الإمارات في السودان، في ضوء عدوانها على السودان). والشكوى لدى المؤسسات التحكيمية.
□ وأرى أن نفكر فيما إذا كانت المحكمة الإفريقية الفاسدة تستحق تقديم أي شكوى لديها، أترك الأمر مفتوحا.
□ هنالك مجالات أخرى للعمل على أساس نفس الوثيقة المشتركة عن العدوان الإمارتي: العمل الإعلامي، والتواصل مع جميع الدول دولة دولة، وتسليمها نفس الوثيقة الموحدة، المصحوب دائما في جميع الأحوال بالبينات لإثبات العدوان الإماراتي.
مع الشروع في تنظيم إجراء محاكمة شعبية دولية، وكذا محاكم شعبية محلية، لمحاكمة قيادات الإمارات.
د. عشاري محمود
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: العدوان الإماراتی المبعوث الأمریکی فی السودان بما فیه
إقرأ أيضاً:
الامارات: هل سيصدق مسيلمة؟
كتب الدكتور عزيز سليمان أستاذ السياسة والسياسات الامة
في خضم الأزمات السياسية والأمنية التي تعصف بالسودان، تبرز مسألة الدعم الخارجي كعنصر حاسم في تحديد مصير البلاد. في هذا السياق، تثير الضغوط الأمريكية على الإمارات لوقف إمداد قوات الدعم السريع بالسلاح "الأمريكي" تساؤلات عدة حول مصداقية كل من الإدارة الأمريكية والإمارات في هذا الملف الشائك.
مصداقية الإدارة الأمريكية
تاريخياً، لطالما كانت الولايات المتحدة هي اللاعب الرئيسي في تشكيل السياسات العالمية، بما في ذلك تلك المتعلقة بالشرق الأوسط وأفريقيا. لكن، إن كانت الولايات المتحدة جادة في موقفها المتعلق بوقف الدعم للإمارات وغض طرفها عما تفعله الامارات قبل واثناء الحرب، فإن عليها أن تُظهر ذلك من خلال إجراءات ملموسة، وليس مجرد تصريحات وجلسات مغلقة. تتطلب هذه المرحلة تفعيل آليات مراقبة دولية تضمن التحقق من عدم إمداد الإمارات لقوات الدعم السريع، بما في ذلك مراقبة الشحنات والأسلحة التي تمر عبر تشاد والصومال ويوغندا وكينيا وافريقيا الوسطي و المباشرة الي مطارات داخل السودان.
الإمارات: بين الاعتراف والوعود
بالنظر إلى الإمارات، فقد تم توجيه العديد من الانتقادات لها من قبل منظمات حقوق الإنسان وتقارير الأمم المتحدة، التي وثقت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان على يد قوات الدعم السريع، والتي تُعرف أيضاً بالجنجويد. هذه الانتهاكات تشمل الإبادة الجماعية والتدمير الممنهج للبنية التحتية للسودان. في هذا الإطار، اعترفت الإمارات ضمنياً بوجود مشكلات تتعلق بدعم هذه القوات، وقدمت وعوداً للإدارة الأمريكية بعدم مواصلة هذا الدعم. لكن يبقى السؤال: هل ستلتزم الإمارات بوعودها؟
تداعيات عدم المصداقية
إذا ما استمرت الإمارات في دعم الجنجويد، فإن ذلك لن يؤدي فقط إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في السودان، بل سيعزز أيضاً من حالة عدم الثقة بين الدول المعنية. ستجد حكومة السودان نفسها في موقف حرج، حيث ستعاني من تبعات عدم المصداقية الدولية، مما قد يؤدي إلى تفاقم الصراع وزيادة معاناة المدنيين.
دور حكومة السودان
في هذه الظروف الحرجة، ينبغي على حكومة السودان أن تتبنى استراتيجية دبلوماسية متكاملة تشمل تشكيل فريق متخصص لمتابعة التطورات المتعلقة بدعم الجنجويد. يجب أن يكون هذا الفريق مسؤولاً عن توضيح الوضع في السودان للمجتمع الدولي، مع التركيز على أهمية وقف إمداد الجنجويد بالسلاح كشرط رئيسي لإنهاء الحرب. يتعين على السودان أن يسعى للحصول على دعم المشرعين الأمريكيين الذين يدركون أن مفتاح السلام في البلاد يرتبط بشكل مباشر بوقف الدعم الإماراتي.
الحاجة لمراقبة دولية
من الضروري تشكيل آلية دولية لمراقبة التزام الإمارات بوعودها، حيث إن غياب هذه الآلية قد يترك المجال مفتوحاً أمام تكرار الانتهاكات. يجب أن تتضمن هذه الآلية ضمانات قوية لمراقبة الشحنات والأسلحة، وتوفير معلومات دقيقة للمجتمع الدولي حول أي انتهاكات محتملة. ذلك بجانب انذار لكل الدول التي تتعاون مع الامارات في حركة الأسلحة "الامريكية" من الامارات للجنجويد في السودان
الخاتمة
إن المسألة تتجاوز مجرد الأرقام والتصريحات؛ إنها تتعلق بمصير شعب كامل. تظل مراقبة وعود الإمارات بوقف الإمداد لقوات الدعم السريع أمراً بالغ الأهمية، كما أن تشكيل آلية دولية لمراقبة هذه الوعود يمثل خطوة حيوية نحو تجنب المزيد من الإبادة والمعاناة. إن مستقبل السودان يعتمد على التزام جميع الأطراف، وعليهم أن يتحملوا مسؤولياتهم تجاه هذا البلد الذي يعاني من أزمات متتالية.
quincysjones@hotmail.com