اخترتُ (قَحتٌ ورعبُها من الكيزان) عنوانًا لهذه القصيدة من قولٍ لزميلنا الصحفي الكاتب الأستاذ محمد محمد خير، إذ قال في أحد تسجيلاته الشهيرة إن قحت حتى وهي في الحكم كانت مرعوبةً من الكيزان، وتخشى من سلبهم الحكمَ منها. وما حملني على نظمها، أن نفرًا من قحت، ظلوا يتصلون بي كثيرًا بشتى السبل ليشتموا لي الكيزان، واصفين إياهم لي بـ(الهوس الديني) وقالوا إنني كوزٌ مثلهم لأنني مهوسٌ بالحديث عن الدين وبتبني الدفاع عنه، وإنني أخذتُ أهجو قحت في شعري وصفًا إياها بمعاداة دين الأمة.
ـــــــــــــــــــــــــ
قــد حــاربوا اللهَ إســـرارًا وإعـــلانا واللهُ أورثَهــم خــــزيًا وخُـــذلانا
في أربعِ السنواتِ السودِ إذ حكموا
ســــادوا أباطــــرةً، كِــِبرًا وطُــغــــيانا
ساموا الورى خَــسْفـًا، بالظلمِ مُبتكرًا
وكأنهم خَلْــقٌ مــن غـــيــرِ دُنيانا
كل يَســـيرُ بلا دِينٍ ولا خُـــلُـقٍ
وترى بسيماهُ الشوهاءِ شيطانا
شُوه الوجوهِ، فما سالَ الوَضوءُ بها
وترى لها غَـشـــيتْ بالــزيغِ أدرانا
ما يَممتْ شطرَ الببتِ الحـرامِ تُقىً
للهِ ما سَـجـدتْ تــرجـــوه غــفـــرانا
*****
هُم كارِهونَ مِن الكـيزانِ دِينَهــمُ
ما خَصَّ ذلك أشخاصـًا وأعْيانا
والدِينُ لم يَكُ للكيزانِ مُحتَـَكرًا
حــتى يجــافيه (القَحَّاتُ) كُفرانا
تخـذوهُمُ سَببًا، كي يبغضوا بِهــمُ
وَحْـــيـًا تنزَّلَ بســــــمِ اللهِ قُــــرآنا
نَهَجوا بذلكَ نَهجَ الكُفـرِ دونَ وَنىً
حــتى تكـامــلَ أحـكامًا وأركـــانا
نُطقُ الشهادةِ لا يُغني، وقد كـــفرتْ
باللهِ أنفسُــهم عَــقــلاً ووِجـــدانا
عمدًا أهانَ كِـتابَ الله جَمعُــهمُ
والكُـفـــرٌ ذلك لا يحـتاجُ بُرهــانا
دورُ التلاوةِ قد باتتْ ديارَ هَـــوىً
صارتْ تَعجُ بهمْ رَقصًا وألحانا
وإذا المصاحفُ نُحَتْ مِن جوانبها
واســـــتبدلوها مــزامــــيـرا وعــــيدانا
ألفوا الحديثَ بسبِ الدينِ لازمةً
تعني التمدينَ عند القوم ِعنوانا
وحدا بِهِمْ صَلفُ الحكمِ اللئيمِ إلى
ظــلمٍ تطــاولَ أشــكالاً وألوانا
وكأنهم مَلكوا الكونَ العـريضَ ولم
يخشوْا هنالكَ يومَ الحَشرِ دَيَّانا
فاللهُ أركسَهم في الذلِ مَرتبةً
خَوفـًا يُحيلُ مُلوكَ الغابِ جُرذانا
فأصابهم رُعــبُ الكيزانِ هَلــوسةً
داءٌ يُقيمُ ولا ينتابُ أحـــــيانا
بقيَ الاراذلُ في السودانِ أو نَزحوا
خلفَ البحار،غَـدوْا في الرُعبِ سِيَّانا
حــتى لَعمـــريَ مألوفُ المَعالمِ لوْ
بالليلِ لاحَ لهمْ ظــنوه كـِـيزانا
كلٌ يبيتُ وقَـضَّ الخوفُ مَضجَعَه
أرِقــًا بكابوسِ الكيزانِ سَهــرانا
*****
فأرى القديرُ من الكيزانِ مَكــــرَمةً
وهي الشَـجاعةُ لا تحتاجُ تِبيانا
فورَ النداءِ مَضوْا للجيشِ فانتظموا
صَفَ الجهــادِ زُرافاتٍ ووُحْــدَانا
كلٌ يُجيبُ نداءَ الحَـــقِ مُحْتَسبًا
لا يرتجونَ من (البُرهانِ) شُـكرانا
*****
قلْ يا صديقيَ للبرهــانِ ناصِحهُ
إن كان يَنْـتَـصِحُ البرهـانُ أحيانا
من كنتَ عَـنكَ قُبيلَ الحربِ مُبعدَهمْ
مُدنٍ إليك بني قَحتِ وعَـلمانا
لبوا نداءَكَ قَبلَ الناسِ إذ عَرفوا
سُــــوحَ المعـــــاركِ إرعـــادًا ونِيرانا
سار الجميعُ لإحدى الحُسنييْنِ مَــعـًا
لا يرهـبون حَــياضَ المــوتِ شُــجعانا
إما الشهادةُ، أو نصرٌ يُعزُّ بهِ
السودانُ غيرَهما ما كان سودانا
فالجُندُ والمتطوعونَ الغُــــرُ وَحَّــدَهمْ
حُــــبُ الجِهـــادِ بحــبِ اللهِ إخــــوانا
فالكُـلُ مُحتضــــنٌ للموتِ مِــدْفَعَه
للـديـنِ مُـنـتــصـــرًا، للهِ غَــضــبانا
يَحمي الذِمارَ، وقحتٌ وفــدُها ثَــمِلٌ
يطوي اللياليَ في الحاناتِ سَكرانا
في لَهفةٍ لوصولِ الحكمِ مُمتَطِيًا
مَـتنَ العَمــالةِ بالأوهامِ نَشـوانا
أما الخِيانةُ تجــري في دمــائهمُ
باتوا بحــانتِها سكرا وإدمــانا
قالوا سينتظرُ (البرهانُ) عَــــودَتَهمْ
والشعبُ لم يَكُ للبرهان مِذْعانا
خسِــئوا فـلن تطأَ السودانَ أرجَـلُهم
إلا صــناديقًــا مِنهــمْ وأكـــفـانا
خانوا وِدادَكَ يا (برهانُ) وانتصروا
للــدَعْــــمِ عَلَلَهمْ مــالاً وسُلطانا
ما كنتَ أولَ مَنْ يَجزي اللئامُ قِـليً
فَهُمُ اللئامُ وقـــد جــازوْكَ نُكــرنا
كانوا شهودَ صَباحِ الحَربِ إذ نَشبتْ
حالَ الشريكِ بحربِ الدَعمِ جَذلانا
قد كان قتلُك يا بــرهانُ بُغيتَهم
قل لي بربك هــل أُنســـيتَ ما كانا؟
وبرغمِ ذا قالوا، تَفــتا مواصلَهـمْ
فمتى تُجازيهم هجــــرًا وسُـــلوانا؟
منهـــم بربك ماذا بتَ منتظـــرًا
أوَ تَحفَظنَ لهمْ فَضــلاً وعِـرفانا؟
فالقومُ ليس لهم دينٌ، وليس لهمْ
عهدٌ يُصانُ ولا يُوفــونَ أَيْمانا
إذ حاربوا الله تطبيقـًا ومُعتَـقدًا
فالــدينُ يَمنعُـنا مِنهــم وينهــانا
تخذوا التَجسسَ نهجًا باللجانِ به
خــانوا الأقــاربَ أرحامًا وجيرانا
فاسمعْ نصيحةَ راجٍ مُشفقٍ وأخٍ
لا يرتجــي نَوْلاً مِنكــمْ وإحسانا
لا تَشْرِينَّ رضا قَحتٍ بدينِكَ أو
تَلقى مَليكَكَ يومَ الحَشر ِ خَسْرانا
أو أن تعودَ بِهمْ للحكــمِ مُمتثلاً
أمرَ الوساطةِ تَخـــويفًا وإذعـــانا
فتنالَ من غضبِ الشعبِ الصبورِ بما
يُبقيك وحدَك طــولَ العمــرِ نَدمانا
*****
بالأمسِ هددنا بالحربٍ جَمَعهـــُمُ
كانوا إذ اشتعلتْ بالخوفِ نِسوانا
طلبوا النجاةَ فِرارًا مِــنْ ديارهمُ
ونَســوْا المَرابعَ والأعَـراضَ نِسـيانا
عَنهُمْ ليحميَها الكيزانُ في شَـــرفٍ
ما صــــدَهمْ حِــِقــدٌ جَـــــراءَ ما كـانا
فعلى النفوسِ طَووْا نزفَ الجِراحَ وما
فيهمْ فَــتىً لبنات العَـمِ مَنْ خَانا
تخــذوا الشجــاعةَ والإقدامُ ديدَنهم
وعلــى الرجــولةِ مِعيارًا ومـيزانا
سيَغيظُ قوليَ ذا، قومًا ذوي مَرضٍ
حَشوَ الجوانحِ أحــقادًا وأضــغانا
تَخِذوا النفاقَ شِــعارًا في حَياتِهمُ
كـــل يُداهـــنُ كـــَذَّابًا وخَـــوَّانا
كم أغـــرقوا ذِمَمًا في الزورِ فاسِدةً
فغدوْا بهـــا لقَـبيلِ الكُـفــرِ أعـــوانا
كــلٌ يُجيبك أني مســلمٌ ويُرى
لا يستطيعُ لمقتِ الدِينِ كِــتمــانا
كـمْ صلى خَلفَ رسولِ الله قبلهمُ
أهلُ النفاقِ وهم يُخفون عدوانا
*****
فأرى الزمانُ لقحتٍ مِن تَقلُّبه
فأحــالَ باســمةَ الأيامِ أحـــزانا
فولكرْ أُقيلَ فظلتْ قحتُ حَــــائرةً
تبكي اللياليَ خَـــيباتٍ وحِــرمانا
بالأمـسِ مَنَّاها حُــكـمًــا تَتَيه به
كفرًا يُعربدُ فــي الســودانِ أزمانا
لا خًلق،لا دينَ لا لغةَ القــرآنِ سائدةً
كــي لا تُشـــــرِّفَ بالتكـــبــيرِ آذانا
أخزى الكريمُ عجوزَ الكفرِ مُندَحِرًا
ولى، فأصبح رهطُ السوءِ حَيرانا
حالَ السوائمِ إذ غاب الرِعاءُ وقَـد
ضلتْ مــَراعِيَ أشــتاتــًا وقُــطــعانا
قولوا لقحتَ ومن والاهمُ سَفهًا
كلٌ تَـنازعَ كـَـأسَ الوَهــمِ مَــلآنا
لن يستتبَ نظامُ الكُــفرِ في بلدٍ
للهِ يَذكــــرُ إســــــــرارًا وإعــــــلانا
فالقومُ ما جُمعــوا للســوءِ في بلدٍ
إلا وقــد وَرثوا مَحْقــا وخُـسْـــــرانا
تخــذوا الكــوافرَ دونَ اللهِ مُلتحَدًا
هم ما لَهمْ مولى، واللهُ مــولانا
(ختمت القصيدة)
شعر: أيوب صديق
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: من الکیزان
إقرأ أيضاً:
حزب الأمة القومي يجيز “مشروع الخلاص الوطني” لإنهاء الحرب
أجاز الحزب مشروعه السياسي بعد مراجعة نهائية، مؤكدًا أنه يمثل رؤية متكاملة لنزع مشروعية الحرب ومعالجة تداعياتها، وإطلاق عملية سياسية شاملة لترتيب المرحلة الانتقالية..
التغيير: الخرطوم
عقد مجلس التنسيق بحزب الأمة القومي اجتماعات برئاسة اللواء فضل الله برمة ناصر، الرئيس المكلف، ناقش خلالها مشروع “الخلاص الوطني”، الذي يطرح رؤية لإنهاء الحرب وبناء مستقبل السودان، وسط تأكيد على ضرورة وقف القتال فورًا.
ووفقا لبيان أصدره المجلس الثلاثاء، استهل المجلس اجتماعاته بالترحم على ضحايا الحرب، معلنًا تضامنه مع المدنيين وإدانته للانتهاكات الواسعة بحقهم، مشددًا على ضرورة مواجهة خطاب الكراهية والعنصرية، ووقف دوامة العنف التي تفاقم الأزمة.
وأجاز الحزب مشروعه السياسي بعد مراجعة نهائية، مؤكدًا أنه يمثل رؤية متكاملة لنزع مشروعية الحرب ومعالجة تداعياتها، وإطلاق عملية سياسية شاملة لترتيب المرحلة الانتقالية.
كما أشار إلى أن المبادرات السابقة، سواء الداخلية أو الخارجية، لم تنجح في تحقيق اختراق حقيقي حتى الآن.
وتركز رؤية الحزب على إطار جديد لإنهاء الحرب عبر التفاوض المباشر، بإشراف هيئة قومية تحظى بدعم وطني واسع، إلى جانب مصالحة وطنية تعزز وحدة السودان وتضمن اندماجه.
كما تتضمن طرح رؤية واضحة لترتيبات الانتقال المدني، تقوم على شرعية توافقية تفضي إلى شرعية انتخابية قائمة على تفويض شعبي، مع الدعوة إلى عقد مؤتمرات وطنية شاملة لوضع أسس بناء الدولة.
وأكد الحزب أن المشروع سيتم عرضه أولًا على تحالفاته السياسية، ثم على الأطراف الوطنية الفاعلة، قبل تقديمه إلى طرفي النزاع والمجتمعين الإقليمي والدولي، لحشد الدعم السياسي والإنساني اللازم.
كما شدد على استعداده لإدارة حوار سياسي مسؤول حول الأطروحة، وخارطة الطريق، ومصفوفة التنفيذ، بهدف تحقيق توافق واسع يمهد لإنهاء الحرب واستعادة الاستقرار.
خطر التقسيمأكد الحزب على أن السودان يواجه خطر الانزلاق نحو التقسيم وحرب أهلية شاملة، مما يستدعي حلًا سياسيًا شاملًا ينهي الصراع ويفضي إلى تحول مدني ديمقراطي يحقق العدالة والاستقرار.
يواجه السودان أوضاعًا معقدة في ظل استمرار النزاع المسلح بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، وسط تعثر المبادرات السياسية المطروحة لإنهاء الحرب.
ومع تزايد معاناة المدنيين نتيجة الانتهاكات الواسعة ونقص الخدمات الأساسية، تسعى القوى السياسية، التي من بينها حزب الأمة القومي لإيجاد حلول تُفضي إلى وقف القتال وتمهيد الطريق لمرحلة انتقالية تضمن الاستقرار والسلام.
ويشهد السودان منذ 15 أبريل 2023 نزاعًا مسلحًا بين القوات المسلحة السودانية بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف بـ”حميدتي”.
واندلع الصراع في العاصمة الخرطوم، وسرعان ما امتد إلى مناطق أخرى مثل دارفور وشمال كردفان وولاية الجزيرة، ما أسفر عن سقوط آلاف القتلى والجرحى، ونزوح الملايين داخليًا وخارجيًا، بالإضافة إلى تدمير واسع للبنية التحتية وتعطيل الخدمات الأساسية.
الوسومحرب الجيش والدعم السريع حزب الأمة القومي مجلس التنسيق