ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (ما حكم ترجمة خطبة الجمعة لغير الناطقين بالعربية في المذهب الشافعي؟

وقالت دار الإفتاء في إجابتها على السؤال، إنه لا مانع في المذهب الشافعي من ترجمة خطبة الجمعة بغير العربية بعد أو قبل أدائها بالعربية؛ مراعاةً لغير الناطقين بها.

ويقول البيجوري في "حاشيته" على "شرح ابن قاسم على متن أبي شجاع" (228، ط.

مصطفى الحلبي): [ولا يشترط في سائر الخُطَب إلا الإسماع والسَّماع، وكونُ الخطيب ذَكَرًا، وكونُ الخطبةِ عربيةً، ومحل اشتراط العربية إن كان في القوم عربي، وإلا كفى كونُها بالعجمية إلا في الآية فلا بد فيها من العربية، ويجب أن يتعلم واحدٌ من القوم العربيةَ، فإن لم يتعلم واحدٌ عَصَوا كلُّهم، ولا تَصِحُّ جُمعَتُهم مع القدرة على التعلم] اهـ.

وأكدت أن صلاة الجمعة بخطبة واحدة بغير اللغة العربية صحيحةٌ شرعًا، وهي مجزئةٌ لمن حَضَرها مع الإمام، سواء في حق ذلك الرجل المذكور أو غيره مِن المأمومين، ولا إثم عليهم في ذلك ولا حرج، والأولى الإتيان بخطبتين خروجًا من خلاف الفقهاء.

وقد وافق الإمامَ أبا حنيفةَ في جواز أداء خُطبة الجمعة بغير اللغة العربية: صاحِبَاهُ الإمامان: القاضي أبو يوسف، ومحمدُ بن الحسن -بِقَيْدِ أن يَعْجَزَ الخطيبُ عن أدائها باللغة العربية-، والشافعيةُ في وجهٍ -واحتَمَله الإمامُ الأَذْرَعِي على ما إذا عَلِم الحاضرون تلك اللغة-، وهو أيضًا مذهب الحنابلة، وذلك باعتبار أنَّ المقصودَ مِن خُطبة الجمعة هو الوعظُ والتذكيرُ، وهو حاصلٌ بكلِّ اللغات.
 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: دار الإفتاء خطبة الجمعة العربية

إقرأ أيضاً:

من الذي يعذب يوم القيامة الروح أم النفس.. الإفتاء تجيب

قالت دار الإفتاء المصرية إن لفظ "الروح" و"النفس" من الألفاظ التي تؤدي أكثر من معنًى، وهما في الواقع متغايرتان في الدلالة بحسب ما يحدده السياق، وإن حلَّت إحداهما محلَّ الأخرى في كثير من النصوص الشرعية، لكن على سبيل المجاز وليس الحقيقة.
وأوضحت الإفتاء معنى الروح وهي ما سأل عنها اليهودُ فأجابهم الله تعالى في القرآن بقوله: ﴿قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [الإسراء: 85]؛ فهذه الروح التي يحيا بها الإنسان هي سِرٌّ أودعه الله في المخلوقات واستأثر في علمه بكنهها وحقيقتها، وهي التي نفخها في آدم عليه السلام وفي ذريته من بعده.

وأضافت الإفتاء أما مسألة العذاب فقد ورد في السنة ما يدلُّ على أن العذاب للنفس يكون يوم القيامة، وأن عذاب الروح وحدها يكون بعد مفارقتها للجسد بالموت، وأن الروح بعد السؤال في القبر تكون في عليين أو في سجِّين، وهذا لا ينافي عذاب القبر للروح والجسد لمن استحقه، كما جاء ذكره في الأحاديث الشريفة.

الفرق بين الروح والنفس

قالت الإفتاء إنَّ كلمتَي الروح والنفس ترددتا في آيات كثيرة في القرآن الكريم، وكثر ورود الكلمة الأخيرة مفردة ومجموعة قرابة الثلاثمائة مرة أو تزيد.

وتابعت: وقد اختلف العلماء في الروح والنفس، هل هما شيءٌ واحدٌ؟ أو هما شيئان متغايران؟ فقال فريق: إنهما يطلقان على شيء واحد، وقد صحَّ في الأخبار إطلاق كلٍّ منها على الأخرى، من هذا ما أخرجه البزَّار بسند صحيحٍ عن أبي هريرة: "إن المؤمن ينزل به الموت ويعاين ما يعاين فَوَدَّ لو خرجت -يعني نفسُه-، والله يحب لقاءه، وإن المؤمن يصعد بروحه إلى السماء، فتأتيه أرواح المؤمنين فيستخبرونه عن معارفهم من أهل الأرض"، فهذا الحديث يؤيد إطلاق الروح على النفس والنفس على الروح.

وقال الفريق الآخر: إنهما شيئان؛ فالروح ما به الحياة، والنفس هذا الجسد مع الروح، فللنفس يدان وعينان ورجلان ورأس يديرها وهي تلتذ وتفرح وتتألم وتحزن، فالروح جسمٌ نورانيٌّ علويٌّ حيٌّ يسري في الجسد المحسوس بإذنِ الله وأمرِه سريانَ الماء في الورد لا يقبل التحلُّل ولا التبدل ولا التمزق ولا التفرق، يعطي للجسم المحسوس الحياة وتوابعها، ويترقى الإنسان باعتباره نفسًا بالنواميس التي سنَّها الله وأمر بها؛ فهو حين يولد يكون كباقي جنسه الحيواني لا يعرف إلا الأكل والشرب، ثم تظهر له باقي الصفات النفسية من الشهوة والغضب والمرض والحسد والحلم والشجاعة، فإذا غلبت عليه إنابته إلى الله وإخلاصه في العبادة تغلَّبت روحه على نفسه فأحبَّ الله وامتثل أوامره وابتعد عما نهى عنه، وإذا تغلبت نفسه على روحه كانت شقوته.

معاني كلمة الروح في القرآن والسنة

وجاءت الروح في القرآن الكريم وفي السنة بمعانٍ: فهي تارة الوحي؛ كما في قوله تعالى: ﴿يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ﴾ [غافر: 15]، ويسمى القرآنُ روحًا باعتباره أحيا الناس من الكفر الشبيه بالموت، وأُطلق الروح على جبريل عليه السلام؛ كما في قوله تعالى: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ ۝ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ﴾ [الشعراء: 193-194]، وقوله: ﴿وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ﴾ [البقرة: 253]، وفي الحديث الشريف: «تحابُّوا بروح الله» رواه أبو داود، قيل: المراد بالروح هنا: أمر النبوة أو القرآن، وهو المعنى عند أكثر العلماء في قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا﴾ [الشورى: 52].

معاني كلمة النفس

وكلمة النفس تجري على لسان العرب في معانٍ؛ فيقولون: خرجت نفسه، أي: روحه، وفي نفس فلان أن يفعل كذا، أي: في رُوعه وفكره، كما يقولون: قتل فلان نفسه، أو أهلك نفسه، أي: أوقع الإهلاك بذاته كلها وحقيقته، فمعنى النفس في هذا: جملة الإنسان وحقيقته؛ كما في قوله تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ [النساء: 29]. وتطلق كلمة النفس على الدم، فيقال: سالت نفسه؛ ذلك لأن النفس تخرج بخروجه.

وقد أطلق القرآن هذه الكلمة على الله في قوله: ﴿تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ﴾ [المائدة: 116] والمعنى: تعلم ما عندي ولا أعلم ما عندك، أو كما قال ابن الأنباري: إن النفس في هذه الآية: الغيب، ويؤكد ما انتهت به الآية: ﴿إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ﴾ [المائدة: 116]؛ أي تعلم ما أعلم ولا أعلم ما تعلم. فلفظ "الروح" و"النفس" من الألفاظ التي تؤدي أكثر من معنًى يحددها السباق والسياق واللحاق، وهما في الواقع متغايرتان في الدلالة حسبما تقدم، وإن حلَّتْ إحداهما محلَّ الأخرى في كثير من الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة، لكن على سبيل المجاز لا الحقيقة.
 

مقالات مشابهة

  • حكم عدم الوفاء بالنذر وكفارته.. الإفتاء تجيب
  • بيان منزلة النفس الإنسانية في الإسلام.. الإفتاء تجيب
  • حكم صلاة القائم خلف الجالس في الفريضة.. دار الإفتاء تجيب
  • صرخة طفل يمني تجبر شيخ سعودي على تغيير خطبة الجمعة
  • هل يجوز للزوجة أخذ وسائل منع الحمل بغير موافقة الزوج؟.. دار الإفتاء تجيب
  • «أنت عند الله غالٍ».. نص خطبة الجمعة غدا 22 نوفمبر 2024
  • "أَنْتَ عِنْدَ اللهِ غَالٍ" موضوع خطبة الجمعة.. غداً
  • حكم الصلاة خلف الإمام عبر التليفزيون أو من خلال الجدران.. دار الإفتاء تجيب
  • من الذي يعذب يوم القيامة الروح أم النفس.. الإفتاء تجيب
  • موضوع خطبة الجمعة القادمة: «أنت عندالله غالٍ»