سلط الخبير في شؤون الأمن القومي والسياسة الخارجية بمعهد "نيو لاينز" في واشنطن، قمران بخاري، الضوء على الخطط الاستراتيجية السعودية بعد حرب غزة، باعتبارها الزعيم الفعلي للعالم العربي، مشيرا إلى توقعات بأن تلعب المملكة دوراً رئيسياً في إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والوصول إلى تسوية سياسية لمرحلة ما بعد الحرب.

وذكر بخاري، في تحليل نشره بموقع "جيوبوليتيكال فيوتشرز" وترجمه "الخليج الجديد"، أن الرياض مقيدة بعاملين حاسمين يعوقان قدرتها على تشكيل بيئتها الاستراتيجية في المستقبل المنظور، الأول هو اعتمادها بشكل كبير على دول أخرى لتحقيق أهداف أمنها القومي وسياستها الخارجية، والثاني هو امتلاك منافستها الجيوسياسية، إيران، لأدوات أكبر بكثير تحت تصرفها، وتصميمها على إحباط خطط المملكة في الشرق الأوسط.

وفي السياق، لفت بخاري إلى أن السعوديين حثوا الولايات المتحدة على ضبط النفس إزاء حركة أنصار الله اليمنية، الموالية لإيران، بعد تعطيلها لحركة الشحن العالمية من خلال مهاجمة السفن التجارية في البحر الأحمر، مشيرا إلى أن الرياض تريد منع الحرب بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية من التحول إلى حرب إقليمية كبرى.

لكن الأهم من ذلك، حسب تقدير بخاري، هو أن السعوديين لا يريدون أن يؤدي الصراع إلى عرقلة محادثاتهم المباشرة مع الحوثيين الرامية إلى إنهاء الحرب في اليمن، ويبدو أن كبار المسؤولين في إدارة بايدن متفقون على أن العمل العسكري ضد الحوثيين في هذا الوقت سيكون خطأ، لكن البيت الأبيض يجري محادثة مع الدول الحليفة للولايات المتحدة حول خطة لتوسيع قوة عمل بحرية متعددة الجنسيات لحماية الشحن التجاري بالقرب من اليمن.

طوفان الأقصى

وأدت عملية "طوفان الأقصى" التي قامت بها حركة حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول، إلى نسف الجهود السعودية لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، الذي يراه ولي عهد المملكة الأمير، محمد بن سلمان، جزءًا مهمًا من الاستراتيجية السعودية لتحول اقتصاد بلاده.

فرؤية 2030، التي أعلنها بن سلمان في عام 2016، تهدف إلى تقليل اعتماد السعودية على صادرات النفط الخام وتنويع الاقتصاد، وإنشاء اتصال عالمي أكبر، وسن عقد اجتماعي جديد مع مواطني البلاد البالغ عددهم حوالي 37 مليون نسمة، وهي مهمة طموحة بالنسبة لبلد كان معقلاً للتفسير الأكثر تشددا للإسلام منذ تأسيس الدولة السعودية الأولى في منتصف القرن الثامن عشر، بحسب بخاري.

 وفي وقت قصير، تمكن بن سلمان من إدخال العديد من الحريات الاجتماعية في بلاده، وخاصة للنساء، اللاتي كن ممنوعات قانونًا من قيادة السيارات حتى عام 2017، وتمكن من تجنب أي رد فعل عنيف من المؤسسة الدينية في البلاد، التي كانت حتى سنوات قليلة مضت تتمتع بقدر كبير من القوة والسلطة على شؤون السياسة العامة.

اقرأ أيضاً

تصريحاتها العلنية ألاعيب.. صحفي أمريكي إسرائيلي: السعودية تريد القضاء على حماس

غير أن التحدي الداخلي الرئيسي، الذي يواجه بن سلمان، بحسب بخاري، هو الوصول إلى الجانب الآخر من هذا التحول "دون أي تغييرات كبيرة في النظام السياسي"، خاصة أن البيئة الاستراتيجية للمملكة أصبحت محفوفة بالمخاطر بشكل متزايد بعد إنشاء إيران نفوذاً عميقاً لها في الجناحين الشمالي والجنوبي للمملكة في الوقت الذي تضاءلت فيه العلاقات السعودية مع حليفتها القوية والضامنة للأمن، الولايات المتحدة، على مدى السنوات العشرين الماضية.

وإضافة ذلك، خلقت انتفاضات الربيع العربي عام 2011 فراغات استراتيجية في المنطقة استفاد منها الإسلاميون السنة والميليشيات الشيعية الموالية لإيران، ومع انتشار الاضطرابات أدركت الرياض أنها لم تعد قادرة على الاعتماد على الولايات المتحدة، التي كانت تسعى إلى الانسحاب عسكرياً من الشرق الأوسط.

ونتيجة لذلك، عندما ثارت الأغلبية الشيعية ضد النظام الملكي السني في البحرين المجاورة، شكل السعوديون في مارس/آذار 2011 فرقة عمل مشتركة مع الإمارات العربية المتحدة وتدخلا لقمع الثورة وتحقيق الاستقرار في النظام الملكي، وكانت هذه أول محاولة للرياض لضمان "الأمن" في المنطقة، حسب تصورها.

وبعد 4 سنوات، تدخل السعوديون والإماراتيون على نطاق أوسع بكثير في اليمن، حيث كان للحوثيين اليد العليا في الحرب الأهلية الدائرة منذ عام 2011.

وفي أول مهمة عسكرية جدية لها، كانت الرياض تأمل في أن يستمر دعمها لتقويض نظام الحوثيين في صنعاء، لكن، وخلافاً للتوقعات السعودية، أثبت الحوثيون أنهم خصم هائل، إذ طوروا في السنوات الأخيرة قدرتهم على شن هجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة في عمق السعودية، بما في ذلك الهجمات على المنشآت النفطية الرئيسية.

إدراك الرياض

وهنا يشير بخاري إلى أن الرياض أدركت أنها لا تستطيع التعامل بفعالية مع وكلاء إيران في المنطقة، وأجبرها عجزها عن إضعاف الحوثيين على البدء في التفاوض على خروجها من الصراع اليمني.

ولا تزال المحادثات بهذا الشأن جارية، لكن يسود هدوء نسبي على الحدود السعودية اليمنية منذ نحو عام. وكما كان احتواء إيران يتطلب التعاون مع دول الخليج الأخرى، فقد أدرك السعوديون أنهم غير قادرين على تحقيق أهدافهم المحلية أثناء انخراطهم في حرب طائفية مع وكيل إيران في اليمن ووسط عدم الاستقرار الإقليمي على نطاق أوسع.

ووقع السعوديون والإيرانيون هذا العام اتفاقًا، بوساطة الصين، أعاد العلاقات الدبلوماسية، التي قطعتها الرياض في عام 2016. وفي الوقت الذي عملت فيه المملكة على تحسين علاقاتها مع إيران، كانت أيضًا منخرطة في المفاوضات لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، بدعم من الولايات المتحدة. ويرى بخاري أن المملكة كانت تأمل في أن تنتهي هذه المحادثات بصفقة كبيرة من شأنها أن تعزز الدعم الأمريكي للأمن القومي السعودي، وإقامة علاقات سعودية إسرائيلية، بشرط موافقة إسرائيل على العمل من أجل تحقيق السلام الفلسطيني، ما اعتبرته الرياض فرصة لـ "فترة راحة من التوترات الإقليمية للتركيز على أولوياتها الداخلية".

لكن عملية "طوفان الأقصى" قلبت خطط الرياض الاستراتيجية رأساً على عقب، وخلقت مخاطر كبيرة لنشوب صراع إقليمي، ووضع السعودية في موقف دفاعي أكبر.

وبحسب بخاري، فإن السعودية تريد أن تنتهي الحرب قبل أن يؤدي الغضب من ارتفاع عدد القتلى بين المدنيين الفلسطينيين إلى تطرف شبابها وشباب الدول العربية الأخرى، لكنها تريد أيضا، للمفارقة إضعاف حماس حتى تتمكن من العودة إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل.

ويتجلى ضعف موقف الرياض في التقارير التي صدرت الشهر الماضي عن عرضها الاستثمار في الاقتصاد الإيراني المتضرر من العقوبات مقابل ضمانات بأن وكلاء طهران لن يوسعوا نطاق الحرب بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية.

ورغم أن الحرب الإقليمية ليست بالضرورة في مصلحة إيران أيضًا، "فمن المرجح أن يشجع يأس السعودية طهران على اتخاذ المزيد من المخاطر المحسوبة"، حسبما يرى بخاري.

اقرأ أيضاً

مسؤول أمريكي: الجميع حريص على استمرار محادثات التطبيع بين إسرائيل والسعودية

المصدر | قمران بخاري/جيوبوليتيكال فيوتشرز - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: السعودية إسرائيل التطبيع غزة أنصار الله اليمن إيران طهران الولایات المتحدة مع إسرائیل بن سلمان

إقرأ أيضاً:

“التقاء” تنطلق بنسختها الثانية للفنون السعودية البرازيلية في الرياض

المناطق_واس

انطلقت اليوم النسخة الثانية من فعالية “التقاء”، التي ينظمها المعهد الملكي للفنون التقليدية “وِرث” برعاية صاحب السمو الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة رئيس مجلس أمناء المعهد، وذلك باستضافة جمهورية البرازيل الاتحادية تحت عنوان “التقاء الفنون السعودية البرازيلية”، وذلك بمركز الملك فهد الثقافي في الرياض.

وتسلط الفعالية، التي تستمر ثلاثة أيام، الضوء على التناغم الفني بين المملكة والبرازيل من خلال تقديم خمسة عروض أدائية سعودية تقابلها خمسة عروض أدائية برازيلية، تُختتم برقصة مدمجة تجمع بين الفنون التقليدية لكلا البلدين.
وتتضمن الفعالية عملًا فنيًا مشتركًا بعنوان “انسجام”، يجمع بين فنانة سعودية وأخرى برازيلية، إلى جانب أكثر من 15 فعالية ثقافية مصاحبة، تشمل أنشطة حركية، وقطعًا فنية، وورش عمل متخصصة تهدف إلى التعريف بالفنون الأدائية والبصرية التقليدية للبلدين وتعزيز التبادل الثقافي بينهما.

أخبار قد تهمك نيابة عن سمو أمير دولة قطر.. الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني يقدم واجب العزاء في وفاة الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز 31 يناير 2025 - 12:17 صباحًا الملاح الإسباني بابلو مورينو : خبرة الأمير خالد بن سلطان حضرت في المرحلة الاستعراضية لرالي حائل تويوتا الدولي 2025 30 يناير 2025 - 11:37 مساءً

وتُقام الفعالية خلال الفترة من 30 يناير إلى 1 فبراير، من الساعة 7 مساءً وحتى 9 مساءً ؛ لتتيح للزوار تجربة ثقافية استثنائية تجمع بين الترفيه والمعرفة، في أجواء تعكس التراث الفني المشترك بين المملكة والبرازيل.

يُذكر أن فعالية “التقاء” تعد إحدى مبادرات المعهد الملكي للفنون التقليدية، التي تهدف إلى تعزيز الحراك الفني والتبادل الثقافي العالمي، وخلق منصات للتواصل بين الفنون التقليدية محليًا ودوليًا.

وتسهم الفعالية في رفع مستوى الوعي بالفنون التقليدية ونشرها والتعريف بها على نطاق أوسع، ضمن جهود المعهد في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 للحفاظ على التراث الثقافي وتعزيزه عالميًا.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط 31 يناير 2025 - 12:21 صباحًا شاركها فيسبوك ‫X لينكدإن ماسنجر ماسنجر أقرأ التالي أبرز المواد30 يناير 2025 - 11:33 مساءًأمانة حائل تشارك بأكبر جناح في معرض المنتجات الوطنية السعودية ” SNP Expo ” بدولة الكويت أبرز المواد30 يناير 2025 - 11:25 مساءًالنصر يتغلّب على الرائد بهدفين لهدف في الجولة الـ18 من دوري المحترفين أبرز المواد30 يناير 2025 - 11:22 مساءًانطلاق جلسات وورش العمل بمعرض المنتجات الوطنية السعودية ” SNP Expo ” بدولة الكويت أبرز المواد30 يناير 2025 - 11:00 مساءًتونس تمدد حالة الطوارئ حتى نهاية ديسمبر 2025م أبرز المواد30 يناير 2025 - 10:57 مساءًالتشيكي ميروسلاف : رالي حائل الدولي يعني لي الشيء الكبير30 يناير 2025 - 11:33 مساءًأمانة حائل تشارك بأكبر جناح في معرض المنتجات الوطنية السعودية ” SNP Expo ” بدولة الكويت30 يناير 2025 - 11:25 مساءًالنصر يتغلّب على الرائد بهدفين لهدف في الجولة الـ18 من دوري المحترفين30 يناير 2025 - 11:22 مساءًانطلاق جلسات وورش العمل بمعرض المنتجات الوطنية السعودية ” SNP Expo ” بدولة الكويت30 يناير 2025 - 11:00 مساءًتونس تمدد حالة الطوارئ حتى نهاية ديسمبر 2025م30 يناير 2025 - 10:57 مساءًالتشيكي ميروسلاف : رالي حائل الدولي يعني لي الشيء الكبير نيابة عن سمو أمير دولة قطر.. الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني يقدم واجب العزاء في وفاة الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز نيابة عن سمو أمير دولة قطر.. الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني يقدم واجب العزاء في وفاة الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز تابعنا على تويتـــــرTweets by AlMnatiq تابعنا على فيسبوك تابعنا على فيسبوكالأكثر مشاهدة الفوائد الاجتماعية للإسكان التعاوني 4 أغسطس 2022 - 11:10 مساءً بث مباشر مباراة الهلال وريال مدريد بكأس العالم للأندية 11 فبراير 2023 - 1:45 مساءً اليوم.. “حساب المواطن” يبدأ في صرف مستحقات المستفيدين من الدعم لدفعة يناير الجاري 10 يناير 2023 - 8:12 صباحًا جميع الحقوق محفوظة لجوال وصحيفة المناطق © حقوق النشر 2025   |   تطوير سيكيور هوست | مُستضاف بفخر لدى سيكيورهوستفيسبوك‫X‫YouTubeانستقرامواتساب فيسبوك ‫X ماسنجر ماسنجر واتساب تيلقرام زر الذهاب إلى الأعلى إغلاق البحث عن: فيسبوك‫X‫YouTubeانستقرامواتساب إغلاق بحث عن إغلاق بحث عن

مقالات مشابهة

  • أول زيارة خارجية لرئيس سوريا.. الشرع يصل الرياض وهذه أبرز الملفات التي سيبحثها مع محمد بن سلمان
  • وصول الرئيس الشرع ووزير الخارجية إلى العاصمة السعودية الرياض
  • عاجل. الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع يصل الرياض في أول زيارة رسمية السعودية
  • صحيفة: ترامب ونتنياهو سيعلنان عن تقدم في التطبيع بين إسرائيل والسعودية
  • تعطل نظام مراسلة الطيارين في أمريكا
  • معاريف: اتفاق التطبيع مع السعودية ناضج تقريبا
  • زي النهارده.. توقيع معاهدة سلام تورون التي أنهت الحرب البولندية الليتوانية التوتونية
  • تقرير: إسرائيل تشكو من تمويل إيران لحزب الله بحقائب من النقود عبر مطار بيروت
  • “التقاء” تنطلق بنسختها الثانية للفنون السعودية البرازيلية في الرياض
  • السلطات السعودية تقبض على أثيوبيين لتهريبهما 140 كيلو جرام من نبات القات من اليمن