شهد حفل افتتاح مهرجان الجونة السينمائي في دورته السادسة، عرض فيلم عن الاحتفاء بالسينما الفلسطينية التي يخصص المهرجان لها برنامج خاص بعنوان، «نافذة على فلسطين»، والذي يعرض مجموعة من أهم الأفلام التي تتعمق في قلب القصص الفلسطينية، وهذا القسم تم اختيار أفلامه بعناية بهدف تسليط الضوء على التحديات التي تواجه هؤلاء البشر الصامدين كمحاولة لدعوة الجمهور نحو فهم أعمق للتجارب الإنسانية في فلسطين.

برنامج نافذة على فلسطين

ويلخص «نافذة على فلسطين» بشكل مثالي جوهر هذه الرحلة السينمائية حيث يدعو المشاهدين لإلقاء النظر على الحياة غير المرئية والقصص التي لم تروى، ومن خلال هذا القسم، والذي تم تنسيق معظم أفلامه بالتعاون مع مؤسسة الفيلم الفلسطيني، ويهدف مهرجان الجونة إلى التركيز على القصص التلقائية التي تستحق أن تسمع، مانحًا فرصة لتلك الأصوات التي تم تجاهلها منذ زمن طويل، ويؤكد هذا القسم الخاص التزام المهرجان بدعم القضية العادلة للشعب الفلسطيني. 

أفلام السينما الفلسطينية في مهرجان الجونة

وتشمل الأفلام المعروضة في القسم مجموعة من القصص المدهشة، ويقدم فيلم «الإسعاف» للمخرج محمد الجبالي في صيغة الراوي وصفا للحرب في غزة في عام 2014، وتكشف القصص وراء أعمال العنف المتكررة. في فيلم «وداعا طبريا»، تلتقط المخرجة لينا سويلم الرحلات الشخصية لأربعة أجيال من النساء الفلسطينيات الجريئات، كل واحدة منهن تؤثر في العالم على الرغم من هويتها المرتبكة.

وفي فيلم «الواقي الرصاصي» يتناول المخرجين عرب وناصر طرزان بشكل كوميدي حرب غزة، حيث يعرضان التحديات التي يواجهها زوجان فلسطينيان يحاولان ممارسة العلاقة الحميمة وسط القصف الإسرائيلي المدمر.  فيلم التحريك المؤثر «الرسم من أجل أحلام أفضل» للمخرجة مى عودة  يسلط الضوء على نضالات الأطفال الفلسطينيين في الأراضي المحتلة وكيف يتعاملون مع الحياة من خلال رسوماتهم بقلم التلوين، ويؤكد على أهمية السماح للشباب بالحلم والأمل.

ويروى فيلم يسري نصر الله «باب الشمس» ملحمة فلسطينية ممتدة على مدار 50 عاما تاريخ من المعاناة والأمل والحب، وفيلم «ليست فقط صورتك» إخراج آن باك ودرور ديان يتناول رحلة مأساوية لأشقاء ألمان-الفلسطينيين يسعون لتحقيق العدالة لعائلاتهم بعد غارة جوية إسرائيلية على غزة. 

ويقدم فيلم «بلا سقف» إخراج سينا سليمي نظرة ثاقبة  حول الواقع المتناقض في غزة مانحاً المشاهدين فرصة للتأمل في فكرة البقاء وسط التهديدات المستمرة. وفي فيلم «الشجاعية» للمخرج محمد المغني، تعيش عائلة تقليدية في غزة حالة من الفوضى بعد أن دمرت التفجيرات منزلها.

فيلم «الأستاذ» إخراج فرح نابلسي يتناول بعمق الإحباطات اليومية وحالة الغضب الذي يعيشه الفلسطينيون، ويوضح تأثير الحياة في بيئة يسيطر فيها أفراد يحملون أسلحة نارية ويملون على الأفراد ما يفعلونه وما لا يفعلونه أو كيف يمكنهم أن يعيشوا حياتهم 

فيلم «إلى أبي» إخراج عبدالسلام شحادة يستكشف التاريخ العربي والفلسطيني، موضحا قدرة التغيير التي تحدثها الصور الفوتوغرافية.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: مهرجان الجونة الجونة السينمائى افلام فلسطين مهرجان الجونة

إقرأ أيضاً:

القصص الصامتة لمن لا صوت لهم

 

محمد بن أنور البلوشي

في كل زاوية من زوايا العالم، تتكشف القصص، مكونة شبكة مُعقدة من التجارب الإنسانية. بعض القصص تجلب الفرح، فتملأ القلوب بالسعادة، بينما تثير قصصٌ أخرى الحزن، تاركة في نفوسنا شعورًا بالأسى. ومع ذلك، ورغم تنوع القصص التي تحيط بنا، لا تُسمع كل الأصوات التي تقف وراءها. وتصل بعض الأصوات إلى آذاننا بوضوح وقوة، بينما تظل أخرى صامتة بشكل مأساوي، مطموسة بفعل اللامبالاة أو الغموض.

خذ لحظة للتفكير؛ ألا تشعر بالغضب عندما تسمع عن زوجة تُساء مُعاملتها من قبل زوجها؟ ألا تشعر بالحزن عندما تعلم أنَّ موظفًا تمَّ فصله بشكل غير عادل؟ ألا تشعر بالإحباط عندما ترى شخصًا يُكافح للحصول على الدعم، ولكنه لا يجد أحدًا يساعده؟ هذه قصص تصرخ طلبًا للانتباه، ولكنها غالبًا ما تبقى غير مسموعة. الواقع المحزن هو أنه في حين أن بعض الأفراد يمكنهم مشاركة قصصهم مع العالم، يظل الكثير من الناس بلا صوت، يذوبون في غياهب النسيان حيث لا تجد صرخاتهم من يجيبها.

في عالم اليوم السريع الخطى، أصبحت الأخبار جزءًا أساسيًا من حياتنا. كأفراد، لدينا الحق في معرفة ما يحدث حولنا، وأن نكون على دراية بالأحداث التي تشكل عالمنا. لكن كيف نتلقى هذه الأخبار، والأهم من ذلك، كيف نعرف أنها موثوقة؟ هنا يظهر الدور الحقيقي للإعلام والصحافة. في بعض أجزاء العالم، يعمل الإعلام كقوة قوية، مضاعفًا أصوات من لا صوت لهم، ويقف كحارس للحقيقة والعدالة. في أماكن أخرى، مع ذلك، يكون الإعلام صامتًا، غير قادر—أو غير راغب—في أن يكون الصوت الذي يجب أن يكونه.

الصحافة في جوهرها مهنة محفوفة بالمخاطر. فقد العديد من الصحفيين حياتهم في سبيل كشف الحقيقة، مُضحين بسلامتهم لإبلاغ الجمهور. وقد قال الأمريكي الشهير هنري وارد بيتشر ذات مرة: "الصحف هي المُعلِّم للناس العاديين". ولكن اليوم، يجب أن نسأل: هل الصحافة تؤدي حقًا دورها كصوت لمن لا صوت لهم؟

لفهم هذا الموضوع بعمق، يجب أولاً أن نحدد من هم الأشخاص الذين لا صوت لهم. الحقيقة هي أن الأشخاص الذين لا صوت لهم موجودون في كل مكان، يعيشون بيننا. وربما تكون أنت واحدًا منهم. النساء في جميع أنحاء العالم يكافحن من أجل حقوقهن الأساسية، لكن مناشداتهن غالبًا ما تقع على آذان صماء. الأطفال في العديد من المناطق يحلمون بالذهاب إلى المدرسة، لكنهم يفتقرون إلى الموارد اللازمة لجعل أصواتهم تُسمع. كبار السن، اللاجئون، الفتيات الصغيرات، والعديد من الآخرين من جميع الأجناس واللغات يعيشون على الهامش، حيث تظل قصصهم غير ملاحظة وغير مروية.

إنها مسؤولية الإعلام تسليط الضوء على هؤلاء الأفراد وتجاربهم، لكن في كثير من الأحيان، يتم تجاهل أولئك الذين هم في أمس الحاجة إلى الانتباه. في كثير من الحالات، تُعطي وسائل الإعلام الأولوية للإثارة أو الأجندات السياسية، متجاهلة القصص الملحة لمعاناة الإنسان التي تمر دون أن تُلاحظ.

تجربة شخصية مررتُ بها قبل عام تبرز كمثال على هذه القضية. بعد أن أوصلت عائلتي إلى مطار مسقط، لاحظت رجلاً وصل لتوه إلى عُمان، وكان ينتظر رحلة إلى صلالة. وكان قد فاتته رحلته وكان عالقًا في المطار لمدة يوم، غير متأكد مما يجب عليه فعله بعد ذلك. لم يكن يتحدث الإنجليزية أو العربية، ولم يكن هناك أحد ليُساعده. أثناء مراقبتي له، أصبح من الواضح أنه كان يشعر بالضياع تمامًا، وكانت عيناه محمرتين من قلة النوم والإحباط.

في تلك اللحظة، لم أستطع إلّا أن أتساءل: ماذا لو كنت أنا ذلك الرجل؟ ماذا لو كنت أنت الشخص الذي تُرك عالقًا في بلد أجنبي، دون القدرة على التواصل أو العثور على المساعدة؟ ماذا لو كنت المرأة التي تُساء مُعاملتها باستمرار من قبل زوجها، ولا يوجد أحد ليسمع صرخاتك من أجل العدالة؟ ماذا لو كنت لاجئًا، محرومًا من الاحتياجات الأساسية مثل الطعام والماء والمأوى؟ وماذا لو، في اللحظة التي كنت في أمس الحاجة فيها إلى أن تُخبر قصتك، رفض الإعلام أن يكون صوتك؟

هذه ليست أسئلة افتراضية، إنها الحقائق القاسية التي يواجهها عدد لا يحصى من الأفراد كل يوم. إن الشعور بفقدان الصوت هو تجربة عميقة للعزلة، واحدة تآكل شعور الشخص بالكرامة والإنسانية. ومع ذلك، كل شخص، بغض النظر عن ظروفه، لديه قصة تستحق أن تُروى. والسؤال هو: من سيرويها؟

تخيَّل للحظة ما يشعر به الشخص الذي لا صوت له. تخيل أن لديك قصة، رواية شخصية عميقة تريد للعالم أن يسمعها. تبدأ في كتابتها، لكن قبل أن تتمكن من إكمالها، تُقطع حياتك. ماذا سيحدث لقصتك؟ هل ستختفي معك؟ هل سيتولى شخص آخر الأمر ويشاركها مع العالم، أم ستظل إلى الأبد غير مروية؟ وإذا اختار الإعلام- المؤسسة التي من المفترض أن تضخم مثل هذه القصص- ألا يستمع، كيف سيتم سماع قصتك؟

هذا هو التحدي الذي يواجهنا. كل شخص، من المرأة التي تُساء معاملتها إلى المسافر العالق، يحمل قصة بداخله. إنها مسؤولية المجتمع، وخصوصًا الإعلام، أن يضمن أن تلك القصص تُروى.

فقدان الصوت ليس مجرد مأساة شخصية، إنه فشل اجتماعي. يجب علينا أن نطالب بأن يرتقي إعلامنا إلى مستوى مسؤوليته، وأن لا يغض الطرف عن معاناة المنسيين. فقط عندها يمكننا أن نضمن أن كل قصة، مهما كانت صغيرة أو صامتة، لن تظل غير مروية.

مقالات مشابهة

  • «الوطني الفلسطيني» يدعو المجتمع الدولي للتعامل بشكل عملي مع القرارات الأممية التي تدعم القضية الفلسطينية
  • الرئاسة الفلسطينية تدين وتستنكر العمليات الإرهابية التي يتعرض لها لبنان
  • 47 فيلما تتنافس على جوائز الدورة الثانية لمهرجان الغردقة لسينما الشباب
  • نادي سينما المرأة يعرض أفلام مهرجان بردية السينمائي
  • بن حبتور يفتتح أول وكالة سيارات كهربائية باليمن
  • فيلم أهل الكهف في المركز الأخير بالسينما.. حقق 1012 جنيها خلال يوم واحد
  • «مهرجان البدر».. خط حرّ وقصص مشوّقة للأطفال
  • مهرجان البدر يستضيف ورشتين للخط وقصص الأطفال
  • القصص الصامتة لمن لا صوت لهم
  • انتعاشة في إيرادات الأفلام بالسينما.. حققت 2.2 مليون جنيه في 24 ساعة