أحد التطورات السياسية الرئيسية في مرحلة ما بعد 2019 هو دخول تقنيات الدعاية والعلاقات العامة المتقدمة التي تم تمويلها سراً من خارج السودان. وهذا هو السبب الذي يجعل مجموعة معينة، قحت بالذات، تقدم نفس النقاط لوسائل الإعلام بنفس المضمون والموقف والفرق الوحيد بين مختلف متحدثيها هو الأسلوب وليس الجوهر.

لقد ظل خطاب قحت الإعلامي متقدمًا جدًا ومصممًا بشكل جيد ويتم تنفيذه بانضباط صارم من جميع المتحدثين باسمها.

لا يحيد أي متحدث رسمي عن نقاط الحديث المكتوبة لهم بعد أن تم إعطائهم تدريبًا إعلاميًا جيدًا.

ولكن دعونا نتفحص جوهر خطاب قحت الإعلامي، والذي يمكن تلخيصه فيما يلي:

????هذه الحرب بدأها إخوان المؤتمر الوطني.

????قحت تريد السلام كأولوية ملحة.

????الإخوان يريدون إطالة أمد الحرب.

????قحت لا تنتقد الجيش، بل تلقي كل انتقاداتها على إخوان المؤتمر الوطني الذين يسيطرون على الجيش. في خطابها هذه حرب ضد الأخوان لا علي الجيش.

????وتقاتل قوات الدعم السريع الإخوان الذين يسيطرون على الجيش ولا تحارب ضد الدولة السودانية.

????إن إخوان المؤتمر الوطني ضد السلام وهم السبب الرئيسي لعدم انتهاء الحرب.

????قحت ضد تمثيل إخوان المؤتمر الوطني في أي مفاوضات سلام لأن مشاركتهم تعني مكافأتهم على العدوان الذي ارتكبوه كما يردد كادرها القيادي كثيرا بالذات عقلها المفكر وقلبها النابض السيد ياسر عرمان.

من واجبنا الآن أن نلاحظ أن خطاب قحت منافق وغير متسق.

لنفترض أن قحت على حق:أي أن إخوان المؤتمر الوطني يسيطرون على الجيش ويتسببون في استمراره. وهكذا تصبح هذه حرباً ضد جيش يسيطر عليه الإخوان. إذا كان هذا صحيحا، فإن قحت أمام خيارين. الأول هو التفاوض مع أعدائها الذين يسيطرون على الجيش إذا كانت جادة في أولوية السلام، لأنه بحكم التعريف فان الجماعات تصنع السلام مع أعدائها، ولا أحد يصنع السلام مع أصدقائه. وتسهيل السلام عن طريق التفاوض مع العدو هو ضد وعكس رفض قحت إشراك الإخوان في محادثات السلام.

لذا يا قحت، إذا كنت تريدين السلام حقاً، فتفاوضي مع عدوك الذي يسيطر على الجيش المقاتل وكفي عن هذا الهراء السخيف بتكرار أن مشاركة إخوان المؤتمر الوطني في أي عملية سياسية عبارة عن مكافأة لا يستحقونها. من يريد السلام يتفاوض مع عدوه خاصة إذا كان هذا العدو يسيطر على جيش.

بكلمات بسيطة، قحت لا تستطيع أن تأكل كبستها وتحتفظ بها فهذه شراهة وطفاسة. عليها أن تختار بين خيارين: إما أنها تبحث بصدق عن السلام، وفي هذه الحالة يتعين عليها التفاوض مع الإخوان الذين تدعي أنهم يسيطرون على الجيش.

أو يمكنها إعطاء الأولوية لمعاقبة الإخوان فوق السلام والإصرار على عدم مشاركتهم في العملية السياسية. يحق لقحت أن تعطي الأولوية لإنهاء الإخوان، وهذا قرار سياسي متروك لتقديرها، فهو خيار مشروع، ولكن في هذه الحالة سيكون من النفاق والتضليل الشديد الإصرار على أنها حمامة السلام وأن الإخوان هم دعاة الحرب الوحيدون. في هذه الحالة، على الأقل، لا فرق فيما يختص بأولوية السلام بين خطابها وخطاب أعدائها الذين تتهمهم بأنهم المدافعون الحصريون عن أستمرار الحرب.

إذا كانت قحت تصر علي عدم مشاركة الاخوان ألذين تدعي أنهم يسيطرون علي الجيش فلا فرق بينها والبلابسة الا في درجة النفاق وجودة التدريب الاعلامي النوعي الذي حصلت عليه .

والآن دعونا نفكر في سؤال ما العمل مع الإخوان. إذا كان إخوان المؤتمر الوطني يسيطرون على الجيش، وإذا كانوا قوة رئيسية في السياسة السودانية، وإذا كان الهدف هو التوصل إلى تسوية سلمية للحرب السودانية، فيمكن لقحت وأصدقائها رفض إشراكهم في عملية المفاوضات السياسية ومحاربتهم للأبد وهذا يعني المزيد من الدمار.

دعنا الآن لنفترض أن إخوان المؤتمر الوطني قوة صغيرة منهكة ومهزومة بعد إنتصار ثورة الشباب في 2019. وفي هذه الحالة سيكون من الممكن استبعادهم من العملية السياسية ومعاقبتهم والمضي قدماً دون دفع ثمن باهظ في شكل حرب شريرة ضروس . ولكن إذا كان الأمر كذلك، وإذا كان إخوان المؤتمر الوطني مجموعة ضعيفة يمكننا استبعادها دون أي تكلفة من حيث الدمار ودماء ومعاش الآخرين بينما نحن نرفل في العواصم الآمنة (كما هو حالي)، فلماذا تستمر قحت في الادعاء بأن هذه المجموعة تسيطر على الجيش وتمتلك القوة والوسائل اللازمة لضمان استمرار الحرب؟ في هذه الحالة علي قحت أن تتسق وتقول أن إخوان المؤتمر الوطني قوة ضعيفة معزولة وان هذه الحرب ضد الجيش وضد الدولة السودانية.

إن حقيقة عدم اكتشاف هذه التناقضات أو تحديدها أو مناقشتها في مساحات الرأي العام السوداني عبارة عن شهادة نجاعة وذكاء لحملة قحت الدعائية وشهادة تثبت أن جميع كادرها القيادي والمتحدث الرسمي باسمها يتلقي تدريبًا إعلاميًا قويًا ودعمًا مستمرًا في حملاته ذات الصلة بالعلاقات العامة.

ملحوظة ختامية: هذا المقال يتناول قضية شديدة الأهمية وهي قضية الحرب والسلام ولم يرد فيه أي مدح لاخوان أو جيش. ملخص المقال هو أنه إذا كانت هذه حرب الأخوان فان صنع السلام يعني إشراكهم في المفاوضات السياسية. وان لم تكن حرب الأخوان فعلي الدعاية المضادة أن تكف عن القول بانهم سبب الحرب وأنهم يسيطرون علي قرار الجيش المحارب.

ولمنع سوء الفهم المتعمد أو نتيجة عدم قدرة على فهم المواقف المعقدة، لاحظ أن هذا المنشور لا يجيب على سؤال ما إذا كان الإخوان يسيطرون على الجيش بنعم أم لا. وهو لا يجيب على سؤال ما إذا كانت المفاوضات هي أفضل مسار بنعم أم لا. يقول هذا المنشور فقط أن من يدعون أن الإخوان يسيطرون على الجيش وأستمرارية الحرب عليهم أن يتفاوضوا معهم إذا كانوا يسعون حقًا إلى السلام. ولكن إذا كانوا لا يريدون إشراكهم في العملية السياسية، فهذا يعني أن السلام ليس من أولوياتهم ولا داعي للأكاذيب والادعاءات واتهام الآخرين بالبلبسة واعفاء الذات فبلابسة الطرف الآخر لا يدعون أنهم حمائم سلام.
معتصم أقرع

++++
تعليق أول
تعقيبي علي تعقيب الأستاذ عمر القراي علي مقالي:

قبل يومين كتبت مقالاً عن الحرب والسلام. ولم أعتمد في تلك المقال أي تحليل أو رأي أو موقف. كان المقال عبارة عن تمرين منطق خالص يوضح أن موقف قحت متناقض.

تقول قحت إن الإخوان يسيطرون على الجيش. وتقول إنها تعطي الأولوية للسلام. وتقول إن الإخوان لا يمكنهم المشاركة في مفاوضات السلام أو أي عملية سياسية، كما كرر أكثر من متحدث رسمي باسمها، وأبرزهم ياسر عرمان.

قلت في مقالتي أن خط قحت غير متسق. فإذا كان الإخوان يسيطرون على الجيش، وكانت قحت تعطي الأولوية للسلام، فعليها أن تشركهم في المفاوضات. أو من حق قحت أن تقول إنها ضد مشاركة الإخوان ولكن في هذه الحالة لا يمكنها أن تدعي أن السلام هو أولويتها لأن الأولوية في هذه الحالة تصبح استبعاد الإخوان حتى لو استمرت الحرب إلى أجل غير مسمى.

كتب السيد عمر القراي تعليقا على مقالتي يمكنك رؤيته في التعليق الأول.

بالنسبة لي، رد القراي يتكون من جزئين . الجزء الأول عبارة عن ثلاث فقرات طويلة تتحدث عن جرائم الإخوان. ليس لدي أي جدال مع الأستاذ عمر في هذا الجانب، لقد عرضت رأيي حول نظام الإخوان آلاف المرات.

وكما قلت، كان نصي بمثابة تمرين في المنطق وليس حول طبيعة الإخوان أو الجنجويد أو قحت أو تقدم. ولم يقدم مقالي أي رأي حول من هو على حق ومن هو على خطأ، ولم يذكر شيئًا عن طبيعة الحرب أو من بدأها.

يقول الأستاذ القراي في الجزء الثاني من المقال:

"ولما كانت قوى الحرية والتغيير، ليست طرفاً في الصراع المسلح، فهي لم ترفض اشراك أي طرف من المتحاربين، في التفاوض بغرض وقف الحرب.".

هذا بيت القصيد. مقالي مبني علي تصريحات قادة قحت الرافضون لمشاركة الأخوان تحت شعار أن مشاركتهم تعني مكافأة من أشعل الحرب كما رددوا كثيرا.

وإذا كان ما قاله الأستاذ عمر القراي صحيحا وان "قوى الحرية والتغيير، ليست طرفاً في الصراع المسلح، فهي لم ترفض اشراك أي طرف من المتحاربين، في التفاوض بغرض وقف الحرب." فلا خلاف بيننا إذا التزم أهل قحت بذلك.
الأستاذ القراي يفترض ضمنا أن العملية السياسية التالية معزولةعن قضية التفاوض حول وقف الحرب وهذا افتراض صعب لا أود أن أخوض فيه الآن.

+++++
تعليق ثاني

تعقيبي علي القراي مرة أخري:

قبل يومين كتبت مقالاً عن الحرب والسلام.

رد الأستاذ القراي علي بمقالين مطولين كلاهما مبني علي سوء فهم أتمني ألا يكون متعمدا لمقالي الواضح .

كان المقال عبارة عن تمرين منطق خالص يوضح أن موقف قحت متناقض.

تقول قحت إن الإخوان يسيطرون على الجيش. وتقول إنها تعطي الأولوية للسلام. وتقول إن الإخوان لا يمكنهم المشاركة في مفاوضات السلام أو أي عملية سياسية، كما كرر أكثر من متحدث رسمي باسمها .

ولم أعتمد في تلك المقال أي تحليل أو رأي أو موقف. لم يدع مقالي قحت للتفاوض مع الأخوان كما أوضحت وكررت. كان مقالي دعوة لقحت لعدم التناقض واكل التفاحة والاحتفاظ بها .

قلت في مقالتي إذا كانت قحت تقول أن الإخوان يسيطرون على الجيش، وكانت تعطي الأولوية للسلام، فعليها أن تشركهم في المفاوضات. أو من حق قحت أن تقول إنها ضد مشاركة الإخوان ولكن في هذه الحالة لا يمكنها أن تدعي أن السلام هو أولويتها لأن الأولوية في هذه الحالة تصبح استبعاد الإخوان ويصبح السلام هدفا ثانويا حتى لو استمرت الحرب إلى أجل غير مسمى.

هذا ببساطة كان مقالي. لا أكثر من دعوة للاتساق.

ولكن الأستاذ القراي أساء تفسيره في مقاليه وفسره علي أنه دعوة خالصة لقحت لتفاوض الأخوان.

في رده الأول لم يدلف القراي إلي جوهر حجتي وأسهب بفقرات طويلة من كتاب خطايا الأخوان وكانني أنكرتها في أي يوم في ثلاثة عقود حكمهم وبعدها. وكان في هذا إشارة لا تخفي علي لبيب أنه يرسمني كمتورط في جرائم الأخوان. وبني علي هكذا تفسير وعمدني في البداية والنهاية ككوز بالتلميح الواضح. وهذه حيلة في الكوار تعرف باسم بناء رجل قش من حجة الخصم كي يسهل صرعها. بل وطلب مني أن أخرج من العواصم الآمنة، وأ حضر للسودان، لأقاتل مع الكتائب الاخوانية!

يبدو أن أي شخص يخالف موقف هذه الجماعة لا بد أن يكون كوز وهذا مستوي من غياب الموضوعية ينفي إمكانية أي حوار مفيد، امين فلا جدوي من حوار أهدر فيه زمن في رد علي تهم من بنات الخيال.
وإذا كان من المستحيل التفكير خارج الصندوق القحتي إلا من قبل كوز، فعلي بركة الله. قبلنا التهمة.

elagraa@gmail.com
/////////////////////  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: العملیة السیاسیة الحرب والسلام فی هذه الحالة الأستاذ عمر إن الإخوان تقول إنها وتقول إن إذا کانت عبارة عن وإذا کان تدعی أن إذا کان قحت أن

إقرأ أيضاً:

في ذكري 3 يوليو.. عام 2013 البداية والنهاية في تحديد مصير المصريين

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

يعتبر عام 2013 نقطة تحول في تاريخ المصريين، بعد التخلص من حكم جماعة الإخوان فهذا العام هو عام نهاية الإخوان، لكن بدايته كانت صعبة نوعًا ما، إذ وضعت الجماعة يديها على مؤسستي الرئاسة والبرلمان، وبدأت تتنامى تحركات احتجاجية تزعمها قادة جبهة الإنقاذ الوطني، التي تشكلت عقب إصدار الرئيس الإخواني السابق محمد مرسي إعلانا دستوريا حصن قراراته، وضمت حينها غالبية القوى المدنية،  وبعض رموز المعارضة المصرية.

و كان قادة جبهة الإنقاذ حين ذاك، الدكتور محمد البرادعي وعمرو موسى وحمدين صباحي، نظموا تظاهرات حاشدة لإحياء ذكرى ثورة 25 يناير.

وعقب يوم واحد فقط من مظاهرات 25 يناير في ذكراها الثانية حينها كانت القاهرة تغلي هي  ومدن القناة، التي شهدت موجة عنف دامي على خلفية أحكام صدرت بحق متهمين في قضية مقتل 74 مشجعا كرويا في استاد بورسعيد، وقتها أعلن مرسي حالة الطوارئ في مدن القناة، وكان ذلك يوم 27 يناير.

واستمرت الاحداث والقرارات الإخوانية على هذا المنوال حتى جاء يوم 26 أبريل وبدء حملة للتوقيع على وثيقة سحب الثقة من الرئيس السابق مرسي، وكانت حملتهم تسمى " تمرد".

 وجمعوا 15 مليون توقيع قبل يوم 30 من يونيو، ذلك لأن هذا اليوم الذي دخل فيه مرسي إلى قصر الاتحادية الرئاسي.

وفي ذلك الوقت أعلنت حركة " تمرد"، أنها جمعت  في نهاية أسبوعها الأول أكثر من 200 ألف توقيع على الوثيقة، وخلال أسابيع قليلة بدت استمارات حملة تمرد يزيد عليها الإقبال من قبل المواطنين الغاضبين من حكم جماعة الإخوان، خاصة بعد أن بدأت الجماعة تكشف عن وجهها ونياتها الخبيثة، عبر مجموعة  مشروعات وقوانين ناقشها البرلمان الإخواني حينها

وفي ظل هذه التوترات واصلت استمارات حركة تمرد انتشارها الواسع في المقاهي، وأروقة المؤسسات الحكومية وفي والشوارع، والمنازل.

في ذلك التوقيت أحرزت حملة تمرد ملايين الاستمارات الموقعة، و طالبت بانتخابات رئاسية مبكرة.

حينها ردت جماعة الإخوان على تمرد جاء بحملة قوية موالية لمرسي وكانت تلك الحملة تمسى "تجرد"، وصفها وقتها المحللون بحملة طفولية، وتفتقر للخطاب المقنع و الجيد.
وتزامنًا مع تلك الأحداث كانت حينها محكمة في مدينة بورسعيد  قد بدأت في نظر قضية هروب مساجين عقب ثورة 25 يناير وكان من بينهم محمد مرسي، وبدأت نتائج التحقيقات التي تولتها هيئة المحكمة تسير في اتجاه معاكس له، لأنها أثبتت إدانة مرسي وجماعة الإخوان.
وفي تلك الأثناء تصاعدت حالة القلق بشأن المسار السياسي في مصر، وبدأت أصوات المواطنين تتعالى وتطالب بتدخل الجيش، وسط اتساع رقعة الأزمات والعجز الإخواني عن توفير الطاقة اللازمة لتشغيل محطات الكهرباء.
حينها بدأ العد التنازلي لمظاهرات يوم 30 يونيو التي دعت لها تمرد، في ظل تصعيد خطاب قادة الإخوان، وفي هذه الأثناء ظهر الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، الذي كان وقتها فريق أول، وسط مجموعة من قادة وضباط الجيش ليمهل القوى السياسية المتصارعة بما فيهم الإخوان أسبوعا للتوصل إلى توافق سياسي.

وبعد أسبوع من خطاب السيسي انتظر المصريون خطاب للرئيس السابق مرسي، وتوقعت الأغلبية أنه سوف يحمل تسوية سياسية للأزمة مع المعارضة، لكن مرسي أعلن الدعوة للاستفتاء على استمراره، عن حكومة إنقاذ وطني، وتفعيل حوار وطني لتعديل دستور 2012.

وبدأ مرسي خطابه مساء الأربعاء الموافق 26 يونيو 2013، وانتهى منه بعد منتصف الليل،  وفي هذا الخطاب هاجم مرسي جميع الأطراف بداية من منافسه في الانتخابات الرئاسية أحمد شفيق، مرورا بالقضاة، وحتى رجال الحزب الوطني المنحل الذي وصفهم بالبلطجية.

استمر الأمر هكذا حتى جاء صباح يوم 30 يونيو 2013، وبدت شوارع القاهرة شبه خالية من المارة ووسائل المواصلات والسيارات، و أغلقت المحال التجارية وأفرغ أصحابها محتوياتها خشية اندلاع أعمال عنف، وجاءت المفاجأة مع اقتراب غروب شمس اليوم، إذ بدأ الجميع بالنزول في  ثورة غير مسبوقة، واحتفل حينها ملايين المصريين على امتداد البلاد حتى منتصف الليل بنجاح دعوتهم.

وفي عصر اليوم التالي، أمهل الجيش القوى السياسية 48 ساعة للاتفاق على مخرج من الأزمة التي عصفت بالبلاد، وشدد في هذه الأثناء أنه في حالة إذا لم تتحقق مطالب الشعب فسيعلن خارطة للمستقبل وإجراءات تشرف على تنفيذها بمشاركة جميع الأطياف والاتجاهات الوطنية.

 وعلى مدار الأيام الثلاثة الملاحقة لـ30 يونيو تدفق المصريون بالملايين على ميادين رئيسية في المدن بشكل كبير، وشهد حينها ميدان التحرير أكبر مظاهرة في التاريخ.

وقبل انقضاء المهلة الممنوحة من الجيش، أعلن مرسي خطاب للرئيس، وكالعادة جاء خطابه طويلا، وكرر فيه تمسكه بالشرعية عشرات المرات.

وفي مساء 3 يوليو ظهر الفريق أول السيسي يحيط به قادة الجيش وممثلو حملة تمرد وقادة القوى السياسية وشيخ الأزهر وبابا الأقباط، وأعلن استجابة الجيش لمطالب المصريين الذين احتشدوا مجددا في ميادين البلاد، عزل مرسي واستجاب الجيش لمطلب شباب تمرد بأن يحل محله رئيس المحكمة الدستورية العليا، كما علق العمل بدستور 2012 لحين تعديله، وكذلك اتفق على إجراء انتخابات برلمانية.

وأدى حينها المستشار عدلي منصور رئيس المحكمة الدستورية العليا اليمين القانونية يوم الخميس 4 يوليو كرئيس مؤقت للبلاد.

وردت الجماعة على  الأمر برفض الاعتراف بخارطة الطريق وتعهدت بإسقاطها، وأعلنت عن تظاهر واعتصام في ميدان رابعة العدوية في مدينة نصر وميدان النهضة في الجيزة بجامعة القاهرة.

وفي اثناء الاحتجاجات الإخوانية جرت عملية ترتيب سياسي جادة، إذ جاء البرادعي كنائب للرئيس لشؤون العلاقات الدولية، واختير الدكتور حازم الببلاوي كرئيس للوزراء بعد سلسلة من المفاوضات أبدى من خلالها حزب النور السلفي تحفظه على مرشحين ينتمون إلى جبهة الإنقاذ.

استمر الوضع حتى ظهر الفريق أول السيسي خلال حفل تخرج طلاب كليتي البحرية والدفاع الجوي يوم 24 يوليو، وطالب جموع الشعب المصري بمنحه تفويضًا لمواجهة ما سماه بالعنف والإرهاب المحتمل، وكانت صيغة التفويض التي يقصدها هي حشد الملايين مجددا في ميادين  يوم الجمعة 26 يوليو.

مقالات مشابهة

  • لغز ظهور الجماعة!
  • مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: أوروبا تشهد زيادة في خطاب الكراهية والتمييز
  • الحركة الوطنية: بيان 3 يوليو نقطة تحول تاريخية لانتصار إرادة الشعب
  • في ذكري 3 يوليو.. عام 2013 البداية والنهاية في تحديد مصير المصريين
  • القراي: جاتكم الشجاعة من وين تبقو جنجويد اكتر من الجنجويد ذاتهم؟
  • تعقيب د. عشاري أحمد محمود على مناشدة أ. مبارك الكودة
  • انفضاح الإرهاب الأمريكي.. ماذا بعد؟!
  • خبير شؤون دولية: الدولة المصرية فاعل إقليمي مهم لدعم الاستقرار والسلام في المنطقة
  • معتصم اقرع: حزب الامة أدمن سياسة كراع جوا وكراع برة
  • المجلس العالمي للتسامح والسلام يدعو إلى تبنّي قيم الرحمة