تكثف الولايات المتحدة ضغوطها على إسرائيل لإنهاء الحرب بينها وبين حركة حماس، ولكن هل أميركا جاهزة للمرحلة المقبلة؟ وبحسب صحيفة "The Hill" الأميركية، "ليس المقصود هنا العودة الحتمية لخلايا حماس إلى الظهور في غزة أو تصعيد أنشطة الحركة في الضفة الغربية، وإنما المقصود هنا هو حرب إسرائيل مع وكيل إيران، حزب الله في الشمال.
إن الحرب في الجنوب هي مجرد مرحلة واحدة من معركة الإبادة التي تنظمها طهران. ربما كان الرئيس الأميركي جو بايدن قادرًا على كبح جماح إسرائيل من توجيه ضربة استباقية لحزب الله مقابل منحها الحرية في عملياتها في غزة، لكن مرحلة التعامل مع الحزب ستصبح في متناول اليد في أوائل عام 2024، ومن مصلحة الولايات المتحدة أن تستعد وتضع استراتيجية مع إسرائيل قبل اندلاع تلك الحرب". وتابعت الصحيفة، "بغض النظر عن مدى رغبة إدارة بايدن في عودة إسرائيل إلى الوضع الراهن في الشمال قبل 7 تشرين الأول، فإن الإسرائيليين عازمون على عدم مواجهة كيان إرهابي جديد، أقوى من حماس، يجلس على بعد أمتار قليلة من سكانه المدنيين. وقال مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، تساحي هنغبي، إن "التهديد الذي يشكله حزب الله القادر على ارتكاب مذبحة ضد المدنيين على غرار ما حدث في 7 تشرين الأول لا يمكن التسامح معه". وكانت إسرائيل "توضح للأميركيين أننا لسنا مهتمين بخوض حرب في الشمال، ولكن لن يكون لدينا بديل سوى فرض واقع جديد" إذا بقي حزب الله يشكل تهديداً". وأضافت الصحيفة، "لم يتردد الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، يوماً في رغبته في محو إسرائيل، قائلاً: "الحل الوحيد هو تدميرها دون السماح لها بالاستسلام… إن إزالة إسرائيل ليس مصلحة فلسطينية فقط. إنها مصلحة العالم الإسلامي بأكمله". بعد حرب لبنان الثانية عام 2006، وافق مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بالإجماع على القرار رقم 1701، الذي يطالب حزب الله بنزع سلاحه والتحرك شمال نهر الليطاني، على بعد حوالي 20 ميلاً شمال الحدود اللبنانية الإسرائيلية. وحتى الصينيون والروس صوتوا لصالح القرار، ولكن لسوء الحظ، فإن قوات الأمم المتحدة العاجزة التي أرسلت لتنفيذ القرار لم تفِ بتفويضها على الإطلاق". وبحسب الصحيفة، "يوجد 10 آلاف جندي تابع للأمم المتحدة في جنوب لبنان، ولم يتمكنوا من منع نقل ولو صاروخ واحد موجه بدقة إلى حزب الله من إيران، كما أنهم سمحوا للحزب بالاستقلال الكامل لبناء جيشه. واليوم يعيش مئات الآلاف من الإسرائيليين بالقرب من الحدود اللبنانية في خوف دائم من حزب الله. وقد تم بالفعل إجلاء ستين ألف إسرائيلي وهم غير مستعدين للعودة إلى منازلهم مع وجود حزب الله على بعد خطوات منهم. وفي الواقع، لدى حزب الله العديد من الأنفاق التي لم يتم اكتشافها بعد، تماماً مثل حليفته حماس، وهذا من شأنه أن يسمح لهم بتسهيل دخول مئات من قواتهم إلى إسرائيل في غضون دقائق". ورأت الصحيفة أن "معظم الأميركيين لا يدركون أن هناك حرباً نشطة تدور في شمال إسرائيل كل يوم منذ هجوم حماس في 7 تشرين الأول. ففي الشهر الأول، تم إطلاق أكثر من 1000 صاروخ وقذيفة وطائرة مسيّرة على إسرائيل من الشمال. ومع ذلك، نظرًا لأن الحرب الواسعة النطاق في الجنوب طغت عليها، فإن وسائل الإعلام والحكومة الأميركية تصفها بأنها تبادل للنيران، وهو تحت السيطرة في الوقت الحالي. وعندما أرسل بايدن مجموعة حاملة طائرات إضافية إلى المنطقة، كان ذلك بمثابة تحذير مقنّع لطهران لكبح جماح حزب الله. ومع ذلك، عاجلاً أم آجلاً، ستنتقل مجموعة حاملات الطائرات هذه إلى مناطق مضطربة أخرى، وسيسود عدم الاستقرار". وبحسب الصحيفة، "إن الاعتقاد بأن إسرائيل قادرة على العودة إلى الأيام التي سبقت السابع من تشرين الأول هو سوء تقدير خطير، فالإسرائيليون في الشمال، مثلهم مثل أولئك الذين يعيشون في الجنوب، لا يمكنهم العودة إذا كان هناك كيان يشكل خطراً على حياتهم على الجانب الآخر من الحدود. وخلافاً للضفة الغربية، فإن الحدود مع لبنان وغزة هي حدود معترف بها دولياً. ويتبع حزب الله أوامر المرشد الأعلى لإيران، بحسب تفسيرهم الديني الشيعي الاثني عشري لولاية الفقيه، وهذا يجعل من نصر الله جندياً في جيش الجمهورية الإسلامية للسيطرة على الشرق الأوسط. تتحلى إيران بالصبر ويمكنها الانتظار لسنوات قبل تفعيل حزب الله لأن صواريخ الحزب البالغ عددها 150 ألف صاروخ هي بوليصة تأمين إيرانية لثني إسرائيل عن مهاجمة المنشآت النووية في إيران بشكل استباقي". وتابعت الصحيفة، "وفقاً لساريت زهافي ويعقوب لابين من مركز ألما للتعليم والأبحاث، "تشكل وحدة الرضوان التابعة لحزب الله تهديداً مستمراً للمجتمعات الشمالية في إسرائيل... إن هجوم حماس نفذ تكتيكات في الجنوب مماثلة لتلك التي خططت لها وحدة الرضوان في الجليل… إن خبرة وحدة الرضوان في حرب العصابات واستخدامها الاستراتيجي للأنفاق الهجومية على طول الحدود الإسرائيلية كانت محورية في خطط حزب الله السابقة للتوغل في الأراضي الإسرائيلية… ولا يزال حزب الله مصمماً على غزو الأراضي الإسرائيلية". ومن غير الواقعي أن تطلب الولايات المتحدة من إسرائيل تهجير سكانها المدنيين على حدودها الشمالية بشكل دائم. لذلك، يبقى الخيار الأكثر واقعية هو القيام بعمل عسكري من جانب إسرائيل لإزاحة حزب الله شمال نهر الليطاني، وهو ما وعدت به الأمم المتحدة قبل 17 عاماً ولكنها لم تنفذه قط". ورأت الصحيفة أن هذا من شأنه أن "يتحول إلى حرب إقليمية، ولكن إذا دعمت الولايات المتحدة إسرائيل في إضعاف حزب الله، فسوف تتعرض إيران للإهانة، وسوف تتعزز مكانة أميركا كحليف يمكن الاعتماد عليه في كل أنحاء العالم، وسوف يتشجع الشعب الإيراني على محاولة الإطاحة بنظامه مرة أخرى. لا ترغب إسرائيل في خوض حرب على جبهتين، ولكن مع احتمال انتهاء الحملة الرامية إلى القضاء على حماس في غزة في غضون بضعة أشهر، فمن المرجح أن يندلع الصراع في الشمال". المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية:
الولایات المتحدة
تشرین الأول
فی الشمال
فی الجنوب
حزب الله
إقرأ أيضاً:
تقرير إسرائيلي: السنوار خدعنا وأوهمنا دخوله في هدنة طويلة
بعد نحو عام ونصف على أحداث السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، كشفت مصادر إسرائيلية للمرة الأولى عن وثائق تم الاستيلاء عليها من غزة، تظهر الأساليب التي استخدمها رئيس حركة المقاومة الإسلامية "حماس" السابق يحيى السنوار لخداع الاحتلال الإسرائيلي.
ووفق تقرير للقناة "12" العبرية، دون الكشف عن مصادره، فإن الوثائق السرية التي عُرضت مساء السبت الماضي ضمن نشرة نهاية الأسبوع، تكشف عن نظام خداعي معقد انتهجه السنوار، حيث روّج لهدنة طويلة الأمد فيما كان يخطط لهجوم واسع النطاق، تمثل في عملية "طوفان الأقصى".
وتُظهر الوثائق أن المحادثات الداخلية لقادة "حماس" كانت تعتمد على استراتيجية دقيقة، تهدف إلى استغلال نقاط ضعف المجتمع الإسرائيلي لإحداث تصدع داخلي. كما أوضحت الوثائق كيف اعتبر السنوار عرض التهدئة بعد حرب عام 2021 خطوة استراتيجية رابحة ضد الاحتلال الإسرائيلي، سواء قوبلت بالقبول أو بالرفض.
وورد في إحدى الرسائل التي بعث بها السنوار إلى رئيس المكتب السياسي لحماس آنذاك، إسماعيل هنية والذي استشهد الصيف الماضي في هجوم للاحتلال الإسرائيلي بطهران، قوله: "من المحتمل أن تكون هذه المبادرة مقبولة لدى معظم دول العالم، لكنها ستُقابل بالرفض من قبل الاحتلال، مما سيزيد من عزلته الدولية. وإن وافق الاحتلال عليها، فستؤدي إلى تمزق داخلي وربما إلى حرب أهلية".
وتكشف الوثائق أيضًا أن عملية "سيف القدس" في عام 2021 كانت نقطة تحول في مسار التخطيط لعملية "طوفان الأقصى". ففي حين اعتبرت القيادة الإسرائيلية، بقيادة رئيس وزراء الاحتلال آنذاك بنيامين نتنياهو، ووزير حربه بيني غانتس، ورئيس الأركان أفيف كوخافي، العملية انتصارًا استراتيجيًا، أدت نتائجها إلى تعزيز ثقة "حماس" في قدرتها على إلحاق الهزيمة بالاحتلال.
وتظهر الوثائق رسالة من إسماعيل هنية إلى السنوار يقول فيها: "نحن نحتفل بنصر واضح؛ رُفع علم القسام في جميع أنحاء العالم، وهتف الملايين للقائد محمد الضيف"، فيما رد السنوار مؤكدًا: "الحمد لله الذي منحنا النصر وأذل قادة العدو، ونحن قاب قوسين أو أدنى من تدمير دولته".
كما تكشف الوثائق زيف الإنجاز الذي روجت له إسرائيل بعملية "المترو" لتدمير أنفاق "حماس"، إذ أوضحت المحاضر أن شبكة الأنفاق لم تتضرر فعليًا، باستثناء أضرار طفيفة في بعض الأنفاق الهجومية التي سرعان ما تم ترميمها.
وفي اجتماع ضم السنوار إلى جانب الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله٬ وقائد "فيلق القدس" الإيراني إسماعيل قآني، أكد قادة "حماس" أن شبكة الأنفاق الرئيسية لم تُمس تقريبًا، خلافًا لما أعلنه الاحتلال حينها.
ووفق التقرير العبري، تؤكد هذه الوثائق عمق الفجوة بين تقييمات القيادتين السياسية والعسكرية في الداخل المحتل والواقع الميداني، إذ استمرت القيادة الإسرائيلية في تسويق رواية انتصارات وهمية أمام الرأي العام، بينما كانت الحقيقة على الأرض تتشكل على نحو مختلف تمامًا.