السلطة مستعدة لإدارة غزة بعد الحرب.. فهل تستطيع؟
تاريخ النشر: 15th, December 2023 GMT
رام الله- "وهم وسراب" كررها رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية 3 مرات في كلمة متلفزة الأربعاء، عندما تحدث عن ترتيبات في الأراضي الفلسطينية دون حماس وفصائل المقاومة.
ولا تكاد تغيب عبارات "تقوية السلطة الفلسطينية وإصلاحها لإدارة غزة بعد الحرب" عن تصريحات المسؤولين الأميركيين بمختلف المستويات منذ بدء العدوان على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بينما تقول السلطة إن ما يجب أن يكون بعد الحرب هو الحل الشامل.
والأربعاء، قالت الخارجية الأميركية إنه "يجب إصلاح وتنشيط السلطة الفلسطينية للمضي نحو إعادة توحيد الضفة الغربية وقطاع غزة وحكمهما".
وقال حسين الشيخ أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ورئيس الهيئة العامة للشؤون المدنية بالسلطة -في تصريحات صحفية لدى سؤاله عن عودة السلطة إلى غزة- إن المطلوب أولا وقف الحرب، وبعدها "يجب أن يكون الحل شاملا بما يعنيه من إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية (..) فالحلول الجزئية لم يعد لها مكان، والحلول الأمنية والعسكرية ثبت فشلها".
وعام 2007 سيطرت حماس على قطاع غزة بعد مواجهة مع السلطة في رام الله، ومنذ ذلك الحين يسود انقسام تدير فيه حماس قطاع غزة، بينما تدير حكومة شكلتها حركة فتح الضفة الغربية المحتلة.
انتشار لقوات الشرطة الفلسطينية في مناطق بشمال قطاع #غزة بعد انسحاب جزئي لآليات الاحتلال pic.twitter.com/Z1TMGO6XIB
— الجزيرة مصر (@AJA_Egypt) December 14, 2023
رسائل من غزةفي أوج الحديث عن "ما بعد حماس" اليوم التالي للحرب، نشرت شرطة غزة أفرادها شمالي القطاع في اليوم الـ 69 للحرب، في خطوة يفهم منها أن قوة حماس وحكمها باقيان رغم الدمار، بالتزامن مع بيان للجنة المتابعة للقوى الوطنية والإسلامية في القطاع تبارك للحركة ذكرى انطلاقتها الـ36، وتستهجن "ما يخطط له البعض تحت مسمى اليوم التالي للحرب".
وعلى مستوى الشارع الفلسطيني، أظهرت نتائج استطلاع للرأي أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية -ونشر نتائجه الأربعاء- أن غالبية فلسطينية (64%) تعارض مشاركة السلطة في لقاءات لبحث مستقبل القطاع، بينما قال 60% إنهم يفضلون سيطرة حماس على القطاع بعد الحرب، و7% فضلوا سيطرة السلطة بقيادة الرئيس محمود عباس.
وتوقع 72% نجاح حماس في العودة لحكم القطاع بعد الحرب، رغم نية إسرائيل المعلنة بالقضاء عليها، مقابل 23% لا يعتقدون ذلك.
وفي ضوء التباين بين الموقفين الفلسطيني والأميركي، والرفض الإسرائيلي لكل ما هو فلسطيني، تحدثت الجزيرة نت إلى 3 محللين عن إمكانية قبول السلطة بحكم غزة بعد الحرب وفرص تحقق ذلك فيما لو كانت موافقة.
نائب مساعد وزير الخارجية للشرق الأدنى هنري ووستر خلال مؤتمر صحفي لمركز الصحافة الأجنبية في نيويورك: أولاً، لا تدعم الولايات المتحدة إعادة احتلال غزة؛ ثانياً، يجب أن يكون الحكم في غزة بقيادة فلسطينية؛ ثالثاً، نشدد على عدم التهجير القسري أو الدائم للفلسطينيين من غزة؛ رابعاً، نرفض…
— الخارجية الأمريكية (@USAbilAraby) December 9, 2023
إرادة إقليميةالكاتب والمحلل السياسي نبهان خريشة لا يرى أن إصرار الولايات المتحدة على عودة السلطة الوطنية إلى قطاع غزة نابع من الإدارة الأميركية نفسها، رغم إعلانها غير مرة عن الحاجة لتجديد السلطة وقياداتها. بل يرى أن تلك الرغبة مصدرها "تحالفاتها الإقليمية وتحديدا مصر والسعودية والأردن والخليج، الذي يرفض استثناء السلطة من أي ترتيبات حتى لو كانت بوضعها الحالي ضعيفة تفتقر للشعبية".
ووفق تقدير المحلل ذاته فإن الضغط لعودة السلطة إلى غزة سيكون مرتبطا بإصلاحات كالانتخابات وخاصة الرئاسية والتشريعية، إضافة إلى انتخاب المجلس الثوري واللجنة المركزية لحركة فتح لتجديد القيادات.
ويرى خريشة أنه إذا وجد ضغط أميركي وأوروبي يمكن إجراء الانتخابات التشريعية التي تأجلت عام 2021 لعدم سماح إسرائيل بإجرائها في القدس المحتلة.
لكنه قال إن سيناريو الانتخابات وعودة السلطة لغزة لن يكون دون إحداث تغيير في المنظومة السياسية الإسرائيلية، مرجحا أن يدفع رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو وحزبه (الليكود) وشركاؤه المتطرفون فاتورة الحرب.
وتابع خريشة أن ما يحرك إسرائيل للحرب ليس شعار القضاء على حماس المعلن إنما "الانتقام والكُره والشعور بفقدان الأفضلية بالشرق الأوسط " وبالتالي "ليس لدى إسرائيل ما تقوله اليوم التالي للحرب أو إستراتيجية للخروج من غزة".
وأضاف "بعد الحرب سينزل نتنياهو عن السلم، ويصعد نجم بني غانتس كصهيوني علماني غير مرتبط بالأحزاب الدينية، ولديه قابلية للأخذ والعطاء (مرونة في التفاوض) وقد يقدم تنازلات سياسية، لكن فتح مسار سياسي يحتاج عاما على الأقل".
كيان معترف به
تكرار الحديث الأميركي عن تأهيل السلطة وإعادتها إلى غزة مرتبط بإدراك العالم لأهمية وجود حل سياسي، والسلطة هي الجهة المعترف بها دوليا، وفق تقدير المحلل السياسي عزام أبو العدس.
ويضيف المحلل السياسي ذاته أن العالم بدأ يدرك أهمية إقامة دولة فلسطينية لحل الصراع، وهو الحل الوحيد المطروح الآن، والسلطة هي الجهة الفلسطينية الرسمية الوحيدة القائمة على الأرض والتي يمكن للعالم أن يتوجه إليها ويخاطبها.
ويتابع أبو العدس أن الاحتلال لا يريد أن يمكنها في غزة، وإذا رأى جدية في التوجه نحو الدولة الفلسطينية قد يلجأ إلى تفكيك السلطة وتقويض قوتها بالضفة، فالمزاج الإسرائيلي لا يريد أن يرى دولة فلسطينية لا قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول ولا بعده.
ويشير إلى أن السلطة لا تسيطر على الضفة الغربية، كما أن الاستطلاعات أظهرتها وحاضنتها حركة فتح في أدنى المستويات "بسبب الفشل السياسي والاقتصادي وانتشار الفساد".
وعن احتمال قبول السلطة بعروض إعادتها إلى غزة، قال المتحدث ذاته: هي تقبل وتريد وبدأت تؤسس لذلك، لكن السؤال هل أخذت ضمانات؟
وأضاف أبو العدس أن الضفة الآن خارج سيطرة السلطة، وجيش الاحتلال يقوم بمهامه، ومنذ 3 أيام لم يغادر مخيم جنين، بينما عناصرها يغلقون على أنفسهم أبواب مقراتهم، فهل هذه السلطة قادرة على السيطرة على غزة؟
حماس تدير قطاع غزة منذ 2007 حيث سيطرت على القطاع بعد مواجهة مع أجهزة السلطة (رويترز) موانع السلطةبدوره يرى الكاتب والمحلل السياسي ساري عرابي أن الشيء الوحيد الذي يمنع السلطة من التجاوب مع عروض إدارة غزة "ليس انعدام رغبتها، إنما واقع قطاع غزة والكارثة الإنسانية وما يترتب عليها من واجبات ومسؤوليات ضخمة".
وتابع أن ما يمنع السلطة أيضا ما تتمتع به حماس من قوة هائلة فـ"هذه الحرب مهما كانت نتيجتها فلن تكون القضاء على حماس أو تجريدها من قوتها العسكرية".
ومع ذلك يقول إن الحرب لم تضع أوزارها "ومن السابق لأوانه أن تعبر السلطة عن موافقة واضحة بخصوص قبولها الذهاب إلى غزة، وتتحدث عن حل سياسي أوسع من مجرد إدارة غزة".
وعن دواعي الإصرار الأميركي على إعادتها رغم ضعفها، يقول عرابي إن الإدارة الأميركية تبحث عن مخرج سياسي لما يجري داخل قطاع غزة "فهي أطلقت يد إسرائيل لتحقيق أهدافها المعلنة: القضاء على حماس واستعادة الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة، لكن الآن وبعد 70 يوما من الحرب يبدو للإدارة الأميركية أن إسرائيل غير قادرة على تحقيق هذه الأهداف".
وتابع أن المضي أكثر في هذه الحرب دون اتضاح أفق لتحقيق هذه الأهداف "من شأنه أن يوسع المواجهة إلى حرب إقليمية، ويمس صورة الولايات المتحدة دوليا، وبالتالي فإن الإدارة الأميركية قد تكون وصلت إلى قناعة بأن الاستمرار في الحرب مغامرة لم تعد مضمونة أو محسوبة".
ووفق عرابي فإن أميركا ترى أن الزمن قد نفد بالنسبة لإسرائيل "لذا تقوم بعمليات استطلاع سياسي لمحاولة تحقيق إنجازات سياسية لم تحققها الحرب، ومنها إيجاد واقع أمني جديد أو إدارة جديدة داخل قطاع غزة، وهنا يتجدد الحديث عن السلطة كطرف أول يتبادر إلى الذهن مع أنه مرفوض إسرائيليا، وإعادة تأهيلها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: بعد الحرب قطاع غزة غزة بعد إلى غزة
إقرأ أيضاً:
20 سنة من حكم محمود عباس.. ما هي الخسارة المزدوجة التي تحققها السلطة الفلسطينية؟
مرت 20 سنة على ثاني وآخر انتخابات لرئاسة السلطة الفلسطينية التي كانت في عام 2005 بعد رحيل ياسر عرفات، وفيها جرى انتخاب محمود عباس بنسبة 62.52 بالمئة في ولاية كان من المفترض أن تمتد لـ5 سنوات فقط.
وبحسب القانون، من المفترض أن يتم ينتخب "رئيس الدولة" لفترة ولاية مدتها خمس سنوات، ولا يجوز إعادة انتخاب شاغل المنصب إلا لمرة واحدة، وذلك وسط انتقادات واسعة للسلطة الفلسطينية ورئيسها بسبب عمليات ملاحقة المقاومة في جنين وممارسة التنسيق الأمني على أعلى المستويات.
وجرت هذه الانتخابات في التاسع من كانون الثاني/ يناير 2005، على أن يعمل "رئيس الدولة" على "حماية الدستور ووحدة الشعب، ويضمن استمرار بقاء الدولة وإستقلالها الوطني، والسير المنتظم للسلطات العامة، ويمارس اختصاصته وتحدد مسؤولياته وفقا لأحكام الدستور".
"خسارة - خسارة"
أكد محللون ومصدر مطلع أن السلطة الفلسطينية دخلت "معركة خاسرة" مع حملتها القمعية في جنين، والتي ستؤدي في نهاية المطاف إلى زوالها، بحسب ما جاء في تقرير لموقع "ميدل إيست أي".
وقال مسؤول كبير في حركة فتح إن الحملة المستمرة ضد المقاومة الفلسطينية في مدينة جنين الواقعة شمال الضفة الغربية، والتي أسفرت عن استشهاد 16 فلسطينيًا على الأقل حتى الآن، محكوم عليها بالفشل بغض النظر عن النتيجة.
وأضاف شريطة عدم الكشف عن هويته أن السلطة الفلسطينية "تعرضت لضغوط لإسقاط التوازن بين خدمة احتياجات إسرائيل الأمنية والحفاظ على الشرعية بين الشعب الفلسطيني"، واصفا الهجوم على جنين بـ"التخلي الفعلي عن الحياد السلبي فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية واختبار الوقوف إلى جانب الإسرائيليين، في مقابل الحفاظ على السلطة".
وقال إنه "إذا نجحت السلطة الفلسطينية في جنين، فإنها ستفقد مبرر وجودها بين الفلسطينيين، وإذا فشلت، فإنها ستفقد مبرر وجودها فيما يتعلق بإسرائيل، وبالتالي فإنها تخسر المعركة على الجبهتين".
ويذكر أنه في الخامس من كانون الأول/ ديسمبر الماضي، شنت السلطة الفلسطينية حملة أمنية واسعة النطاق في جنين، شملت محاصرة المدينة وإطلاق النار على المدنيين العزل والاشتباك مع عناصر المقاومة باعتبار أنهم مجموعة من "الخارجين عن القانون".
وقتل عناصر السلطة الفلسطينية ثمانية فلسطينيين على الأقل من سكان المدينة منذ بدء العملية، بما في ذلك أب وابنه الأسبوع الماضي، كما قُتل ستة على الأقل من أفراد قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية، بما في ذلك بعضهم في تبادل لإطلاق النار مع أعضاء المقاومة.
وتعتبر السلطة الفلسطينية أن حملة "حماية وطن" موجهة ضد "الخارجين عن القانون" وأنها تحظى بدعم الأكاديميين والمثقفين والناشطين وتهدف إلى استعادة "القانون والنظام"، بينما تؤكد حالات المقاومة في الضفة الغربية أن العمل المسلح ضد الاحتلال الإسرائيلي مشروع، وأنها تتجنب المعارك المباشرة مع السلطة الفلسطينية.
"سابقة خطيرة"
قال ناشط سياسي مقيم في نابلس فضل عدم الكشف عن اسمه ضمن تقرير الموقع أن السلطة الفلسطينية "دفعت الناس إلى أرض جديدة من خلال جعل قتل الفلسطينيين لبعضهم البعض أمرًا مقبولا، وهذه سابقة خطيرة وضعتها السلطة الفلسطينية".
وأضاف الناشط "في الماضي، كان لدينا انقسام سياسي، ولكن كان من غير المقبول على الإطلاق أن يقتل فلسطيني فلسطينيًا آخر، لكن الآن تم إضفاء الشرعية على سفك الدماء الفلسطينية، وهذا سيكون له عواقب وخيمة في المستقبل".
وأوضح أنه من "خلال قتل زملاء فلسطينيين، تثبت السلطة الفلسطينية أيضًا للجمهور أنها تتعاون مع الاحتلال، وهذا يزيد من الإحباط العام تجاه السلطة الفلسطينية، التي شهدت انخفاض شعبيتها في السنوات الأخيرة"، محذرا من أن الفلسطينيين سيصلون في النهاية إلى "نقطة الانهيار، جنبًا إلى جنب مع الغضب إزاء الحملة الوحشية ضد منتقدي حملة جنين".
وفي الشهر الماضي، أفاد موقع أكسيوس الأمريكي أن العملية كان يُنظر إليها على أنه حاسمة لمستقبل السلطة الفلسطينية، حيث كان محمود عباس حريصا على إرسال رسالة إلى الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب بأنه "قادر على إدارة الشؤون الفلسطينية".
حتى الآن، رحبت "إسرائيل" بقمع السلطة الفلسطينية، حيث ذكرت قناة "كان" أن المؤسسات الأمنية شجعت الهجوم، وجيش الاحتلال أجرى مشاورات مع كبار المسؤولين الفلسطينيين من أجل "تحسين النشاط" في مخيم اللاجئين.
"شرعيات منتهية"
وقبل حلول انتهاء ولاية عباس الأولى عام 2010، وقعت أحداث الانقسام الفلسطيني عام 2007، وأدى إلى نشوء سلطتين سياسيتين وتنفيذيتين في صيف عام 2007 في الضفة الغربية تحت سيطرة حركة فتح، وفي قطاع غزة تحت سيطرة حركة حماس.
وحدثت هذه الأزمة السياسية بعد فوز حماس في الانتخابات التشريعية في مطلع عام 2006، ونشوء أزمة سياسية ارتبطت بعراقيل للانتقال السلمي للسلطة داخليا وخارجيا، وخضوع أجهزة السلطة الفلسطينية للحزب الذي كان تقليديا ومنذ توقيع إتفاقية أوسلو يمسك زمام الحكم الذاتي الفلسطيني؛ وهو حركة فتح.
ويستمد رئيس السلطة الفلسطينية "شرعيته الحالية" من قرار المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية في عام 2009 بأن "يستمر الرئيس الفلسطيني محمود عباس والمجلس التشريعي في أداء مهامهما إلى حين إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية جديدة".
ويشغل عباس إلى رئاسة السلطة الفلسطينية مناصب محورية وهي رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ورئيس حركة فتح، وفي عهد عرفات شغل مناصب رئيس الوزراء ووزير الداخلية وأمين سر اللجنة التنفيذية للمنظمة.
ومنذ أحداث الأقسام جرت العديد من المحاولات من أجل تحقيق المصالحة بين حماس وفتح وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية نظرا لانتهاء ولاية كل المؤسسات الفلسطينية بعد 19 عاما على آخر انتخابات، إلا أن ذلك لم يتكلل بالنجاح، وفي عام 2021، أُلغيت الانتخابات التي كان من المفترض أن تُجرى بعد سنوات من التأجيل، بحجة منع "إسرائيل" إجراءها في القدس.
أهم أدوار السلطة
يشكل التعاون الأمني بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، الذي وصفه عباس بأنه مسؤولية "مقدسة"، ركيزة أساسية لاتفاق أوسلو منذ عام 1993، وعامل أهمية حيوية لبقاء السلطة الفلسطينية ذاتها وسبب وجودها من وجهة نظر "إسرائيل".
وعلى الرغم من تهديدات عباس المتكررة بقطع العلاقات الأمنية مع "إسرائيل" على مر السنين، فإنه لم يفعل ذلك إلا مرة واحدة من قبل، وسط مخاوف من ضم إسرائيلي وشيك في الضفة الغربية بعد إصدار خطة السلام لإدارة ترامب السابقة في عام 2020، لكنه استأنفه سريعا بعد انتخاب بايدن.
ولا يزال التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية و"إسرائيل" غير مرغوب فيه للغاية بين الفلسطينيين العاديين من جميع الأطياف السياسية، الذين يرون فيه "شكلا من أشكال التعاون مع الاحتلال، وخيانة صريحة لمقاومة الشعب الفلسطيني".
والتسيق الأمني هو تعاون استخباري وتبادل المعلومات مع أجهزة إسرائيلية مثل "الشاباك"، ووكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "سي آي إيه"، ويهدف إلى حماية الإسرائيليين أساسًا، ونبذ "الإرهاب وأعمال العنف".
ويلزم اتفاق أوسلو الموقّع عام 1993، واتفاق "طابا" عام 1995، السلطة بمحاربة المقاومة ونشطائها ضمن ما سمته الاتفاقيات بـ"الإرهاب"، وجعل السلطة مسؤولة عن اتخاذ الإجراءات المناسبة من خلال التعاون أمنيًا.