كيف نزع جنرال أمريكي مخالب اليابان إلى الأبد؟
تاريخ النشر: 15th, December 2023 GMT
ألغى الجنرال الأمريكي ماك آرثر دوغلاس في 15 ديسمبر عام 1945 الشنتوية كدين رسمي لليابان، وذلك لأن هذه العقيدة الأرضية، تضع الإمبراطور، وكان وقتها هيروهيتو، في مصاف الآلهة!
إقرأ المزيدماك آرثر الذي تولى منصب الحاكم العسكري لليابان بعد احتلاله، وقبلها قاد قوات الحلفاء في المحيط الهادئ، وضع أسسا لسيطرة دائمة على اليابان، ركز فيها على ضرب الثقافة الراسخة السائدة التي تدور حول شخصية "الإمبراطور" الإلهية.
الشنتوية ليست ديانة تقليدية ولا توجد لها تعاليم محددة، وهي أقرب إلى العادات التي ترسخت بقوة في الحياة اليومية عبر الزمن، ومع ذلك كانت بمثابة دين رسمي، وقد عمل الجنرال ماك آرثر على حظر تعاليمه في المدارس والمؤسسات التعليمية الأخرى، كما تمت إزالة صور الإمبراطور من المدارس وحظر الركوع في اتجاه قصره، وفي نفس الوقت زاد تأثير المسيحية بتشجيعها، حيث كثف المبشرون أنشطتهم في اليابان تحت رعاية السلطات الأمريكية، وأنشأت الكنيسة الكاثوليكية والطوائف الأخرى شبكة واسعة من المدارس والمعاهد الدينية والجامعات في البلاد.
بنهاية المطاف وبضغط من الحاكم العسكري الأمريكي لليابان، أبلغ الإمبراطور هيروهيتو بنفسه لشعبه في 1 يناير عام 1946 أنه ليس من أصل إلهي مطلقا وأنه ليس "سليل آلهة الشمس"، وما كان له أن يكون كذلك، وأن مثل هذا الأمر هو في الواقع أسطورة تستحق الندم. وهكذا قرر الأمريكيون الإبقاء على الإمبراطور في منصبه مع تخليه في نفس الوقت عن مكانته الإلهية، علاوة على أنه أصبح في الهيكلية السياسية الجديدة في اليابان مجرد شخصية رمزية، لا تأثير سياسي له.
مؤرخون يرون أن ماك آرثر أبقى على حياة الإمبراطور هيروهيتو وجنبه الإعدام أو الحكم بالسجن المؤبد لخشيته من رد فعل عنيف وثورة من جانب اليابانيين من جميع الطبقات الاجتماعية، ما من شأنه أن يعيق الوصول إلى هدفه الرئيس المتمثل في تحويل اليابان من مجتمع عسكري إقطاعي إلى دولة "ديمقراطية" موالية للغرب.
الجنرال ماك آرثر كان مصمما على تغيير اليابان داخليا وبشكل جذري، وبدأ العمل على إدخال تعديلات على دستور "ميجي"، حوله إلى وثيقة جديدة تماما، نزعت السلطة والنفوذ المباشرين عن الإمبراطور، وحظرت مشاركة اليابان في الصراعات العسكرية، وتمت تسمية البرلمان على أنه "أعلى جهاز لسلطة الدولة" و"الهيئة التشريعية الوحيدة في البلاد".
العميد كين دايك، وكان يتولى منصب رئيس قسم المعلومات والتعليم المدني في إدارة الاحتلال، وصف الشنتوية، بأنها دين "صنعه" القوميون المتطرفون وأمراء الحرب للترويج لمحاولة اليابان الفاشلة للسيطرة على العالم.
من جانب آخر، كتب مايكل شالر في كتابه "الاحتلال الأمريكي لليابان" قائلا إن خيال "الوطنيين" الأمريكيين مع اقتراب غروب شمس الإمبراطورية اليابانية جمح وهو يحلم بالانتقام من اليابانيين بسبب عار بيرل هاربور وهزائم الفلبين، إلى درجة أن "السناتور ثيودور بيلبو طالب بتعقيم جميع اليابانيين، وفيما بعد تم إعداد حتى مشروع لتربية (سلالة جديدة) من اليابانيين والقضاء على البربرية الفطرية لليابانيين "عن طريق" تزاوجهم مع السكان الهادئين والمطيعين في جزر المحيط الهادئ".
ماك آرثر نفسه أصيب بجنون العظمة من دوره في إسقاط ألوهية الإمبراطور هيروهيتو وقلب حياة اليابانيين رأسا على عقب، حتى أنه كتب في مذكراته قائلا: "أنا جندي محترف حصل على الحق المطلق في السيطرة على حياة 80 مليون شخص".
خطة ماك آرثر نجحت وبقيت اليابان بعد انتهاء الاحتلال الأمريكي رسميا في عام 1952، دولة حليفة جدا للولايات المتحدة لا تختلف كثيرا حتى عن بريطانيا، والسر في ذلك يكمن في عملية طويلة من الإذلال والانتقام الوحشي، بدأت بقنبلتين نوويتين، ثم بتغيرات دستورية جذرية نزعت مخالب بلاد الشمس المشرقة إلى الأبد، وحولت اليابان التي كانت تعرف باسم "قزم سياسي بمحفظة ضخمة" إلى تابع لما يشبه الإله.
المصدر: RT
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: أرشيف الحرب العالمية الثانية هيروشيما
إقرأ أيضاً:
اليابان تعتزم اللحاق بركب تقنين العملات المشفرة
تعتزم وكالة الخدمات المالية اليابانية مراجعة قانون الأدوات المالية والبورصات لجعل الأصول المشفرة من المنتجات المالية ذات الوضع القانوني، حسبما أفادت صحيفة نيكي الاقتصادية اليابانية اليوم الأحد لكنها تذكر مصدر المعلومات.
وأشارت الصحيفة إلى أن الأصول المشفرة ستخضع في إطار هذه الخطوة للقيود التي تفرضها اليابان على التداول التي تحظر الشراء والبيع بناء على معلومات داخلية غير معلنة.
وأضافت أن وكالة الخدمات المالية ستقدم مشروع قانون إلى البرلمان بحلول 2026 لتعديل قانون الأدوات المالية والبورصات.
وذكرت "نيكي" الشهر الماضي أن هيئة الخدمات المالية اليابانية "إف إس إيه" (FSA) تدرس تصنيف الأصول المشفرة كمنتجات مالية مماثلة للأوراق المالية، في خطوة لتعزيز حماية المستثمرين عبر إلزام الشركات بالإفصاح عن مزيد من المعلومات.
ويعتبر الخبراء أن أي إصلاحات من شأنها تعزيز جاذبية صناديق المؤشرات المتداولة للعملات المشفرة الفورية، في حال توفرها. وفي أغسطس/آب الماضي قال رئيس هيئة الخدمات المالية إنه يجب إجراء "دراسة متأنية" لأي قرار بالموافقة على صناديق المؤشرات المتداولة المتعلقة بالعملات المشفرة.
تعاون ضريبيجدير بالذكر أن الهيئة الوطنية للضرائب في اليابان قالت مطلع الشهر الماضي إنها ستشارك معلومات حول تداولات العملات المشفرة مع نظيراتها بالخارج ابتداءً من عام 2027، في إطار حملة عالمية لمكافحة التهرب الضريبي.
إعلانويشمل هذا الإطار في البداية 54 دولة ومنطقة، بما في ذلك بريطانيا وفرنسا، وستنضم الولايات المتحدة ودول أخرى عام 2028.
وتسعى الدول المشاركة إلى مشاركة معلومات مثل اسم وبلد إقامة المشاركين بالتداولات، بالإضافة لحجم المعاملات، وستُفرض ضرائب على أي أرباح غير مُبلغ عنها سابقًا من تداولات العملات المشفرة، والتي تُكتشف من خلال الإطار.
وتُشدد السلطات الضريبية اليابانية إجراءاتها على عائدات العملات المشفرة غير المُبلغ عنها. ففي السنة المالية 2023، اكتشفت السلطات 12.6 مليار ين (84 مليون دولار) من الدخل غير المُبلغ عنه من معاملات العملات المشفرة، مما أدى إلى فرض ضرائب إضافية بقيمة 3.5 مليارات ين (23.32 مليون دولار).
وفي الوقت نفسه، تشهد تداولات العملات المشفرة انتعاشًا بعد توقيع الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًا يُشجع على استخدامها.
وتعد اليابان من أوائل الدول التي منحت العملات المشفرة وضعا تنظيميا كوسيلة للدفع عام 2017، واعترفت طوكيو بالعملات الرقمية مثل البيتكوين كوسيلة دفع قانونية تحت إشراف وكالة "إف إس إيه".
أبرز ملامح التنظيم الياباني للعملات المشفرة: تصنيف العملات المشفرة كأصول مشفرة (Crypto Assets) بدلاً من عملة قانونية، لكنها تظل وسيلة دفع معترفا بها. يجب أن تحصل منصات تداول العملات الرقمية على ترخيص من وكالة الخدمات المالية لضمان الامتثال لمتطلبات الأمان ومكافحة غسل الأموال. فرضت الحكومة قوانين صارمة لحماية أموال المستخدمين، مثل الاحتفاظ بأموال العملاء في حسابات منفصلة. فرضت الحكومة قوانين مشددة تتعلق بالتحقق من هوية المستخدمين والإبلاغ عن المعاملات المشبوهة.