ما زلنا فى رحاب أجواء الانتخابات الرئاسية التى جرت مؤخراً، والتى أكدت أن مصر بدأت مساراً ديمقراطياً جديداً لم تعهده من ذى قبل، بعد تجميد الحياة السياسية لعدة عقود من الزمن بعد ثورة 23 يوليو 1952، وجاءت ثورة 30 يونيو 2013، لتضع الأمور فى نصابها الحقيقى، وتسعى إلى تفعيل الحياة السياسية والحزبية كما ينبغى أن تكون وكما يطلبها الشعب المصرى العظيم.
الإرادة السياسية التى تقوم بها الدولة المصرية حالياً بشأن تفعيل الحياة السياسية والحزبية، تؤكد الدخول فى المسار الديمقراطى الصحيح الذى يتغياه المصريون، وكان الدليل واضحاً وظاهراً من خلال تفعيل حقيقى لمواد الدستور، خاصة المادة الخامسة التى تقضى بالتعددية السياسية والحزبية والتداول السلمى للسلطة، وفى ظل هذه الإرادة السياسية، وجدنا أربعة مرشحين فى السباق الرئاسى من أحزاب سياسية مختلف، ما يعنى وجود تفعيل حقيقى لمسار الديمقراطى. وكما أن هذه الإرادة السياسية كانت وراء تشكيل الهيئة الوطنية للانتخابات التى لعبت دوراً مهماً ورئيسياً وعظيماً فى تنظيم الانتخابات طبقاً للقانون والدستور. وأدارت العملية الانتخابية بجدارة فائقة من أولها حتى آخرها الذى سيتم فيه إعلان الفائز برئاسة الجمهورية يوم الاثنين القادم.
وفى طريق المسار الديمقراطى السليم، وجدنا تنفيذ توصيات الحوار الوطنى الأولية محل تنفيذ فى الإشراف القضائى الكامل على العملية الانتخابية من أولها إلى آخرها، وهذا تنفيذ لما طلبته كل القوى السياسية والحزبية بلا استثناء، بل إن كل المطالب التى تساعد على تفعيل المسار الديمقراطى، وجدناه محل تنفيذ بشل لافت للأنظار، ما يؤكد تفعيل حقيقى للإرادة السياسية بشأن الحربة والديمقراطية وحقوق الإنسان ورغم أن مطالب القوى السياسية والحزبية كانت تواجه العقبات الشديدة بل أحياناً السخرية منها، إلا أنه بعد ثورة 30 يونيو، وحتى الحوار الوطنى الذى يستأنف أعماله قريباً، تغيرت وتبدلت الأمور تماماً، وكل ذلك يؤكد يقيناً أن الدولة المصرية تسير فى الاتجاه نحو الديمقراطية الحقيقية القائمة على سلطة الشعب.
إذن مصر تخطو خطوات صحيحة نحو الديمقراطية التى يريدها المصريون، وهذا ما كشفت عنه الانتخابات الرئاسية من خلال هذا الإقبال الواسع على التصويت فى ظل مرشحين أربعة من تيارات سياسية مختلفة، وهذا يبشر بأن القادم أفضل كثيراً مما مضى، فتحيا مصر ويحيا شعبها العظيم الذى يستحق كل تقدير.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: على طريق الديمقراطية الانتخابات الرئاسية مصر فيها المصريون السیاسیة والحزبیة
إقرأ أيضاً:
سامح فايز يكتب: الحرب الثقافية (3)
الغالبية المؤثرة فى تناول ملف الإسلام السياسى تركز حديثها فى منطقة ثابتة ومعروفة؛ العمل المسلح والنظام العسكرى للجماعات الدينية المتطرفة.
ومع الوضع فى الاعتبار أهمية تلك المسألة للأجيال الحالية والمقبلة حتى لا ننسى الدم الذى أحدثه تيار الإسلام السياسى، فإننا يجب أن ننتبه إلى أن تلك التنظيمات طالها التطور فى آليات العمل، والتأثر بسطوة تكنولوجيا المعلومات، وأصبحت المخاطر التى تأتى من خلفها أكبر من فكرة إطلاق الرصاص وتفجير العبوات الناسفة!
بالعودة إلى التاريخ وبدايات تأسيس جماعة الإخوان الإرهابية سنجد من اللافت للانتباه فى مسألة النظام الخاص (الجناح العسكرى لتنظيم الإخوان) أن أحد أهم المسئولين عنه فى حياة «حسن البنا»، «صالح عشماوى»، هو نفسه رئيس تحرير جرائد ومجلات الإخوان حتى وفاته فى الثمانينات.
الجرائد والمجلات وطباعة الكتب من أهم الأقسام داخل تنظيم الإخوان المحاطة بالسرية الشديدة، واهتم بها حسن البنا منذ بدايات تأسيس الجماعة، ومنذ اللحظة الأولى للتأسيس ظهر حجم الدور الكبير للإعلام فى توجيه دفة المعارك لصالح المنتصر، الدور الذى أصبح السلاح الأهم والأكبر فى حروب الجيل الرابع والخامس والسادس التى نعيشها اليوم.
أهمية ذلك الدور سنعرفها لاحقاً مع سطوة التكنولوجيا، عندما يصبح فى يد كل منا هاتف خلوى ذكى (Smart Phone) يراقب كل نفس نتنفسه، ويبيع بيانات المستخدمين لمن يدفع أكثر، لدرجة أنك تفاجأ فى بعض الأحيان بمنصة فيس بوك وهى تعرض عليك إعلانات لأشياء لم تخرج من حيز تفكيرك العقلى بعد، أو ربما تحدثت فيها عبر الهاتف مع صديق مقرب منذ لحظات.
«حسن البنا» كان يسعى منذ اللحظة الأولى لاختراق أى وسيط يستطيع من خلاله مخاطبة الشباب وطلاب المدارس والجامعات، فالطالب يحمل طبيعة فى تلك السن تتسم بالتمرد والإقبال على الحياة والفضول فى اكتشاف كل جديد دون حساب للمخاطر.
استخدم «حسن البنا» فى ذلك السبيل «فرق الكشافة» والتى من خلالها يستطيع الشباب أن يُخرجوا الطاقة الكبيرة بداخلهم. وفى نفس الوقت يتمكن التنظيم من اختيار النوعيات الأفضل والتى يمكن توظيفها فى تشكيلات النظام المسلح.
لم يتوقف «حسن البنا» عند فرق الكشافة فقط، بل استطاع توظيف شركات صناعة الكتب والمطابع والتى من خلالها يستطيع التحكم فى كل كلمة مقروءة من الممكن أن تصل للشباب ويفرض عليها الطابع الثقافى الذى يخدم التنظيم وأفكاره.
المسألة التى تبدو معقدة أمامك هى فى غاية البساطة شريطة المداومة والاستمرارية فى تنفيذ أهدافها خلال السنوات المتعاقبة دون توقف، حتى تتحول بكل بساطة إلى أداة تستطيع التحكم بها فى الوقت الذى تظن فيه أن كل ما حدث كان باختيارك الحر، برغبتك الكاملة، لكن الحقيقة أيها القارئ العزيز أن العالم من حولنا تعيش فيه المئات من أجهزة الاستخبارات التى لا تتوقف عن دراسة سلوكياتك حتى تعرف كيفية التحكم فيك، والتنبؤ بخطواتك المقبلة والسيطرة عليها.
فى تلك اللحظة ستجد أن الدول المعادية لن تحتاج إلى طائرات وأسلحة ثقيلة لخوض حرب مع الخصم، بل يكفى فقط أن تتحكم فى عقول شعوب تلك المناطق!
المتابع للقضايا الفارقة فى تاريخ الإخوان سيجد أن الكتب والأفكار كانت محوراً أساسياً فى تلك القضايا، أهمها قضية «سلسبيل» المتهم فيها أهم قادة الإخوان، فى المقدمة منم نائب المرشد «خيرت الشاطر»، ونُسبت القضية إلى شركة «سلسبيل» التى أسسها «الشاطر» للعمل فى مجال الحاسبات ونظم المعلومات.
والأهم فى تلك القضية أن الشركة تأسست عام 1992، وهى فترة لم يكن مجال الحاسبات قد انتشر بالشكل الذى يشجع على الاستثمار فيه، لكن الحسبة للمشغل لتلك التنظيمات ليست الاستثمار المادى، إنما الاستثمار فى المستقبل الذى سيحاربون الدول من خلاله لاحقاً!