في مؤتمره الصحافي الأخير، بدا رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير السابق جبران باسيل منفعلاً إلى حدّ بعيد، حين هاجم بعنف قائد الجيش العماد جوزيف عون، على خلفيّة اقتراحات التمديد له تفاديًا للشغور في المؤسسة العسكرية مع انتهاء ولايته القانونية مطلع العام المقبل، حيث وصفه بأنّه بات "عنوانًا لقلة الوفاء"، معتبرًا أنّه "خان الأمانة"، وأنّه "يتباهى ويفاخر بمخالفة القانون"، على حدّ قوله.


 
جاء هذا الهجوم الذي يكاد يكون غير مسبوق بحجمه على قائد الجيش، على الرغم من حرص باسيل في المؤتمر الصحافي نفسه على إظهار "ارتياحه" لمجريات الأمور، ربطًا بملف التمديد لقائد الجيش، حيث صوّر نفسه "الرابح الأكبر"، بعدما "فضح" هذا الملف "مبدئيّة" الطرف الآخر الذي اتهمه بالانقلاب على ثوابته من أجل الانصياع لكلمة السرّ الخارجيّة، لدرجة بات معها التشريع في ظلّ الفراغ الرئاسي "حلالاً".
 
وإذا كان باسيل حاول أن يبدو "مرتاحًا" إزاء طريقة التعامل مع قرار التمديد، سواء صدر عن مجلس النواب أو الحكومة، حيث يستعدّ "التيار الوطني الحر" لتقديم طعن في الحالتين، فإنّ ذلك لم يحجب علامات الاستفهام التي طُرِحت بشكل واسع، فما "سرّ" هذا الهجوم العنيف على قائد الجيش، وفي هذا التوقيت؟ هل هي قصة "رمانة" أم "قلوب مليانة"؟ ولماذا يرفض رئيس "التيار" التمديد للرجل، لهذه الدرجة؟!
 
معركة "حياة أو موت"
 
من تابع الهجوم الذي شنّه باسيل على قائد الجيش، والذي استخدم فيه أوصافًا حملت برأي كثيرين "مبالغات" قد لا تكون مفهومة، بحديثه عن "خيانة أمانة" و"قلة وفاء" و"مخالفة قوانين"، بل عن "وقاحة" في مكانٍ ما، شعر أنّ الرجل يخوض معركة "حياة أو موت" في مواجهة "القائد"، الذي لا تزال المفارقة المثيرة لاستغراب كثيرين، أنّه جاء إلى قيادة المؤسسة العسكرية بدعم ومباركة "العونيّين"، وأنّه كان في الأصل "مرشح" باسيل، قبل أن يتحوّل إلى "خصم شخصي" له.
 
يقول العارفون إنّ باسيل في سياق هجومه على قائد الجيش، "فضح" مرّة أخرى النقطة الفارقة في العلاقة معه، أو ما تسمّى "القشة التي قصمت ظهر البعير"، وذلك حين تحدّث عن موقف الرجل خلال التحركات التي شهدها لبنان في صيف العام 2019، حين خرجت شرائح واسعة إلى الشوارع تنديدًا بالطبقة السياسية، وباسيل من ضمنها، أو بالأحرى على رأسها، فلم يكن لها قائد الجيش بالمرصاد، بل وقف على الحياد، خلافًا لما أراده باسيل.
 
وإذا كانت هذه الحادثة شكّلت بداية "الافتراق" بين الجانبين، فمن السطحيّ اختزال الموضوع بهذا الجانب، باعتبار أنّ "تعقيداته" تتعدّى محطّة تجاوزها التاريخ، إن جاز التعبير، حيث يرى العارفون أنّ "مشكلة" باسيل الفعليّة والحقيقيّة مع قائد الجيش تكمن في شعوره أنّ الأخير قد يكون "منافسًا حقيقيًا" له على الحيثيّة والزعامة، خصوصًا أنّهما يتقاسمان "الصحن الشعبي" نفسه، في وقت يتراجع "رصيد" باسيل الشعبي إلى حدوده الدنيا، داخل "التيار" قبل خارجه.
 
"طيف" انتخابات الرئاسة
 
لا يريد باسيل التمديد لقائد الجيش، كما هو واضح. يبرّر موقفه علنًا بأسباب "براغماتية ومبدئية". بالنسبة إليه، لا شيء اسمه "فراغ" في قيادة الجيش، وأنّ القانون ينصّ على بدائل دستورية لـ"ملء الشغور"، انطلاقًا من مبدأ "استمرارية العمل العام"، فضلاً عن كون المؤسسة العسكرية لا يمكن أن "تقف على شخص". لكنّ "مبدئية" باسيل هذه تصبح أكثر من هامشية، عندما يقترن موقفه بالهجوم المباشر على قائد الجيش، كالذي أطلقه في مؤتمره الأخير.
 
بالنسبة إلى العارفين، فإنّ "السرّ" في ذلك قد يتمثّل في استحقاق الانتخابات الرئاسية الذي يبدو "طيفه" أكثر من حاضر في سياق "معركة" التمديد للقائد، فضلاً عن هجوم باسيل عليه، حيث يقول العارفون إنّ ما يرغب به باسيل عمليًا ليس بالضرورة "الفراغ" في قيادة الجيش، ولكن بكلّ بساطة، "إبعاد" قائد الجيش عن المشهد السياسي، باعتبار أنّ ذلك من شأنه أن "يُعدِم" حظوظه الرئاسية، في ضوء أسهمه التي لا تزال عالية بالنسبة إلى المراقبين.
 
ولعلّ هذا "الطيف" تحديدًا هو الذي جعل البعض يحسب جيّدًا "حساب" التصويت لصالح التمديد لقائد الجيش، ولا سيما بعدما شعر باسيل أنّ هناك من يريد أن يحوّل مثل هذا "التصويت" إلى "استفتاء" على الرجل، تمهيدًا لفرضه "مرشحًا استثنائيًا" لرئاسة الجمهورية، علمًا أنّ ما أثير عن "تسوية" أبرمها باسيل مع "حزب الله" لجهة عدم التصويت، تندرج في هذا الإطار، كما الطعن الذي يستعدّ لتقديمه، أملاً في "تجميد" قرار التمديد، حتى لو أقرّ.
 
ليس عاديًا أن يتعرّض قائد للجيش في لبنان لهجوم من النوع الذي أطلقه رئيس "التيار الوطني الحر" بحق العماد جوزيف عون. وليس عاديًا أيضًا أن يتمّ التعرّض للمؤسسة العسكرية، من قبل "التيار الوطني الحر" تحديدًا الذي صوّر نفسه على مدى السنوات "الحامي الأول" للجيش. لكنّ هذا التناقض قد يجد تفسيره في معركة "الحياة أو الموت" التي يخوضها باسيل، والتي تفرض انتخابات الرئاسة نفسها رقمًا صعبًا على خطّها!  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: التیار الوطنی الحر على قائد الجیش

إقرأ أيضاً:

قائد الجيش اللبناني: لا عودة إلى الوراء ولا خوف علينا

صرح قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون، اليوم الخميس، بأنه لا عودة إلى الوراء ولا خوف على الجيش، الذي سيبقى متماسكًا رغم كل الظروف، حاميًا للبنان ومدافعًا عن أمنه واستقراره وسيادته.

وقال قائد الجيش اللبناني، في بيان له بمناسبة عيد الاستقلال اللبناني، إن وحدات الجيش ما زالت منتشرة في الجنوب ولن تتركه وتعمل مع «قوات يونيفيل» في إطار القرار 1701، مؤكدًا أن حماية السلم الأهلي على رأس أولويات المؤسسة العسكرية اللبنانية.

وأضاف: الجيش سيظل الملاذ الآمن الذي يثق به الجميع، على أمل أن يستقيم الوضع وتستعيد المؤسسات عافيتها وانتظامها، ويستعيد اللبنانيون المقيمون والمغتربون ثقتهم بوطنهم، فيصبح قادرًا على احتضان طموح شبابه وآمالهم.

وتستمر الغارات الإسرائيلية على مناطق لبنانية مختلفة أبرزها العاصمة بيروت وضاحيتها الجنوبية، بموازاة استهداف مناطق أثرية أخرى في مدينتي بعلبك وصور.

وعلّق المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف، في وقت سابق، ردًا على سؤال حول مخاوف الكرملين من تصعيد الصراع بين إسرائيل وحزب الله اللبناني، قائلاً: "الطبع، الوضع يتدهور كل يوم، ويتدهور بسرعة والتوتر يتزايد، وعدم القدرة على التنبؤ آخذة في الازدياد، وهذا أمر يثير قلقنا.

اقرأ أيضاًعضو «النواب اللبناني»: المفاوضات بين إسرائيل ولبنان لوقف الحرب تحتاج لعصا سحرية

الأمم المتحدة: نزوح 540 ألف شخص من لبنان إلى سوريا.. واستشهاد أكثر من 200 طفل لبناني

مرتدية علم لبنان.. ماجدة الرومي تنفعل خلال حفلها بدبي لهذا السبب «فيديو»

مقالات مشابهة

  • رونالدو يسجل هدفا بطعم العلقم في “معركة” القادسية
  • قائد الجيش استقبل الشاهين في زيارة وداعية
  • قائد الجيش اللبناني: وحداتنا منتشرة في الجنوب ولن تتركه
  • ميقاتي بذكرى الاستقلال: الجيش الذي يستعد لتعزيز حضوره في الجنوب يقدم التضحيات زودا عن ارض الوطن
  • ميقاتي يزور قائد الجيش في مكتبه في اليرزة
  • قائد الجيش اللبناني: لا نزال منتشرين في الجنوب ولن نتركه
  • قائد الجيش اللبناني: لا عودة إلى الوراء ولا خوف علينا
  • لا عودة إلى الوراء.. رسالة عاجلة من قائد الجيش للبنانيين
  • قائد الجيش في أمر اليوم: نطمئن أهلنا لا خوف على الجيش
  • حدث أمنيّ صعب... ما الذي يحصل مع الجيش الإسرائيليّ في جنوب لبنان؟