جمال أبو الهيجا.. الأسير الذي التقى أبناءه في السجن
تاريخ النشر: 15th, December 2023 GMT
جمال أبو الهيجا أسير فلسطيني محكوم بـ9 مؤبدات، ولد في مخيم جنين عام 1959 لأسرة نازحة من مدينة حيفا المحتلة. اعتقله الاحتلال الإسرائيلي عام 2022 ووجهت له تهم قتل إسرائيليين في عمليات فدائية وقيادة كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس).
انخرط في شبابه بالعمل الدعوي والاجتماعي قبل أن ينضم إلى المقاومة المسلحة ويتولى قيادة كتائب القسام شمال الضفة الغربية، وهو ما كلفه بتر يده إثر مواجهات مسلحة مع الاحتلال ثم اعتقاله.
تعرض أبناؤه وزوجته للاعتقال والمطاردات كما قصف منزله عدة مرات، ورفض الاحتلال إطلاق سراحه في صفقة وفاء الأحرار عام 2011 بسبب قوة خطابه الدعوي وتأثيره على الشباب وتشجيعه على المقاومة.
المولد والنشأةولد جمال عبد السلام أبو الهيجا يوم 25 نوفمبر/تشرين الثاني 1959 في مخيم جنين للاجئين الفلسطينيين، نزحت عائلته من قرية "عين حوض" قضاء مدينة حيفا عقب النكبة عام 1948 إلى مخيم في جنين.
تأثر بوالده الشيخ عبد السلام أبو الهيجا، الذي كان مؤذنا وإماما لمسجد المخيم، وسار الابن على نهج والده فانخرط في الدعوة مبكرا وسخر جهوده للأعمال الاجتماعية ولدعم المقاومة، كان منزله معروفا باستقبال وإيواء المقاتلين من جنين ومن كل مدن الضفة الغربية.
متزوج من أسماء محمد سباعنة وله 6 أبناء، 4 ذكور هم عبد السلام وعماد وعاصم وحمزة، وبنتان هما بنان وساجدة، ساروا جميعا على نهج والدهم في الدفاع عن قضية الأسرى ومقاومة الاحتلال.
الدراسة والتكوين العلميتلقى تعليمه الأساسي في إحدى مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، والثانوي في مدرسة جنين الثانوية، وتخرج بتفوق.
التحق بالكلية العربية لإعداد المعلمين في العاصمة الأردنية عمان عام 1980 ونال فيها درجة الدبلوم في التربية الإسلامية عام 1982.
الحياة المهنيةبعد تخرجه من كلية إعداد المعلمين بالأردن، عمل في التدريس في اليمن ما بين 1982 و1984، ومنها اتجه نحو السعودية لممارسة المهنة نفسها، ثم أقام لفترة قصيرة في الكويت قبل أن يعود إلى جنين عام 1990.
في جنين، عمل في لجنة الزكاة والصدقات وكانت مهمتها رعاية الأيتام وتقديم المساعدات الدراسية والتموين وترميم البيوت وشراء الأدوية، كما شغل منصب مدير مراكز تحفيظ القرآن الكريم في المحافظة نفسها.
تجربة الدعوة والمقاومةالتحق جمال أبو الهيجا بجماعة الإخوان المسلمين في الأردن عام 1979، وتتلمذ على يد أحد قادتها الشيخ عبد الله عزام، وشارك في نشاطاتها الدعوية والفكرية والاجتماعية والمؤسساتية.
أطلق الشيخ عزام نهاية الثمانينيات من القرن العشرين دعوة إلى الشباب الفلسطيني للعودة إلى بلادهم للدفاع عنها ومواجهة ممارسات الاحتلال، وترافقت هذه الدعوة مع إعلان الشيخ أحمد ياسين تأسيس حركة حماس.
كان جمال أبو الهيجا من أوائل المستجيبين لهذه الدعوة، فعاد إلى مسقط رأسه جنين عام 1990 في خضم الانتفاضة الأولى (1987-1993) وانضم لحركة حماس وعمل ناطقا باسمها ومنسقا لها في لجنة القوى الوطنية والإسلامية في تلك الفترة.
كان من الوجوه الدعوية المعروفة في الضفة، وكان الشباب يلتف حول خطابه الدعوي المؤثر، كما كان بيته مفتوحا لاستقبال عائلات الأسرى وإيواء المقاتلين.
أصبح من قيادات حركة حماس شمالي الضفة الغربية، وكان عضوا في لجنة المؤازرة داخل مخيم جنين عام 1996، وهي هيئة تأسست للمطالبة بحقوق أهالي المخيم، وتحسين الخدمات الموجهة لهم.
تولى قيادة كتائب عز الدين القسام شمالي الضفة، وشارك في مواجهات الانتفاضة الثانية (2000-2005)، وأصيب خلالها عدة إصابات.
أشرف على تنفيذ عدد من العمليات الفدائية لكتائب عز الدين القسام من بينها:
عملية مطعم سبارو بالقدسنفذ هذه العملية الاستشهادي عز الدين المصري (24 عاما) في مطعم سبارو في القدس يوم التاسع من أغسطس/آب 2001، حيث فجر حزامه الناسف داخل المطعم، مما أدى إلى مقتل 20 إسرائيليا وجرح 150، وجاءت العملية ردا على اغتيال القياديين القساميين جمال منصور وجمال سليم في نابلس.
عملية نهاريانفذها الاستشهادي محمد شاكر حبيشي (50 عاما) في مستوطنة "نهاريا" يوم التاسع من سبتمبر/أيلول2001، وفجر حبيشي نفسه في محل تجاري قرب محطة القطارات، مما أدى إلى وقوع 5 قتلى إسرائيليين، وإصابة حوالي 40 آخرين بجروح مختلفة.
أسماء سباعنة زوجة جمال أبو الهيجاء (الجزيرة) عملية مطعم ماتسة في حيفانفذ هذه العملية الاستشهادي شادي زكريا الطوباسي ( 23 عاما) يوم 31 مارس/آذار2002، ردا على مجازر الاحتلال في مدينة رام الله، وفجر شادي نفسه في مطعم "ماتسة" القريب من المركز التجاري "غراند كنيون" في قلب مدينة حيفا، مما أدى إلى مقتل 20 إسرائيليا وجرح 35 آخرين.
عملية الحافلة في صفدنفذها الاستشهادي جهاد حمادة (24 عاما) يوم الرابع أغسطس/آب 2022، وفجر جهاد نفسه داخل حافلة إسرائيلية على مفرق ميرون في مدينة صفد، مما أدى إلى مقتل 14 إسرائيليا وجرح 62، وتمت العملية ردا على مجزرة حي الدرج، التي استهدفت اغتيال القائد الأول لكتائب القسام الشيخ صلاح شحادة.
كان جمال أبو الهيجا من قادة معركة الدفاع عن مخيم جنين عام 2002، التي جرت أثناء اجتياح قوات الاحتلال لمدن الضفة الغربية، ووضعت إسرائيل اسمه في قائمة الاغتيالات، وهي القائمة التي سلمتها المخابرات الأميركية إلى السلطة الفلسطينية.
حاولت قوات الاحتلال اغتياله بعد محاصرته في جنين في مارس/آذار 2002 لكن عمليتها باءت بالفشل، وأصيب خلال هذه المواجهة برصاصة متفجرة في يده اليسرى وتوزعت الشظايا في جسده، فقرر الأطباء بتر يده.
ظل مطاردا من الاحتلال إلى أن جرى اعتقاله في عملية نفذتها وحدة إسرائيلية خاصة في 26 أغسطس/آب 2002 بعد أشهر من إصابته في يده وبعد أيام من عملية صفد الاستشهادية.
الاعتقال وحياة السجناعتقله الاحتلال الإسرائيلي 5 مرات منذ عودته إلى جنين، ولم يسلم من ملاحقة أجهزة السلطة الفلسطينية، إذ تعرض للاعتقال عام 1996 لمدة 6 أشهر، وظلت الأجهزة تطارده بعد الإفراج عنه لأشهر بدعوى إيوائه مقاتلين.
كانت المرة الأولى التي اعتقله فيها الاحتلال في 11 أكتوبر/تشرين الأول 1992 وأفرج عنه بعد 18 يوما من التحقيق، ثم اعتقل مرة أخرى يوم 29 يناير/كانون الثاني 1993، وأفرج عنه في 17 مايو/أيار، ثم اعتقل في 17 سبتمبر/ أيلول 1995 وأفرج عنه في 14 ديسمبر/كانون الأول، واعتقل في 12 أبريل/ نيسان 1998 للتحقيق معه لمعرفة معلومات عن مكان الشهيد عادل عوض الله وأفرج عنه في 20 يوليو/تموز 1999.
وفي 26 أغسطس/آب 2002 اعتقلته قوات الاحتلال في عملية خاصة بعد محاصرته في أحد المنازل وحكمت عليه محكمة عسكرية بالسجن 9 مؤبدات بتهم الإشراف على تنفيذ عمليات فدائية ضد إسرائيليين، إضافة إلى 20 سنة بتهمة قيادة كتائب القسام.
وضعه الاحتلال ضمن قائمة الأسرى الخطرين، وتعرض للتعذيب لمدة شهرين في السجن قبل أن ينقل إلى العزل الانفرادي حيث قضى حوالي 10 سنوات.
شارك في إضراب الكرامة الذي خاضه الأسرى عام 2012 واستمر 28 يوما، تدهورت خلالها حالته الصحية وترك دون علاج، ومع نهاية الإضراب انتهت سنوات السجن الانفرادي.
كان من الفاعلين في النقاشات والحوارات التي سبقت تأسيس قيادة حركة حماس الأسيرة، وكان عضوا في الهيئة التأسيسية، ثم عضوا في الهيئة القيادية العليا لأسرى حماس في السجون لعدة دورات تنظيمية.
تنقل بين عدة سجون، من بينها سجن ريمون وسجن إيشل وسجن عسقلان وجلبوع وغيرها.
تعرض خلال فترة سجنه لمضايقات ولحظات صعبة حيث حرمه الاحتلال من الزيارات العائلية بدعوى المنع الأمني، وتوفي والده وأخته وأخوه وهو في السجن، واعتقل أبناؤه عدة مرات ومرضت زوجته بالسرطان.
عبد السلام النجل البكر للشيخ الأسير جمال أبو الهيجا (الصحافة الفلسطينية) استهداف وملاحقة أسرتهطوال مدة سجنه، تعرض أفراد عائلة الشيخ أبو الهيجا للملاحقة والمضايقات والاعتقال والحرمان من السفر للعلاج من قبل الاحتلال الإسرائيلي وأجهزة السلطة، وتعرّض منزل العائلة للقصف والحرق عدة مرات.
اعتقل الاحتلال زوجته أسماء عام 2003 وقضت 9 أشهر في الاعتقال الإداري، كما حرمت من السفر للعلاج في الخارج بعد إصابتها بمرض السرطان.
واعتقل ابنه البكر عبد السلام قبل اعتقال والده بفترة وكان عمر ابنه 17 سنة وحكم عليه بالسجن 7 سنوات، ثم اعتقل بشكل متقطع 3 سنوات ونصف.
أما ابنه عاصم فقد طارده الاحتلال سنة 2006 لمدة 4 أشهر واعتُقل ما يقارب 3 سنوات، كما اعتقلت ابنته بنان لمدة 23 يوما عام 2007 وتم التحقيق معها في مركز الجلمة، واعتقل ابنه عماد الدين عدة مرات وأيضا ابنه الأصغر حمزة الذي اعتقل سنة 2011.
تقدم الشيخ جمال بطلب للمحكمة الإسرائيلية عام 2008 للقاء ولديه عبد السلام الذي كان يقضي محكوميته لمدة 7 أعوام وابنه عاصم الذي كان معتقلا إداريا، غير أن المحكمة رفضت الترخيص لهذا اللقاء.
وفي سنة 2015 وبعد ترحيله إلى سجن بئر السبع، تمكن الشيخ جمال من لقاء اثنين من أبنائه وهما عماد الذي كان يقضي حكما بالسجن لمدة سنتين وعاصم الذي كان محكوما بسنة ونصف، وكان هذا اللقاء الأول بين الأب وأبنائه بعد 13 عاما من اعتقاله.
واستشهد ابنه الأصغر "حمزة" وهو من قياديي كتائب عز الدين القسام في الضفة خلال اشتباك مع جنود الاحتلال في مارس/آذار 2014، بعد حياة مليئة بالمطاردات والاعتقال من جانب الاحتلال ومن جانب الأجهزة الأمنية للسلطة الفلسطينية.
مواقفه السياسيةيؤمن الشيخ جمال أبو الهيجا أن قضية فلسطين مقدسة ويرفض أي تنازل عن ثوابت القضية الفلسطينية، كما أنه يدافع عن الحوار بين كل الفصائل الفلسطينية.
ويرى أن مسلسل المفاوضات التي تقوده السلطة الفلسطينية عبثي، ودعاها مرارا إلى التخلي عن هيمنتها على القرار السياسي والعودة إلى الشعب الفلسطيني وتنفيذ الاتفاقات الوطنية الموقعة مع الفصائل الفلسطينية.
لا يرى الشيخ أي جدوى للمفاوضات والشعب الفلسطيني يرزح تحت نير الاحتلال، ويعتبر أن التنازلات التي قدمتها السلطة الفلسطينية منذ اتفاقية أوسلو (1993) دفعت الاحتلال والولايات المتحدة إلى القيام بالمزيد من الإجراءات بهدف تصفية القضية الفلسطينية، ويرى أن تحرير فلسطين يمر عبر المقاومة وتعاون المخلصين من أبناء الشعب الفلسطيني والأمة الإسلامية.
يصف التنسيق الأمني مع الاحتلال بالجريمة الوطنية بحق الشعب الفلسطيني، إذ يرى أن التنسيق والاعتقال السياسي زرع الفرقة والبغضاء في المجتمع الفلسطيني، وجعل جزءا من الشعب يقوم بمهمة الاحتلال تحت ذرائع مختلفة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: کتائب عز الدین القسام السلطة الفلسطینیة الشعب الفلسطینی الضفة الغربیة قیادة کتائب الاحتلال فی مما أدى إلى عبد السلام مخیم جنین أغسطس آب جنین عام عدة مرات الذی کان
إقرأ أيضاً:
الجيش الذي “لا يقهر” يستنجد بالمرتزقة
يمانيون – متابعات
في الوقت الذي اضطر الكيان الصهيوني للكشف عن الحد الأدنى من خسائره البشرية من مختلف صنوف قواته المعتدية على قطاع غزة ولبنان، والتي ناهزت من حيث الإصابات فقط اثني عشر ألف جندي وضابط من الجيش وقوات الأمن، انضموا إلى دائرة إعادة التأهيل التابعة لوزارة الأمن، منذ بدء عملية طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول 2023، بينهم 910 جرحى أصيبوا فيما أسموه “المناورة البرية المحدودة” التي بدأها العدو على الحدود مع لبنان مطلع شهر أيلول الماضي، بينهم 140 .
من هؤلاء باتوا معاقين بشكل كامل وفق البيانات الرسمية، بدأت إشارات الاستفهام تتكاثر في طروحاتها عن كيفية استمرار استقدام المزيد من المقاتلين لهذه القوات وتدعيمها، في ظل رفض الحاخامات وأتباع التيارات الدينية وفي مقدمتهم “الحريديم” أداء الخدمة الإلزامية، وزيادة نسبة المتسربين من الخدمة لما يزيد عن 17%، وزيادة نسبة الهجرة المعاكسة لأعلى معدل لها منذ عام 1948 لتصل إلى مليون شخص خلال عام، ورفض العديد من ضباط وجنود الاحتياط العودة لساحات القتال نتيجة ما شهدوه من عمليات بطولية وفدائية في قطاع غزة وجنوب لبنان الذي بات يشكل حالة رعب حقيقية لكل جندي صهيوني في الوحدات القتالية الخمسة التي تموضعت على جبهة الشمال.
هذا الواقع المتمثل في نقص العنصر البشري المقاتل لقوات الاحتلال، دفع حكومة بنيامين نتنياهو، إلى البحث عن مجموعة من الحلول والبدائل لكي تتمكن بواسطتها من سد ثغرة الحاجة البشرية، وخاصة أن إقرار “قانون تجنيد الحريديم” الذي تم الموافقة عليه منتصف تموز الماضي، لم يستطع سد هذه الثغرة، وبالتالي بات لزاماً على هذه الحكومة التي تجاهر ليلاً نهاراً باستمرار العدوان على قطاع غزة ولبنان، أن تبحث عن سبل سريعة لتعويض النقص البشري، الأمر الذي جعلها تتبنى بشكل منفرد أو بالتعاون مع أجهزة استخبارات غربية جملة من السبل، للاستعانة بمقاتلين مرتزِقة بما في ذلك مرتزقة “يهود” وفق الشكل الآتي:
أولاً- على مدى أكثر من سبعة عقود حرصت حكومات الكيان المتعاقبة ومجالس المستوطنات والكيبوتسات، على عدم استجلاب اليهود الأفارقة لأراضي فلسطين المحتلة، بحجة أن هؤلاء أي “يهود الفلاشا” أقل مرتبة ومكانة من اليهود الغربيين “الأشكناز” واليهود الشرقيين “السفارديم”، وهذا السبب الذي يفسر قلة عدد ممن يحمل منهم الجنسية “الإسرائيلية”، فحسب البيانات الرسمية لايتجاوز عددهم ٨٠ ألفاً، منهم ٢٠ ألفاً ولدوا داخل الكيان، إلا أن الحاجة للعنصر البشري المقاتل في جيش الاحتلال، دفع وزارة الأمن الصهيونية لاتخاذ قرارات عفو بالنسبة للكثير من هؤلاء الموجودين في سجون الاحتلال بسبب محاولتهم الدخول بشكل نظامي أو مخالفتهم لفترة الزيارة الدينية، مقابل موافقتهم على القتال في الصفوف الأولى في قوات الاحتلال على جبهتي قطاع غزة وجنوب لبنان، فضلاً عن ذلك ونتيجة علاقات الكيان مع إثيوبيا ووجود منظمة صهيونية فاعلة تحمل اسم “الحارث” تقوم بتجنيد اليهود الإثيوبيين بإشراف “الموساد” وإرسالهم لفلسطين المحتلة بعد أن يتم تدريبهم وتجهيزهم في إثيوبيا، مقابل تقديم وعود بمنحهم الجنسية والسماح بالبقاء داخل الكيان وتأمين فرص عمل لهم في مرحلة ما بعد الحرب.
ثانياً- التعاون مع الاستخبارات الألمانية على مدى الأشهر السبعة السابقة، لتجنيد لاجئين من جنسيات مختلفة، أفغان وليبيين وسوريين للانضمام لقوات المرتزقة التي يتم إرسالها إلى فلسطين المحتلة للقتال ضمن قوات الاحتلال، مقابل رواتب شهرية طائلة تتراوح بين ٤ إلى ٥ آلاف يورو شهرياً، ومنحهم الجنسية الألمانية دون الخضوع لشروط التجنيس المتبعة”، وهو ما يفسر تجنيس ٤ آلاف مهاجر خلال شهري أيلول وتشرين الأول”.
وفي هذا الإطار يلاحظ أن الموقف الألماني الذي اتسم بعد عام 2000 بأداء دور الوساطة ولا سيما في صفقات التبادل بين الكيان من جهة والمقاومة اللبنانية والفلسطينية من جهة أخرى، كان أبرزها صفقات تبادل الأسرى بعد عدوان تموز2006، وعدوان غزة 2008، وصفقة شاليط 2011، تحول اليوم لموقف الداعم بشكل علني وفاضح للكيان وأهدافه العدوانية، انطلاقاً من الالتزام الذي تدعيه برلين تجاه الكيان للتكفير عما يسمى بـ”المحرقة النازية”، ولرغبة ألمانيا في توسيع دورها ونفوذها بمنطقة الشرق الأوسط بعد تراجع كل من النفوذين البريطاني والفرنسي.
لذلك بات هذا الدور والموقف الداعم بشكل مطلق للكيان يتخذ أشكالاً عدة، بما في ذلك الأمني والعسكري والمتمثل باستمرار إرسال الأسلحة الألمانية للكيان والمساهمة بتجنيد المرتزقة، والمجال السياسي الذي عبرت عنه وزيرة الخارجية الألمانية “أنالينا بيربوك” في أثناء زيارتها مؤخراً للبنان وبعد ذلك في كلمتها داخل البرلمان الألماني “البوندستاغ” نهاية أيلول الماضي، بالقول: “إن ألمانيا تعتبر أمن “إسرائيل” امتداداً لأمنها القومي، لذلك فإن ألمانيا ملتزمة بحق “إسرائيل” الدفاع عن نفسها وتقديم كل المساعدات الممكنة لذلك”، إضافة لذلك الدور اللوجستي والاستخباراتي الذي باتت تؤديه السفن والغواصات الألمانية المتموضعة في المتوسط، والعاملة ضمن قوات “اليونيفيل”، بمساعدة الكيان في عدوانه على لبنان.
ولعل أبرز الأمثلة على ذلك: إعلان وزارة الدفاع الألمانية في 17 تشرين الأول الماضي، عن قيام إحدى السفن الحربية الألمانية بإسقاط طائرة مسيرة ادعت أنها “مجهولة الهوية” مقابل شواطئ لبنان، إضافة للمساعدة اللوجستية التي قدمت لقوات “المارينز” “الإسرائيلية” في أثناء عملية اختطاف المواطن اللبناني في منطقة “البترون” الذي يعمل قبطاناً بحرياً وادعت قوات الاحتلال أنه من قيادات حزب الله، فضلاً عن ذلك الدور التجسسي الذي أدته وتؤديه هذه السفن الناشطة في المتوسط عن مراكز وجود قيادات المقاومة اللبنانية ونقاط إطلاق الصواريخ والمساهمة في التصدي للهجومين الإيرانيين السابقين.
ثالثاً- قيام أجهزة الاستخبارات “الإسرائيلية” وفي مقدمتها “الشاباك” و”الموساد” للتواصل مع من تبقى من قيادات وعناصر ما عرف بجيش “لحد” سابقًا والاستعانة بهم كمرشدين يستدلون من خلالهم على أحياء القرى الحدودية وطرقاتها أثناء توغلهم البري.
رابعاً- نشاط الاستخبارات “الإسرائيلية” وبالتعاون مع الأجهزة الأوروبية وبعض المنظمات التي تتخذ طابعاً إنسانياً ودينياً إلى جانب أهم وأبرز شركات تجنيد المرتزقة العالمية، لتجنيد مرتزقة أوروبيين يقاتلون ضمن صفوف قوات الاحتلال، وفي مقدمتهم شركة “بلاك ووتر” الأميريكية التي يتزعمها الصهيوني “أريك فرينس”، وهذا الأمر ليس بجديد بل يعود لنهاية عام 2023.
ولكنه تزايد بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة، ولعل ما جاء في صحيفة “الموندو” الإسبانية التي نشرت نهاية تشرين الثاني 2023، مقابلة مع أحد المرتزقة المحترفين المقيمين داخل الكيان، ويدعى “فيديو دياز فلوريس” البالغ من العمر 28 عاماً، ويحمل الجنسية الإسبانية خير دليل على ذلك، حينما أقر أنه قاتل محترف تنقل بين عدة جبهات إلى إن عرضت عليه شركة “بلاك ووتر” الانتقال لفلسطين المحتلة مقابل مبلغ يناهز ٣٠٠٠ آلاف يورو أسبوعياً، ولعل الكيان الذي حاول التكتم عن ذلك عندما استهدفت المقاومة في 31 الشهر الماضي مستوطنة “المطلة” بصلية صواريخ مما أدى لوقوع خمسة قتلى هم عمال بينهم أربعة من جنسيات أجنبية… فما الذي يفعله العمال في خطوط الجبهات الأمامية؟.
الكيان وحكومته وجيشه الذي تزعم أنه الجيش الذي لا يقهر، ها هو يتساقط بالعشرات على جبهتي غزة والجنوب، وها هو الجيش الذي تشكل من عصابات الإجرام والإرهاب في أربعينيات القرن الماضي، يحن لتاريخه ويعود لجذوره التي انبثق منها وعاد مجدداً لشراء المرتزقة في حربه العاجزة أمام عقيدة وكرامة رجال الله في الميدان.
————————————–
– موقع العهد الإخباري ـ محمد العمري