محلل عسكري غربي: استهداف الحوثيين لإسرائيل يكشف عن امتلاكهم صاروخ جديد طويل المدى (ترجمة خاصة)
تاريخ النشر: 15th, December 2023 GMT
قال محلل عسكري غربي إن هجمات جماعة الحوثي المتصاعدة على دولة الاحتلال الإسرائيلي يكشف عن امتلاكها صاروخ جديد طويل المدى.
وأضاف المحلل "رالف سافيلسبيرج" في تحليل نشرته منصة "بريكينج ديفينس" وترجمه للعربية "الموقع بوست" إنه مع استمرار الصراع في غزة لشهره الثالث، تحاول الولايات المتحدة وشركاؤها في المنطقة جاهدين منع الصراع من الانتشار خارج إسرائيل، وفقا للمحلل العسكري
ويضيف الكاتب في تحليل على أن مما يزيد سوءا هو وجود جماعات أخرى في المنطقة تدعمها إيران، بمن فيهم الحو_ثيون في اليمن، الذين تقول الولايات المتحدة إنهم يضايقون السفن التجارية في البحر الأحمر ويحاولون كما يبدو استهداف إسرائيل.
ويتابع رالف في المقال التحليلي الذي ترجمه "الموقع بوست" أنه ولكي يتحقق ذلك الاستهداف، كان يتعين على الجماعة المسلحة تحقيق اختراق استراتيجي.
وخلال الأسابيع الأخيرة، بحسب رالف الخبير في أكاديمية الدفاع الهولندية، أعلنت إسرائيل أن نظامها الدفاعي الصاروخي "آرو" تمكن من اعتراض صواريخ باليستية فوق البحر الأحمر في ثلاث مناسبات، فيما نسبت هذه الهجمات إلى الحوثيين الذين يسيطرون على جزء كبير من شمال اليمن. ومع ذلك، فإن المسافة من أراضي الجماعة إلى إسرائيل تتجاوز أداء صاروخ بركان 3، الذي كان سابقا الصاروخ الباليستي الأطول مدى بالنسبة لها.
ويتساءل رالف، كيف يمكن للحوثيين الوصول إلى إسرائيل؟ ففي سبتمبر الماضي، عرضت الجماعة صاروخا جديدا بحجم أكبر خلال عرض عسكري لها في صنعاء. إنه المرشح الأكثر وضوحا، لكن هل نطاقه كافٍ؟ قد تكمن الإجابات في إيران.
وتشير نظرة فاحصة لأبعاد الصاروخ ومواصفاته إلى أنه مطابق عمليا للصاروخ الإيراني قدر-إف، الذي تدعي طهران أن مداه يصل 1950 كيلومتر. وتظهر نتائج المحاكاة الحاسوبية وتحليل فيديو الإطلاق أن هذا الادعاء معقول وأنه في حال تم إطلاق مثل هذا الصاروخ من شمال اليمن، فإنه بالإمكان أن يصل إلى جميع أنحاء إسرائيل.
وهذا هو بالضبط نوع الصاروخ الذي جرى تصميم نظام آرو لمواجهته، لكن الهجمات تظهر أن الحوثيين ما زالوا يوسعون ترسانتهم من الصواريخ الباليستية، على الرغم من حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة.
السهام أصابت أهدافها
يشير المحلل إلى أنه في أكتوبر الماضي، عقب أيام قليلة من هجوم حماس على إسرائيل، أعلن عبد الملك الحوثي، الزعيم الحالي لجماعة الحوثيين، دعمه لـ "الجهاد المقدس ضد العدو الصهيوني" وهدد بالمشاركة في الهجمات الصاروخية في حال تدخلت الولايات المتحدة في الصراع. وفي وقت لاحق، في 31 أكتوبر، أعلن الدفاع الإسرائيلي أن صاروخا من طراز أرو 2 تمكن من اعتراض صاروخ باليستي فوق البحر الأحمر. وفي 9 نوفمبر، أعقب ذلك إعلان آخر عن اعتراض ناجح لصاروخ باليستي، مما يمثل أول ظهور قتالي للصاروخ الاعتراضي الإسرائيلي أرو 3 خارج الغلاف الجوي. يذكر أنه حدث اعتراض آخر كذلك في 6 من ديسمبر الجاري.
وأفاد "في كل من الحالات الثلاث، ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن الهدف المقصود للصواريخ كان مدينة إيلات، جنوب إسرائيل، وأن اليمن الذي يسيطر عليه الحوثيون كان مصدرها المحتمل، بينما في كل الحالات أعلن الحوثيون مسؤوليتهم".
ولفت إلى أن جماعة الحوثي سيطرت على أجزاء كبيرة من اليمن خلال الحرب الأهلية المستعرة هناك منذ عام 2014، بما في ذلك العاصمة صنعاء. ومنذ التدخل الذي قادته السعودية في الحرب عام 2015، قاموا على نحو منتظم بإطلاق الصواريخ الباليستية على المملكة.
وقال "مع ذلك، وحتى وقت قريب إلى حد ما، كان صاروخهم الباليستي الأطول مدى هو بركان 3، المعروف أيضا باسم ذو الفقار، وهو عبارة عن تطوير لصاروخ سكود السوفييتي، الذي يصل مداه إلى أكثر من 1200 كيلومتر. وقد اتهمت الولايات المتحدة وفريق خبراء الأمم المتحدة المعني باليمن إيران بتزويد الحوثيين بمثل هذه الصواريخ، في انتهاك لحظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة، حيث يتم تهريب أجزاء الصواريخ إلى البلاد وإعادة تجميعها محليا. (فيما مضى، أنكرت إيران وكذلك الحوثيون المزاعم القائلة بأن طهران تزود الجماعة بالأسلحة)".
وأكد أن المدى المتزايد للحوثيين ساعد بمهاجمة الدمام على ساحل الخليج العربي السعودي في مارس 2021. فضلا عن ذلك، وفي يناير 2022، قاموا كذلك بإطلاق صاروخ على الإمارات، والذي اعترضه نظام الدفاع الصاروخي الأمريكي ثاد في أول استخدام قتالي له. ومع ذلك، فإن إيلات في إسرائيل تبعد حوالي 1700 كيلومتر عن اليمن، وهو ما يتجاوز بكثير المدى الأقصى لصاروخ بركان 3.
وأوضح أن نوع الصاروخ الذي من المرجح أن يستخدم في هذه الهجمات هو صاروخ جديد أكبر تم عرضه في صنعاء في سبتمبر الماضي، حيث تشير التسميات إلى أن اسمها طوفان، ويعني الفيضان أو العاصفة.
يضيف المحلل الغربي حسب ما ورد في مكان آخر، فالصاروخ يشبه تلك الإيرانية المسماة "قدر". إن إلقاء نظرة تفصيلية على طوفان والإصدارات المختلفة من قدر يسمح بتحديد النوع المعين. وتعد متغيرات قدر مشتقة من الصاروخ الإيراني شهاب 3 (نيزك)، وهو قريب من الصاروخ الكوري الشمالي نودونغ. في الأصل، هذا على الأرجح هو تصميم سوفيتي يتعلق بصواريخ سكود، وإن كان أكبر بكثير. ويبلغ قطر جسم الصاروخ 1.25 متر، في حين يبلغ قطر صواريخ سكود فقط 0.88 متر. مذلك المحرك يشبه أيضا محرك سكود، لكنه كذلك أكبر حجما، فيما يختلف موضع حوامل دعامات المحرك الموجودة في غرفة الاحتراق الخاصة به. كما عرض الحوثيون محرك الصاروخ طوفان خلال العرض في صنعاء، والذي يبدو مطابقا لمحرك شهاب 3.
أداء الصاروخ طوفان
ويواصل رالف القول إن أسهل طريقة لزيادة مدى صاروخ باليستي، مدعوم بنوع معين من محركات الصواريخ التي تعمل بالوقود السائل، هي زيادة الجزء من كتلة الإقلاع التي يستهلكها الوقود الدافع. ثمة طرق مختلفة للقيام بذلك تتمثل في تقليل كتلة الرأس الحربي، أو زيادة حجم خزانات الوقود، أو تقليل كتلة الصاروخ الفارغ- على سبيل المثال باستخدام مادة أخف أو عن طريق تقليل كتلة نظام التحكم في طيران الصاروخ. ومن المرجح أن النطاق المتزايد لصاروخ بركان 3، مقارنة بصواريخ سكود، يرجع إلى كل هذه التغييرات. ويحتوي بركان 3 كذلك على زعانف تثبيت أصغر حجما تقلل من السحب الديناميكي الهوائي.
وذكر أن مدى إصدارات صاروخ قدر مذلك قد زاد، وذلك بسبب تغييرات مماثلة في تصميم شهاب 3. وعرضت إيران صاروخا يحمل اسم "قدر 1" من خلال طهران في العام 2009. وكان هذا الصاروخ يحتوي على ما يسمى بمركبة إعادة الدخول تريكونيك أصغر حجما، ونظام أصغر للتوجيه والتحكم في الطيران في حجرة أصغر. وخلال عروض لاحقة، قامت إيران بعرض نسخا معدلة على نطاق أوسع، تحمل اسم قدر-إف وقدر-إتش، وكلاهما أكثر طولا من قدر 1 وبزعانف تثبيت أصغر.
وقال "لم تكن تسمياتها متسقة دائما، لكن الزيادة في طول إحداها بدا إلى حد كبير نظرا لخزانات الوقود الأطول. ويمكن رؤية ذلك بسهولة من خلال قنوات الكابلات الطويلة التي تمتد بجانب الخزانات إلى الجزء العلوي من جسم الصاروخ الأسطواني. وتدعي إيران بمدى أقصى يبلغ 1750 كيلومترا و1950 كيلومترا لصواريخ قدر-إتش وقدر-ف، على التوالي. وبما أن النسخة التي تحتوي على أطول خزانات سيكون لها مدى أطول، فمن المرجح أن يكون هذا هو قدر-إف.
وزاد "يشترك صاروخ طوفان في الزعانف الصغيرة ومجاري المياه الطويلة، وتبين المقارنة بين طوفان وقدر-ف أن نسبهما متطابقة عمليا".
وأفاد أن ثمة روابط بين برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني وكوريا الشمالية. ويمتلك الكوريون الشماليون نسخة نودونج مشابهة لصاروخ قدر-1، مع قسم توجيه قصير ورأس حربي ثلاثي الأطوار. وعلاوة على ذلك، فإن نسخة نودونج التي تم إطلاقها في ديسمبر من العام الماضي، بزعم اختبار التكنولوجيا الخاصة بإطلاق قمر التجسس الصناعي الأخير، تحتوي على زعانف تثبيت أصغر. ومع ذلك، لا يوجد نوع معروف من طراز نودونج في كوريا الشمالية يتمتع بكل هذه الميزات. ومن الواضح أن صاروخ "طوفان" هو بالفعل صاروخ "قدر-إف"- لذا ففي حال صحت ادعاءات إيران، فيجب أن يكون قادرا على الطيران لمسافة 1950 كيلومترا.
بطبيعة الحال، يقول رالف يمكن للإيرانيين تضخيم أداء تلك الصواريخ. وباستخدام المحاكاة الحاسوبية لمسارات الصواريخ، يمكننا التحقق من أن هذا الأمر معقول. وعرضت إيران، خلال معرض في طهران، ملصقا يحمل عدة مواصفات، من بينها مدى الإقلاع 1950 كيلومترا، وكتلة الإقلاع 17250 كيلوغراما، مع رأس حربي يزن 650 كيلوغراما. إن قوة دفع محرك صاورخ شهاب-3 معروفة من المصادر المفتوحة، وكذلك مقدار الوقود الدافع الذي يحرقه في الثانية.
وأردف "تُظهر عمليات المحاكاة المتعددة لكتلة الدفع والإقلاع هذه، ولكن مع كتل دافعة أولية مختلفة وأوقات الاحتراق المرتبطة بها، أن مدى يبلغ 1950 كيلومترا يتطلب كتلة دافعة تبلغ 14.8 طنا. وتُظهر صورة صاروخ "قدر-إف"، التي تم التقاطها خلال العرض العسكري، مكان اتصال حواجز خزانات الوقود بالجلد الخارجي للصاروخ، بحيث يمكن تقدير حجمها. وبناءً على ذلك، فإن خزانات الوقود الدافعة للصاروخ كبيرة بما يكفي، مع وجود مساحة صغيرة متبقية".
كما أكد أن احتواء 14.8 طنا من الوقود الدافع في صاروخ يبلغ وزنه 17250 كيلوغراما يتطلب هيكلا صاروخيا خفيفا. وتبلغ كتلة المعزز المحاكى عند الاحتراق 10.8 بالمائة من كتلة إقلاع المعزز. وهذا أصغر من صاروخ بركان-3، مما يشير إلى أن صاروخ قدر أخف وزنا نسبيا، لكنه يمكن مقارنته بالصواريخ الأكثر تقدما التي تعمل بالوقود السائل. لذلك، فإن المدى المزعوم البالغ 1950 كيلومترا يكون معقولا إذا كان الصاروخ يمتلك بالفعل كتلة إقلاع تبلغ 17250 كيلوجراما، ولو كان أثقل لكان نطاقه أقل، حيث يمكن التحقق من كتلة الإقلاع باستخدام فيديو الإطلاق. وأثناء أحد التدريبات، تم تصوير صاروخ "قدر" (مع مسار كابلات طويل)، يتم إطلاقه من مكان غير معلوم وسط إيران. ومن خلال معدل الإطارات المعروف والطول المعروف للصاروخ، يمكننا قياس الارتفاع الذي وصل إليه، بالنسبة إلى ارتفاع إطلاقه، كدالة للوقت.
واستدرك "في حال كانت كتلة الإقلاع تبلغ 17250 كيلوغراما، فيجب أن تتطابق القياسات مع نتائج المحاكاة. وفي حال كانت أثقل، فسوف تحظى بارتفاع أقل سرعة. إن موقع الإطلاق الدقيق غير معروف، والعامل المعقد هو أنه على ارتفاع أعلى، لذا يكون للصاروخ قوة دفع أكبر. وبما أن متوسط ارتفاع وسط إيران يبلغ حوالي 900 متر، فقد بدأت المحاكاة على نفس هذا الارتفاع. وتتفق النتيجة تماما ربما مع القياسات، لذا فإن كتلة الإقلاع البالغة 17250 كيلوجراما معقولة كذلك".
وقال "ومن اليمن، يجب أن يكون مثل هذا الصاروخ قادرا على الوصول إلى أبعد من إيلات. ولتحقيق أقصى قدر من التغطية لإسرائيل، يمكن للحوثيين إطلاق صواريخهم من الجزء الشمالي الغربي من أراضيهم، بالقرب من الحدود السعودية، حيث أطلق الحوثيون في الماضي صواريخ سكود من تلك المنطقة. ووفقا للأمم المتحدة، في مايو 2017، أطلقت الجماعة صاروخ سكود من حقل بالقرب من ضحيان، على سبيل المثال. وتتميز التضاريس هناك بارتفاع عالٍ، مما يزيد من قوة دفع الصاروخ، بالإضافة إلى تقليل السحب الديناميكي الهوائي، مما يزيد من المدى. ومع ذلك، فإن المسارات نحو إسرائيل تشير إلى الغرب قليلا، بحيث يؤدي دوران الأرض إلى تقليل النطاق. وتظهر نتائج المحاكاة التي تشمل جميع التأثيرات ذات الصلة أنه من ضحيان، ستكون إسرائيل بأكملها ضمن النطاق".
واستطرد "وقد ادعت إسرائيل أنها نجحت في اعتراض الصواريخ الثلاثة، وأن دفاعاتها الصاروخية مصممة لمواجهة هذا النوع من التهديد. ومع ذلك، فإن هذه الهجمات تظهر المدى المتزايد لترسانة الحوثيين من الصواريخ الباليستية".
وخلص رالف في تحليله إلى أنه "من المعلوم أنه ليس لديهم القاعدة الصناعية لبناء هذه الصواريخ بأنفسهم، لذا على الرغم من حظر الأسلحة، فإن مثل هذه الصواريخ الأكبر حجما وذات القدرة المتزايدة لا تزال تجد طريقها إلى اليمن، على الأرجح من إيران. علاوة على ذلك، على الرغم من أن اليمن قبل الحرب كان يمتلك صواريخ سكود، يبدو من المحتمل أنهم لا يستطيعون تشغيل صواريخ طوفان الأحدث إلا بالتدريب والمساعدة الإيرانية".
* يمكن الرجوع للمادة الأصل : هنا
*ترجمة خاصة بالموقع بوست
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن اسرائيل الحوثي صواريخ الملاحة الدولية الصواریخ البالیستیة الولایات المتحدة صاروخ برکان 3 من خلال ومع ذلک فی حال إلى أن مع ذلک
إقرأ أيضاً:
نداء الموت.. كيف تستخدم إسرائيل صوت كواد كابتر لقتل الفلسطينيين؟
يتفنن العدوان الإسرائيلي في حرب الإبادة التي يشنها على غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وهو لا يستخدم مسيّرات كواد كابتر لإطلاق الرصاص على الغزيين فقط بل يستخدمها لإطلاق أصوات تستدرجهم إلى الموت.
ووفقا لتقارير، تستخدم إسرائيل طائرات كواد كابتر لإصدار أصوات بكاء الأطفال لدفع الفلسطينيين إلى الخروج من المخيمات لإنقاذهم.
وقد استخدمت المسيرات وكواد كابتر في إصدار أصوات مسجلة مختلفة لخداع ضحاياها: رضيع يبكي، وطفل يصرخ طلبا للمساعدة، لقد استغلوا تعاطف الفلسطينيين وتضامنهم، والذين صمدوا رغم معاناة الحرب التي لا تطاق.
ونشرت القوات الإسرائيلية في غزة طائرات كواد كابتر تشغّل أصوات بكاء الأطفال والنساء المنكوبات، وذلك لجذب الفلسطينيين إلى خارج منازلهم في المناطق المفتوحة حيث يمكن استهدافهم.
وفي تصريحات سابقة أدلت بها مها الحسيني من المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، فإن طائرات كواد كابتر إسرائيلية تصدر أصواتا غريبة، بما في ذلك أصوات أطفال أو صراخ نساء.
وأضافت "ذهبت بنفسي إلى مخيم النصيرات وقابلت فلسطينيين عدة على انفراد، وكانت الشهادات متطابقة تقريبا".
أصوات صراخوقالت مها الحسيني إن كواد كابتر كانت تصدر أصوات صراخ نساء لجذب المواطنين من منازلهم وإيجاد من يطلق النار عليهم، وقد أكدت تقارير المستشفى ذلك.
إعلانوأضافت "كانت كواد كابتر تصدر أصوات أطفال وأصوات صراخ نساء".
وقالت أيضا "هناك حالات أصيب فيها أشخاص بعد خروجهم لمعرفة مصدر الصوت لمحاولة المساعدة".
ويتذكر محمد نبهان -وهو أحد سكان النصيرات- سماعه امرأة تصرخ "النجدة" إلى جانب صراخ طفل رضيع، وعندما أدرك أن الصوت صادر عن كواد كابتر حذر ابن عمه قائلا "لا تصدق هذا، إنه نظام صوت".
وسمع أبو أنس الشحرور -وهو أحد الجيران- صرخات الاستغاثة فخرج للمساعدة لكنه أصيب برصاصة في رأسه.
وشملت حوادث أخرى في أنحاء غزة وخان يونس والضفة الغربية المحتلة تسجيلات لطفل يبكي قائلا "أريد أمي" وتهديدات تحذر الفلسطينيين من "الموت" إذا قاوموا.
وقد استخدمت القوات الإسرائيلية كواد كابتر -وهي مسيرات يتم التحكم فيها عن بعد- على نطاق واسع في عدوانها، وقد استخدمت لأغراض المراقبة واستهداف الأفراد وتفريق الحشود.
وفي يناير/كانون الثاني 2024، أفاد شهود عيان بإطلاق مروحيات رباعية النار على مئات المدنيين الذين تجمعوا للحصول على الطعام في شارع الرشيد بمدينة غزة.
كما بثت أنظمة الصوت في الطائرات المسيرة أغاني بالعبرية والعربية وأصوات تحركات الدبابات، وحتى نداءات الباعة المحليين المألوفة.
وقد أثار هذا الأسلوب من الحرب النفسية انتقادات حادة من جماعات حقوق الإنسان.
وتقول الأخصائية النفسية الدكتورة سنابل عاكف الأخرس -في تصريحات خاصة إلى "الجزيرة صحة"- إن سماع أصوات التعذيب يمكن أن يترك أثرًا نفسيًا عميقًا، حتى إن لم تكن أنت الضحية. فالصوت أو سماع أحد يتعذب قد يجرح ويُرهق ويؤلم، ويضع الشخص في زاوية العجز وانعدام الأمل.
وأضافت: يُعد سماع أصوات تعذيب أشخاص آخرين أو تألمهم أو صراخهم -حتى دون حضور المشهد- تجربة صادمة بشدة تؤثر على الصحة النفسية والعصبية. ويُصنَّف هذا النوع من التعرض كصدمة غير مباشرة أو إجهاد ثانوي ناتج عن الصدمة، وله آثار قصيرة وطويلة الأمد.
إعلانوتشرح الدكتورة سنابل -وهي خريجة طب وايل كورنيل الأميركية وتحمل البورد العربي بالطب النفسي، والتخصص الدقيق في أمراض الذاكرة والنسيان- إنه على المدى القصير تشمل هذه الآثار:
الإصابة بالاكتئاب نتيجة العجز وعدم القدرة على المساعدة في حال استمرار سماع هذه الأصوات حتى في حال معرفة الشخص أنها أصوات مسجلة فقد كانت حقيقية في يوم من الأيام. اضطرابات القلق المعمم ونوبات الهلع، والأكثر هو مرض ما بعد الصدمة والذي يتميز بالكوابيس. استرجاع الحدث أثناء اليقظة (ذكريات اقتحامية). الانفعالات السريعة. الشعور وانتظار الخطر دائما. صعوبة في النوم. تسارع نبض القلب. تسارع التنفس. دخول الجسم في حالة "الكرّ أو الفرّ".أما على المدى الاجتماعي، فتقول الدكتور سنابل إن هذا التعرض لأصوات التعذيب قد يجعل الشخص منعزلا بعيدا وفاقد الثقة بالأشخاص والمؤسسات.
كما تشمل آثار سماع أصوات تعذيب أشخاص آخرين أو تألمهم أو صراخهم:
الهيجان الزائد. أفكار سوداوية. العدوانية. في حالات متقدمة، قد يتطور إلى حالة ذهان وهلوسات وانفصال تام عن الواقع أو الهذيان.وأما على المدى البعيد فإن هذا النوع من الصدمات يؤثر على الدماغ بشكل مباشر:
فرط تنشيط اللوزة الدماغية (Amygdala) المسؤولة عن الخوف وقراءة التهديد والدفاع عن النفس، مما يؤدي إلى ردود فعل خوف مفرطة ومستمرة. تثبيط قشرة الفص الجبهي الأمامي (Prefrontal Cortex) مما يؤدي لضعف القدرة على التفكير المنطقي واتخاذ القرار تحت الضغط، بالإضافة إلى تأثر الذاكرة قصيرة المدى والقدرة على التركيز. تأثر الحُصين (Hippocampus) وهي منطقة مسؤولة عن الذاكرة طويلة المدى، مما يسبب تشويشًا في الذاكرة والقدرة على التوجه الزمني والمكاني ويعرض الشخص للإصابة بأمراض النسيان مثل الخرف.أما بالنسبة للأطفال فقد يؤدي إلى:
إعلان سلوك عدواني وانسحابي. تبول لا إرادي. خوف مستمر. تأخر في النطق. قد يؤثر بشكل مباشر على نمو الطفل وقدرته على التعلم والتذكر والتركيز وقدرته على التحكم بمشاعره. وعلى المدى البعيد من المحتمل جدا أن يخلف جيلا عدوانيا كل ما يحركه هو الألم الداخلي والغضب. تأثير دائمعندما تنتهي الحرب، من المرجح أن يكون لأصوات كواد كابتر تأثير دائم على السكان، وقد أظهرت دراسات من أفغانستان أن المجتمعات يمكن أن تعاني من صدمة جماعية ردا على الطائرات المسيرة والغارات الجوية.
ويقول جيمس كافالارو المؤلف المشارك بدراسة عن هذا الموضوع في أفغانستان وباكستان "صوت طنين الطائرات المسيرة تذكير مسموع بأنك قد تُقتل في أي لحظة، وهذا له عواقب وخيمة على الصحة النفسية، ومستويات عالية من التوتر، وتسارع في ضربات القلب، وارتفاع ضغط الدم، واضطراب ما بعد الصدمة، ونوبات نفسية حادة، وكل هذه العواقب سمعنا عنها".
ويقول بهزاد الأخرس (طبيب نفسي في أحد مخيمات النازحين بغزة) -في تصريحات سابقة لصحيفة غارديان- إن الجميع أصبحوا أكثر وعيا بضجيج "الآلات العسكرية" ويظهرون علامات فرط اليقظة، وهي حالة من الحذر الدائم، وغالبا ما ترتبط باضطراب ما بعد الصدمة.
ويضيف الأخرس "أصبح هذا سلوكا طبيعيا، تتوقع حدوث الشر، من غير الطبيعي أن تعيش بهذه الطريقة، إن العيش في حالة من النجاة ومحاولة الهرب الدائمة يؤثر على شعورنا بالأمان، وهذه الأصوات تُسمع باستمرار في آذاننا، ونعيشها مرارا وتكرارا، ويتعلم الشباب أن لا شيء آمنا ولا شيء مستقرا، لقد تعلموا الهروب -باستمرار- ألا يثقوا بالآخرين، وألا يثقوا بالحياة نفسها".
ويتابع "هذا هو الأمر الأكثر تأثيرا: أصوات القنابل، وأصوات الطائرات الحربية، وأصوات طائرات "إف-16″ نستطيع تمييز الصواريخ من أصواتها".
ويقول الأخرس "في البداية، لم نكن نستطيع النوم، لكننا الآن ننعم بما يمكن تسميته نوما يقظا، فننام ظاهريا، لكننا لا نستطيع الوصول إلى مرحلة النوم العميق بسبب هذه الأصوات".
ووفقا لتقرير صادر عن فريق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في أبريل/نيسان 2024، فإن صوت صراخ النساء وبكاء الأطفال قد سمع في وقت متأخر من الليل على مدار يومين، وعندما خرج بعض السكان للتحقق وحاولوا المساعدة تم إطلاق النار عليهم من قبل طائرات مسيرة إسرائيلية.
إعلانويضيف المرصد "كانت الأصوات التي سمعوها في الواقع تسجيلات أصدرتها تلك الطائرات بقصد إجبار سكان المخيم على الخروج إلى الشوارع، حيث يمكن استهدافهم بسهولة من قبل القناصة والأسلحة الأخرى".
الأغاني بالعبرية والعربيةووفقا للشهادات، تضمّن هذا التكتيك أيضا أصوات إطلاق النار على الطرق والانفجارات وتحركات المركبات العسكرية، وأحيانا الأغاني بالعبرية والعربية من أجل ترهيب المدنيين الذين يعيشون وسط ظلام دامس في الليل وانقطاع تام عن العالم الخارجي.
وأفاد أحد سكان المخيم والبالغ 20 عاما -لفريق يوروميد مونيتور- طالبا عدم الكشف عن هويته بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة "كنا نجلس في الليل عندما سمعنا أصوات فتيات ونساء يصرخن: تعالوا، ساعدوني، أنا مصاب. فخرجنا لمعرفة ما كان يحدث، ولكن لم يتم العثور على أي نساء، واستهدفنا بشكل مباشر بواسطة طائرة مسيرة رباعية المراوح".
وأضاف أحد سكان المخيم "هربت إلى الداخل، وأصيب شخصان أمامي مباشرة بجروح خطيرة، وبسبب إطلاق النار المستمر لم نتمكن من علاجهما، لذلك اتصلنا بسيارة إسعاف ووصلت لنقلهما، وسمع العديد من السكان هذه الأصوات واستجابوا لتقديم المساعدة".
وأفادت امرأة تبلغ من العمر 60 عاما بأنها سمعت إطلاق نار كثيف، ثم سمعت صرخات استغاثة من النساء يبلغن السكان بأن أطفالهن مصابون ويتوسلن للمساعدة.
وأضافت "استمر هذا الصوت لمدة تتراوح بين 10 و15 دقيقة، لكن لم يخرج أي منا لأن الوقت كان متأخرا جدا، وكنت أعرف أن هذه تسجيلات تصدرها طائرات".