أكد د. عاطف أبوسيف، وزير الثقافة الفلسطينى، أن الاحتلال الإسرائيلى لن يستطيع القضاء على الهوية الثقافية الفلسطينية رغم تدميره العديد من المتاحف والمساجد والكنائس والمراكز الثقافية المهمة ومقرات الصحف الفلسطينية. وقال «أبوسيف»، خلال حواره مع «الوطن»، إن الهوية الفلسطينية متجذرة ومتماسكة وراسخة عمقاً ووعياً ووجداناً لدى الشباب الفلسطينى، وإنه لا يمكن لأحد أن يقضى على ثقافة شعب، والاحتلال مهما حاول ومهما فعل لن يتمكن من انتزاع الثقافة الفلسطينية.

. وإلى نص الحوار:

لا يمكن لأحد أن يقضى على ثقافتنا.. و«تل أبيب» مهما حاولت لن تتمكن من انتزاع تراثنا

لماذا يسعى الاحتلال الإسرائيلى للقضاء على الهوية الفلسطينية؟

- الحرب على الثقافة الوطنية الفلسطينية ومكوناتها وسرقتها والقضاء عليها جزء من المشروع الاستعمارى الصهيونى، فالاحتلال الذى سرق الأرض وأراد طرد السكان يريد أن يسرق ما على الأرض من حكايات وقصص وما فوقها من تراث وآثار، وبالتالى تتم سرقة الرقعة الأثرية والمعابد الكنعانية القديمة والكنائس وأعمدة المعابد الرومانية القديمة والثوب الفلسطينى؛ لأن هؤلاء غرباء عن الأرض، والغرباء يسرقون ما ليس لهم، فهم يريدون محو الرواية الفلسطينية والهوية، هم يقولون إن هذه البلاد لهم رغم أنه لم يثبت وجود أى أثر لهم، وجدنا حجارة لها علاقة بالتاريخ الرومانى والبيزنطى والفارسى والفرعونى والوجود الأصلى كالكنعانيين، ولكن لم نجد حجراً واحداً يقول إن هؤلاء المحتلين كانوا فى هذه البلاد.

وما الذى يقوم به الاحتلال خلال الفترة الأخيرة؟

- الاحتلال استهدف متاحف ومراكز ثقافية مهمة للغاية فى التاريخ الفلسطينى، وداخلها كنوز نادرة، على سبيل المثال تماثيل ومنحوتات كنعانية عمرها 5 آلاف سنة، بجانب تضرر الكثير من المكتبات العامة ومكتبات بيع الكتب مثل مكتبة سمير منصور التى تتضمن قرابة 900 ألف كتاب، والتى تم استهدافها بشكل مباشر، فضلاً عن استهداف مركز رشاد الشوا الثقافى.

وهو أكبر مركز ثقافى بفلسطين. كما دمر الاحتلال متحف رفح، الذى جُمعت فيه مئات من الأدوات المتعلقة بالتراث الفلسطينى القديم من أزياء وأدوات قديمة تعكس ثقافة البدو والفلاحين وسكان المدينة وأهم الأزياء التراثية، وأيضاً دمر الاحتلال سوق الزاوية التاريخى فى غزة، الذى يُعد امتداداً تاريخياً لسوق القيسارية الأثرى الذى يعود لعقود مضت، والمسجد العمرى الكبير التاريخى وسط غزة، وتم تدمير مئذنته التى يعود تاريخ بنائها إلى 1400 عام، ويعد الجامع العمرى هو المسجد الأكبر والأقدم فى قطاع غزة، ويقع فى مدينة غزة القديمة وتبلغ مساحته نحو 1400 متر مربع وتبلغ مساحة البناء 1800 متر مربع.

وماذا عن وضع المساجد والكنائس؟

- بالفعل سرق الاحتلال المساجد والكنائس وتم تحويلها لـ«كُنس يهودية أو بيوت»، وفى بعض الأوقات إلى خمارات للرقص لتدنيس المكون الفلسطينى بمكونيه المسيحى والإسلامى، بجانب سرقة المطابع ودور الإذاعة ومقرات الصحف الفلسطينية الكبرى واللوحات الفنية والكتب من المكتبات والبيوت الفلسطينية، حتى فى الحرب الأخيرة فى غزة، تم استهداف مسجد كاتب ولاية فى حى الزيتون وكنيسة القديس بروفيريوس والمركز الثقافى الأرثوذوكسى، وتعرض الكثير من المتاحف والمراكز الثقافية إلى التدمير والقصف المستمر.

وماذا عن الانتهاكات فى المشهد الثقافى الفلسطينى؟

- المشهد الثقافى الفلسطينى طوال الحرب تعرض للكثير من التدمير والانتهاكات، خاصة فى غزة، فهناك أكثر من 16 كاتباً وفناناً استُشهدوا فى الحرب، بجانب إصابة الكثير واعتقال البعض الآخر، بجانب تدمير أكثر من 16 مركزاً ثقافياً فى غزة، فالحياة الثقافية فى قطاع غزة تم تدميرها بشكل كامل.

وهل نجح الاحتلال فى تحقيق أهدافه؟

- الاحتلال الإسرائيلى لم ينجح فى تحقيق أهدافه بالقضاء على الشعب الفلسطينى فى غزة، لأن الفكرة الأساسية كانت استكمال مشروع النكبة بتهجير الشعب الفلسطينى بشكل كامل من قطاع غزة إلى سيناء، ولولا وعى شعبنا وإدراكه لخطورة ذلك، بجانب الموقف المصرى الصلب الذى مانع هذا التهجير، لربما وقعت نكبة جديدة، ودائماً أقول: «إنه فى النكبة كان يجب أن نُكنس كما يُكنس الغبار من البيوت، لكننا باقون ولن نصبح مجرد ذكريات، ولا مكان لنا إلا فلسطين، فشعبنا لن يتهجر ولن يذهب إلى أى مكان آخر».

وماذا عن جهودكم خلال الفترة المقبلة؟

- شعبنا يواجه دائماً كل هذه الحروب من أجل حقوقه، فما هدموه سنبنيه، كما بنينا قبل ذلك سنبنى الآن، وسنواصل وجودنا فى هذه الأرض وبناء مؤسساتنا، وسيتم تفعيل برامج إعادة إعمار فيما يتعلق بالقطاع الثقافى، وإعادة مراكزه بشكل جيد، وترميم ما تم تكسيره فى المتاحف المختلفة، وتفعيل النشاط الفلسطينى الثقافى مرة أخرى بما يليق بعطاء الشعب الفلسطينى، وما يليق بالزخم الثقافى العربى، فهذه البلاد أوجدت للعالم الديانات.

وهل يقضى الاحتلال على الثقافة الفلسطينية؟

- لا يمكن لأحد أن يقضى على ثقافة شعب، والاحتلال مهما حاول ومهما فعل لن يتمكن من انتزاع الثقافة الفلسطينية، أو منع المثقف الفلسطينى عن القيام بدوره، تاريخياً كان للثقافة الوطنية الفلسطينية دور مهم فى الحفاظ على الهوية والنضال، غزة بها كوكبة كبيرة من المثقفين المتميزين، بجانب الشباب الذين يناضلون فى الحرب بالكتابة عن حياتهم وبقائهم وصمودهم.

وكيف ترى موقف المجتمع الدولى من حماية الموروث الثقافى الفلسطينى؟

- هناك تقصير من المجتمع الدولى فى حماية الموروث الثقافى الفلسطينى، فإسرائيل تسرق آثارنا وتعتدى على المقدسات أمام نظر كل العالم، ودائماً ما نقول لـ«اليونيسكو» عليكم اتخاذ إجراءات قوية ضد إسرائيل، لا يكفى الإدانة، بل نحتاج لمواقف رادعة بحق دولة الاحتلال. وأصدرنا تقارير عن آثار الحرب على الثقافة وأرسلناها لكل الجهات الدولية ومؤسسات الأمم المتحدة و«اليونيسكو»، وطلبنا التدخل لحماية الآثار والمتاحف واللوحات الفنية.

متماسكة وراسخة

الهوية الفلسطينية متجذرة ومتماسكة وراسخة عمقاً ووعياً ووجداناً لدى الشباب الفلسطينى، فشبابنا يدركون أن ما تريده الحرب هو إزالة هذا الشعب وأن نصبح مجرد ذكريات، لذلك أطلقنا برنامجاً وطنياً للحفاظ على الرواية الفلسطينية، وتم إدخال تعديل هيكلى على بنية وزارة الثقافة ودائرة كاملة متكاملة تسمى دائرة الرواية والذاكرة الوطنية التى تُعنى باستعادة الموروث الثقافى، وسنعيد طباعة كل منتجات الثقافة الفلسطينية والقيمة المعرفية والصحف الـ29 التى كانت تصدر فى فلسطين قبل النكبة.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: انتهاكات الاحتلال الإسرائيلى التراث الفلسطينى 7 أكتوبر اليونيسكو الثقافة الفلسطینیة فى غزة

إقرأ أيضاً:

الصحة الفلسطينية: ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 48،572

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية اليوم /الأحد/ ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 48،572، أغلبيتهم من الأطفال والنساء، منذ بدء عدوان الاحتلال الإسرائيلي في السابع من أكتوبر 2023.


وأضافت الوزارة - في بيان وفقا لوكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" - أن حصيلة الإصابات ارتفعت إلى 112،032، منذ بدء العدوان، في حين لا يزال عدد من الضحايا تحت الأنقاض، ولا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.
وأشارت إلى أنه وصل إلى مستشفيات قطاع غزة 29 شهيدا (15 شهيدا انتشلت جثامينهم، و14 شهيدا جديدا)، و51 إصابة خلال الساعات الـ24 الماضية.
وفي سياق متصل أصيب شاب اليوم برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، عند حاجز قلنديا شمال القدس المحتلة.
وذكرت جمعية الهلال الأحمر، أن شابا يبلغ من العمر (33 عاما) أصيب برصاص الاحتلال الحي في البطن، والفخذ، أثناء تواجده قرب الحاجز، وجرى نقله إلى المستشفى، حيث وصفت وزارة الصحة إصابته بالحرجة.
 

مقالات مشابهة

  • نائب وزير الخارجية يقلد السفيرين الفلسطيني والمصري وشاح الملك عبدالعزيز
  • “المنتدى الفلسطيني” في بريطانيا يكفل 40 عائلة في غزة
  • المنتدى الفلسطيني في بريطانيا يكفل 40 عائلة في غزة خلال إفطاره السنوي
  • الصحة الفلسطينية: ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 48،572
  • بعد نجاح برنامجه «قطايف».. وزير الأوقاف ورئيس الهيئة الوطنية للإعلام يكرمان سامح حسين
  • «الخارجية» الفلسطينية: 40 ألف مشرد شمال الضفة
  • وزير الأوقاف ومحافظ القاهرة يشاركان في حفل إفطار المطرية
  • وزير الأوقاف يشارك أهالى المطرية حفل إفطارهم الجماعى
  • الليلة.. علي الألفي يحيى الليلة التاسعة لحفلات «هل هلالك 9»
  • آليات الاحتلال تطلق الرصاص تجاه مخيم الشابورة فى رفح الفلسطينية جنوب غزة