الفيلي: امريكا تترك هامشاً كبيراً للحكومة العراقية لمعالجة استهداف قواعدها وسفارتها
تاريخ النشر: 14th, December 2023 GMT
اعتبر أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية، عصام الفيلي، الرد الامريكي على الهجمات التي تتعرض لها في العراق وسوريا، هو استراتيجية معلنة، لاسيما ان الدستور الامريكي يتحدث عن حقها في حماية مواطنيها اينما كانوا، مشيرا الى انها “على ما يبدو” اعطت هامشا كبيرا للحكومة العراقية في معالجة هذا الملف.
وقال الفيلي في حديث صحفي اطلعت عليه “تقدم” انه “من الناحية العملية، فان الولايات المتحدة الامريكية اعلنت في استراتيجيتها بانها سترد على كل الهجمات التي تتعرض لها سفاراتها ومواقعها، واضافة الى هذا، الدستور الامريكي اعطى الحق للولايات المتحدة بحماية مواطنيها اينما كانوا”.
واضاف، ان “الولايات المتحدة الامريكية لم تأخذ اذننا من الحكومة العراقية، لا في استهداف بعض الجهات في منطقة ابو غريب ولا في منطقة جرف الصخر، وهي تتابع طبيعة التحركات بفعل وجود قدرات تكنولوجية عالية”.
واوضح، ان “الولايات المتحدة تترك هامشا كبيرا للحكومة العراقية في معالجة موضوع استهداف قواعدها وسفارتها، وبعض الاجراءات هي بحاجة الى تفهم سياسي من قبل الفصائل، لاسيما ان قسم منها لديه مشاركة في العملية السياسية”، مبينا ان “الجانب الامريكي يحمل بعض الجهات مسؤولية ما يجري، وذهبت الى تسمية بعض تلك الفصائل ومنها النجباء والكتائب، ولكن في نفس الوقت الادارة الامريكية ترى ان بعض الجهات المشاركة في العملية السياسية ترفض هذه الاستهدافات”.
ونوه الفيلي، الى ان “الحكومة العراقية قامت بجملة من الاجراءات، سواء كان من حيث تغيير الافواج الرئاسية وكذلك معاقبة الجهات الامنية”، لافتا الى ان هذا على الصعيد الامني، وبالمقابل الموضوع بحاجة الى فهم سياسي وقراءة لنتائج الاستهدافات التي تتعرض لها القواعد والسفارة الامريكية”، لافتا الى ان “قد تكون الادارة الامريكية في هذه الايام منشغلة في موضوع دعم اسرائيل في حربها مع غزة، وهذا لا يعني ان الادارة الامريكية ستتوانى عن توجيه ضربات الى اي جهة تستهدفها”.
واشار الى ان “امريكا تعمد الى الدقة والتأني وجمع المعلومات المتكاملة، وهي تختار الزمان والمكان في هذا الموضوع، لأنها تدرك تماما بان اي تصعيد ستستثمره اطراف معادية لها سواء داخل العراق او خارجه”، مشيرا الى ان “الفصائل المسلحة والجانب الايراني في هذه المرحلة وفي مواقف اخرى، لا ترتبط الاستهدافات التي ينفذونها على الجانب الامريكي بالوضع في غزة”.
وتابع، ان “الموضوع يدخل في الضغوط الايرانية التي تمارسها على بعض الفصائل العراقية، فهي دائما تبحث عن متنفس ويكون بادوات خارجية، لاسيما ان ايران ما زالت تعاني من اوضاع الحصار الاقتصادي والتضييق المستمر عليها، وهي تدرك تماما ان استراتيجية الولايات المتحدة الامريكية تقوم على خنقها اقتصاديا من دون ان تكون هناك مواجهة مباشرة”.
المصدر: وكالة تقدم الاخبارية
كلمات دلالية: الولایات المتحدة الى ان
إقرأ أيضاً:
FT: ترامب يهدد بتحويل الولايات المتحدة إلى دولة مارقة
نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" مقال رأي للمعلق جدعون راتشمان قال فيه إن الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب يخاطر بتحويل بلاده إلى دولة مارقة، في إشارة للتصريحات التوسعية التي أطلقها بشأن جيرانه والسيطرة على قناة بنما والاستيلاء على جزيرة غرينلاند التابعة للدنمارك.
وبدأ الكاتب بالإشارة إلى تصريحات السفيرة الكندية في واشنطن والتي قالت فيها: "أعتقد أن الرئيس المنتخب يمزح قليلا"، وذلك في رد على اقتراح ترامب الأول بأن تصبح بلادها الولاية الأمريكية رقم 51.
و"النكتة" الخطيرة هي إحدى طرق ترامب المفضلة للتواصل، مع أن الرئيس القادم تحدث الآن بتفاصيل عن طموحه لضم كندا إلى الولايات المتحدة لدرجة أجبر فيها ساسة كندا إلى التعامل مع كلامه على محمل الجد، ورفضها علنا.
ويقول راتشمان إن عزاء الكنديين الصغير هو أن ترامب استبعد القيام بغزو شامل لأراضي بلادهم، واستبدله بتهديدهم اقتصاديا. وبالمقابل رفض استبعاد الخيار العسكري لاستعادة السيطرة على قناة بنما وجزيرة غرينلاند التي تتمتع بحكم ذاتي تابع للدنمارك.
وتساءل الكاتب إن كان هناك المزيد من المزاح الخفيف؟ مشيرا إلى أن المستشار الألماني ووزير خارجية فرنسا أخذوا تهديدات ترامب على محمل الجد لدرجة حذرا فيها قائلين إن غرينلاند هي أراض تابعة للاتحاد الأوروبي وينطبق عليها بند الدفاع المشترك.
وبعبارات أخرى، فقد تتتهي الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، على الأقل نظريا، إلى حرب من أجل جزيرة غرينلاند.
ويعلق الكاتب إن المدافعين عن ترامب والمتملقين له يتعاملون مع الأمر بكونه "مزحة كبيرة"، وقد أشارت صحيفة "نيويورك بوست" إلى "عقيدة مونرو"، وهي رسالة تعود إلى القرن التاسع عشر للأوروبيين بعدم التدخل في النصف الغربي من الكرة الأرضية، حيث تم تعليم غرينلاند بعلامة "إنها أرضنا". وسخر النائب الجمهوري براندون غيل قائلا إن على الكنديين والبنميين والغرينلانديين الشعور بالفخر من فكرة تحولهم إلى مواطنين أمريكيين.
إلا أن "حقوق الأمم الصغيرة ليست مزحة" كما يقول راتشمان، و"لأن السيطرة بالقوة على بلد من جار قوي هو جرس إنذار كبير للسياسة العالمية. وهو إشارة عن دولة مارقة تزحف للأمام".
ولهذا السبب أدرك التحالف الغربي أن دعم مقاومة أوكرانيا للغزو الروسي أمر مهم جدا. وهو السبب أيضا الذي حدا بالولايات المتحدة في بداية التسعينات من القرن الماضي إلى تجميع تحالف دولي بهدف طرد العراق من الكويت.
وأشار الكاتب إلى أن الاعتداءات على الدول الصغيرة كانت سببا في اندلاع حربين عالمتين. وعندما عجز مجلس الوزراء البريطاني في عام 1914 عن تحديد ما إذا كان ينبغي خوض الحرب مع ألمانيا، كتب ديفيد لويد جورج، الذي أصبح فيما بعد رئيسا للوزراء، إلى زوجته: "لقد حاربت بشدة من أجل السلام، ولكنني توصلت إلى استنتاج مفاده أنه إذا تعرضت الجنسية البلجيكية الصغيرة لهجوم من ألمانيا فإن كل ما آمنت به سيصبح في جانب الحرب".
وفشلت بريطانيا وفرنسا بطريقة مخزية بتوفير الحماية لدولة تشيكوسلوفاكيا من النازية الألمانية عام 1938. واكتشفتا في غضون عام مدى الخطأ الذي ارتكب ومدا يد العون إلى بولندا ووفرتا لها الضمانات الأمنية، حيث كانت هذه هي الدولة التالية على قائمة ألمانيا النازية. وكان غزو بولندا بداية للحرب العالمية الثانية.
ويضيف راتشمان أن أنصار ترامب يرفضون بشدة أي مقارنة بين خطابه وخطاب المعتدين من الماضي أو الحاضر. وهم يزعمون أن مطالبه تهدف في الواقع إلى تقوية العالم الحر والوقوف ضد الصين الاستبدادية وربما روسيا أيضا. وقد برر ترامب طموحاته التوسعية في كندا وغرينلاند وبنما على أساس الأمن القومي.
كما يسوق أنصاره جدالا آخر لتبرير تهديدات ترامب وأنها مجرد أسلوب تفاوضي. ويقولون إنه يقوم بالضغط المطلوب على الدول الحليفة لعمل ما هو ضروري، ومن أجل منفعة التحالف الغربي.
وفي نهاية المطاف ألا يطالب عدد كبير من سكان غرينلاند البالغ عددهم 55,000 الاستقلال عن الدنمارك؟ ألا يشعر الكنديون بإحباط من النخبة التي تدعم فكرة "اليقظة" وتدير بلادهم؟
ولكن هذه هي حجج واهية، فمن المشروع محاولة ترامب إقناع الغرينلادنيين بأن حياتهم ستكون أفضل لو كانوا أمريكيين، إلا أن التهديد بالعمل العسكري والإكراه هو أمر شائن. وكذا مزاعمه بأن سكان كندا يحبون الانضمام إلى الولايات المتحدة، هي مجرد وهم، فقد رفضت نسبة 82% من سكان كندا الفكرة في استطلاع جرى قبل فترة قريبة.
أما محاولة ربط التهديدات هذه باستراتيجية كبرى لمواجهة الصين، فتصريحات ترامب على غرينلاند وبنما وضم كندا، تمثل هدية كبرى لكل من الصين وروسيا.
فلو زعم ترامب أنه من المشروع سيطرة بلاده على قناة بنما وغرينلاند، فلماذا لا يحق لبوتين الزعم بأن السيطرة على أوكرانيا هي ضرورة استراتيجية؟ وإذا كان بوسع النائب غيل الزعم بأن توسيع حدود أمريكا هو "قدر محتوم"، فمن ذا الذي سيقف في وجه شي جين بينغ، عندما يصر على ضم تايوان للصين باعتباره قدر الصين المحتوم؟
ومن المعروف أن روسيا والصين تحلمان منذ وقت طويل بتفكيك التحالف الغربي، ومن هنا يقوم ترامب بالمهمة نيابة عنهما.
وفقط، قبل بضعة أسابيع، كان من المستحيل أن يحلم الكرملين برؤية مجلة الأخبار الرئيسية في كندا تنشر قصة على غلافها بعنوان: "لماذا لا تستطيع أمريكا غزو كندا". وكانت فكرة استحضار الزعماء الأوروبيين لبند الدفاع المتبادل في الاتحاد الأوروبي ضد الولايات المتحدة ــ وليس روسيا - يبدو أيضا وكأنه خيال، ولكن هذه هي الحقائق السياسية الجديدة.
وحتى لو لم ينفذ ترامب وعيده، فإنه ألحق ضررا كبيرا بمكانة أمريكا العالمية، وهو لم يتول منصب الرئاسة بعد. ويظل من المستبعد أمر ترامب بغزو عسكري شامل لغرينلاند، مع أن محاولته إلغاء الانتخابات عام 2020 كان أمرا مستبعدا. ومن غير المرجح أيضا أن يتم ترهيب كندا حتى تتنازل عن استقلالها.
و"لكن حقيقة أن الرئيس القادم يمزق المعايير الدولية هي كارثة. وأي سخرية من "نكات" ترامب في غير محلها، ما نشهده هو مأساة، وليس كوميديا".