البوابة نيوز:
2025-04-24@08:19:48 GMT

محمد العشى.. بسالة الحلم والتحدى المشروع!

تاريخ النشر: 14th, December 2023 GMT

 

 فى البداية تعرفت عليه على أنه أحد الفنانين الهواة، الذين لا يملكون إلا الموهبة فقط، مع إجادتهم لإستخدام الوسائل التكنولوجية التى تيسر الكثير من العمليات المعقدة فى التأليف والتوزيع الموسيقى، ثم يستعينون بمتخصصين كى يكملون لهم الجانب المنقوص، فيكتبون ويصيغون لهم ألحانهم، كى يتم تقديمها بشكل محترف!..

ولكن فوجئت حين وجدته فنانا محترفا، يحرز أهدافا فى ملعب الكبار، وهو خريج كلية التجارة، ولم ينتم فى يوم من الأيام لأى مؤسسة تعليم موسيقى!.. فيتم تكليفه من كبار المتخصصين وأمهرهم بالتوزيع الأوركسترالى، فى مناسبات هامة يمثلون فيها إسم مصر!.. وتعجبت حين تناقشت معه ووجدته مدركا لأدق التفاصيل الفنية، والتى قد تغيب عن الدارسين، بسبب الإستسهال!.. ولأننى أدرك حتمية الدراسة فى هذه المجالات، وأن الموهبة وحدها لا تكف، كنت على يقين بأنه درس وتعلم، ولكن لم أتخيل أن يكون قد حصل هذا العلم بالجهد الذاتى!..وأنه لم يملك سوى الشغف والدأب، دون أن تتوفر له أى إمكانيات!..ورغم أنه لا يزال فى أوج عطائه الفنى والمهنى، إلا أن رحلة كفاحه ونجاحه أبهرتنى، ووجدتها قصة ملهمة، وخاصة فى زمننا الذى أصبح فيه الأغلبية يبحثون عن النجاح السريع، ويتعجلون النتائج دون أن يأتون بكل الأسباب!..ولد محمد العشى فى مدينة السويس الباسلة فى عام١٩٧٧، فى أسرة مثقفة، ولكن ليس لديها إهتمامات موسيقية.. فوالده هو الكاتب الصحفى حسين العشى الذى لقب بمؤرخ المقاومة الشعبية بالسويس، والذى أسس جريدة (الوعى)عام١٩٦٦، وقام بتأليف العديد من الكتب الهامة، وعمل أيضا رسام كاريكاتير، وكان له كتابات شعرية بالعامية، وعدة أغاني في الإذاعة المصرية.. وفى نفس الوقت عمل مديرًا عامًا لشركة بتروجاس بالسويس، ثم مساعدا لرئيس الشركة القابضة للغازات)..وكان نائبا بمجلس الشورى، ورئيسا لمجلس إدارة نادي منتخب السويس..أنجب حسين العشى محمد ووفاء، ونشأ الطفلان على الثقافة والأدب وفن الكاريكاتير، وسماع عبد الوهاب وأم كلثوم وغيرهما من أساطين الغناء.. ولكن لم يزد إهتمام الأسرة الموسيقى عن المتبع فى أغلب البيوت المصرية التقليدية، فلم تتفتح عين الأبناء على آلات موسيقية من حولهما مثلا، أو يجدوا إهتماما بإقتناء إسطوانات للموسيقى العالمية..ولكن لحسن الحظ إلتحق محمد بمدرسة، كانت هى الوحيدة بالسويس التى تملك غرفة مخصصة للموسيقى، وبمجرد دخوله لغرفة الموسيقى لأول مرة، شعر بإنجذاب جارف للبيانو، وأصبح يقتنص الثوانى والدقائق، كى يداعب البيانو بأصابعه ويسمع نغماته، وتطور حبه للموسيقى وأصبح يقضى ساعات فى محاولة عزف بعض الألحان التى يحبها، وكانت المفاجأة حين أهداه والده أورج صغير بعد عودته من الحج..ولكن رغم ثقافة الأب ووعيه وسعة أفقه، إلا أنه بمجرد أن شعر بتعلق إبنه البكرى بالموسيقى وميله الكبير لها، رفض ذلك وحارب موهبته بكل قوة، وكان دائم الخلاف معه، وخاصة لصرامته الشديدة معه، كما هو متبع من الكثير من الآباء، والذين يظنون أن ذلك هو الطريق كى يرث أبناؤهم منهم القوة والصلابة.. ولم يجد الإبن سوى حضن جدته لأمه، والتى كانت تشجعه وتدعمه بقوة وتحميه، فكان بيتها هو ملاذه الآمن، وقضى فى غرفته فى منزلها -والتى ولد بها أيضا- أجمل سنوات عمره..كان حزنه شديدا عندما فقد الأورج الذى يقتنيه، ولم يستطع شراء غيره، ولم يجد أمامه سوى رسم مفاتيح الأورج على المكتب، وكان يقضى الساعات وهو يقوم بتدريب أصابعه على المكتب وكأنه بيانو!..كان محمد شغوفا بالموسيقى، محبا لكل ما يتعلق بها، فأخذ المناهج الموسيقية المقررة فى التعليم الأساسي على محمل الجد، وبدأ يتعلم قراءة النغمات والإيقاعات، ويحاول تطبيق ما يتعلمه على الأغانى التى يعرفها..وفجأة قرر أن يدخل مسابقة تابعة لوزارة التربية والتعليم عن المحافظة، فحقق المركز الثانى وهو فى الصف الأول الإعدادى، ثم المركز الأول فى السنتين التاليتين، وعلم نفسه عزف الماندولين، والجيتار، وحاول أيضا تعلم الفيولينة.. وحين أصبح فى الصف الأول الثانوى أصبحت وزارة التربية والتعليم تستعين به لتدريب الطلاب فى مدارس أخرى بالسويس، وكان يتقاضى ثلاث جنيهات عن الحصة!..ولشدة شغفه بالموسيقى وتعلمها، كان يدخر مصروفه، كى يأتى إلى القاهرة يوم الجمعة بسيارة أجرة، كل أسبوعين أو ثلاثة تقريبا، ويذهب من الموقف إلى محل بابازيان فى عماد الدين على قدمه، وفقا لوصف بعض أصدقائه الأكبر سنا، ولم يكن يشعر بأى تعب، وإستمرت تلك الرحلة لثلاث سنوات تقريبا، كى يشترى بعض النوت الموسيقية العالمية والكتب التعليمية..وكان يذهب من وراء والديه، ولكن بعلم جدته ومعونتها..أدرك محمد مبكرا أن الله قد منحه موهبة، وأراد أن يثقلها، فلم يكتف بتعلم النوتة الموسيقية، بل حاول تعليم الهارمونى لنفسه، وكان يقضى ساعات محاولا تحليل ما يقتنيه من مقطوعات عالمية، كى يفهم طريقة البناء الهارمونى، وطرق التعبير دراميا بالموسيقى..وشارك فى تكوين فرق موسيقية فى السويس مع زملائه الهواة، وكان الصدام شديدا مع والده السياسي البارز فى السويس، حين يذهب إلى إحدى الحفلات أو الأفراح ويجد إبنه فى الفرقة الموسيقية!.. ورفض الأب بشكل قاطع أن يلتحق إبنه بكلية موسيقية بعد الثانوية العامة، فإلتحق بكلية التجارة، لكنه لم يستسلم، وأصر على حلمه، فكان يذهب إلى كلية التربية النوعية بجامعة قناة السويس، ليتعلم من المعيدين والاساتذة قدر إستطاعته..وكانت المرة الأولى التى يفتخر والده بموهبته، حين أُعلن فى التليفزيون فوزه بالجائزة الأولى لقصور الثقافة على مستوى الجمهوية!..فأهداه والده أورج جديد بعد كل تلك السنوات!..لم يترك محمد أى فرصة تجمعه بالموسيقى، فشارك مبكرا فى أنشطة قصور الثقافة، ووضع موسيقى لبعض المسرحيات، وشارك فى فرق الجامعة، وكان يقوم بتدريب الكورال والفرق..وحرص دائما على التعلم وإكتساب مهارات جديدة فى التأليف والتوزيع الأوركسترالى، رغم الفرص التى أتته مبكرا بالتوزيع لكبار المطربين، ووضع الموسيقى التصويرية للعديد من الأعمال الدرامية..وكان من الممكن أن تفقده شغف الإستزادة من العلم..لكنه لم يكتف بالتعلم الذاتى للعلوم الموسيقية نظريا وتطبيقيا..وإشترى المناهج الكاملة لكليات(تيرينتى وبيركلى)الموسيقية، ووجد أن تلك المناهج كان قد تعلمها بالفعل أثناء رحلته الدوؤبة!..لذلك لم يكن غريبا بعد هذه الرحلة شديدة الصعوبة، والتى بدأت بشغف العلم لتحقيق الحلم، أن نراه أحد الأسماء الهامة فى المجال الموسيقى، ونجد إسمه بارزا فى المحافل الدولية، بما إمتلكه من شغف وإصرار وإخلاص وجدية، رغم ضعف الإمكانات!

*أستاذة بأكاديمية الفنون

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الوسائل التكنولوجية

إقرأ أيضاً:

محافظ بني سويف يهنئ الشباب والرياضة بفوز بسمة رمضان بـ 3 ميداليات ذهب

تقدم الدكتور محمد هاني غنيم محافظ بني سويف ، بالتهنئة لمسؤولى قطاع الشباب والرياضة ، بفوز" ابنة بني سويف"  لاعبة المنتخب المصري من  المشروع القومي للموهبة والبطل الأوليمبي الرباعة" بسمة رمضان" وحصولها عل 3 ذهبيات في بطولة إفريقيا لرفع الأثقال ضمن منافسات دورة الألعاب الأفريقية التى  تستضيفها موريشيوس  في الفترة من 20 إلى 29 أبريل الشهر الجاري.

وأشاد المحافظ بأداء  اللاعبة في البطولة، ومثمناً حصولها على المركز الأول،متمنيا لها مزيد من الإنجازات لها ولوطنها مصر ،وذلك تحت إشراف : الدكتور محمد الكردى وكيل الوزارة رئيس الادارة المركزية للأداء الرياضى بوزارة الشباب والرياضة وإشراف الأستاذ هشام الجبالي مدير عام مديرية الشباب والرياضة والدكتور تامر عبدالعظيم مدير عام الإدارة العامة لبرامج الموهبة الرياضية بالوزارة والدكتور أبو الخير عبد التواب وكيل المديرية للرياضة، والجهاز الفنى والادارى للبعثة كابتن علاء الدين حسن المدير الإداري للمنتخبات القومية لرفع الأثقال ، كابتن  أحمد محمد عبد العزيز المدير الفني للمنتخب لرفع الأثقال ومدرب اللاعبة بالمشروع ببنى سويف ، مدربى المشروع ببنى سويف ( كابتن أحمد محمد عبد العزيز ، كابتن مصطفى محمد عبد العزيز ) ،ومدير المشروع ببنى سويف كابتن إيمان حسين

وأضاف " الجبالي" أن البطلة "بسمة" مثلت منتخب مصر لرفع الأثقال ولاعبة المشروع القومى للموهبة والبطل الأوليمبي ببنى سويف وهي واحدة من 4  لاعبين ولاعبات يمثلون منتخب مصر ، حيث حصلت على ثلاث ميداليات ذهبية في البطولة ( ذهبية الخطف برفع ثقل وزن 49 كجم وذهبية الكلين والنتر برفع ثقل 68 كجم وذهبية المجموع بمجموع 156 كجم في منافسات وزن 49 كجم، لتضاف إلى رصيدها من الألقاب والميداليات على الصعيدين المحلي والدولى، موضحا  أن المشروع القومي للموهبة والبطل الأولمبي يتم دعمه من قبل الوزارة وتحفيز من وزير الشباب والرياضة   الدكتور أشرف صبحي.

مقالات مشابهة

  • اللواء محمد إبراهيم الدويري: سيناء رمز السيادة وعنوان الإرادة
  • محافظ بني سويف يهنئ الشباب والرياضة بفوز بسمة رمضان بـ 3 ميداليات ذهب
  • وكيل الأزهر: المرأة أكثر حظا في الإسلام ولكن لمن يفهم الأحكام التشريعية
  • كلية علوم الرياضة بجامعة قناة السويس تنظم مؤتمرها الطلابي السنوي الثامن.. 27 أبريل
  • محمد فاضل: حصلت على جائزة النيل للفنون ولكن تكريم ماسبيرو له طعم خاص
  • قيادي بـالمؤتمر: تدشين أول منشأة كيميائية خضراء بمحور قناة السويس نقلة نوعية في مسيرة التحول للاقتصاد الأخضر
  • ازدواج ورصف طريق رأس البر الغربي وخط المياه الناقل
  • شعبة المصورين بنقابة الصحفيين: زعلنا الكبير من محمد السباعي وزوجته وكان هناك سب وقذف غير لائق
  • انطلاق فعاليات مؤتمر البحوث الطلابية بـ "زراعة قناة السويس"
  • "هندسة السويس" تطلق فعاليات المؤتمر السنوي للبحوث الطلابية