الدولة التي لم تحترم دستورها وقوانينها هي دولة فاسدة مع سبق الإصرار والترّصد ..
تاريخ النشر: 15th, December 2023 GMT
بقلم: أياد السماوي ..
عندما تدوس السلطات الثلاث في العراق على قرارات المحكمة الاتحادية العليا والتي أعتبر الدستور العراقي قراراتها باتة وملزمة على كافة السلطات ، تحت أقدامها ، فهذا خلل كبير ليس في المادة الدستورية التي ألزمت السلطات كافة بتنفيذ قراراتها ، ولا بالمحكمة نفسها التي أصدرت أعدل القرارات في تاريخ الدولة العراقية الحديثة ، ولا برئيس هذه المحكمة الذي أثبت للعالم أنّه أشجع وأنزه قاضٍ مرّ على العراق منذ حمورابي وحتى هذه اللحظة ، بل الخلل كلّ الخلل بالسلطات والمؤسسات الغارقة حتى الثمالة بالفساد .
في هذا المقال لست بصدد الحديث عن تعمّد السلطات الثلاث بإهمال قرارات هذه المحكمة وعدم تنفيذها ، سواء تلك القرارات التي تتعلّق بإقليم كردستان أو تلك التي تتعلّق بلجنة الأمر الديواني ٢٩ ، بل سنسلط الضوء في هذا المقال فقط على قرار المحكمة الاتحادية ( ٩ / اتحادية / ٢٠٢٣ ) والذي قضى بإلغاء عضوية رئيس مجلس النواب ( محمد ريكان الحلبوسي ) بسبب ارتكابه جرائم الحنث باليمين الدستوري و انتهاك الدستور و التزوير ..
وكان من المفترض وبموجب المادة ٩٤ من الدستور أن تبدأ كافة السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية تنفيذ هذا القرار فورا .. فكان من واجب السلطة التنفيذية أن تبادر فورا بسحب كلّ أفواج الحماية الخاصة به ، وسحب كافة عجلات الدولة وتفريغ كافة المباني التي يشغلها والتابعة للدولة ، كما كان من المفترض على مجلس النواب إصدار أمرا بإلغاء عقود كافة مستشاريه ومساعديه ومكتبه الخاص ، كما كان ينبغي على السلطة القضائية تحريك دعوى بالحق العام من قبل رئيس الادعاء العام وإحالته إلى القضاء بعد منعه من السفر والحجز على كافة أمواله المنقولة وغير المنقولة .. وللأسف الشديد أن السلطات الثلآث كافة قد تقاعست متعمدة تنفيذ هذه الإجراءات ، لأسباب عديدة لا أريد ذكرها الآن ، وقد يأتي ذكرها بالتفصيل حين تقتضي الضرورة ..
وبالرغم من تقاعس السلطات الثلاث في تنفيذ واجباتها القانونية الخاصة بتنفيذ قرار المحكمة الاتحادية العليا ، إلا أنّ التقاعس الأكبر هو في عدم إلغاء المفوضية العليا المستقلة للانتخابات المصادقة على الكيان السياسي ( تقدّم ) بناء على المادة ( عاشرا / ثانيا ) من قانون المفوضية العليا المستقلة للأنتخابات رقم ٣١ لسنة ٢٠١٩ ، وترك تقدم يخوض انتخابات مجالس المحافظات خلافا للقانون وبناء على رغبة ( إبليس ) .. إن عدم قيام المفوضية العليا للانتخابات بإلغاء المصادقة على سجل الكيان السياسي لتقدم بموجب قانون المفوضية أعلاه ، قد وضع المفوضية تحت طائلة الاتهام بالتواطئ بعدم تنفيذ قانون المحكمة الاتحادية العليا ، وهذا مما يستوجب أن يقوم مجلس النواب العراقي بعد انتخاب الرئيس الجديد باستجواب مجلس المفوضين ومعرفة الأسباب التي دعتهم عدم تنفيذ القانون ..
إنّ تجاهل مجلس المفوضين للمطالبات التي دعته إلى الغاء المصادقة على سجل كيان تقدم ، قد أثبت بالدليل القاطع أنّ المفوضية المستقلة للانتخابات ، ليست مستقلة وليست أمينة على تحقيق إرادة الشعب .. وبهذا نقولها بصوت عالٍ ، أنّ الدولة التي لاتحترم دستورها وقوانينها ، هي دولة فاسدة مع سبق الإصرار والترّصد ..
أياد السماوي
في ١٤ / ١٢ / ٢٠٢٣
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات المحکمة الاتحادیة عدم تنفیذ
إقرأ أيضاً:
دستور دولة (تأسيس) الإفتراضية
ما كنت أود التعليق على دستور دولة (تأسيس الشفشافية) الإفتراضية الذي تم التوقيع عليه قبل أيام في العاصمة الكينية نيروبي بين مليشيا الجنجويد المتمردة المجرمة الإرهابية و المتمرد عبد العزيز آدم أبكر هارون و آخرين (تمومة جرتق) و الوليد مادبو الذي كان يؤم المصلين في مسجد منظمة الدعوة الإسلامية بمقرها في الرياض ، برعاية بريطانية إماراتية و مشاركة الرئيس الكيني (وليام روتو) قاتل الأطفال و الشريك التجاري لزعيم المليشيا الهالك حميدتي في سرقة و تهريب ذهب السودان إلى دبي كما ذكر ذلك نائبه كيثوري كينديكي في لقاء تلفزيوني أجري معه قبل حوالي أسبوع ، و ذلك لعدة أسباب أبرزها :
١/ أن هذا الدستور بني على باطل و ما بني على باطل فهو باطل !!
٢/ أنه دعا إلى حل القوات المسلحة و إحلالها بقوات المليشيا و حركة عبد العزيز !!
٣/ أن الدولة التي سيتم تأسيسها و الحكومة التي سيتم تكوينها بناءاً على هذا الدستور هي مجرد أوهام و أحلام و أنا دائما لا أميل إلى التعليق على الأوهام و الأحلام !!
٤/ الفقرة أدناه و التي اقتطفتها من تقرير شبكة قناة الجزيرة لخصت دستور تأسيس ، و كما يقول المثل (الجواب يكفيك عنوانه) :
(و نص دستور تأسيس على أن السودان دولة علمانية ، ديمقراطية ، لا مركزية ، ذات هوية سودانية ، تقوم على فصل الدين عن الدولة ، و كذلك فصل الهويات الثقافية و العرقية و الجهوية عن الدولة) !!
و هنا تبرز الأسئلة الآتية :
ـ هل يعرف عبد الرحيم دقلو و محمود إبراهيم موسى مادبو و بعض قادة الإدارة الأهلية الذين شاركوا في مؤتمر تأسيس معنى دولة علمانية ؟؟
ـ و هل يعرفون معنى فصل الدين عن الدولة ؟؟
ـ ما هو تعريف الهوية السودانية التي ستبنى عليها دولة تأسيس الإفتراضية الشفشافية ؟؟
ـ كيف تنشأ دولة بعيداً عن الهويات الثقافية لسكانها ؟؟
خلاصة القول أن هذا الدستور الوهمي هو تعبير عن مانفسنو حركة المتمرد عبد العزيز آدم أبكر هارون الذي قال عنه عبد الرحيم دقلو بأن مليشته تقاتل بذات المانفستو الذي ظل عبد العزيز يناضل من أجله لأكثر من 40 سنة ، و هو أيضاً ترجمة للإتفاق الموقع بين حمدوك عب الله حمدوك عندما كان رئيس وزراء مع عبد العزيز في أديس أبابا في الثالث من سبتمبر 2020 ، و هو أيضاً يعبر بوضوح عن مضمون الإتفاق الإطاري الذي كان سبباً رئيسياً لإشعال الحرب !!
و في نهاية الأمر فإن دستور تأسيس سيظل حبراً على ورق و لن يقف على ساقين و لن يجد له مناصراً أو مؤيداً إلا الذين تم حشدهم في قاعة جومو كنياتا بنيروبي بحفنة من الدولارات و زجاجات الويسكي !!
سوار
8 مارس 2025