لا يمكنك رفض قيام دولة فلسطينية.. هل يستطيع أو يريد نتانياهو ذلك؟
تاريخ النشر: 14th, December 2023 GMT
بعد النداء الذي أطلقه الرئيس الأميركي، جو بايدن بأن إسرائيل بدأت تفقد الدعم الدولي بقصفها العشوائي على غزة وأن "بيبي" يحتاج إلى تغيير حكومته المتشددة، تثار تساؤلات حول موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، وما إذا كان قادرا أو لديه نوايا للقبول بمثل هذه الفكرة أو تطبيقها.
وقال بايدن "يتعين على (نتانياهو) تغيير هذه الحكومة.
وذكر بايدن "لدينا فرصة للبدء في توحيد المنطقة... وهم لا يزالون يرغبون في ذلك. لكن علينا أن نتأكد من أن بيبي (نتانياهو) مدرك أنه يجب أن يتخذ بعض الإجراءات من أجل تعزيز ذلك... لا يمكنك أن ترفض قيام دولة فلسطينية... وهنا يكمن الجزء الصعب".
ومن وجهة نظر الرئيس الأميركي بات على نتانياهو تقوية وتغيير الحكومة الإسرائيلية، لإيجاد حل طول الأمد للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، مشيرا قبل يومين إلى "بن غفير ورفاقه والأشخاص الجدد"، بقوله: "هؤلاء لا يريدون أي شيء يقترب ولو من بعيد من حل الدولتين".
يشغل إيتمار بن غفير منصب وزير الأمن القومي الإسرائيلي وكان اسمه قد تردد كثيرا منذ بدء الحرب في غزة إلى جانب وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، على خلفية المواقف المتطرفة التي كانوا يعلنون عنها ويدعون إليها بشأن الحرب المتواصلة منذ أكثر من 60 يوما في غزة.
والاثنان هما من اليمين المتطرف وشركاء نتانياهو في الائتلاف الحاكم، وعلى الرغم من النداء الذي وجهه الرئيس الأميركي كان للأخير رد غير إيجابي على الدعوة المتعلقة بتغيير "الحكومة المتشددة".
على العكس، تحدث نتانياهو عن "خلافات ترتبط باليوم التالي لحماس"، مغلقا الأبواب بقوله إنه لن يسمح "بتكرار أخطاء أوسلو"، في إشارة إلى اتفاقية أوسلو التي وقعت عام 1993 برعاية أميركية، وسمحت بإنشاء السلطة الفلسطينية.
وأضاف أنه "لا يمكن بعد التضحيات الهائلة التي قدمها مواطنونا ومقاتلونا أن نسمح بدخول غزة لأولئك الذين يعلمون للإرهاب، ويدعمون الإرهاب، ويمولون الإرهاب"، في إشارة إلى السلطة الفلسطينية، متابعا: "غزة لن تكون حماسستان.. ولا فتحستان".
ولا توجد حتى الآن أي مؤشرات على قبول نتانياهو بفكرة تغيير الحكومة، ويرى خبراء ومراقبون في حديث لموقع "الحرة" أن هذه القضية تحكمها "معادلة" تفتقد لأي خيارات.
ما احتمالات التغيير؟وتشير صحيفة "واشنطن بوست" إلى أن أنصار نتانياهو رحبوا بخلافه مع واشنطن وبشأن "اليوم التالي في غزة"، وقد أيد بعضهم بما في ذلك إيتمار بن غفير دعوات هامشية تطالب إسرائيل بإعادة توطين سكان غزة في منطقة ثالثة وإلى الأبد.
وعلى الرغم من استبعاد بن غفير وشريكه السياسي وزميله زعيم المستوطنين بتسلئيل سموتريش من حكومة الطوارئ الحربية التي تتخذ القرارات الأمنية فإنهما واصلا الضغط على نتانياهو للانصياع لليمين، وفق الصحيفة الأميركية.
وتوضح أنهما قادا جهودا هذا الأسبوع للتصويت ضد خطوات للسماح لعمال المزارع والبناء من الضفة الغربية بدخول إسرائيل للمرة الأولى منذ 7 أكتوبر، وسبق وأن كان لهما مواقف وقرارات متطرفة أخرى فتحت طرقا جديدا للتوسع ببناء المستوطنات.
داليا شيندلين، وهي خبيرة استطلاعات رأي ومحللة سياسية إسرائيلية ترى أن نتانياهو لا يريد إجراء أي تغييرات في الحكومة بناء على رؤية واشنطن، وتقول لموقع "الحرة" إنه "سيفعل كل ما في وسعه لتأخير وتعطيل وتقويض وتقليص هذه التغييرات".
وفي المقابل سيحاول "إقناع واشنطن بأن الضغط على إسرائيل في هذه الأمور هو منظور معادٍ لها"، وفق المحللة.
ولا تستبعد في حديث لموقع "الحرة" أن يلجأ رئيس الوزراء الإسرائيلي في مرحلة ما إلى "تهديد بايدن من خلال رسائل متنوعة، بأنه سيحشد القوى اليمينية في الولايات المتحدة ضده في عام انتخابي".
والموقف الذي تراه المحللة مرتبطا بنتانياهو لا ينبع من منظور شخصي بقدر ما يتعلق بالصورة الأوسع للائتلاف الحكومي الحاكم في إسرائيل، وهو ما يشير إليه المحلل السياسي الإسرائيلي، إيلي نيسان.
ويوضح لموقع "الحرة" أن "نتانياهو يعمل عل حشد اليمين في إسرائيل في الوقت الحالي. لديه 32 مقعدا وحسب استطلاعات الرأي انخفض الرقم إلى 18 مقعدا. هذا ما يجعله بعيدا عن القبول بمقترح بايدن".
ويقول نيسان إن "تغيير الحكومة يعني تفككها"، وإن تم ذلك سيكون هناك خيارا واحدا بأن يتم الإعلان عن انتخابات قريبة من أحد أعضاء "الكنيست".
وعندما يأخذ أحد الأعضاء زمام الأمور يقول "لدينا إمكانية أن نشكل حكومة برئاسة أحد الأعضاء بدلا من توجه الشعب للانتخابات".
ومع ذلك لا يرى المحلل السياسي الخيار المذكور سهل التطبيق، ويضيف أن "نتانياهو يعمل على حشد اليمين في هذه الظروف ولن يتخلى عنهم"، وأن "ما يؤكد ذلك إعلانه: (لا لدولة فلسطينية ولا لاتفاق أوسلو ولا لسلطة تعمل في غزة)".
ويتابع نيسان: "هو يريد أن يميز من خلال الإعلان بينه وبين بايدن، وبينه وبين رؤساء المعارضة وغانتس ولابيد بالتحديد".
"يميني لا يشبه أحدا"وتوصف الحكومة الإسرائيلية الحالية بأنها الأكثر يمينية في تاريخ الدولة العبرية، وكانت قد أدت اليمين الدستورية أواخر العام الماضي.
ويعتبر نتانياهو، وفق "واشنطن بوست"، أنه "قد لا يكون هناك أي عواقب داخلية في تجاهل القيادة الفلسطينية أو أي فكرة بأن دولة فلسطينية مستقلة ممكنة على الإطلاق."
وتقول الصحيفة إنه "عمل على تهميش هذا الاحتمال لسنوات متبعا سياسات قسمت الفلسطينيين بين السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وحماس في غزة"، وفي غضون ذلك كان حلفاؤه الأكثر تطرفا "أكثر صخبا"، وبأهداف متزامنة إلى حد كبير.
يعتبر الباحث السوري في الشؤون الإسرائيلية، خالد خليل، أن "نتانياهو أقل يمينية من شركائه رغم أنه يميني متطرف".
خليل يشير إلى أنه "صاحب أطول فترة حكم في تاريخ إسرائيل (16 عاما) متجاوزا السنوات التي حققها مؤسس إسرائيل ديفيد بن غوريون بعدما حكم 13 سنة".
ويوضح لموقع "الحرة" أن نتانياهو ورغم أنه يحسب على اليمين المتطرف فإنه "يميني قومي أكثر مما هو ديني"، على خلاف شركائه في الحكم بن غفير وسموتريش وهم من "الصهيونية الدينية" التي تجمع ما بين القومية والدينية.
ويرى الباحث جانبا شخصيا في نتانياهو بأنه "لا يشبه أحدا ومعروف بشخصيته المرواغة".
"يوصف داخل إسرائيل بأنه مدرسة في التسويق السياسي، ويطلق عليه أنصاره لقب الملك بيبي ويعطونه رمزية توراتية بأنه حامي إسرائيل"، كما يقول خليل.
ويوضح أنه "غير قادر على إغضاب اليمين المتطرف، وفي حال اتخذ هذا قرار التغيير سيفقد الأغلبية البرلمانية في الكنيست، فيما ستنهار الحكومة وتذهب إسرائيل إلى انتخابات مبكرة".
ومن حيث المواقف تجاه الفلسطينيين، ومستقبل الشعب الفلسطيني، ومستقبل إسرائيل وعندما يتعلق الأمر بالأراضي المحتلة "يوجد فرق ضئيل جدا بين الليكود تحت قيادة نتانياهو والأحزاب اليمينية الأخرى"، كما تقول المحللة شيندلين.
ومع ذلك تضيف أن "الفرق الرئيسي الوحيد هو دوافعهم وراء السياسات المفضلة لديهم. الأحزاب الدينية لديها دوافع دينية، بينما لدى نتانياهو دوافع أقل دينية أو علمانية".
ولكن في معظم الأحيان، "يرغب كلاهما في السيطرة الإسرائيلية الدائمة على الأراضي المحتلة، وكلاهما يريد إيقاف تقرير المصير الفلسطيني بأي ثمن"، وفق شيندلين.
"التغيير ممكن"
رغم غياب النية من جانب نتانياهو بشأن إحداث تغيير في الحكومة لا تعتبر هذه الخطوة مستحيلة، كما توضح المحللة المحللة السياسية وخبيرة استطلاعات الرأي داليا شيندلين.
شيندلين تقول إن "الأحزاب القومية المتطرفة لهم في حكومة نتانياهو 14 مقعدا، ويمكنه استبدالهم بالأحزاب التي أضافها إلى مجلس الوزراء الحربي، مما سيسمح له أيضا بإضافة أحزاب يمينية علمانية أخرى مثل حزب إسرائيل بيتنا للسيد أفيغدور ليبرمان".
"إذا فعل ذلك، لا أعرف إذا كان حزب يش عتيد سينضم"، وتتابع المحللة: "لكنه بالتأكيد سيكون لديه (نتانياهو) ما يكفي بين حزب الوحدة الوطنية لبيني غانتس وليبرمان ليكون لديه ائتلاف مستقر تماما".
ولم تبد أي من الأحزاب المذكورة بوادر إيجابية أو استعدادات للسير بمثل هذا الطريق، ومن غير المؤكد ما إذا كانوا سيفعلون ذلك بطريقة تتجاوز الحرب، "لأنه ولنفس الأسباب لم يدخلوا في ائتلاف مع نتانياهو من قبل بسبب قضايا فساده"، وفق المحللة.
لكنها ترى أنه رئيس الوزراء يمكنه القيام بذلك خلال الحرب، وقد توافق الأحزاب العلمانية اليمينة الدخول معه "إذا تخلص من تلك الأحزاب الأخرى". وتؤكد: "ليس من الصعب عليه أن يفعل ذلك سياسيا".
ويعتبر الباحث في الشؤون الإسرائيلية خليل أن "نتانياهو بات يفقد شعبيته أمام بروز بني غانتس زعيم المعسكر الرسمي والوزير الحالي في حكومة الحرب، والذي يوصف بأنه يمتلك الحماسة السياسية".
ويتحدث عن نقطة يعتبرها مهمة، مضيفا أن "انخفاض شعبيته كما تشير إليها أيضا استطلاعات الرأي تأتي في الوقت الذي يزداد ميل وتصلب الشارع باتجاه اليمينية. وهذا ما يؤكد أن الشارع يكرهه لشخصيته".
"اليسار في إسرائيل يضعف وجميعات حقوق الإنسان كذلك وبقايا الليبرالية إلى اندثار بينما اليمين في صعود"، كما يشير خليل، ويعتقد أن "نتنياهو يحاول إطالة أمد الحرب، وفي الوقت الحالي يسعى للإمساك بالعصا من المنتصف"، في إشارة إلى العلاقة مع واشنطن وحلفائه المتشددين.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: دولة فلسطینیة فی إسرائیل بن غفیر فی غزة
إقرأ أيضاً:
بمشاركة حكومة دمشق لأول مرة.. المؤتمر الأوروبي لدعم سوريا.. ماذا يريد الطرفان؟
البلاد – جدة
يعقد الاتحاد الأوروبي النسخة التاسعة من مؤتمر بروكسل حول سوريا، غدا (الاثنين)، تحت عنوان “الوقوف مع سوريا: تلبية الاحتياجات من أجل انتقال ناجح”، في العاصمة البلجيكية، وتثير هذه المناسبة تساؤلات حول ما يريده الاتحاد الأوروبي من سوريا، وماذا يتوقع السوريون من الاتحاد الأوروبي، وحجم الدعم المتوقع خلال المرحلة المقبلة.
يهدف المؤتمر إلى توفير منصة لحشد الدعم الدولي لمستقبل سوريا، إذ سيركز على تلبية الاحتياجات الإنسانية والتنموية، وضمان استمرارية المساعدات للسوريين داخل البلاد وفي المجتمعات المضيفة في الأردن ولبنان وتركيا ومصر والعراق.
ويحمل استقرار سوريا أهمية إستراتيجية للاتحاد الأوروبي، بالنظر إلى موقع سوريا في منطقة اشتباك لقوى إقليمية ودولية، والجوار الجغرافي جعل القارة العجوز وجهة لأكثر من مليون سوري، وتنتظر أوروبا استقرار الأوضاع لعودتهم إلى مناطق آمنة في بلادهم، كما تسعى لإنهاء الوجود الروسي في سوريا أو تقييده وتحجيمه على أقل تقدير.
لذا.. يرى الاتحاد الأوروبي في سوريا دولة شريكة يمكنها العودة إلى المسار السياسي والإصلاح الاقتصادي والاجتماعي بعد سنوات من النزاع، لكنه بالتوازي يعمل على دفع الإدارة السورية الجديدة نحو تبني إصلاحات سياسية، وتعزيز حقوق الإنسان، وتحسين مناخ الاستثمار والتنمية، والدخول في حوار سياسي حقيقي يضمن مشاركة كافة الأطراف في مستقبل سوريا، مما يعيد الثقة للمجتمع الدولي في دعم المشاريع التنموية التي تساهم في إعادة تأهيل البنية التحتية وتوفير فرص عمل للمواطنين.
على الجانب الآخر، يتوقع السوريون من الاتحاد الأوروبي أن يكون الدعم ليس فقط سياسيًا وإنما إنسانيًا واقتصاديًا ملموسًا، ويعكس هذا التوقع الرسمي والشعبي رغبة المواطن في تجاوز معاناة الحرب من خلال تلقي مساعدات عاجلة لتحسين الخدمات الأساسية الصحية والتعليمية، إلى جانب دعم برامج الإعمار وإعادة التأهيل الاقتصادي، حيث يُنظر إلى الاتحاد الأوروبي كشريك يتمتع بالقدرة المالية والخبرة الفنية الضرورية لتطبيق إصلاحات جذرية تخرج البلاد من دائرة الفقر والبطالة وتدهور المرافق والخدمات العامة.
وقدم الاتحاد الأوروبي مساعدات مالية وإنسانية للسوريين خلال السنوات الماضية تجاوزت قيمتها 3.6 مليار يورو، شملت دعمًا للاجئين والرعاية الصحية والبرامج التعليمية، وهناك خططًا لدعم مبدئي خلال المؤتمر بقيمة 500 مليون يورو لدعم مشروعات إعادة الإعمار وتحفيز النمو الاقتصادي، ما يُظهر حضور المؤتمر كمنصة لتنسيق الجهود وتحديد أولويات الدعم الجديد.
ويعقد المؤتمر سنويًا منذ عام 2017، وستشهد نسخته الحالية مشاركة الحكومة السورية لأول مرة، بوفد متوقع أن يترأسه وزير الخارجية أسعد الشيباني، إلى جانب ممثلين عن الأمم المتحدة والدول المجاورة لسوريا وشركاء إقليميين آخرين.
وداخل سوريا، شهدت ساحة الأمويين في دمشق وساحات رئيسية في مدن بالمحافظات، أمس السبت، احتفالات بالذكرى الـ 14 للاحتجاجات التي كُللت بإسقاط نظام الأسد في 8 ديسمبر الماضي، وولادة مرحلة جديدة في البلاد.
وفي منتصف مارس 2011، خرجت أولى الهتافات مطالبة بالحرية والكرامة، لتتحول إلى انتفاضة شعبية ثم إلى صراع طويل مع نظام الأسد، دفع فيه السوريون أثمانًا باهظة، قتلًا ودمارًا وتهجيرًا. وبعد كل تلك السنوات، يحتفل السوريون ببدء عهد جديد، ولأول مرة، داخل مدنهم وبلداتهم التي عاد إليها كثير منهم بعد تهجيرهم.