منذ 8 أكتوبر الماضي، عقب اندلاع الحرب على غزة بيوم، لم تهدأ الحدود الجنوبية اللبنانية جراء القصف المتبادل بين «حزب الله» من جهة وإسرائيل من جهة أخرى، ما أعاد للواجهة مسألة تنفيذ القرار «1701».
وفي 11 أغسطس 2006، تبنى مجلس الأمن الدولي بالإجماع القرار رقم «1701» الذي يدعو إلى وقف كامل للعمليات القتالية بين لبنان وإسرائيل، ودعا إلى إيجاد منطقة بين الخط الأزرق (الفاصل بين لبنان وإسرائيل) ونهر الليطاني جنوب لبنان، تكون خالية من أي مسلحين ومعدات حربية وأسلحة، ما عدا التابعة للقوات المسلحة اللبنانية وقوات «يونيفيل» الأممية.


ومنذ عام 2006 حتى مطلع أكتوبر 2023، شهدت الحدود الجنوبية استقرارا كبيرا رغم خروقات محدودة، حيث لم يظهر «حزب الله» وجودا عسكرياً علنيّاً وسط الحديث عن وجود أنفاق ومخابئ له. لكن منذ أن دخل «حزب الله» على خط حرب غزة عبر قصف مواقع عسكرية إسرائيلية على الحدود مع لبنان ورد تل أبيب بعنف على بلدات جنوبية، تزايدت المخاوف باحتمالات نشوب «حرب شاملة» بين البلدين.
وفي 6 ديسمبر الحالي، توعّد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، بإبعاد «حزب الله» إلى ما وراء نهر الليطاني جنوب لبنان، «سواء بترتيب سياسي دولي أو بتحرك عسكري استنادا إلى القرار الأممي 1701»، ما أدخل «التسوية الدولية» في معادلة التوتر الراهنة، بجوار «الحرب الشاملة».ومنذ 8 أكتوبر يتبادل «حزب الله» وفصائل فلسطينية إطلاق النار مع الجيش الإسرائيلي على حدود لبنان «تضامنا مع قطاع غزة» الذي يتعرض لحرب إسرائيلية مدمرة منذ السابع من الشهر ذاته، خلفت حتى الأربعاء 18 ألفا و608 شهداء و50 ألفا و594 مصابا معظمهم أطفال ونساء، وفق مصادر فلسطينية، ودمارا هائلا في البنية التحتية و»كارثة إنسانية غير مسبوقة»، بحسب مصادر أممية.

تسوية أم حرب؟
ومطلع الشهر الحالي، أعلن رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أنه سيجري «مفاوضات عبر الأمم المتحدة من أجل المزيد من الاستقرار على الحدود اللبنانية الجنوبية، بدءا باستكمال تنفيذ القرار 1701 وصولا إلى الاتفاق على النقاط الخلافية الحدودية مع العدو الإسرائيلي».
وتحتل إسرائيل جزءا من الأراضي اللبنانية، وهي مزارع شبعا وتلال كفر شوبا، وأصدر مجلس الأمن الدولي عام 1978 القرار 425 الذي ينص على انسحابها من جميع الأراضي اللبنانية، غير أنه لم ينفذ.
وقال ميقاتي: «نأمل أن نصل في الأشهر الثلاثة المقبلة إلى مرحلة استقرار كامل على حدودنا»، متابعا: «من خلال اتصالاتي مع المعنيين في هذا الموضوع، من الجانب الأمريكي أو الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، هناك هدف اساسي هو تجنيب لبنان أي حرب كبيرة قد تحصل».
في الإطار، رأى المحلل السياسي جوني منيّر أن «الأمور قد تذهب لتسوية دولية لأنه لو هناك إمكانية للحرب لصارت سابقا»، لافتا إلى أن «الظروف لا تسمح للهروب تجاه الحرب».
وذكر منيّر للأناضول أن «إطلاق النار في الجنوب سيستمر وقد يصبح أقوى لكن تحت سقف عدم الذهاب إلى حرب شاملة أو كبيرة في لبنان على غرار حرب يوليو عام 2006».
واندلعت «حرب يوليو» عقب قيام مقاتلين من «حزب الله» بأسر جنود إسرائيليين عند الحد الحدودي، ما أدى إلى نشوب مواجهة عسكرية كبيرة بين الحزب اللبناني والجيش الإسرائيلي استمرت 33 يوما خلفت آلاف القتلى والجرحى وخسائر مادية.
وقال منيّر إنه «لا أحد من الأطراف الخارجية كالولايات المتحدة وإيران تريد الذهاب نحو الحرب، فالتسوية ستكون النهاية».
من جانبه، قال المحلل السياسي فيصل عبد الساتر للأناضول إنه «لن يكون هناك لا حرب ولا تسوية دولية في لبنان»، مشيرا إلى أن «محاولة الضغط من إسرائيل على حزب الله لن تجدي نفعا». كما يرى مطلعون وفق إعلام لبناني أن «الحلول جنوبا مؤجّلة إلى حين وقف الحرب في غزّة».
وفي الأيام الماضية، تزايد الحديث في الأوساط السياسية في لبنان عن احتمالات تعديل القرار «1701» ليمثل مخرجا للتوتر الراهن على الحدود، إلا أن مطلعين على مسار الأحداث في البلاد يشيرون إلى أن تعديل القرار أمر غير وارد.

المصدر: العرب القطرية

كلمات دلالية: لبنان الحرب على غزة الحدود الجنوبية اللبنانية حزب الله حزب الله

إقرأ أيضاً:

اليونيفيل: قلقون من استمرار الجيش الإسرائيلي بتدمير قرى جنوب لبنان

بيروت - أعربت قوات حفظ السلام الأممية في لبنان "يونيفيل"، الخميس 26 ديسمبر2024، عن قلقها إزاء مواصلة الجيش الإسرائيلي تدمير مناطق سكنية وأراض زراعية وشبكات طرق جنوب لبنان، مطالبة بوقف خروقات اتفاق وقف إطلاق النار.

وقالت اليونيفيل في بيان له: "أي أعمال تهدد وقف الأعمال العدائية الهشّ يجب أن تتوقف".

وتابعت: "أكّد كل من إسرائيل ولبنان التزامهما بالتنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن الدولي 1701، ولمعالجة القضايا العالقة، فإن الطرفين مدعوان إلى الاستفادة من الآلية (اتفاق وقف إطلاق النار المعلن قبل شهر) التي أنشئت حديثا على النحو المتفق عليه في التفاهم".

وأكدت اليونيفيل استمرارها في "حثّ الجيش الإسرائيلي على الانسحاب في الوقت المحدد، ونشر القوات المسلحة اللبنانية في جنوب لبنان، والتنفيذ الكامل للقرار 1701 كمسار شامل نحو السلام".

وقالت إنها "تعمل بشكل وثيق مع القوات المسلحة اللبنانية بينما تقوم بتسريع جهود التجنيد وإعادة نشر القوات إلى الجنوب".

وأشارت اليونيفيل إلى أن بعثتها "مستعدة للقيام بدورها في دعم البلدين في الوفاء بالتزاماتهما وفي مراقبة التقدم، ويشمل ذلك ضمان خلو المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني من أي أفراد مسلحين أو أصول أو أسلحة غير تلك التابعة لحكومة لبنان واليونيفيل، فضلاً عن احترام الخط الأزرق (الفاصل بين لبنان وإسرائيل)".

وذكرت أن "هناك قلق إزاء استمرار التدمير الذي يقوم به الجيش الإسرائيلي في المناطق السكنية والأراضي الزراعية وشبكات الطرق في جنوب لبنان، وهذا يشكل انتهاكا للقرار 1701".

وأكدت في بيانها "مواصلة حَفظة السلام المهام المنوطة بهم، بما في ذلك رصد جميع الانتهاكات للقرار 1701، وإبلاغ مجلس الأمن عنها".

ويدعو قرار مجلس الأمن رقم 1701 الصادر في 11 أغسطس/ آب 2006 إلى وقف كامل للعمليات القتالية بين "حزب الله" وإسرائيل، وإنشاء منطقة خالية من السلاح والمسلحين بين الخط الأزرق (الفاصل بين لبنان وإسرائيل) ونهر الليطاني جنوب لبنان، باستثناء تلك التابعة للجيش اللبناني وقوة الأمم المتحدة المؤقتة (اليونيفيل).

والخميس أيضا، قال الجيش اللبناني، إن إسرائيل توغلت في عدة مناطق جنوب البلاد، في مواصلة لخرق اتفاق وقف إطلاق النار والاعتداء على سيادة لبنان.

وذكر في بيان أن "قوات تابعة للعدو الإسرائيلي توغلت بتاريخ 26122024 في عدة نقاط في مناطق القنطرة وعدشيت القصير ووادي الحجير في الجنوب"، ليتجاوز عدد خروقات الجيش الإسرائيلي 300 منذ سريان الاتفاق قبل 30 يوما.

ومنذ 27 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، يسود وقف هش لإطلاق النار أنهى قصفا متبادلا بين إسرائيل و"حزب الله" بدأ في 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ثم تحول إلى حرب واسعة في 23 سبتمبر/ أيلول الفائت.

وبدعوى التصدي لـ"تهديدات من حزب الله"، ارتكبت إسرائيل 295 خرقا لوقف إطلاق النار في لبنان حتى نهاية الثلاثاء، ما أدى إجمالا إلى سقوط 32 قتيلا و38 جريحا، وفق إحصاء للأناضول استنادا إلى بيانات وزارة الصحة اللبنانية.

ودفعت هذه الخروقات "حزب الله" إلى الرد، في 2 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، للمرة الأولى منذ سريان الاتفاق، بقصف صاروخي استهدف موقع "رويسات العلم" العسكري في تلال كفر شوبا اللبنانية المحتلة.

ومن أبرز بنود اتفاق وقف إطلاق النار انسحاب إسرائيل تدريجيا إلى جنوب الخط الأزرق الفاصل مع لبنان خلال 60 يوما، وانتشار قوات الجيش والأمن اللبنانية على طول الحدود ونقاط العبور والمنطقة الجنوبية.

وبموجب الاتفاق، سيكون الجيش اللبناني الجهة الوحيدة المسموح لها بحمل السلاح في جنوب البلاد، مع تفكيك البنى التحتية والمواقع العسكرية، ومصادرة الأسلحة غير المصرح بها، وإنشاء لجنة للإشراف والمساعدة في ضمان تنفيذ هذه الالتزامات.

ويقدم لبنان وإسرائيل، وفق الاتفاق، تقارير لهذه اللجنة وقوة اليونيفيل بشأن أي خروقات لوقف إطلاق النار.

وأسفر العدوان الإسرائيلي على لبنان عن 4 آلاف و63 قتيلا و16 ألفا و663 جريحا، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، إضافة إلى نزوح نحو مليون و400 ألف شخص، وتم تسجيل معظم الضحايا والنازحين بعد تصعيد العدوان في 23 سبتمبر الماضي.

Your browser does not support the video tag.

مقالات مشابهة

  • عبد المسيح: للدعوة إلى جلسة طارئة لمجلس الأمن بشأن الخروقات الاسرائيلية
  • اليونيفيل تطالب جيش الاحتلال الإسرائيلي بالانسحاب من جنوب لبنان
  • اليونيفيل: قلقون من استمرار الجيش الإسرائيلي بتدمير قرى جنوب لبنان
  • ‏وكالة الأنباء اللبنانية: آليات إسرائيلية تتقدم عبر وادي الحجير في جنوب لبنان وتقوم بعمليات تمشيط بالأسلحة الرشاشة
  • ‏اليونيفيل تحثّ الجيش الإسرائيلي على الانسحاب في الوقت المحدد ونشر القوات المسلحة اللبنانية في جنوب لبنان والتنفيذ الكامل للقرار 1701
  • «يونيفيل»: انتهاكات الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان «انتهاك للقرار 1701»
  • الساحة اللبنانية… ثوابت تحدّد شكل المرحلة المقبلة
  • حكم الصلاة عند الحاجة لقضاء البول أو الريح.. دار الإفتاء توضح
  • رئيس الحكومة اللبنانية يطالب بالضغط على إسرائيل للانسحاب من المناطق المحتلة ووقف الخروق
  • خروقات متواصلة.. الاحتلال يواصل أعمال التفجير والنسف في القرى الجنوبية اللبنانية