اليمن يوسع دائرة الحصار البحري على “إسرائيل”
تاريخ النشر: 15th, December 2023 GMT
بعد سلسلة من العمليات العسكرية اليمنية النوعية ضد سفن العدو الإسرائيلي، تذهب القوات المسلحة اليمنية لتوسيع دائرة الحظر والمنع البحري، بتهديدها استهداف أيّ سفينة تبحر باتجاه موانئ الكيان المؤقت، وقد وضعت معادلتها الجديدة على قاعدة الغذاء والدواء مقابل مرور السفن.
المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع هدّد مساء السبت، بـ “منع مرور السفن المتجهة إلى الكيان الصهيوني، من أي جنسية كانت”، موسّعاً دائرة التهديد لتشمل البحرين الأحمر والعربي، مؤكداً أن القوات المسلحة ستنفّذ القرار من لحظة صدوره، ما لم “تدخل قطاع غزة حاجته من الغذاء والدواء”.
وقد جاء هذا التهديد بعد أن أفشلت واشنطن قراراً في مجلس الأمن بوقف إطلاق النار في غزة، وأعلنت عن صفقة جديدة من السلاح لـ “إسرائيل” لمواصلة جرائم الإبادة المستمرة منذ أكثر من شهرين في غزة، ليؤكد عدداً من الرسائل ويثبت عدداً من معادلات الرد والردع على استمرار العدوان والحصار الأمريكي الإسرائيلي، ويمكن أن نلخّص تلك الرسائل على النحو التالي:
– توسيع دائرة الاستهداف لتشمل كلّ السفن ومن كلّ الجنسيات والدول والشركات المتعاملة مع العدو الإسرائيلي، بمعنى أن العمليات لم تعد حكراً على العدو الإسرائيلي وسفنه فقط.
– توسيع مسرح العمليات ليشمل البحرين الأحمر والعربي على امتداد 2500 كيلومتر، وصولاً إلى أعالي البحار (المحيط الهندي).
– تدشين معادلة الحصار مقابل الحصار، حصار السفن الإسرائيلية والتي تتعامل مع “إسرائيل”، في مقابل الحصار المفروض على غزة، على قاعدة المرور مقابل الغذاء والدواء، وبما يلبّي الاحتياج الإنساني في غزة.
– فرض حصار بحري تجاري واقتصادي وعسكري على الموانئ في فلسطين المحتلة.
– المعادلة تأتي رداً عملياً على خطوة واشنطن بإفشال مشروع قرار وقف إطلاق النار في غزة بحقّ النقض الفيتو في مجلس الأمن، وعلى جرائم الإبادة الإسرائيلية والحصار المفروض على غزة.
– إبطال مفاعيل التخويف الأمريكي الإسرائيلي للمجتمع الدولي بـ “تهديد الملاحة الدولية”، وإفشال مساعيهما لتشكيل تحالف إقليمي دولي بحري ضدّ اليمن.
هذه المعادلة بما تحمله من رسائل، حظيت منذ اللحظات الأولى بتأييد شعبي واسع، عبّرت عنه المسيرات الليلية العفوية في العاصمة صنعاء ومختلف المدن اليمنية، كما حظيت أيضاً بمباركة الأحزاب والمكوّنات السياسية اليمنية، ورحّبت بها وثمّنتها فصائل المقاومة الفلسطينية باعتبارها “خطوة متقدّمة، وموقفاً عربياً وإسلامياً أصيلاً، في لحظة تاريخية”، و”قراراً شجاعاً وجريئاً ينتصر لدماء شعبنا في قطاع غزّة، ويقف ضدّ العدوان الصهيو-أميركي الذي يمعن في حرب الإبادة الجماعية واستهداف مقوّمات الحياة الإنسانية”.
ما ينبغي التوقّف عنده أن هذه المعادلة قابلة للتحقّق والتنفيذ، فالقيادة في اليمن وعبر القوات المسلحة تهدّد وتنفّذ (قول وفعل)، ونحن أمام سلسلة من العمليات الناجحة والمؤثّرة إنْ بالاستهداف العسكري كما حصل باستهداف سفينتي “يونِتي إكسبلورر” و”نمبر ناين” مطلع هذا الشهر 3 كانون الأول/ديسمبر 2023، أو عبر تنفيذ عمليات استيلاء معقّدة على السفينة “غالاكسي” على بُعد 1200 كم، بمحاذاة المياه الإقليمية اليمنية، رغم صعوبة الأحوال الجوية وحركة الأمواج البحرية التي تسبّبت وفق مصدر عسكري مطلّع بـ “تحطّم بعض القوارب البحرية وهي في طريقها إلى السفينة “غالاكسي”، ورغم كل ذلك نجح المنفّذون الذين تدرّبوا طيلة عامين على عمليات من هذا النوع في اقتياد السفينة بكفاءة واقتدار إلى سواحل اليمن، لتتحوّل إلى منتجع سياحي يرتاده اليمنيون بمختلف فئاتهم.
إذاً نحن أمام قوة إقليمية أثبتت جدارتها بالأفعال لا بالأقوال، وأثبتت السنوات الماضية قدرتها وقوتها، وخبِرها الأعداء في مختلف الميادين، والأوساط الصهيونية تدرك هذه الحقيقة، وتدرك أيضاً أن هذه المعادلة تشكّل “معضلة” لـ “إسرائيل” بحسب توصيف صحيفة يديعوت أحرنوت، ذلك أنها تفرض حصاراً بحرياً فعلياً سيضرّ بالكيان، وقد بدأت مفاعيل ذلك بإدخال ميناء إيلات في حالة شلل شبه تام، وضرب الاقتصادي الإسرائيلي والحركة التجارية، والمعضلة الأكبر أن العدو يعيش مرحلة أزمة خيارات في الرد على هذه المعادلة، لاعتبارات أهمها:
– العدو يعيش أزمة خيارات ويرى أنّ أيّ إجراء سيخدم صنعاء ويشتّت جهوده في غزة، حيث لا يزال غارقاً منذ شهرين من دون تحقيق أي صورة نصر.
– أيّ ردّ أمريكي أو إسرائيلي في البحر الأحمر تحديداً سيحوّله إلى بؤرة نزاع مؤثّرة ليس فقط على الملاحة الإسرائيلية، بل ستمتد تداعياته إلى كل دول العالم بما يمثّله باب المندب من شريان حيوي لإمدادات الطاقة العالمية يمر عبره 6.2 مليون برميل من النفط يومياً و10 % من التجارة العالمية، وأي توتر أو نزاع عسكري سيدخل الدول الغربية في أزمة طاقوية كارثية على أبواب هذا الشتاء.
– أيّ ردّ من القواعد الأمريكية في دول الخليج، سيمثّل هو الآخر تهديداً لمنابع الطاقة، لأنّ اليمن لا يمكن أن يقف مكتوف اليدين تجاه أي عمل عدائي من أي مكان كان، والعبرة من ضربة بقيق وخريص، كما أن الولايات المتحدة ليست مستعدة للمغامرة بمصالحها وقواعدها العسكرية.
وهذا لا يعني أننا نستبعد أن يُقدم العدو على أي حماقة، مع ذلك لا يزال الأمر محط نقاش وخلاف عميقين داخل كيان العدو الإسرائيلي، بين من يطالب بالرد “حتى لا يتمادى الحوثيون”، ومن يرفضه “حتى لا يستفيد الحوثيون”، وجزء ثالث يراهن على عمل عسكري أمريكي ما، ويبدو أن نتنياهو يقف بين بين، بين من يهدّد وبين من يعوّل، فبحسب ما نقلته القناة الـ 13 فإن نتنياهو، “أخبر بايدن وشولتس أن “إسرائيل ستتصرّف عسكرياً إن لم تُتخذ إجراءات ضد الحوثيين”، على أنّ صنعاء تنتظر بفارغ الصبر وهي مستعدة لكل الخيارات.
صحيح أن لدى “إسرائيل” طائرات يمكن أن تصل الى اليمن وتنفّذ ضربات جوية، وهي شاركت بالفعل في العدوان على اليمن خلال السنوات التسع الماضية، لكن أي حماقة من هذا النوع في ظل هذا التوقيت لن تنهي التهديد اليمني للسفن الإسرائيلية ومن يتعامل معها، بقدر ما ستوسّعه من ناحية، وتحوّل البحر الأحمر وباب المندب إلى جحيم، وتزيد من فرص اندلاع حرب إقليمية أوسع، وهذا ما لا تريده أمريكا بالنظر إلى ما أشرنا اليه سابقاً.
الخلاصة أن العدو الإسرائيلي سيكون الخاسر الأكبر، سواء بلع الضربات البحرية أو رد عليها، ولا فكاك له من القبول بالمعادلة القائمة: فكّ الحصار مقابل الحصار، ووقف العدوان مقابل وقف العمليات العسكرية اليمنية، على أن مصير السفينة “غالاكسي” بات بحسب ما أعلنته القيادة اليمنية بتصرّف المقاومة الفلسطينية وورقة تفاوضية تفعل بها ما تريد، وهي بمثابة عهدة لدى اليمن، إلى أن ينتهي العدوان على غزة وتنتهي جرائم الإبادة بحقّ سكانها، وأقصى ما يمكن أن يفعله الأمريكي في هذا التوقيت هو فرض العقوبات، وربما إعادة تصنيف أنصار الله كـ “جماعية إرهابية” وممارسة الضغط عبر برامج المساعدات الإنسانية.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
يتسحاق بريك: “الجيش الإسرائيلي” لا يستطيع حسم المعركة مع “حماس”
#سواليف
كتب .. #يتسحاق_بريك
يبدو أن المستويَين الأمني والسياسي أغلقا آذانهما، ولم يتعلّما بعد شيئاً ممّا حدث لـ”شعب إسرائيل” خلال العام ونصف العام الماضيَين. لم يفهما حتى اللحظة أن ” #الجيش ” لا يستطيع، بوضعه الحالي، #تفكيك ” #حماس “. ألم يفهما حتى الآن أن “جيشنا” لا يستطيع البقاء وقتاً طويلاً في المناطق التي احتلها، ولا يملك القوة الكافية من أجل تفجير مئات الكيلومترات من الأنفاق؟ بكلمات أُخرى: إنه لا يستطيع، بوضعه الحالي، #حسم_المعركة مع “حماس”.
إن أيّ جولة أُخرى من الحرب في غزة ستضع حياة المخطوفين في خطر، وتزيد في الإصابات في صفوف قواتنا، وفي أوساط الغزّيين الأبرياء. هذا بالإضافة إلى أن العالم كلّه سيعلن أننا مجرمو حرب؛ نعم – العالم العربي برمّته سيتوحّد ضدنا، ويفكّك حصانتنا القومية، وسيستمر وضعنا الاقتصادي في التراجع، وبالتالي سيتراجع الجيش. سنبقى وحدنا في العالم مع [الرئيس الأميركي دونالد] ترامب غير المتوقّع، الذي يمكن أن يتركنا وحدنا في أيّ لحظة.
مقالات ذات صلةالأمر المفاجئ أكثر هو أن القيادة العليا الجديدة للجيش وقعت أسيرة فخ #نتنياهو وتابعه وزير الدفاع يسرائيل كاتس، وتنفّذ كلّ ما يريدانه. وبدلاً من ترميم “جيشنا” وتجهيزه للتهديدات المستقبلية على حدودنا الشرقية، وحدودنا مع مصر، والضفة الغربية، والحدود اللبنانية، حيث لم نُخضع حزب الله؛ وبدلاً من إقامة حرس قومي ضد المجرمين المتطرفين في بلدنا- يقوم المستويان العسكري والسياسي ببثّ الشعارات بشأن تفكيك “حماس” بشكل مطلق.
لم يفهم المسؤولون عندنا بعد أنه من أجل تفكيك “حماس”، عليهم أن يزيدوا في حجم “الجيش”، وفي حجم القوات لكي تستطيع تفجير الأنفاق، وبعدها فقط، يمكن الحسم. إن هدم المنازل في قطاع غزة وتفكيك بنى “حماس” فوق الأرض لم يساعدانا على التقدّم نحو هدف تفكيك الحركة التي تقيم بمدينة مساحتها مئات الكيلومترات تحت الأرض. وتخرج من حصنها هذا لتقتل المئات، وتُصيب الآلاف. وعلى الرغم من ذلك، فإن القيادة العسكرية، وبتوجيهات من القيادة السياسية، تريد جرّنا إلى مسلسل آخر من القتل والعزاء، من دون أيّ إنجاز واضح.
أيها القرّاء الأعزاء، قولوا لي: على مَن يُمكن الاعتماد هنا؟ هل تبقّى لنا مزيد من حرّاس التخوم في “الدولة”؟ كان يجب على رئيس هيئة الأركان العامة الجديد، الجنرال إيال زمير، أن يدافع عن موقفه، ويعرض أمام المستوى السياسي وضع “الجيش” الحقيقي، حسبما توقّعنا جميعاً منه، وأن يعرض الحقيقة عارية، من دون أيّ تجميل. وكان يجب عليه أن يقاتل بكل قوته من أجل التقدّم إلى المرحلة (ب) من الصفقة لتحرير المخطوفين وإنقاذ الأحياء منهم، من دون تخوّف – حتى لو كلّفه ذلك منصب رئيس هيئة الأركان. وأكثر من ذلك، كان يجب على رئيس هيئة الأركان أن يمنع المستوى السياسي من الاستمرار في وهم أن “الجيش” قادر على هزيمة “حماس” والإيرانيين، كما أرادوا أن يسمعوا.
إن أقوال رئيس هيئة الأركان الموجّهة إلى الجمهور بشأن أهمية تحرير المخطوفين كأولوية، يبدو أنها من دون رصيد – أقوال ليست سوى واجب يجب أن يقال. أقواله تتناقض كلياً مع موافقته على تجديد الحرب في غزة.
هل اختار رئيس هيئة الأركان الجديد الخضوع منذ بداية طريقه؟ إذا كان الجواب نعم، فماذا سيحدث مستقبلاً؟ أنا دعمت تعيين إيال زمير بكل قوتي، لكنني لم أتخيّل أنه سيخضع أمام رئيس الحكومة ووزير الدفاع، لأنهما يريدان الاستمرار في الحرب من أجل البقاء في السلطة، على حساب حياة المخطوفين وأمن مواطني دولة إسرائيل.
الطريق الصائبة والصحيحة في هذا الوقت هي الاستمرار في المفاوضات والدخول في المرحلة (ب)، بحسب الاتفاق، وتحرير جميع المخطوفين، الذين يختنقون في ظلام الأنفاق، دفعة واحدة، وانتهاء الحرب. وبعدها، علينا أن نشمّر عن سواعدنا ونُعيد ترميم “الدولة والجيش” في جميع المجالات، لكي يستطيع الدفاع عن حدود “إسرائيل”، بما معناه أن على “الجيش” أن يتجهّز لحرب كبيرة يستطيع الضرب والحسم فيها.
في نهاية المطاف، إذا مات المخطوفون في الأنفاق المظلمة، فإن التهمة ستقع على كاهل المستويَين السياسي والعسكري، إلى الأبد، وهما اللذان اختارا الاستمرار في حرب من دون هدف، لن تحقّق أيّ إنجاز. هذا الخيار سيدفع إلى موت المخطوفين الذين لا يزال من الممكن إنقاذهم. إن كلّ يوم يمرّ يؤجّل فيه الحديث عن المرحلة (ب) من الصفقة، يضع حياة المخطوفين في خطر، أكثر فأكثر، إذ إن ثمة خطوة فقط تفصلهم عن الموت.