خطيب المسجد النبوي: أعلى الرسل مرتبة ودرجة محمد ثم إبراهيم
تاريخ النشر: 15th, December 2023 GMT
قال الشيخ عبدالمحسن القاسم، إمام وخطيب المسجد النبوي، إن الله خلق الخلق وجعلهم في الأرض خلائف، كما رفع بعضهم درجات وأعلى هذه الدرجات مرتبة الرسل وأعلاهم مرتبة هو محمد صلى الله عليه وسلم ثم إبراهيم.
أعلى الرسل مرتبةوأوضح " القاسم" خلال خطبة الجمعة من المسجد النبوي بالمدينة المنورة ، أن الله تعالى أكثر من ذكر إبراهيم عليه السلام في القرآن من نشأته إلى مآله قال تعالى عنه (وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ )، منوهًا بأن إبراهيم نشأ في أرض ليس فيها مسلم إلا هو، ثم تبعته زوجته سارة، وكان قومه: منهم من يعبد الأصنام، وآخرون يعبدون الكواكب، وواليهم يدعي الربوبية، فدعاهم إلى الله جميعًا وهو شاب؛ وهبه الله قوة الحجة بالعقل بأجمل عبارة وأخصرها؛ فناظر من يعبد الأصنام.
واستشهد بقوله تعالى : (قَالَ هَل يَسمَعُونَكُم إِذ تَدعُونَ (72) أَو يَنفَعُونَكُم أَو يَضُرُّونَ)؛ وقال لأبيه: (إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا)، وحاج من يعبد الكواكب بغيابها عن عابدها حيناً من الزمن بقوله: (قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ). وقال للنمرود مدعي الألوهية: (فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ).
وأضاف أن الله تعالى وهب لإبراهيم عقل رشيد قال تعالى (وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ )، كما أنه عليه السلام منقاد لأمر الله بدون تردد أمر بالاستسلام والانقياد له فاستجاب لأمر الله بلا تردد قال جل من قائل (إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ).
جمع بين النبوة والصديقيةولفت إلى أن الله تعالى جمع لإبراهيم بين النبوة والصديقية، فقال الله تعالى: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا ) فجرد التوحيد وتبرأ من الأصنام وكل معبود سوى الله تعالى وقال جل وعلا (إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) .
وأفاد بأن الله أمر إبراهيم عليه السلام ببناء الكعبة، وعهد إليه بتطهير البيت من الشرك، وأمره أن يؤذن بالحج؛ فامتثل جميع ذلك؛ وامتحنه الله بالنعم فكان شاكرًا لها، وابتلاه بالمحن فكان صابرًا عليها، في شبابه حُرِم الولد، وفي كبره - وهو في الشام - وهبه الله من هاجر إسماعيل عليهما السلام، فأمره الله أن يضعها مع ولدها الرضيع بين جبال، في وادٍ لا حسيس فيه ولا أنيس، ولا ماء ولا زرع.
وتابع: فاستوحشت ولحقته وقالت له: (قَالَتْ لَه: آللَّهُ أَمركَ بِهذَا. قَالَ: نَعَمْ. قَالَت: إِذًا لاَ يُضَيِّعُنا)، فصبر على فراقهما، ثم شب إسماعيل وتزوج وماتت أمه وهو لم يرهما، ثم قدم إبراهيم، فلما رآه إسماعيل «قام إليه، فصنعا كما يصنع الوالد بالولد والولد بالوالد - من الاعتناق والمصافحة - ثم قال: يا إسماعيل، إن الله أمرني أن أبني هاهنا بيتًا، فجعل إسماعيل يأتي بالحجارة وإبراهيم يبني».
وأشار إلى أنه لما فرح إبراهيم عليه السلام بولده الوحيد بعد طول فراق، أمره الله أن يذبحه، وبذبحه ينقطع نسله، ومع هذا امتثل أمر الله، وصرع إسماعيل على وجهه ليذبحه من قفاه؛ ففدي بذبح عظيم، قال سبحانه: (إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ)، ولما دعا قومه لتوحيد الله، أججوا له نارًا عظيمة مبالغة في تعذيبه وإحراقه، ثم ألقوه فيها، فقال الله: (يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ)،اختبره الله بأوامر ونواهي فقام بهن كلهن.
أقرب الناس شبها بإبراهيمودلل بما قال تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ)، أثنى الله عليه بأنه كثير الدعاء، وهو أكثر الأنبياء دعاء في القرآن العظيم، وقلبه ممتلئ بحسن الظن بالله والثقة بأنه يعطيه ما سأله، (وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا)، فدعا بما يظن أنه محال فتحقق؛ دعا أن يكون ذلك الوادي المخوف الذي بنيت فيه الكعبة آمنًا، وأن يفد الناس إليه، ويجبى إليه ثمرات كل شيء، فأجاب الله دعاءه. ودعا أن يهب الله له من الصالحين، فلم يبعث نبي بعده إلا من ذريته، ودعا أن يبعث من بين تلك الجبال الجرداء من يعلم الناس القرآن، فبعث الله من مكة نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم.
وبين أن ابراهيم وفى في كل مقام من مقامات العبادة ودعى ربه أن يجنبه وبنيه عبادة الأصنام فكان إمام الموحدين وكل أهل الملل يحبونه أكرمه الله واتخذه خليلاً وهي أعلى درجات المحبة وكان عليه السلام أمة في الحنيفية وإماماً للحنفاء، منوهًا بأن أقرب الناس شبهاً بإبراهيم كان محمد صلى الله عليه وسلم .
واستند لما ورد في الحديث ( عرض علي الأنبياء ورأيت إبراهيم صلوات الله عليه فإذا أقرب من رأيت به شبهاً صاحبكم يعني نفسه ) ، مؤكدًا على اتفاق جميع الرسل في أن التوحيد دعوتهم وأن اختلفت شرائعهم، مشيرًا إلى أن الله تعالى أخذ المواثيق على الأنبياء باتباع محمد صلى الله عليه وسلم، أن بعث فيهم وهو واجب على الثقلين الإيمان به وطاعته.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: إمام خطيب المسجد النبوي إمام و خطيب المسجد النبوي القاسم خطبة الجمعة من المسجد النبوي صلى الله علیه وسلم أن الله تعالى علیه السلام
إقرأ أيضاً:
خطيب الجامع الأزهر: لا نقبل تقسيم قضية فلسطين والتفاوض على الأوطان
ألقي خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر الدكتور محمود الهواري، الأمين المساعد للدعوة والإعلام الديني بمجمع البحوث الإسلامية، ودار موضوعها حول «واجب الأمة في وقت الأزمات».
قال الدكتور محمود الهواري إنه يجب على المسلم أن يكون فطنا ويقظا ومدركا لما يدور حوله من حراك في مجالات الحياة كافة، وألا يخدع من هنا أو من هناك، وبخاصة في وقت الأزمات، والوقائع التاريخية تشهد على مكانة الأمة الإسلامية عندما كان المسلمين على يقظة ووعي حقيقي بكل شيء يدور حولهم، كما كانت لديهم الفطنة والذكاء في التعامل معه، وما تجرأ البعض على مقدرات ومصير هذه الأمة إلا نتيجة غياب الوعي والفهم الحقيقي لقضايانا ودورنا.
طبيعة العلاقة مع الصهاينةوأوضح الأمين المساعد لمجمع البحوث الإسلامية، أنه يجب على كل فرد في الأمة الإسلامية، أن يفهم طبيعة العلاقة مع الصهاينة، والتي تجدها في العداوة القديمة مع أسلافهم، الذين رفضوا السلام مع الرسول صلى الله عليه وسلم، رغم أنه لم يطلب منهم مالا ولا ملكا وإنما أراد أن يدلهم على الله سبحانه وتعالى، مبينًا أن موقف الصهاينة اليوم يعكس أن رفضهم للسلام هو أمر متجذر في نفوسهم، وأن عداوتهم للإنسانية شديدة، وأن كل المحاولات في التستر على جرائمهم، هي خيانة للإنسانية، لأن الأفعال الإجرامية التي يقترفونها لا تعبر عن تحضر ولا رقي كما تدعي تلك المجتمعات التي تساندهم.
خطيب الأزهر: يجب على الأمة أن تتكاتف وتتوحدوأضاف خطيب الجامع الأزهر، أنه يجب على الأمة أن تتكاتف وأن تتوحد، لأن الفرقة والخلاف أخطر عدو عرفته هذه الأمة، ولم تضعف مكانتها ولم تتأخر عن دورها إلا بسبب الفرقة، وهو ما يدركه الأعداء جيدا، لهذا يعملون على تنامي الخلافات بين المجتمعات المسلمة بشتى الطرق، ليفسح أمامهم الطريق لمحاولة تقرير مصيرها والتاريخ ينطق بهذا.
وذكر خطيب الجامع الأزهر، أن من واجبات الأمة في وقت الأزمات، أن تعلم أن تحرير الأرض مرهون بتحرير الفكر من خلال الفهم الكامل لقضايانا، ففلسطين هي قضيتنا الأولى، وعلينا أن نعيد إلى الأذهان تاريخنا المجيد، وأن نغرس في نفوس أبنائنا الحقائق كاملة لكي لا نسمح لأحد أن يضللهم، ففلسطين ليست قضيَّة، تقبل الربح والخسارة، بل هي حق ثابت، لا تغيره الاعتداءات ولا الحروب، ولا القتل، ومحاولة التعامل معها أنها قضية شعب فهو خداع لنا، لأن فلسطين قضية الأمة الإسلامية بأكملها، وما يحدث فيها من انتهاكات جعلها قضية الإنسانية بأسرها، وما يرد على ألسنة المسؤولين في العالم وما يتردد في وسائل الإعلام من تقسيمات، فكانت أولا قضية إسلامية، ثم اختصرت فأصبحت قضية عربية، ثم حُجِّمَت فأضحت قضية فلسطينية، ثم خُنِقَتْ فغدت قضية الأرض المحتلة، وكأن الأرض أرضان: أرضٌ محتلة، فهذا عبث وخداع بالقضية المصيرية الأولى لدى المسلمين، ولا نقبل بتقسيم القضية الفلسطينية إلى قضايا متعددة، فهي قضية واحدة لا يجوز التحدث عنها إلا بلفظ واحد وهو القضية الإسلامية، كما يجب ألا نتحدث عن الصهاينة إلا في إطار كونهم غرباء عن هذه الأرض، وأن الأرض تكرههم بمن فيها وما فيها.
الدكتور محمود الهواري: حب الأوطان والدفاع عنها هو جزء من عقيدة المسلمينوبين خطيب الجامع الأزهر، أن حب الأوطان والدفاع عنها، هو جزء من عقيدة المسلمين، لهذا علمنا الرسول صلى الله عليه وسلم، كيفية حب الأوطان من خلال درس عملي ظهر في حبه صلى الله عليه وسلم لوطنه مكة فلما استوطن المدينة دعا الله جل جلاله أن يحببها إليه كحبه مكة، فالأوطان لا تقبل المفاوضة، الأوطان ليست سلعة تباع وتشترى، كما أن حب الأوطان جزء من الفطرة، قال الله تعالى: «وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِّنْهُمْ»، مبينا أن المواقف المشرف لمصر بشعبها وأزهرها في الدفاع عن حق الشعب الفلسطيني يدعونا للوحدة خلف هذا الرأي الذي ينتصر لعقيدتنا وإنسانيتنا، وألَّا نسمحَ لأحدٍ أن يسلبَنا شخصيَّتَنا، وألا يمليَ علينا قواعدَه؛ فنحنُ لم نخلق لنجرَّ من آذاننا، ولم نُخلق لنقولَ لأيِّ مخلوقٍ- كائنًا من كان- سمعنا وأطعنا، وإذا لم نحرِّر فكرنا وإرادتنا فلن نستطيع أن نحرِّر أرضنا.