بوابة الوفد:
2025-01-27@13:50:06 GMT

كثيرة العشاق (53)

تاريخ النشر: 14th, December 2023 GMT

ونختتم الحكاية, رد «نوبار» على رئيس وزراء تركيا قائلا: «ولكن» «حق الانتفاع» سيُصبح «سرابًا» إذا لم يكن لدينا سلطة تهذب الشجرة كما ينبغي, وتقلب الأرض حول جذورها, ويسمح لمصر أنْ تصنع تطورها بنفسها بحرية, فهى لا تطلب أكثر من ذلك: الفصل التام بين إدارتنا وإدارة الإمبراطورية, والهدف الحفاظ على الشجرة وصيانتها لكم ولنا.

وأخيرًا وافقتْ «الأستانة» على منح مصر حق إدارة شئونها ورفض حقها فى وضع ترتيبات جمركية مع الدول الأخرى, فقال نوبار للوزير التركى «كيف تكون إدارة بدون جمارك؟ ما فائدة الإدارة بغيرها؟, إنكَ تعطينى بيد ما تأخذه باليد الأخرى», وبعد جدال طويل وافقتْ الأستانة على منح مصر حق وضع ترتيبات وعقد اتفاقيات جمركية بشرط أنْ تخضع هذه الترتيبات لموافقة الباب العالي، ولكن نوبار أصرّ على إلغاء هذا الشرط، وبعد جدال جديد وافقتْ الأستانة على مطلب نوبار بشرط ألا يكون لهذه الاتفاقيات الجمركية طابع سياسي, وكان من بين إنجازات نوبار فصل القضاء عن الإدارة.

وعندما طلب إسماعيل إلغاء إحدى الصحف الفرنسية التى تـُطبع فى مصر، وتطعن فى الحكومة المصرية، حدثتْ أزمة بين مصر وفرنسا التى شنــّـتْ هجوما ضاريًا  على مصر، فقام نوبار بدعوة كل القناصل الأجانب إلى اجتماع وطلب منهم أنْ يحكموا فيما إذا كانت قنصلية فرنسا مصيبة أم مخطئة؟ وفى نفس الوقت هدّد نوبار بالقبض على كل فرنسى يحمل سلاحًا, وبعد المناقشة اتفق القناصل على أنّ قنصل فرنسا مُخطىء فى تصرفاته, وتدخــلتْ الحكومة الفرنسية لتهديد مصر بمخاطبة الأستانة, ثم طلبتْ تعيين ثلاثة من قناصل الدول الكبرى للتحكيم فى الخلاف وهم قناصل بريطانيا وإيطاليا وألمانيا.

وكان السؤال المطروح: هل من حق البوليس المصرى الاستيلاء على جريدة ممنوعة وتـُباع فى الشوارع؟ وكان الحكم بالاجماع مؤيدًا لرأى نوبار ضد القنصل الفرنسي, وكتب مسيو دى فوجيه -أحد مشاهير كتاب فرنسا- «لقد اكتشفَ «نوبار» وسيلة المراقبة الوحيدة الفعالة لوضع حد لاستبداد الحكومة فى الشرق, وستبقى ذكراه ملازمة لفكر قوى عظيم أبرزه إلى حيز الفعل, وهو إنهاض الشرق من خلال عدالة تحمى أبنائه من الظلم, لقد شيّـد المصريون القدماء الأهرام.. والآن يُـشيّـد «نوبار» فى مصر أثرًا باقيًا خالدا».

وفى مارس 1878 تقرّر تشكيل لجنة للتحقيق فى أحوال مصر المالية فطلب إسماعيل من «نوبار» مواجهة تلك الأزمة, فقال له «نوبار» (يجب على سموكم التنازل عن كل ممتلكاتكم، وإنْ لم تفعل ذلك ستفقد مصر، رفض الخديو طلب «نوبار», ولكنه بعد فترة وافق على التنازل عن كل أراضيه للدولة، على أنْ تـُخصص الحكومة له ولأسرته مبلغـًا سنويًا يعيش منه قدره نصف مليون جنيه.

وبعد أنْ تواطأ توفيق مع الإنجليز، وتمّ خلع إسماعيل سافر نوبار إلى باريس فسأله الصحفيون: ماذا حدث فقال «إنّ ما يشغلنى الآن شىء آخر, وهو العودة إلى مصر, لأننى أتلهف على رؤية القاهرة وأتطلع إلى مآذنها وأضوائها التى تنعكس على جبل المقطم فتتحول إلى ومضات خافتة وردية, وأرى الأهرامات والنيل وأهل مصر الذين أحبونى وأطلقوا عليّ اسم «أبو الفلاح», وكتب فى مذكراته «كانت مصر تبدو أمامى عظيمة, تستحق أنْ تكون مُرفهة مستقلة, تـُقرّر مصيرها بنفسها, وشعبها المُـتعطش للعدالة, ومن أجل تحقيق هدف العدالة كنتُ مستعدًا للتضحية بكل شىء.. ثروتى بل حياتى نفسها.

يعتبر «نوبار» باشا أول رجل دولة فى مصر فى القرن 19 ينادى بمبادئ الإنسانية والعدالة الاجتماعية، فى وقت كان الرأى ينبع من مجتمع الصفوة، وبسبب المرض استقال فى ثالث فترة لتولية الوزارة، وانسحب من الحياة العامة وذهب إلى باريس، حيث توفى هناك فى14 يناير 1899 ولكنه دفن بالإسكندرية.

وفى عام 1903 أقيم تمثال من البرونز فى حديقة عامة بالإسكندرية لنوبار, وظلّ التمثال فى مكانه حتى يوليو1952، حيث تمّ رفع التمثال ودفنه فى متحف غير مشهور.

حفظ الله مصر وأهلها.

 

[email protected] 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: ندى صلاح صيام الحكاية نوبار رئيس وزراء وزراء تركيا رئيس وزراء تركيا

إقرأ أيضاً:

إسماعيل الليثي يوجه رسالة لأهالي الشهداء

أكد المطرب إسماعيل الليثي، أنه يقدم التهنئة لجميع المصريين بعيد الشرطة الـ 73، وأن مصر في أمن وأمان بجهود رجال الشرطة والقوات المسلحة.

وأضاف المطرب إسماعيل الليثي، في تصريحات تليفزيونية، أنه شارك من قبل في أغاني وطنية وفي احتفالية عيد الشرطة، وأنه مستعد في أي وقت للمشاركة في أي عمل.


ووجه المطرب إسماعيل الليثي، رسالة لأهالي الشهداء، قائلا "انا حاسس بوجعكم بس هم شهداء، وفي مكانة تانية، وعليكم أن تفخروا بهم، والأمان الذي نعيشه جاء بسبب الشهداء، وابنى ضاضا توفى خلال العام الماضي الفراق صعب".

مقالات مشابهة

  • إسماعيل عبد المعين (1-10): وأي فتىً أضاعوا !!
  • وافقت على جميع شروط ترامب.. البيت الأبيض يلغي التعريفات الجمركية على كولومبيا بعد قبولها استقبال المهاجرين دون قيود
  • البيت الأبيض: كولومبيا وافقت على جميع شروط الرئيس ترامب
  • باحثة سياسية: إسرائيل وافقت على الهدنة في غزة تحت الضغط
  • إجراء عملية تثبيت كسور بالوجه والفك لطالب في القليوبية
  • إيساك يقود نيوكاسل للفوز على ساوثهامبتون بثلاثية
  • سرقات ونهب وحرق أقسام.. أحمد موسى: 2011 شهدت أحداث فوضى كثيرة
  • إسماعيل الليثي يوجه رسالة لأهالي الشهداء
  • المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي: مقتل 841 جنديا والإصابات كثيرة جدا.. وسنواصل الحرب على كل الجبهات
  • بروف شمو شاع الدين مازالت ذكراك جرسا يدق في عالم النسيان