موقع 24:
2025-01-19@16:48:11 GMT

فلول "الربيع العربي" ودماء الفلسطينيين

تاريخ النشر: 15th, December 2023 GMT

فلول 'الربيع العربي' ودماء الفلسطينيين

في الوقت الذي تواصل فيه إسرائيل ارتكاب جرائمها الفظيعة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، من غزة إلى الضفة، تحاول بعض الأطراف التي اعتادت الصيد في المياه العكرة، استغلال الوضع لخدمة مشروعها التخريبي الذي أثبتت الأيام أنه لا يصب في الأخير إلا في مصلحة أعداء الأمة، ولا يخدم إلا المراهنين على فشلها وتخلفها وهزيمتها الحضارية.


الواضح، أن هناك من يحاول انتهاز الفرصة للتحريض على الأنظمة الوطنية المعتدلة التي سعت دائما إلى تحصين ما يمكن تحصينه من جدار العروبة المهدد بالانهيار والاندثار، ليس فقط من القوى الإقليمية والدولية التي لا تخفي أطماعها ولا أجنداتها التوسعية، وإنما كذلك، وبالأساس، من قوى داخلية ذات مرجعيات عقائدية وفكرية متشددة، وذات مشاريع حزبية وطائفية وفئوية لا تزال تعتقد أنها قادرة على تحقيقها بالاعتماد على التضليل الإعلامي وفبركة المعطيات وتزوير الحقائق والإساءة إلى الرموز الوطنية والقومية التي طالما أثبتت حكمتها وجديتها وعمق رؤيتها وقدرتها على خدمة دولها وأمتها.
لقد عادت فلول ما سمي بالربيع العربي، لتنتهج ذات الطريق ولتعتمد نفس الأسلوب في تقسيم المجتمعات والأنظمة العربية وفق معايير سبق أن تبين فشلها، وإن تلاشت وذهبت ريحها بعد فاصل قصير من حكم التحالفات الشاذة التي كانت في الأصل وليدة مخابر الاستخبارات الغربية، ثم جاءت في سياق شكل جديد من الثورات الملونة كان الهدف منه الوصول إلى ما عجزت عنه إسرائيل حاليا وهو تهجير الفلسطينيين من ديارهم، وخاصة في غزة، والدفع بهم إلى صحراء سيناء المصرية.

إن التحالفات التي تشكلت قبيل وخلال ثم بعيد فوضى الربيع العربي، لا تزال هي ذاتها اليوم قائمة على أهدافها الأولى، وإن اختلفت أشكالها ومواقعها وأدواتها، وهي تتحدث عن موجة جديدة من الثورات قد تندلع في أي وقت، دون أن تلاحظ من حولها أن الشعوب دفعت غاليا ثمن الفوضى الخلاقة، وأنها لم تعد مستعدة لدفع المزيد من أجل طموحات حركة أو شعارات حزب أو أهداف جماعة.
خلّفت فوضى الربيع العربي خرابا في البنى التحتية بمقدار 900 مليار دولار، وبحسب تقارير الأمم المتّحدة، وفي تقديرات أوّلية لما تحتاجه إعادة الإعمار في الدول المذكورة، تحتاج سوريا إلى 350 مليار دولار، ومثلها ليبيا والعراق، كما يحتاج اليمن إلى 200 مليار دولار، وبلغ حجم الخسائر السنوية في الناتج المحلي الإجمالي العربي بقيمة 640 مليار دولار، وارتفع  إجمالي المديونيّة العربيّة من 328 مليار دولار في العام 2007 إلى 673 مليار دولار في العام 2017، كما تشرد الملايين من العرب خارج ديارهم، واتسعت دائرة الفقر والبطالة والتضخم وجاع الملايين في أوطانهم، وساد الفساد بشكل غير مسبوق، فكأنما الجراد أتى على الأخضر واليابس في الأقطار المنكوبة حينا باسم الدين والشريعة وأحيانا باسم الوطنية والديمقراطية، وظهر من علامات الشر الأشر منها، واستيقظت الفتن الدينية والمذهبية والطائفية والمناطقية، وتحركت الأطماع الشخصية والأسرية والفئوية للاستفادة من حالة الانفلات الذي عمّ كل شيء، فكانت خيبة الشعوب المريرة والقاسية من كل الشعارات التي رفعها “الربيعيون” بما في ذلك شعارات الديمقراطية والتعددية وحقوق الإنسان.
وأغرب ما في الأمر، أن الشارع العربي الذي انتفض مع بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، سرعان ما عاد إلى هدوئه وسكونه، وتخلى عن شعاراته الفضفاضة، وبات مكتفيا بملاحقة الأخبار عبر قنوات التلفزيون وصفحات التواصل الاجتماعي، وكأنه اكتشف أن هناك من يتجهون إلى استغلال مواقفه الوجدانية والحماسية وغضبه التلقائي مما يتعرض له المدنيون الفلسطينيون، واختار أن يسحب البساط من تحت أقدامهم، خصوصا وأن هناك من سعى بوضوح إلى بث الفتنة بين الشعوب وقياداتها، وبين هذه الدول وتلك، وهناك من اعتقد أن بإمكانه الالتحاق بقطار الربيع العربي بعد مغادرته مختلف محطاته من الأولى إلى النهائية.
قد يتساءل البعض لماذا لا تزال مسيرات الغضب تنشط بقوة في باريس ولندن وبرلين وواشنطن وغيرها؟ ولماذا لم يعد لها وجود في شوارع الدول العربية؟ ليأتي الجواب بأن العرب لم يعد لهم ثقة في الخطاب الإعلامي المنفلت، ولا في الشعارات الأيديولوجية المتشددة، ولا في المواقف الحكومية والحزبية والنقابية التي لم تغادر مواقع جبهة الصمود والتصدي التي تأسست في مثل هذا الشهر من العام 1977، ولم تعد أسماعها لاستقبال أصوات أخرى غير بث الإذاعات الموجهة.

إن ما تحاول فلول الربيع العربي القيام به هذه الأيام، من تحريض الرأي العام على أنظمة بعينها كانت ولا تزال تمثل صف الاعتدال العربي، لا علاقة له بمآسي الفلسطينيين وهم يواجهون عدواناً إرهابياً تدعمه حكومات “العالم الحر”، ولا بمواكب الألم والأحزان من وسط ركام البنايات المهدمة، ومن فوق جثث الضحايا، ومن وراء ستائر المأساة المخضبة بدماء الأطفال والنساء والعجائز، إلا من حيث العمل على استغلال الحالة في محاولة لإعادة الحياة إلى أجندة وقعت تحت تأثير الموت السريري منذ سنوات، وتبين أن المراهنة عليها هي في الأصل مراهنة على الفشل والهزيمة.
إن ما ذهب إليه المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الدكتور أنور قرقاش، من أن حجم الكارثة الإنسانية التي يعيشها الشعب الفلسطيني في غزة، لم يمنع فلول الربيع العربي والميليشيات والمتطرفين من استغلال ذلك لشن حرب إعلامية خبيثة ضد الخليج ودول الاعتدال العربي ونشر الأكاذيب والافتراءات، يشير إلى أن الصورة باتت واضحة لمن يدقق في التفاصيل ولمن يقرأ المشهد بجميع جوانبه وخلفياته، حيث تحولت بعض وسائل الإعلام إلى منصات إدانة وتخوين وتكفير وتجريم لهذا النظام أو ذاك، مع الترويج المتعمد لقراءات خاطئة ومعطيات كاذبة واستنتاجات واهمة وفق التقسيم المستوحى من خطاب الفوضى الخلاقة والذي يستهدف صف الاعتدال العربي ويقدم داعمي التطرف والإرهاب وممولي الميليشيات والجماعات المسلحة والمبشرين بزمن الفتنة والانقسام على أنهم القادة والزعماء الوطنيون ورموز المقاومة والتغيير وحراس الثورات الديمقراطية وهداة الشعوب إلى ما تريد.
أهم ما تعتمد عليه تلك الفلول، هو إلغاء العقل ومعاداة الحكمة والاستفادة من حالة الغباء المستشري على الكثير من مواقع التوصل الاجتماعي، وقابلية بعض الفئات الاجتماعية للخضوع إلى لعبة التضليل الإعلامي وتصديق الأخبار الزائفة والصور والفيديوهات المفبركة والتصريحات المزورة، والترويج لأفكار وتصورات معينة بمعزل عن إكراهات الواقع الإقليمي والدولي وتعقيدات الجغرافيا السياسية وطبيعة التوازنات العسكرية والإستراتيجية التي فرضها التاريخ والجغرافيا وكرستها صراعات النفوذ بين القوى الكبرى.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل مونديال الأندية الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل الربیع العربی ملیار دولار لا تزال

إقرأ أيضاً:

قيمة تيك توك في الولايات المتحدة تصل إلى 50 مليار دولار

يستعد أباطرة الأعمال في أمريكا مثل إيلون ماسك لإنفاق عشرات المليارات من الدولارات على أصول تيك توك TikTok في الولايات المتحدة إذا قررت الشركة الأم، بايت دانس ByteDance، بيعها. 

وبحسب ما ذكرته شبكة “cnbc”، تواجه تيك توك إمكانية حظر محتمل في الولايات المتحدة، في حال أيدت المحكمة العليا قانون الأمن القومي، الذي قد يعاقب مقدمي الخدمات مثل آبل وجوجل لاستضافتهم التطبيق بعد الموعد النهائي المقرر يوم الأحد.

تطورات قضية تيك توك.. ترامب يطالب بوقف الحظر قبل تنصيبهتطورات جديدة في حظر تيك توك.. دعوة لتمديد مهلة البيع أمام بايت دانس

لم تؤكد بايت دانس علانية عزمها بيع أصولها الأمريكية، لكن هناك تقارير من “بلومبرج”، تشير إلى أن الحكومة الصينية تدرس خططا تشمل بيع العمليات لـ رجال أعمال كبار بالولايات المتحدة مثل إيلون ماسك.

مليارات الدولارات للاستحواذ على تيك توك

في حال قررت بايت دانس البيع، يحتمل أن يتعين على المشترين تقديم عرض يتراوح بين 40 إلى 50 مليار دولار، وفقا لتقديرات أنجيلو زينو، نائب الرئيس الأول للأبحاث في CFRA، يستند تقييمه على تحليل قاعدة مستخدمي تيك توك في الولايات المتحدة وإيراداته مقارنة بالتطبيقات المنافسة.

تستقطب تيك توك حوالي 115 مليون مستخدم شهريا من مستخدمي الهواتف المحمولة في الولايات المتحدة، وهو ما يعد أقل قليلا من إنستجرام الذي يسجل 131 مليون مستخدم. 

وفي هذه المنافسة، تتفوق تيك توك على سناب شات وPinterest وريديت، التي تمتلك قاعدة مستخدمين تتراوح بين 96 مليون و32 مليون مستخدم، حسب تقديرات شركة Sensor Tower.

وتشير التقديرات إلى أن قيمة عمليات تيك توك في أمريكا، تبلغ من 20 مليار إلى 50 مليار دولار.

قيمة تيك توك في الولايات المتحدة 50 مليار دولار


ورغم التقديرات الجديدة، لا تزال تقديرات أنجيلو زينو أقل من 60 مليار دولار التي قدرها للوحدة في مارس 2024، عندما مرر مجلس النواب مشروع قانون الأمن القومي الذي وقعه الرئيس جو بايدن ليصبح قانونا في الشهر التالي.

ويعود الانخفاض في التقدير إلى المأزق الجيوسياسي الذي تواجهه تيك توك، بالإضافة إلى أن "مضاعفات الصناعة قد تراجعت قليلا" منذ مارس، حسبما أوضح زينو في رسالة بالبريد الإلكتروني إلى CNBC. 

ويشير زينو إلى أن تقديره الحالي لا يشمل الخوارزميات الخاصة بالتوصيات التي تعتبر قيمة كبيرة لـ تيك توك، حيث إن شركة الاستحواذ الأمريكية لن تحصل عليها كجزء من الصفقة، مما يعزز مخاوف الحكومة الأمريكية بشأن الأمن القومي المرتبطة بعلاقات الشركة بالصين.

ويقدر محللون في “بلومبرج”، قيمة عمليات تيك توك في الولايات المتحدة ما بين 30 و35 مليار دولار، وقد تم نشر هذا التقدير في يوليو الماضي، حيث أشار المحللون إلى أن "القيمة ستخصم نتيجة لكونها عملية بيع قسري".

وكما أوضح المحللون أن إيجاد مشتر قادر على تحمل تكاليف الصفقة ومواجهة التدقيق التنظيمي المتعلق بخصوصية البيانات سيجعل عملية البيع معقدة، وأشاروا إلى أن هذه العقبات قد تؤثر سلبا على قدرة المشتري على توسيع أعمال إعلانات تيك توك.

وفي سياق متصل، تتضمن قائمة رجال الأعمال المحتملين للاستحواذ على تيك توك، مثل الملياردير “فرانك ماكورت” ورئيس مجلس إدارة شركة O’Leary Ventures، كيفين أوليري، عرضا لشراء تيك توك من بايت دانس، وذكر أوليري سابقا أن المجموعة مستعدة لدفع ما يصل إلى 20 مليار دولار للحصول على الأصول الأمريكية، لكنها لا تشمل الخوارزميات.

مقالات مشابهة

  • أبو عبيدة: صنعنا ملحمة تاريخية ليس لها مثيل في العالم.. ودماء الفلسطينيين لن تذهب سدى
  • «فيتش سوليوشنز» تتوقع ارتفاع تحويلات المصريين بالخارج إلى 28.7 مليار دولار في العام المالي الجاري
  • سمير فرج: أمريكا عرضت على مصر 125 مليار دولار مقابل أخذ الفلسطينيين لكن القاهرة رفضت
  • البنك المركزي: ارتفاع عجز الميزان التجاري غير البترولي 9.8 مليار دولار
  • أكثر من مليار دولار.. مبيعات المركزي العراقي في 5 أيام
  • مصرف “سبيربنك” الروسي يحقق 15 مليار دولار صافي ربح في 2024
  • ما الرسائل التي ارادت “صنعاء” ايصالها لـ”احتلال” و”الفلسطينيين” على السواء
  • قيمة تيك توك في الولايات المتحدة تصل إلى 50 مليار دولار
  • قطاع الأعمال: أرباح القابضة الكيماوية وشركاتها تقترب من 14 مليار جنيه
  • الصحة العالمية تطلب 1,5 مليار دولار لمواجهة أزمات غير مسبوقة