الوطن:
2024-11-24@09:36:58 GMT

المؤرخ الفلسطيني حسام أبو النصر يكتب: غزة تفقد تاريخها

تاريخ النشر: 15th, December 2023 GMT

المؤرخ الفلسطيني حسام أبو النصر يكتب: غزة تفقد تاريخها

ما إن دخلت الهدنة ساعاتها الأولى ووضعت الحرب أوزارها، حتى بدأ مَن يستطيع الوصول إلى منطقته، فى تفقُّد ما تبقى من بقايا المنازل، وبقايا الذكريات، وبقايا جثث الشهداء الملقاة على الأزقة وتحت الركام، ليتكشف لنا الجانب الآخر من العدوان والذى أظهر استهداف التاريخ والهوية وليس الإنسان فقط.

ولقد بدأتُ العمل منذ أول يوم للحرب فى متابعة ورصد استهداف المواقع الأثرية والتاريخية فى ظل غياب متابعة ذلك وانتباه العالم لحجم العدوان على الإنسان، فكان لا بد أيضاً من التركيز على هذا الجانب، فتبين خلال تقرير أعددته حول العدوان على الآثار استهداف أكثر من ٣٠ موقعاً أثرياً بين دمار كلى وجزئى، منها الجامع العمرى فى جباليا، وجامع سليم أبومسلم واللذان دُمرا بالكامل، فى حين تم استهدف المستشفى المعمدانى ودُمرت أجزاء منه، وكنيسة بروفيريوس حيث دمِّر مجلس وكلاء الكنيسة بالكامل، وبيت السقا الأثرى بالكامل، فيما تم إلحاق أضرار كبيرة بخمسة متاحف: الخضرى، والعقاد، وقصر الباشا الأثرى، وشهوان، متحف خان يونس، والتى تضم قطعاً أثرية تعود للعهد الكنعانى، واليونانى والرومانى، والبيزنطى، والإسلامى، فيما لم تسلم أهم مكتبات غزة من هذا العدوان الذى يذكّرنا بزمن المغول والتتار، فأحرقت مكتبة جامعة الأزهر، ومكتبة الجامعة الإسلامية، ودُمّر جزء من مكتبة مركز التخطيط التى تأسست ١٩٦٥م، ومكتبة العباس التى تضم كتباً حجرية وبعض المخطوطات التاريخية، فيما شمل القصف الجامع العمرى فى غزة الذى يضم المكتبة العمرية ولا يُعرف مصيرها حتى الآن، فى مشهد يحيلنا إلى العصور الوسطى، لتُدفن الكتب مع الشهداء، وترثى الكلمات الكلمات، وسط صمت عالمى على كل هذه الجرائم التى لم تشفع ولم توقف سقوط ١٤ ألف شهيد.

فكيف للقوانين الدولية أن تمنع أيضاً وقف تدمير كل ما يشكل دليلاً على الوجود الحضارى والإنسانى لشعب فلسطين الكنعانى، الذى أثبت تجذُّره على مر العصور، وقد أشارت إلى ذلك مخطوطات تل العمارنة المصرية التى خلَّدت اسم ١١٩ مدينة كنعانية، وأيضاً التوابيت التى سُرقت بعد عام ١٩٦٧ وأشرف على ذلك «ديان» ضمن حفريات دوثان فى منطقة دير البلح ونُقلت للمتاحف الإسرائيلية، وتبقى منها بقايا قناع كنعانى على الطراز الفرعونى، الذى تعرض أيضاً للعدوان بعد حرب أكتوبر، فيما الحلى والأدوات التى وُجدت تدل على العلاقة الكنعانية الفرعونية، والنتيجة أن إسرائيل استباحت كل ما هو فلسطينى فى غزة، ولم تحترم اتفاقيات جنيف الدولية، حتى القصف طال كلاً من جهاد المصرى وهو مؤرخ فلسطينى، وعائد أبوجياب ورمزى حمودة ممن يعملون فى مجال الأبحاث التاريخية، فى بيت القدس للدراسات والبحوث الفلسطينية، ومروان ترزى وهو مؤرشف فوتوغرافى لتاريخ فلسطين وخاصة غزة، بل واستشهد الشعراء والأدباء والكُتاب والفنانون، ولقد طال القصف نصباً تذكارياً لشهداء مصريين وآثارهم فى غزة، ولم تسلم مواقع تل رفح وميناء أندوثيون فى الشاطئ من العدوان، وهما من أقدم المواقع الأثرية، وعلى مر العصور تعرضت غزة للتدمير والغزو، ولكن لم تشهد أبداً من قبل حجم هذا الدمار الذى يعادل أكثر من قنبلة ذرية، هدم أكثر من ٤٥% من مبانى القطاع، كل ذلك يؤكد محاولات الاحتلال مسح غزة عن الخارطة، كما تمنوا يوماً أن يبتلعها البحر، لكن ظلت عصيةً عليهم، لتكتب دماء الشهداء من جديد تاريخ فلسطين الذين حاولوا طمسه لصالح الرواية الإسرائيلية واستكمالاً للاستعمار الذى يشمل تهويد التاريخ والثقافة والإرث الفلسطينى.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: انتهاكات الاحتلال الإسرائيلى التراث الفلسطينى 7 أكتوبر اليونيسكو

إقرأ أيضاً:

أفلام وفعاليات مهرجان القاهرة السينمائى 45 «كامل العدد»

عرض رابع لـ«أبوزعبل ٨٩» بعد نفاد التذاكر و«دخل الربيع يضحك» كومبليت  الجداول وتداخل جهات التنظيم نقطة ضعف المهرجان لكن الدورة ناجحة

«كامل العدد» أو «سولد أوت» هى الكلمة الأكثر استماعا فى أروقة الدورة الـ٤٥ لمهرجان القاهرة السينمائى، الذى شهد أكبر نسبة حضور سواء من الجمهور أو الإعلاميين والفنانين وكل محبى السينما.

سواء للأفلام فى أقسامها المختلفة، وحتى فى أغلب الندوات والجلسات النقاشية خلال فترة المهرجان الذى بدأ فى الرابع عشر من الشهر الحالى ويستمر حتى ٢٢ نوفمبر.

أسد الصحراء.. (ما وثقه العقاد فى ليبيا الأمس..يفضج الإبادة الجماعية فى غزة اليوم)

اهتم مهرجان القاهرة السينمائى هذا العام بدعم القضية الفلسطينية، سواء خلال عرض الافتتاح الذى شهد عرض لفرقة وطن للفنون التى حضرت خصيصا من غزة لتشارك فى المهرجان، وحتى الدبوس الذى تم توزيعه على الحضور على شكل علم فلسطين، وتأكيد رئيس المهرجان حسين فهمى على دعم القضية، وبداية المهرجان بالفيلم الفلسطينى «أحلام عابرة» للمخرج رشيد مشهراوى.

لينطلق بعدها جدول من العروض الفلسطينية التى عبرت عن الحرب التى تشهدها فلسطين ليس فقط طوفان الأقصى منذ أكتوبر العام الماضى، لكن منذ بداية النكبة، ومنها الفيلم الوثائقى «إجازة فى غزة» و«غزة التى تطل على البحر» و«من المسافة صفر» الذى يمثل فلسطين فى الأوسكار.

النجم أنطونى كوين فى دور عمر المختار

لكن الملفت للانتباه فيلم «أسد الصحراء» للمخرج الكبير العالمى الراحل مصطفى العقاد الذى وثق خلاله المجازر التى قامت بها إيطاليا فى ليبيا فى ثلاثينيات القرن الماضى من أجل إخماد المقاومة ورمزها «عمر المختار» الذى قام بدوره النجم العالمى أنطونى كوين الذى عرض ضمن برنامج كلاسيكيات بعد ترميمه هو الأكثر تعبيرا عما يحدث الآن فى غزة من خلال مشاهد المعارك والتعذيب التى قدمها العقاد فى تجربته عام ١٩٨١.

مالك العقاد: استغرقنا ٣ سنوات فى ترميم الفيلم

قال مالك العقاد نجل المخرج السورى الراحل فى تصريحاته لفارايتى عن ترميم الفيلم بواسطة شركة Trancas International Films فى Deluxe فى لندن وPrivate Island Sound فى هوليوود، وهو الترميم الذى أعاد الحياة إلى المناظر الصحراوية ومشاهد المعارك الملحمية، بالإضافة إلى موسيقى موريس جار.

«لقد كان عملًا محببا بالنسبة لى. تضمنت العملية ثلاثة أفلام لوالدى - «الرسالة» و«الرسالة» و«أسد الصحراء» - وكل من هذه الأفلام يزيد طوله على ثلاث ساعات. كانت عملية طويلة جدًا استغرقت فى النهاية أكثر من ثلاث سنوات لإكمالها بالكامل. كان علينا مسح كل إطار، وتصحيح أى خدوش أو مشاكل، ثم تحسين تدرج الألوان، وأخيرًا، إعادة مزج الصوت. لقد كان الكثير من العمل ولكن النتيجة النهائية جعلت الأمر يستحق كل هذا العناء».

محمد رضا: يمكن وضع فلسطين بدلًا من ليبيا فى «أسد الصحراء»

أما الناقد محمد رضا فقال: الفيلم يعبر عن الوطن العربى بشكل أشمل فيمكن استبدال فلسطين بدلا من ليبيا ليعبر الفيلم عما يحدث فيها وهو ما أراده العقاد فى ثانى تجاربه السينمائية فى أسد الصحراء بعد أن قدم أول أفلامه (الرسالة) الذى حاول من خلاله تصحيح نظرة الغرب عن الدين الإسلامى ونشأة الإسلام لكنه اختار فى أسد الصحراء أن يتطرق لقضية أشمل وهى النضال العربى.

الفيلم الذى تم إنتاجه فى أوائل الثمانينيات من القرن الماضى وصلت تكلفته ما يقرب من ٢٢ مليون دولار أمريكى فكل ما ظهر فى الفيلم من طائرات ودبابات صنعت خصيصا للفيلم أى ما يساوى اليوم من ١٥٠ إلى ٢٠٠ دولار أمريكى.

وتابع: إن (أسد الصحراء) قدم حقائق عن الصورة العربية وهو تأكيد على أهمية العلم وهو ما يظهر فى المشهد الأخير حين يمسك الطفل الصغير بالنظارة الخاصة بعمر المختار بعد إعدامه تأكيدا على استمرار ومواصلة المقاومة.

وكشف أن المخرج الراحل الذى جمعته به صداقة وطيدة عرض عليه تقديم أفلام عن زعماء ورؤساء عرب لكنه رفض الفكرة

فكان العقاد يأمل فى تقديم فيلم يوحد العرب عن الأندلس وهو الفيلم الذى يحاول نجله مالك العقاد إنتاجه خلال الفترة المقبلة خاصة أن السيناريو جاهز بالفعل لكن لا يزال يبحث عن التمويل فحتى الآن الفيلم لم يبدأ حيز التنفيذ.

وعلق رضا على الانتقادات التى طالت المخرج السورى الراحل لتقديمه عدة أفلام عن الهالويين وقال إنه كان يقدمها ليوفر المال اللازم لإنتاج أفلامه الهامة عن الوطن العربى.

وقال إن العقاد حينما هاجر من سوريا إلى الولايات المتحدة الأمريكية لم يكن يمتلك سوى مائتى دولار أمريكى فقط والقرآن الكريم ولأنه قدم أفلامًا عن الدين الإسلامى والقضايا العربية تم اغتياله فى عملية إرهابية.

حضور مصرى لافت

فى السنوات الماضية اعتدنا على الحديث عن أزمة اختيار الفيلم الذى يمثل مصر سواء فى المسابقة الرسمية أو المسابقات والبرامج الأخرى، لكن شهدت الدورة الـ٤٥ تواجدًا مصريًا لافتًا، ففى المسابقة الرسمية مثلت المخرجة نهى عادل مصر بفيلمها «دخل الربيع يضحك» الذى تناولت خلاله ٤ حكايات مختلفة ومنفصلة لكنها متشابكة فى التعقيدات التى تحملها النفس البشرية، يحسب للمخرجة اعتمادها على وجوه غير محترفة أضافت للتجربة، وفى الوثائقى شارك فيلم «أبو زعبل ٨٩» للمخرج بسام مرتضى وهو الفيلم الذى أقيم له عرضًا رابعًا داخل المهرجان بسبب الإقبال الكبير على مشاهدة الفيلم الذى يوثق من خلاله بسام تجربة زيارته لوالدته محمود مرتضى السجين السياسى داخل سجن أبو زعبل وهو طفل صغير، ويتطرق إلى ما هو أبعد من ذلك من خلال علاقته بوالده ووالدته أيضا التى لعبت دورا كبيرا فى حياته.

إيجابيات وسلبيات..(كشف حساب)

بدأ التفاعل مع المهرجان منذ اللحظات الأولى لانطلاقه، ويمكن القول قبلها أيضا، وتباينت ردود الفعل بين الهجوم اللاذع والحاد أو الدفاع المستميت، وكأى مهرجان أو فعالية سينمائية فى العالم فهناك بالتأكيد ماهو إيجابى وماهو سلبى بالطبع فلا يوجد مهرجان فى العالم يخلو من السلبيات.

لكن السؤال الذى يطرح نفسه ماذا يريد الجمهور من المهرجانات السينمائية؟ وهو ما يكشف إن كان المهرجان نجح بالفعل فى تحقيق ذلك أم لا؟.

إذا تحدثنا عن وجود أفلام قوية ومتنوعة لإرضاء جمهور مختلف ومتنوع فالمهرجان هذا العام شهد مجموعة كبيرة من الأفلام وصلت إلى ١٩٠ فيلما فى المسابقات المختلفة، ولا يمكن لفيلم أن يكون مرضيا لكل الأذواق لذلك لا يمكن اعتبار فشل فيلم فى إرضاء ذوق شخصى معين هو نقطة ضعف للمهرجان.

وإن كانت نقطة الضعف التى صعبت الوصول إلى الأفلام هو الجدول غير المفهوم الذى أضاع فرص مشاهدة الكثير من الأفلام الهامة.

يمكن الإشادة أيضا بفريق المهرجان فى التنظيم حتى وإن كانت هناك بعض المشاكل الاعتيادية فى دخول القاعات أو التأخر قليلا عن العرض لكنها ليس المشاكل الكارثية التى يمكن من خلالها وضع المهرجان تحت المقصلة فهو ظلم لأهم وأعرق مهرجان فى المنطقة العربية، وإن كان لا يمكن إنكار بعض الفوضى الذى تسبب فيها فراغ أحد الأدوار والمناصب الهامة من المهرجان، وهو ما تسبب فى تداخل التنظيم وفوضى فى بعض العروض. لكن المتواجد على أرض الواقع سيلحظ وجود «بعض» المبرمجين والعاملين فى المهرجان لحل المشاكل سريعا.

فى النهاية.. تعد الدورة الـ٤٥ من الدورات المميزة والمهمة فى مسيرة مهرجان القاهرة السينمائى على مستوى الأفلام والبرمجة والحضور والندوات والتنظيم، إلى جانب الدور المحترم والتأكيد على دعم مصر للقضية الفلسطينية، فشكرًا لكل القائمين على المهرجان من رئيس المهرجان وحتى أصغر المتعاونين.

مقالات مشابهة

  • أشرف غريب يكتب: سلام لفيروز في عامها التسعين
  • اكتشاف حسام حسن يحل أزمة الدفاع فى الأهلى
  • أفلام وفعاليات مهرجان القاهرة السينمائى 45 «كامل العدد»
  • حقيقة الحالة الصحية لـ محمد منير
  • تواضروس الثانى.. البابا الذى أحبه المصريون
  • عادل حمودة يكتب: سفير ترامب الجديد فى إسرائيل.. لا شىء اسمه فلسطين
  •   النائب علاء عابد يكتب: قانون اللجوء.. القول الفصل
  • رفعت عينى للسما
  • «جمال الغيطانى»
  • «الغيطانى» حكاء الماضى.. سردية الوجع الإنسانى