بعد أكثر من 65 يوما من الدعم لجرائم الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، بدا الخطاب الأمريكي على الصعيد السياسي والشعبي والإعلامي يتخذ منحنى إيجابي فيما يتعلق بالحرب.

وبلغت ذروته مع تحذير الرئيس الأمريكي، جو بايدن، بفقدان الكيان المحتل الدعم الدولي بسبب الحرب العشوائية التي يشنّها على قطاع غزة، داعيًا رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، إلى إجراء تغيير على حكومته التي وصفها بأنها "أكثر الحكومات تطرفًا في تاريخ إسرائيل، وهي لا تريد حل الدولتَين".



استمرار الضغوط الشعبية الأمريكية 
الخبير في العلاقات الدولية، أدموند غريب، يقول لـ"عربي21": "بات من الواضح أن هناك تغيير في اللهجة الأمريكية، وأن هناك تباين في المواقف الاسرائيلية والأمريكية، بعضها يتعلق برؤية الطرفين لمستقبل غزة والقضية الفلسطينية بعد الحرب". 

ويضيف أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جورج تاون في واشنطن، أن "هناك رفض للاقتراح الإسرائيلي أن يسيطر على غزة بعد انتهاء الحرب؛ الإدارة الأمريكية تقول إنها لا تريد تقليص الأراضي الفلسطينية في غزة أو الضفة الغربية وإنها تدعم حل الدولتين".

وأشار إلى: "أن هناك تغييرات شعبية كبيرة في الشارع الأمريكي، وبات الرأي العام الأمريكي في غالبيته يعارض سياسة بايدن في غزة، ويطالب بوقف دائم لإطلاق النار، بالإضافة لمطالبات كبيرة من النواب لتقييد استخدام إسرائيل الأسلحة الأمريكية ضد المدنيين". 

ويقول غريب: "على المستوى الشعبي، وعلى الرغم من الضغوط حول تزايد فكرة معاداة السامية، عند التظاهر ضد الاحتلال، إلا أن هناك انتقادات كبيرة بأن ذلك يتنافى مع حق التعبير المكفول من الدستور الأمريكي، وخاصة أن هناك فرق بين الصهيونية واليهودية، بالرغم من ذلك الضغوط الشعبية ما زالت مستمرة وهناك مظاهرات تعم إرجاء العاصمة الأمريكية". 

مواقف أميركية أكثر عقلانية إزاء الحرب في غزة 
الخبير في الشأن الامريكي، شعبان عبود، يقول لـ"عربي21": "بتنا نلحظ مواقف أميركية أكثر عقلانية إزاء الحرب في غزة ، لكن لا أعتقد أن هناك تحولاً في الموقف الأميركي الداعم لإسرائيل، وما حصل من النقاشات والملاحظات والنصائح الأميركية التي كانت تجري خلال المحادثات الثنائية بين المسؤولين الأميركيين، ونظرائهم الإسرائيليين، قد خرجت للعلن، ويبدو أن الرئيس جو بايدن قد تقصد ذلك جراء الضغوط الحزبية الداخلية وتلك الخارجية التي يتعرض لها".

ويضيف:" تعرض المصالح الأميركية والقواعد الأميركية في بعض دول المنطقة للخطر، الموقف الدولي المؤيد والداعم لوقف إنساني دائم لإطلاق النار، العدد غير المسبوق للضحايا الفلسطينيين المدنيين، ورفض الحكومة الاسرائيلية للرؤية الأميركية لحل الدولتين، ورفضها الخطة الأميركية لتسلم السلطة الفلسطينية زمام الأمور في قطاع غزة بعد الحرب، الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة وتدني شعبية بايدن، كل ذلك وغيرها أسباب دفعت لهذه اللهجة المتشددة من قبل الرئيس الأميركي". 

مشيرا إلى: "ذلك إن دل على شيء فإنه يدل على أن إسرائيل ربما لن تلق الدعم السياسي والعسكري الذي كانت تتلقاه من واشنطن، في حال أصرت على عدم الاصغاء لما تريده الإدارة الأميركية، لكن يجب أن لا نذهب بعيدا ونعتقد أن واشنطن ستتوقف عن دعم إسرائيلي هذه الحرب وخاصة الهدف المتعلق بالقضاء على حركة حماس، لكن واشنطن بنفس الوقت ولاستمرار هذا الدعم تريد من إسرائيل تنفيذ عدة مطالب". 


ويتابع: "من ناحية أخرى لا يمكن القول إنه يوجد تحول في الموقف الشعبي الأميركي فالغالبية العظمى تدعم إسرائيل، رغم وجود عدد لا يستهان به من الرافضين للحرب ورغم التزايد المستمر من قبل شرائح جديدة بدأت تتفهم أكثر طبيعة الصراع وتتخذ مواقف بعيدة عن مواقف الحكومة الأميركية ووسائل الإعلام الأميركية". 

 أسباب تغير الموقف الامريكي 
المحلل السياسي ، خالد شنيكات، يرى أن: "الضخ الإعلامي ونشر صور المجازر التي ارتكبها الاحتلال في قطاع غزة، ساهم بشكل كبير في تغير المواقف الغربية إزاء الحرب في غزة، المواقف الشعبية والرسمية والإعلامية الأمريكية في مقدمتها". 

أما بخصوص أسباب تغير الخطاب الأمريكي، يعزوها شنيكات في حديثه لـ"عربي21" إلى: "استطلاعات الرأي التي تظهر عدم الرضا الشعبي والنظرة السلبية على تعاطي بايدن مع الحرب في غزة؛ خاصة أنها على بعد شهور من الانتخابات الرئاسية الأمريكية، بالتالي تريد الانتهاء من الحرب دون أن تمتد إلى أكثر من ذلك، إخفاق إسرائيلي في إدارة الحرب، الذي يطرح أسئلة حول مدى منطقية هذه الحرب والخسائر البشرية من ورائها، وضغط دولي من قوى كبرى". 

وهذا يتفق مع ما قاله اللواء المتقاعد والخبير العسكري، فايز الدويري عبر حسابه على منصة"إكس" (تويتر سابقا) بأن الأسباب تعود إلى: "فشل إسرائيل وجيشها في تحقيق أي نصر عسكري، رغم الدعم العسكري والاستخباراتي والاقتصادي والسياسي المقدم من قبل أمريكا وحلفائها، والصمود الأسطوري لفصائل المقاومة الفلسطينية والتي فاقت كل التوقعات، وتغير الموقف الدولي". 

تغير في مواقف الإعلام الغربي 
بدا الإعلام الغربي يغير من محتواه المتعلق بالقضية الفلسطينية، إذ نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، تقريرا، قالت فيه  إنّ "الاحتلال منذ سنوات اعتاد على اعتقال الفلسطينين دون تُهم بل وإبقائهم في الزّنانين دون مُحاكمة".

وقامت بنشر تغريدة عبر "إكس" (توتير سابقا ) يعرّف بالكوفيّة الفلسطينية وعلاقتها بدول عربيّة أخرى ودلالاتها دون طرح الفكرة المزعومة "أنّها تمثّل التّطرّف".

واشنطن بوست بدأت بوضوح تغيّر محتواها عن #فلسطين ككُل والأحداث في #غزّة بشكل خاص وتخفف من حدّة منشوراتها الهجوميّة.

صباح اليوم تمّ نشر تقرير يوضّح أنّ الاحتلال منذ سنوات اعتاد على اعتقال الفلسطينين دون تُهم بل وإبقائهم في الزّنانين دون مُحاكمة.

وقبل قليل منشور يعرّف بالكوفيّة… pic.twitter.com/cpd2qRzYTa — Ala Hamdan • الاء حمدان (@AlaHamdann) December 1, 2023
بدورها، نشرت قناة "بي بي سي"، المعروفة بانحيازها التام للرواية الإسرائيلية، أن "الاحتلال الإسرائيلي تلاعب بالأدلة وتلاعب بالفيديو وكذب على الجمهور ولم يقدم أي دليل على أن مستشفى الشفاء هو مركز قيادة لحماس".

" تغير في خطاب BBC "

بي بي سي: إ
اسرائيل تلاعبت بالأدلة وتلاعبت بالفيديو وكذبت على الجمهور
ولم تقدم أي دليل على أن مستشفى الشفاء هو مركز قيادة لحماس" pic.twitter.com/6XCN5I4KmT — Dr.mehmet canbekli (@Mehmetcanbekli1) November 17, 2023
إلى ذلك، صَدّرت صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية، على غلافها صورة من المـأساة تحت عنوان: "في غزة.. إنه الجحيم، الجحيم، الجحيم".



الرأي العام العالمي أمام مأزق إنساني 
تغير الموقف من الحرب في قطاع غزة، لم ينحصر على أمريكا، إذ تبعتها بعض دول أوروبا التي كانت داعمة بداية الأمر بشدة لفكرة العملية البرية والقضاء على المقاومة، إلا أن جرائم الاحتلال الإسرائيلي جعلت الرأي العام العالمي أمام مأزق إنساني. 


وكان الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، جوزيب بوريل، انتقد رفض نتنياهو فكرة حل الدولتَين، مشددًا على إصرار الاتحاد على هذا الحل الوحيد، مضيفًا خلال جلسة حول الشأن الإسرائيلي-الفلسطيني في الجمعية العامة للبرلمان الأوروبي، أن “أهم شيء في الوقت الراهن الحول دون موت المزيد من الناس، وإيجاد حل سياسي لهذا الصراع، للأسف إن رئيس الوزراء الإسرائيلي قال إنه يعارض هذه السياسة، إنه الضمانة كي لا تقام مطلقًا دولة فلسطينية”.

وانتقد الممثل الأوروبي، في الوقت ذاته، الانتهاكات الإسرائيلية الممارَسة خلال سريان الحرب، والتي تخالف شكلًا ومضمونًا القانون الدولي الذي تدّعي حكومة الاحتلال التزامها به، مضيفًا: “علينا أن نسأل أنفسنا ما إذا كانت إسرائيل تحترم القانون الدولي، هذا سؤال نحتاج جميعًا إلى الإجابة عنه، لن أجيب عن هذا السؤال لأنه لا يوجد إجماع (داخل الاتحاد الأوروبي)، لكنني شخصيًّا أعتقد أن هذا الحق له حدود.. قتل هذا العدد الكبير من الأبرياء لا يمكن تبريره”.


كما عارض بوريل سياسة الاستيطان التي ألمح نتنياهو ووزراؤه المتطرفّين، سموتريتش وبن غفير، إلى توسيعها خلال مرحلة ما بعد الحرب، قائلًا: “لهذا يجب علينا أن نرفع صوتنا بحزم ضد توسيع المستوطنات الذي يتعارض مع قرارات الأمم المتحدة، وعلينا أن نحاول وقف العنف ليس في غزة فحسب، بل أيضًا في الأراضي الفلسطينية المحتلة”.

وعلى المستوى الأممي، تقلّص عدد الدول الداعمة لـ”إسرائيل” داخل الأمم المتحدة ومجلس الأمن بصورة كبيرة، حيث لم يتبقَّ صوت واحد يدعم الاحتلال وحكومته غير الولايات المتحدة، حتى بريطانيا الضلع الثاني للدعم المطلق لـ”إسرائيل” اكتفت بالامتناع عن التصويت في مشاريع قرارات وقف إطلاق النار التي يعرقلها الفيتو الأمريكي.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الاحتلال غزة بايدن امريكا غزة الاحتلال بايدن سياسيا سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة ة الفلسطینیة الحرب فی غزة فی قطاع غزة أن هناک

إقرأ أيضاً:

مراسلة «القاهرة الإخبارية»: صواريخ الحوثيين تجاه تل أبيب تضع إسرائيل في مأزق

رصدت دانا أبو شمسية، مراسلة «القاهرة الإخبارية» من القدس المحتلة، مستجدات الأوضاع في الأراضي المحتلة بعد إطلاق صواريخ فرط صوتية يمنية تجاه تل أبيب، وإحداث خسائر في الجانب الإسرائيلي، مؤكدة أنه لم يكن هناك أي بيان رسمي آخر، بعد البيان الذي صدر عن جيش الاحتلال عقب العملية مباشرة، إذ أنه اعترف بفشل منظومة الدفاع الجوي في التصدي لهذا الصاروخ الذي مر من منظومة الدفاع.

الصاروخ اليمني حقق هدفه

وشددت «أبو شمسية»، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامي محمد رضا، عبر شاشة «القاهرة الإخبارية»، على أن الصاروخ اليمني تجاه الأراضي المحتلة وصل إلى هدفه المنشود وسقط في منطقة سكنية في يافا تل أبيب، مؤكدة أن وسائل الإعلام الإسرائيلية تحدثت عن هذا الصاروخ وإصابة 16 إسرائيليًا، وبحسب بيانات الإسعاف الإسرائيلي أصغر المصابين هو في عمر الـ3 سنوات، موضحة أنه تم نقل جميع الإصابات والتي وصفت بإصابات طفيفة جراء تطاير الزجاج إثر الانفجار الذي وقع في تل أبيب.

وأوضحت أن بعض الإصابات في الجانب الإسرائيلي جراء الصاروخ الذي أطلق من اليمن جاء بسبب التدافع أثناء هروب المستوطنين إلى الملاجئ، مشددة على أن هذا الصاروخ هو الثامن من نوفمبر الماضي وحتى هذا اليوم، ويأتي هذا جزء من عملية الإسناد المستمرة من قبل جماعة الحوثي إلى جبهة قطاع غزة.

وتابعت: «صواريخ الحوثيين تضع إسرائيلي في مأزق، خاصة أن قوات الاحتلال قبل يومين كانت قد استهدفت عدة موانئ وعدة محال وقواعد عسكرية ومولدات للطاقة في عدة مناطق في اليمن».

مقالات مشابهة

  • مجزرة جديدة جنوب غزة والأونروا تتهم إسرائيل بانتهاك قواعد الحرب
  • ردّا على حصارهم البحري للاحتلال.. هكذا تحرّض إسرائيل على استهداف الحوثيين
  • أستاذ علوم سياسية: هناك تضخم في الاقتصاد الروسي لكن موسكو تعتمد على التصنيع
  • معاوية عوض الله: العقوبات التي تصدر تجاه قادة الجيش لن تزيدنا إلا قوة وصلابة
  • خبير عسكري: تحفظ كبير من الغرب والولايات المتحدة الأمريكية تجاه الجولاني
  • إسرائيل تعلن اعتراض مسيّرة أطلقت من الشرق
  • كاتب أمريكي: هناك رغبة إسرائيلية في ضم المزيد من الأراضي الفلسطينية
  • كاتب بـ «نيوزويك الأمريكية»: هناك رغبة إسرائيلية في ضم المزيد من الأراضي الفلسطينية
  • مراسلة «القاهرة الإخبارية»: صواريخ الحوثيين تجاه تل أبيب تضع إسرائيل في مأزق
  • أستاذ علاقات دولية: إسرائيل تحول فلسطين إلى جحيم لتصفية القضية