د. محمد الكحلاوى يكتب: ادعاء إسرائيل
تاريخ النشر: 15th, December 2023 GMT
يحتفظ تاريخ غزة بماضٍ سحيق وحضارة كبيرة تسابقت عليها الدول طمعاً فى موقعها الجغرافى الفريد، حيث تقع على طول الحافة الجنوبية الشرقية للبحر المتوسط، وقد شهدت غزة منذ فجر تاريخها وجود الكنعانيين ثم الفلسطينيين منذ ما يقرب من 3000 عام ق.م، ثم سيطر عليها المصريون القدماء فى عهد تحتمس الثالث بوصفها من أهم محطات التجارة بين مصر وبلاد الشام، وقد ورد اسمها فى رسائل تل العمارنة باسم «عزاتى»، واستمرت تبعيتها لمصر لأكثر من قرنين ونصف قرن، ثم توالت عليها الغزوات من قبل الهكسوس والآشوريين والبابليين ثم الفرس والإسكندر والرومان والبيزنطيين إلى أن فتحها العرب المسلمون واتخذوها مركزاً تجارياً ودفاعياً لتأمين بلاد الشام ومصر فى الوقت نفسه.
وقد تبوأت غزة مكانتها فى عصر دولة المماليك، حيث شُيد بها العديد من المنشآت التجارية والدينية والتعليمية، إلى أن جاءت نكسة 1967م وكشفت إسرائيل عن نواياها تجاه إنهاء الوجود الفلسطينى وبخاصة فى مدينتى القدس وغزة، من أجل هذا استباحت الأرض واغتصبت التاريخ ونسبت لنفسها زوراً وبهتاناً تراثاً لا صلة لها به، فنجحت فى تسجيل التراث الفلسطينى على قائمة التراث العالمى بهدف تأصيل وجودها تاريخياً وحضارياً حتى ولو كان زوراً وبهتاناً بعد أن وفرت لنفسها كل السبل المتاحة.
وحصلت من المجتمع الدولى ومنظمة اليونيسكو على الدعم الكافى لتثبت لنفسها تاريخاً مزوراً لا تمتلكه بعد أن انتزعته من التراث الثقافى والحضارى للشعب الفلسطينى وبخاصة فى القدس وغزة والخليل، فهوّدت الأرض والحجر والبشر وفرضت طمساً ممنهجاً للهوية العربية فى تلك المدن إلا أن غزة استعصت عليها.
لذلك افتعلت إسرائيل العديد من الحروب معها الواحدة تلو الأخرى وحاصرتها براً وبحراً وجواً وأغلقت عليها المداخل والمخارج بهدف الضغط عليها ودفع أهلها للفرار منها وهجرتها، ولم تكن أطماع إسرائيل فى اغتصاب أرض غزة خفية على كل متابع لتلك القضية المأساوية فقد وفرت إسرائيل لنفسها كل السبل المتاحة وغير المتاحة وأولت النصوص التوراتية فى الإصحاح الأول سفر عاموس 6-7، بهدف إضفاء الشرعية الدينية على حقوقها المزعومة ولتُؤكد ما جاء فى الرواية التوراتية قامت بزراعة آثار مزورة تحاكى ما تنتجه الحفائر الأثرية وأطلقت اليونيسكو يد إسرائيل فى هدم أحياء كاملة من أجل إجراء عشرات الحفائر سعياً لغرس مفاهيم تؤكد صحة ادعاءاتهم، هذا ما جعل عالم الآثار «فيليب آر ديفيس» يقر بأن هناك حقيقة مهمة وهى أن علماء الآثار فى إسرائيل انقسموا إلى فريقين، فريق أقر بالحقيقة وهى أن الوجود التاريخى لإسرائيل ادعاء وأسطورة، وأن اليهود لم تكن لهم مملكة حكمها أنبياء الله داود، وسليمان عليهما السلام، وقد استند أصحاب هذا الرأى على ما أنتجته الحفائر الأثرية التى أجروها كدليل مادى دامغ لا يقبل الشك أو التأويل فلم يعثروا على دليل أثرى واحد يعضد مزاعم الصهاينة بوجود هيكل بنى على أنقاضه المسجد الأقصى وأن مدينة أورشاليم لم تكن يوماً مدينة إسرائيلية وأنهم لم يذهبوا إلى مصر قط ولم يتجاوزوا أرض كنعان، غزة الحالية.
وقد حاول المنصفون من هؤلاء الباحثين كتابة التاريخ العلمى الحقيقى لهذا الكيان المغتصب فلم يجدوا ما يكتبونه، فمن الطبيعى أن تلقى آراء هؤلاء العلماء من الفريق الآخر معارضة وتكذيباً دون أن يكون لهم ما يدللون به على صحة ادعاءاتهم، وعلى الرغم من ذلك، فقد مضت إسرائيل فى عدوانها على القدس وغزة واستباحوا كل ما وصلت إليه أيديهم من تحف وآثار فلسطينية من أجل إثبات تلك الادعاءات ولم يبالوا بما افتعلوه من حروب حصدت وأزهقت آلاف الأرواح البريئة من أطفال ونساء وشيوخ ومرضى وعجزة، بهدف تفريغ غزة من أهلها وتاريخها وآثارها من مساجد ومدارس وكنائس وأديرة وحمامات ومواقع أثرية ومتاحف، فدمروا على مدى سنين ما يقرب من 60% من تراث غزة وجاءت الطامة الكبرى فى أعقاب حربهم العدوانية الأخيرة والتى أجهزت فيها إسرائيل على العديد من المواقع الأثرية والخانات والمساجد والمدارس، منها على سبيل المثال لا الحصر: الجامع العمرى وقلعة برقوق وخان الأمير يونس النوروزى ومبنى بلدية خان يونس ومتحف خان يونس ومتحف الخضرى ومتحف شهوان ومتحف العقاد ودير القديس هيلاريون، وكنيسة الروم الأرثوذكس، ومسجد النصر ببيت حانون، وجامع المحكمة البردبكية، وغيرها الكثير مما دمر كلياً أو جزئياً.
ورغم هذا التدمير الممنهج للحجر والبشر، فإن غزة قد انتصرت لنفسها ولفلسطين بعد أن انتفضت لها شعوب العالم بأسره وتراجعت حكومات غربية عن تأييد الكيان الصهيونى بعد أن كشفت تلك الحرب الوحشية عن حقيقته ووحشيته فى قتل الأطفال والنساء العزل، انتصرت غزة بصمود أهلها الذين تمسكوا بأرضهم وبركام أطلال بيوتهم، انتصرت غزة بمقاوميها الشرفاء البواسل وشعبها الأبى الصامد فى سابقة فريدة فى تاريخ الصراع الإسرائيلى الفلسطينى، فأصبح العالم يرى إسرائيل كياناً شيطانياً مغتصباً لأرض فلسطين من أصحابها، هكذا رأى العالم إسرائيل على حقيقتها عارية من كل المثل خالية من الأخلاق، قاتلة للأطفال، سارقة للتاريخ، فاجرة فى الخصومة، عرفها العالم على حقيقتها التى أخفتها عشرات السنين ادعت فيها بأنها الضحية وأن مقاوميها هم الإرهابيون، هكذا انتصرت غزة وستنتصر لتكون عصية على أعدائها وحصناً منيعاً على حدود مصر الشمالية الشرقية.
أستاذ الآثار والعمارة الإسلامية بكلية الآثار بجامعة القاهرة، رئيس المجلس العربى للآثاريين العرب
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: انتهاكات الاحتلال الإسرائيلى التراث الفلسطينى 7 أكتوبر اليونيسكو بعد أن
إقرأ أيضاً:
منتخب عمان ينهي الشوط الأول متقدما على البحرين بهدف نظيف في نهائي كأس خليجي 26
انتهى الشوط الأول من مباراة عمان والبحرين، بتقدم العمانية بهدف نظيف، في إطار منافسات كأس الخليج العربي، لموسم 2024-2025.
ملخص الشوط الأول بين عمان والبحرين في نهائي خليجي 26ويستضيف ملعب جابر الأحمد الدولي، المواجهة القوية بين عمان والبحرين، في نهائي كأس خليجي 26، تحت صافرة الحكم القطري عبدالرحمن الجاسم.
أحرز المنتخب العماني الهدف عن طريق جناحه المتألق عبدالرحمن المشيفري في الدقيقة 17، بعد ركلة ثابتة نفذها علي البوسعيدي، على رأس المشفيري ليضع الكرة على يسار حارس منتخب البحرين إبراهيم لطف الله.
عاجل.. تشكيل برشلونة الرسمي لمواجهة بارباسترو في كأس الملك يلا شوت بث مباشر؛⛹️ عمان×البحرين نهائي كأس الخليج الآن بجودة عالية HDوجاء تشكيل منتخب البحرين، كالتالي:
إبراهيم لطف الله - الخلاصي - الحيام - أمين بن عدي - الشمسان - كميل الأسود - سيد ضياء - مهدي حميدان - محمد مرهون - علي مدن - الرميحي.
بينما جاء تشكيل منتخب عمان، كالتالي:فايز الرشيدي - البوسعيدي - المسلمي - الخميسي - ثاني الرشيدي - حارب السعدي - أرشد العلوي - عبدالرحمن المشيفري - عبدالله فواز - جميل اليحمدي- عصام الصبحي.
القنوات الناقلة لمواجهة عمان والبحرين في كأس خليجي 26-قناة البحرين الرياضية HD1 "بتعليق محمد سويد".
-قناة SSC NEWS - بتعليق الثنائي "فارس عوض، حماد العنزي".
-قناة SSC4 HD - بتعليق الثنائي "راشد الدوسري، مشاري القرني".
-قناة الكأس 1 " بتعليق أحمد الطيب".
-قناة الكأس 2 "بتعليق سمير المعيرفي".
-قناة دبي الرياضية 1 "بتعليق رؤوف خليف".
-قناتي أبو ظبي الرياضية 1 والشارقة الرياضية - بتعليق الثلاثي المميز "عامر عبدالله - محمد الشامسي - عبدالحميد الجسمي".
-قناة العراقية الرياضية "بتعليق جمال الدراجي".
-قناة عمان مباشر "بتعليق صلاح الحمداني".