برلين- رغم أنها لا تدعو سوى للاحتجاج السلمي ضد الاحتلال الإسرائيلي وضمان حقوق الفلسطينيين وإنهاء نظام الفصل العنصري، الذي تؤكد منظمات عديدة تطبيقه داخل إسرائيل، فإن هذا لم يمنع تعرض حركة "فلسطين تتحدث" أو بالألمانية (Palästina Spricht) للكثير من المضايقات على التراب الألماني، في حين أنها ليست ممنوعة مثل ما ينطبق على حركات أخرى كـ"صامدون".

تأسست الحركة في برلين عام 2019 على يد 4 ناشطين، ومنذ ذلك الحين نمت بسرعة، وأضحى لها فروع في عدة مدن ألمانية. ولم تنتظم الحركة ضمن جمعية مسجلة، وبقيت تعمل بشكل تلقائي، لكن ذلك لم يمنع الكثير من النشطاء الفلسطينيين أو من أصول فلسطينية من الالتحاق بها.

ومؤخرا فتشت الشرطة منزل عضو من الحركة في ميونخ للاشتباه في قوله إن "هجوم حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول يمثل عملية مقاومة"، كما ألغت السلطات الألمانية في عدة مدن مجموعة من المظاهرات التي دعت لها الحركة، خصوصا غداة بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، بمبرّر خطر "معاداة السامية" والتأثير سلبا على النظام العام.

الدفاع عن القضية الفلسطينية أصبح أمرا صعبا منذ تصويت البرلمان الألماني على قرار يجرّم حركة مقاطعة إسرائيل (الجزيرة) "ندافع عن الوجود الفلسطيني"

منع حركة "فلسطين تتحدث" ليس جديدا، فقد سبق أن حُظرت مسيرات دعت لها الحركة لإحياء ذكرى النكبة الفلسطينية في برلين، وفق ما تؤكده المتحدثة باسم الحركة ديانا توفيق، وقالت للجزيرة نت "لم نُمنع من التجمع فحسب، بل كذلك من رفع العلم الفلسطيني"، وتؤكد أنه "في مدن أخرى كميونخ وفرايبورغ، تحظر الشرطة التجمع قبل ساعات من بدء المسيرات، أو تطلب منها تغيير المسار".

وتقول ديانا، وهي شابة فلسطينية مولودة في ألمانيا، "ما يجري في ألمانيا من تضييق هدفه قمع الرواية الفلسطينية حول الأحداث في بلدنا، رغم أن هذه القرارات تنتهك حق التجمع بشكل واضح"، وتؤكد أنها انضمت للحركة حتى "تستطيع التعبير بحرية عن نفسها كفلسطينية".

وعن التحديات التي تواجه الفلسطينيين في ألمانيا، تقول ديانا "كثيرا ما يتم إلصاق تهمة معاداة السامية بالفلسطينيين بطريقة أو بأخرى عندما يدافعون عن قضيتهم في ألمانيا" وتتابع "يتم تجاهل التاريخ الفلسطيني عند الحديث عن الصراع العربي-الإسرائيلي، ولا يتحدثون عنه في المدارس والجامعات، لذلك رأيت أن من واجبي نشر الوعي بحقائق التاريخ، وأن نبين للألمان أننا موجودون ونناضل من أجل حقنا".

حركة "فلسطين بتحكي" ألهمت مجموعة من الألمان الشباب للتظاهر لأجل دعم فلسطين (الجزيرة) تهمة معاداة السامية

وفي بلد يعتبر "أمن إسرائيل مصلحة وطنية عليا"، يتحول النشاط الفلسطيني إلى مدعاة للشك، ويتم ربط العديد من المتعاطفين إما بحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، أو بالحركات اليسارية المتطرّفة، وهو ما ظهر في الخطاب الذي نشره روبرت هابيك، نائب المستشار الألماني، وعممته الحكومة الألمانية على نطاق واسع، وفيه تهديد واضح بالمحاكمة وبالترحيل لكل من "يعادي إسرائيل" من المسلمين واليساريين.

وبسبب اتهامات "معاداة السامية"، أو الاعتقاد أن تنظيم فعاليات فلسطينية سيضرّ بالأمن العام، تجد الحركة مشاكل كبيرة في استئجار صالات لتنظيم الندوات أو عرض أفلام، بل حتى لأجل الاحتفاء بالطبخ والتطريز الفلسطينيين، وفق ما تؤكده ديانا.

كما ترفض منظمات ألمانية العمل مع الحركة، كما فعل مؤخرا الفرع الألماني لـ"جمعة لأجل المناخ" الذي أعلن رفضه تظاهر نشطاء "فلسطين بتحكي" في مسيرات المناخ لموقفهم من إسرائيل، وأوقف بلدية فرايبورغ (جنوب البلاد) عام 2021 تمويل مهرجان لمناهضة العنصرية، بحجة أن الجهة المنظمة دعت ممثلين عن "فلسطين بتحكي".

وفي وجه التضييق الرسمي، تجد الحركة في المجموعات اليهودية الداعمة للسلام الكثير من السند، خصوصا جمعية "الصوت اليهودي لأجل سلام عادل في الشرق الأوسط"، و"الاتحاد اليهودي لمعاداة الفاشية"، إذ تنسق معهم لأجل المساهمة في تنظيم الفعاليات الداعمة لفلسطين، ومن ذلك تسجيل مظاهرات لدى السلطات لتفادي منعها.

السلطات الألمانية سبق أن ألغت مجموعة من المظاهرات التي دعت لها حركة "فلسطين بتحكي" (الجزيرة) مناخ عام رافض للفلسطينيين

أصبح دفاع الفلسطينيين وغيرهم من المتعاطفين معهم عن القضية الفلسطينية أمرا صعبا في ألمانيا، منذ تصويت البرلمان الألماني في مايو/أيار 2019 على قرار يجرّم حركة مقاطعة إسرائيل (BDS) ويصنفها بأنها "معادية للسامية"، حيث توالت حالات حظر الفعاليات المنددة بالاحتلال وتوقف التعاون مع عدة جمعيات فلسطينية وعالمية، بل ووصل الأمر مؤخرا إلى حالات سحب جوائز ووقف معارض فنية وإلغاء محاضرات بحجة دعم أصحابها لهذه الحركة.

وفي حديثها عن القرار الذي نقضته بالفعل عدة محاكم في ألمانيا واعتبرت اتخاذه مطية لمنع الفعاليات الفلسطينية وأنه أمر غير دستوري، تقول ديانا "الناس يعتقدون أن هذا القرار هو قانون يجب الالتزام به تماما، وبالتالي يمنعوننا من إقامة نشاطاتنا، بينما يتعلق الأمر بقرارٍ غير ملزم، وهناك عدة نشطاء رفعوا دعاوى ضد الحكومة الفدرالية لاعتمادها على القرار لمنع عدة أنشطة".

وتعرف ألمانيا وجودا قويا للشتات الفلسطيني، وسط صعوبة إيجاد إحصائيات دقيقة حول أرقامهم، بحكم أن عددا منهم خصوصا من أبناء اللاجئين، لا يملكون الجواز الفلسطيني ويسافرون بجوازات ألمانية أو أردنية أو لبنانية، أو أنهم من "عرب 48" الذين يملكون جوازات سفر إسرائيلية، ومنهم كذلك من يتم تسجيله في ألمانيا ضمن عديمي الجنسية.

ومن أكبر إنجازات حركة "فلسطين بتحكي"، أن ألهمت مجموعة من الألمان الشباب للتظاهر لأجل دعم فلسطين، خصوصا بين اليسار ومعاديي الكولونيالية، وسط انحياز إعلامي وسياسي للرواية الإسرائيلية، إذ يتم تنميط المجموعات الفلسطينية في دائرة "التطرف" و"معاداة إسرائيل".

تؤكد ديانا أن "الآن هناك المزيد من الألمان الراغبين في فعل شيء لفلسطين، والعدد يزداد يوما بعد يوم، بل وصل الأمر لدرجة أن ناشطا ألمانيا يساريا مزّق جواز سفره في برلين احتجاجا على دعم ألمانيا لإسرائيل".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: معاداة السامیة فی ألمانیا مجموعة من حرکة فی

إقرأ أيضاً:

العمل الوطني الفلسطيني: يجب الضغط على إسرائيل لإدخال المساعدات لغزة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

شددت عضو هيئة العمل الوطني الفلسطيني رتيبة النتشة، على ضرورة الضغط على إسرائيل لإدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة لتجنب المجاعة الوشيكة. 

وقالت النتشة - في مداخلة لقناة القاهرة الإخبارية - "إنه بالرغم من أن كل التقارير الأممية تتحدث عن صعوبة الأوضاع الإنسانية في غزة ولكن لم ينفذ حتى الآن أي من قرارات الأمم المتحدة سواء وقف اطلاق النار أو إنفاذ المساعدات الإنسانية".

وأضافت أنه منذ بدء الحرب على قطاع غزة لم تكتف إسرائيل باستخدام سلاح التجويع لقهر وقتل الفلسطينيين وتطهيرهم عرقيا وإجبارهم على النزوح من منطقة إلى منطقة، ولكنها أيضا تمنع دخول المساعدات، حيث أن إسرائيل تسيطر على 6 معابر في قطاع غزة وتمتنع عن فتح تلك المعابر لإدخال المساعدات من قبل المؤسسات الدولية والطواقم الطبية وإدخال البضائع.

وتابعت أن إسرائيل تعمل أيضا على الالتفاف على وكالة الأونروا بالاستمرار في تجفيف مصادر تمويل الوكالة والامتناع عن تقديم الدعم لها حتى لا تتمكن من القيام بمهامها في قطاع غزة وأيضا في الضفة، لافتة إلى أن وكالة الأونروا تعد الشاهد الأممي الوحيد على قضية اللاجئين الفلسطينيين والجسر الوحيد الآن في قطاع غزة القادر على تنسيق المساعدات الإنسانية وإيصالها إلى المواطنين.

وأوضحت أن إسرائيل لازالت تتحدث عن خطة إحكام عسكري على قطاع غزة وترفض الانسحاب الكامل من القطاع، لأنها ترى أن هذه الحرب يجب آلا تنتهى دون فرض السيادة الإسرائيلية على قطاع غزة والسيطرة على دخول المساعدات وعدم توزيعها إلا بالتنسيق مع الجيش الإسرائيلي في خطوة لفرض أمر واقع جديد في القطاع وهو الحكم العسكري الإسرائيلي.

وأشارت إلى أن المنظومة الدولية حتى الآن عاجزة عن إيقاف هذه العنجهية الإسرائيلية التي تمارس وتوثق إبادتها للشعب الفلسطيني ولم يحرك العالم ساكنا لوقف تلك الانتهاكات، لذلك يجب الضغط على إسرائيل لإدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة حيث أن ما يدخل الآن لا يتجاوز الـ 30 شاحنة يوميا في حين أن الاحتياجات تتجاوز الـ 80 شاحنة يوميا وذلك في الوضع الطبيعي وليس في الوضع الكارثي.

وكان برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة قد حذر من مجاعة وشيكة في قطاع غزة نتيجة منع الاحتلال الإسرائيلي دخول المساعدات الإنسانية للسكان المحاصرين.
 

مقالات مشابهة

  • حركة الجهاد تدين اعتداءات الأجهزة الأمنية الفلسطينية في جنين
  • الاحتلال الإسرائيلى يدمر تراث فلسطين.. "أبو عطيوي": الاحتلال يسعى لطمس كافة معالم القضية الفلسطينية
  • دعم واسع للقضية الفلسطينية في مواجهة عدوان الاحتلال.. ترحيب بقرار للأمم المتحدة يؤكد حق الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره
  • حركة المسار الفلسطيني الثوري: الضربات اليمنية لكيان العدو حولته إلى عبء على داعميه وستسرع من وقف العدوان على غزة
  • منظمة قانون من أجل فلسطين: الهجمات على الأونروا هدفها تقويض القضية الفلسطينية
  • فلسطين تعقب على حادثة الدهس في ألمانيا
  • فلسطين تدين حادث دهس سوق عيد الميلاد في ألمانيا
  • منظمة القانون من أجل فلسطين: هجمات إسرائيل على الأونروا تقوض القضية الفلسطينية
  • العمل الوطني الفلسطيني: يجب الضغط على إسرائيل لإدخال المساعدات لغزة
  • «فلسطين للأمن القومي»: مخرجات قمة «D-8» تعزز جهود إقامة الدولة الفلسطينية