إعداد: فريق تحرير مراقبون إعلان اقرأ المزيد

عشرات الفلسطينيين أو مئات منهم شبه عراة وسط الشارع وقد جردوا من معظم ملابسهم وعصبت أعينهم وجثوا على ركبهم: هذا ما تظهره منذ بداية شهر كانون الأول/ ديسمبر الجاري عدة صور ومقاطع فيديو وثقت عملية اعتقال جماعية نفذها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة.

بدأ تداول أول صور عملية الاعتقال في يوم 7 كانون الأول/ ديسمبر الجاري على حساب مناصرة لإسرائيل في تطبيق تلغرام.

وكان الجيش الإسرائيلي قد نفذ عمليات اعتقال لعشرات الفلسطينيين، بينهم كثير من المدنيين وفق ما أوضحه مقال لأسرة تحرير مراقبون فرانس24، وتم التقاط صور ومقاطع فيديو لهذه الحادثة.

وتظهر صورة ومقطع فيديو بالخصوص عشرات الفلسطينيين المعتقلين وهم يرتدون ملابس داخلية فقط وقد أحاط بهم جنود من الجيش الإسرائيلي. كما تظهر تسجيلات مصورة أخرى نشرت في 7 كانون الأول/ ديسمبر الجاري مجموعات من المعتقلين، أيضا بملابس داخلية فقط، أثناء نقلهم في شاحنات أو محاطين بجنود إسرائيليين في منطقة رملية وقد جثوا على ركبهم وعصبت أعينهم.

صورة تظهر جنودا من الجيش الإسرائيلي عشرات من سكان مدينة بيت لاهيا في قطاع غزة وهم شبه عراة قبل أن يتم نقلهم في شاحنات. صور من تويتر/ تركيب مراقبون © صور من تويتر/ تركيب مراقبون

منذ تلك الفترة، تم تناقل صور أخرى لمجموعات من المعتقلين الفلسطينيين عبر الإنترنت مثل تلك الصورة التي تظهر رجلا بملابس داخلية فقط واقفا على رصيف، ونشرت هذه الصورة في 9 كانون الأول/ ديسمبر 2023.

في 12 كانون الأول/ ديسمبر، نشرت القناة التلفزيونية الإسرائيلية إن 12 على حسابها في تطبيق تلغرام صورة لبعض مئات من المعتقلين الفلسطينيين وهم محاطين بالرمال دون تقديم توضيحات بشأن سياق التقاطها.

صورة لمعتقلين فلسطينيين في قطاع غزة نشرت تواليا في 9 و12 كانون الأول/ ديسمبر 2023. صور من تويتر/ قناة إن12 الإسرائيلية/ تركيب مراقبون © صور من تويتر/ قناة إن12 الإسرائيلية/ تركيب مراقبون

وإذا ما كان مصدر هذه الصور مجهولا، إلا أن بعض المؤشرات تترك انطباعا بأن جنودا من الجيش الإسرائيلي هم من التقطوها. حيث أن معظم هذه المشاهد المصورة، التي لا نرى فيها سوى جنودا ومعتقلين، التقطت إلى جانب عسكريين إسرائيليين أو حتى على متن عربات تابعة للجيش. زد على ذلك أنه يمكن أن نرى في أحد مقاطع الفيديو قميصا أخضر لزي عسكري تابع للجيش الإسرائيلي كان يرتديه الشخص الذي تولى التصوير.

لكن في المقابل، يؤكد الجيش الإسرائيلي أنه ليس مسؤولا بشكل مباشر على نشر هذه الصور عبر قنواته التقليدية. وفي 10 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، صرح مستشار الأمن القومي في إسرائيلي تزاشي هنيغبي بأن هذه الصور "لا تخدم مصلحة أحد" معربا عن أمله في توقف تداولها.

معتقلون جردوا من ملابسهم لأسباب أمنية وفق رواية الجيش الإسرائيلي.

أوضح الجيش الإسرائيلي أيضا أن ظروف اعتقال هؤلاء الفلسطينيين ارتبطت بأسباب أمينة.

"يكون من الضروري في بعض الحالات، في حال الاشتباه بوجود إرهابيين، أن يتم تجريد المعتقلين من ملابسهم حتى يتم تفتيشهم بغية التأكد من أنهم لا يحملون سترات تحمل عبوات متفجرة أو أسلحة، وفق تأكيد مصدر في الجيش الإسرائيلي لموقع التحقق من الأخبار شيك نيوز Check News.

"لم تتم إعادة ملابس المعتقلين لهم بشكل فوري (للتوقي) من حالات يمكن أن يتم خلالها إخفاء أشياء قد تستخدم لأغراض عدائية (فريق التحرير: مثل السكاكين). تمت عملية إعادة الملابس للمعتقلين عندما كان ذلك ممكنا".

جريمة حرب في حال نشر صور مماثلة مباشرة من الجيش الإسرائيلي؟

في المقابل، يمكن أن يشكل النشر المتعمد لصور معاملة مهينة لآدميين انتهاكا للقانون الدولي،ـ وفق توضيح منظمتي هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية غير الحكوميتين لفريق تحرير مراقبون فرانس24.

"التقاط صور لمعتقلين يمكن أن يكون له ما يبرره في بعض الحالات" يقول أحمد بن شمسي مدير الاتصال والإعلام لهيومن رايتس ووتش في منطقة الشرق الأوسط . "ولكن عملية نشر مثل هذه الصور تمثل جريمة حرب، لأن ذلك يظهر نية في الإهانة ونشر معاملة سيئة لآدميين".

تم ذكر هذه النقطة في المادة الثالثة من اتفاقية جنيف التي تعود لسنة 1949 "التي تطبق على كل طرف في نزاع مسلح في فلسطين وفي إسرائيل، وتنص على أن كل شخص معتقل من طرف من أطراف النزاع يجب أن يتلقى، في كل الظروف، معاملة إنسانية".

في هذا الصدد، وصفت منظمة هيومن رايتس ووتش أيضا مقاطع الفيديو التي نشرها حركة حماس لرهائن إسرائيليين بأنها "جريمة حرب".

"الممارسات الممنوعة تشمل انتهاك كرامة الشخص خصوصا من خلال معاملة مهينة وتسيء لكرامته" وفق تأكيد المنظمة غير الحكومية الأمريكية التي أشارت أيضا إلى أن كل انتهاك لهذه المادة يعد جريمة حرب.

بدورها، أشارت منظمة العفو الدولية غير الحكومية إلى نفس النقطة في حديثها مع فريق تحرير مراقبون. وتقول تشيرينا جيرولون المسؤولة عن برامج النزاعات في هذه المنظمة غير الحكومية إن المادة 13 من اتفاقية جنيف الثالثة، المتعلقة بأسرى الحرب تؤكد على "ضرورة حماية أسرى الحرب ضد جميع أعمال العنف أو التهديد، وضد السباب وفضول الجماهير. وتحظر تدابير الاقتصاص من أسرى الحرب".

"يشمل مصطلح فضول الجماهير استخدام كل تجهيزات إعلامية يمكن أن تسمح بتحديد هوية المعتقلين مثل الصور ومقاطع الفيديو والتي يمكن أن تدخل، في إطار فضول الجماهير. وبالتالي فإن أي عملية تداول ونشر ونقل هذه المحتويات الإعلامية يجب أن يتم وفق مقتضيات هذه الاتفاقية"

قناة تلغرام رسمية يشرف عليها الجيش الإسرائيلي، وفق تأكيد صحيفة هآريتز

وعلى الرغم من أن الجيش الإسرائيلي لم ينشر أيا من هذه الصور على حساباته الرسمية في منصة إكس (تويتر سابقا) أو وسائل تواصل اجتماعي أخرى، إلا أن تداول الصور ومقاطع الفيديو للمعتقلين بدأ في 7 كانون الأول/ ديسمبر الجاري بعد الظهر عبر تطبيق تلغرام من خلال حسابات كثيرة مناصرة لإسرائيل، تنقل باستمرار صورا لعمليات الجيش الإسرائيلي.

تم تداول هذه الصور بعد مرور بضع ساعات من قناة في تطبيق تلغرام  يطلق عليها "‘72 فيرجينز - أنسنسورد 72 Virgins – Uncensored". وكشفت صحيفة هآريتز الإسرائيلية من جهتها في 12 كانون الأول/ ديسمبر الجاري بأن هذه القناة تمثل حسابا رسميا يشرف عليه الجيش الإسرائيلي.

ونقلا عن مسؤول عسكري رفيع المستوى في الجيش الإسرائيلي، قالت الصحيفة إن هذه القناة تحت إشراف مصلحة العمليات النفسية التابعة للجيش الإسرائيلي. فيما نفى الجيش الإسرائيلي من جانبه هذه المعلومات.

معتقلون "تم التعامل معهم وفق مقتضيات القانون الدولي"؟

ماذا بشأن وضع هؤلاء المعتقلين أنفسهم؟ يرد الجيش الإسرائيلي في تصريحات لعدة وسائل بأن هؤلاء المعتقلين "تلقوا معاملة تحترم مقتضيات القانون الدولي".

وبالرغم من أن الكثير من الفلسطينيين الذين تم اعتقالهم أطلق سراحهم في وقت لاحق وفق تأكيد عدة شهود، إلا أن أشخاصا آخرين ما يزالون رهن الاعتقال إلى غاية نشر هذا المقال في 13 كانون الأول/ ديسمبر الجاري. ويتعلق الأمر بالخصوص بصحافي الخدمة العربية في وسيلة الإعلام ذي نيو أراب The New Arab, ضياء الكحلوت الذي اعتقل  من جملة المحتجزين شبه عراة في 7 كانون الأول/ ديسمبر الجاري. وطالبت منظمة مراسلون بلا حدود بتقديم معلومات بشأن اعتقاله وذلك في رسالة نشرتها على حسابها في منصة إكس يوم 11 كانون الأول/ ديسمبر الجاري.

منذ مطلع كانون الأول/ ديسمبر الجاري، أي بعد نهاية الهدنة الإنسانية المؤقتة، أكد الجيش الإسرائيلي أنه اعتقل "ما يقارب 140 إرهابيا تابعين لحماس والجهاد الإسلامي في قطاع غزة" من دون تقديم توضيحات في أي إطار تم اعتقال هؤلاء الأشخاص في إطار العمليات العسكرية خلال الأيام الماضي.

ودائما حسب صحيفة هآريتز في تقرير نشر يوم 10 كانون الأول/ ديسمبر الجاري،  فإن الجيش الإسرائيلي يقدر بأن ما بين 10 إلى 15 بالمئة من المعتقلين لديه "مرتبطون بحركة حماس".

وفي الوقت الذي يحيط فيه كثير من الغموض بشأن مصير هؤلاء المعتقلين، يذكر أحمد بن شمسي من منظمة هيومن رايتس ووتش بأن كل واحد من المعتقلين يحق له عدد محدد من الحماية القانونية: "ينص قانون الحرب على أنه يجب إعلام هؤلاء الأشخاص بشكل سريع بالأسباب التي أدت إلى احتجازهم". وهو ما يعني أنه في حال بقاء شخص في حالة إيقاف دون توجيه أي تهمة له بعد انقضاء 48 ساعة، يجب أن يتم إطلاق سراحه".

ويوضح المسؤول في المنظمة غير الحكومية الأمريكية أن كل سجين يجب أن يحظى بفرصة الاعتراض على احتجازه. حيث يقول: "إذا لم يتم احترام أي من هذه الحقوق، فإنه احتجاز شخص يمكن اعتباره غير قانوني ويشكل انتهاكا لمعاهدة روما" التي أسست بمقتضاها محكمة الجزاء الدولية.

المصدر: فرانس24

كلمات دلالية: بيئة خبر كاذب جرائم حرب إسرائيل قطاع غزة بيئة من الجیش الإسرائیلی دیسمبر الجاری غیر الحکومیة تطبیق تلغرام من المعتقلین کانون الأول فی قطاع غزة صور ومقاطع رایتس ووتش جریمة حرب هذه الصور شبه عراة یمکن أن یجب أن أن یتم

إقرأ أيضاً:

المسؤولية الأممية عن اللاجئين بعد القانون الإسرائيلي بحظر الأونروا

تصريحات جدّ مستهجنة تتحدث عن مسؤولية إسرائيل – كقوة احتلال – عن تقديم الخدمات للاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية في حال تنفيذ قانون الكنيست بحظر عمل وكالة "الأونروا" في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

هدف القانون

وبحسب الكنيست، فإن القانون الذي صدر في 28 أكتوبر/تشرين الأول 2024 يهدف إلى "منع أي نشاط لوكالة الأونروا في أراضي دولة إسرائيل، وينص على ألا تقوم الأونروا بتشغيل أي مكتب تمثيلي، ولا تقدم أي خدمة بشكل مباشر أو غير مباشر في أراضي دولة إسرائيل"، على أن يدخل القانون حيز التنفيذ بعد 90 يومًا من إقراره.

وبناءً عليه يفترض ابتداء من آخر يناير/ كانون الثاني 2025، ألا تقوم وزارتا الخارجية والداخلية الإسرائيليتان، بإصدار تصاريح دخول أو عمل لموظفي الوكالة وأن تمتنع عن معالجة طلباتهم، كما ستواجه البنوك الإسرائيلية صعوبات في تقديم خدمات بنكية للوكالة، وسيتوجب على الجيش الإسرائيلي قطع علاقات العمل مع الوكالة، ومن ضمنها مكتب منسّق أعمال الحكومة مع جهات فلسطينية، عبر "الأونروا".

تصريحات الأمم المتحدة

وقد اعتبر كورتيناي راتراي رئيس مكتب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أن إسرائيل، بهذا الإجراء، تكون قد "قررت رسميًا سحب اعترافها بـ"الأونروا"، وباتفاقية كوماي – ماكليمور للعام 1967، التي تنظم عمل الهيئة في قطاع غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية"، مشيرًا إلى أنه "ليس من مسؤولية الأمم المتحدة إحلال بديل للأونروا وليس بمقدورنا هذا"، وبأن الأمم المتحدة "لا تتحمل أي مسؤولية عن إيجاد بديل لعمليات الوكالة في غزة والضفة الغربية، وأن هذه المشكلة تقع على عاتق إسرائيل بوصفها قوة احتلال".

إعلان

وقال الناطق الرسمي للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك للصحفيين تعليقًا على رسالة الخارجية الإسرائيلية إلى المنظمة الدولية بشأن هذا القانون: إنه "في حال لم تتمكن الأونروا من تقديم خدماتها، فإن على إسرائيل تقديم ذات الخدمات التعليمية والصحية، وغيرها، مما توفره الأونروا".

تصريحات الأونروا

وقال المفوض العام لوكالة "الأونروا" فيليب لازاريني: إنه "في حال غياب "الأونروا" أو المؤسسات الفلسطينية الرسمية، سيتعين على دولة إسرائيل – كقوة احتلال – توفير المساعدات والخدمات للسكان في جميع الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك غزة"، واستخدام لازاريني مسمى "السكان" بدلًا من "اللاجئين" فيه من الدلالات السياسية الخطيرة؛ بأن فحوى القانون وفق تصريح المفوض العام – في حال طبق – يعني نزع صفة اللجوء عن الفلسطيني والتي يحملها منذ نكبة فلسطين في العام 1948، أو نكسة فلسطين في العام 1967.

علاقة المفوضية بالأونروا

تعتبر تلك التصريحات استهتارًا بمنظومة الأمم المتحدة، وبخبراء وفقهاء القانون الدولي، وتتناقض وبشكل منهجي مع ما حددته وتحدثت عنه مسؤولية المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة (UNHCR)، تجاه اللاجئين الفلسطينيين، فقد نصَّت المادة الأولى "د" من اتفاقية العام 1951، على أنه " لا تنطبق هذه الاتفاقية على الأشخاص الذين يتمتعون حاليًا بحماية أو مساعدة من هيئات أو وكالات تابعة للأمم المتحدة غير مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين".

والمقصود هنا اللاجئون الفلسطينيون، وتضيف المادة أنه إذا توقفت هذه الحماية أو المساعدة لأي سبب دون أن يكون مصير هؤلاء الأشخاص قد سوّي نهائيًا طبقًا لما يتصل بالأمر من القرارات التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة، يصبح هؤلاء الأشخاص، جرّاء ذلك، مؤهلين للتمتع بمزايا هذه الاتفاقية".

وقد شدّدت المادة 29 من الخطوط التوجيهية التي أصدرتها المفوضية العليا لشؤون اللاجئين بتاريخ ديسمبر/ كانون الأوّل لسنة 2017، وتم إعدادها بتعاون وثيق بين المفوضية العليا لشؤون اللاجئين ووكالة "الأونروا"، وتمت الموافقة عليها من قبل الدول الأعضاء، على أنه "عندما تتوقف حماية الأونروا أو مساعدتها، فإن اللاجئ الفلسطيني سيكون بصورة تلقائية له الحق في التقديمات بحسب معاهدة 1951".

إعلان

غرابة تصريحات فريق الأمم المتحدة، تنبع من أن غوتيريش وقبل تعيينه أمينًا عامًا للأمم المتحدة، قد عمل مفوضًا عامًا للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين لمدة 10 سنوات، ويعلم تمام العلم ما تضمنته المادة الأولى "د" من الاتفاقية حول حماية اللاجئين الفلسطينيين، حال تم توقيف "الأونروا" لخدماتها.

وذلك بالإضافة إلى أن دعوة الأمم المتحدة لأن تتحمل إسرائيل كدولة محتلة المسؤولية الإنسانية تجاه اللاجئين الفلسطينيين، هي دعوة متناقضة كليًا مقابل ما يجري على أرض الواقع من قبل الاحتلال تجاه غزة والضفة والقدس من انتهاكات يومية لحقوق الإنسان يندى لها الجبين بشهادة القاصي والداني.

علاوة على أن إسرائيل متورطة في أعمال إبادة جماعية، بسببها أصدرت المحكمة الجنائية الدولية قرارها باعتقال كل من نتنياهو ووزير الدفاع السابق غالانت، بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وجرائم حرب، بينها استخدام التجويع كسلاح، والتهجير الجماعي للفلسطينيين، وغيرها من أعمال غير إنسانية.

كما أنّ لازاريني – وهو الرجل المخضرم والمتدرج في المسؤوليات في مناصب مختلفة في الأمم المتحدة – يعلم بفحوى المادة المذكورة، لكنه لم يُشر إليها، فهو يتولى منذ العام 2020 منصب المفوض العام للأونروا، وعيّنه غوتيريش في منصب وكيل الأمم المتحدة، وقبل تعيينه في "الأونروا" عمل نائبًا لمنسق الأمم المتحدة الخاص، والمنسق المقيم والإنساني في لبنان.

حالة الاستغراب تصبح أوسع وأشمل حين يصمت المفوض السامي للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، عن فحوى الاتفاقية، وهو الذي عمل سابقًا مفوضًا عامًا لوكالة "الأونروا" منذ العام 2005، وحتى عام 2014، ودافع عنها لسنوات، ودعا وبشكل دائم إلى عدم استبدالها بأي منظمة أخرى.

جميع مسؤولي المنظمات الأممية الآخرين، لم يأتوا أيضًا على ذكر هذا المصير للاجئين الفلسطينيين حال تم توقيف "الأونروا"، واكتفت أنياس كالامار، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية بالقول: إن "هذا القانون غير المعقول يشكل اعتداءً صريحًا على حقوق اللاجئين الفلسطينيين. ومن الواضح أن الهدف منه هو جعل عمل الوكالة في الأرض الفلسطينية المحتلة، مستحيلًا عن طريق فرض إغلاق مقرّها في القدس الشرقية، وإنهاء تأشيرات الدخول لموظفيها. إنه يرقى إلى تجريم المساعدات الإنسانية، وسيؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية الكارثية المتفاقمة أصلًا".

إعلان إسرائيل وأدواتها تتجاهل دور المفوضية

موقف إسرائيل الرسمي لم يأتِ على ذكر هذه الاتفاقية؛ لأن دولة الاحتلال تريد بإستراتيجيتها التخلص من مسمى لاجئ؛ كي تُعبِّد لها الطريق بغسل يديها من نكبة فلسطين، وتمهد الطريق لشطب القرار 194 لسنة 1948، الذي أكد على حق العودة والتعويض واستعادة الممتلكات، وتثبيت شرعيتها في الأمم المتحدة، وبالتالي لا يكون هناك عودة، وتتكرس سرقة واغتصاب الممتلكات، وحرمان اللاجئين من التعويض، ولهذا تحاول أن تجد بدائل لعمل "الأونروا" بأي طريقة للتدرّج في نزع صفة اللجوء.

وقد تجاهل "معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي" أيضًا هذه الحقيقة حول دور المفوضية تجاه اللاجئين الفلسطينيين، عندما أصدر تقديرًا للموقف تحدث عن أن "وقف عمل الأونروا خطوة لائقة تتطلب تجهيزات مسبقة"، وقال: إنّ "قطع العلاقات بين إسرائيل والأونروا هو حدث معقد يجب إدارته بشكل عقلاني، وستكون المسؤولية في نظر العالم على إسرائيل التي سيتوجب عليها أن تستبدل الأونروا، وهو ما سيحدث في قطاع غزة، حيث الوجود العسكري الإسرائيلي مثل الضفة الغربية، إذ تُعتبر قوة احتلال مسؤولة عن السكان، بالإضافة إلى القدس، حيث تقع المسؤولية كلها على إسرائيل".

حظر الأونروا انتهاك للقانون الدولي

حظر عمل الأونروا في حال تنفيذه من شأنه أن ينتهك القانون الدولي، وميثاق الأمم المتحدة التأسيسي واتفاقية الأمم المتحدة المعتمدة في عام 1946. فوفقًا للاتفاقية واستنادًا إلى أن الأمم المتحدة تعتبر غزة والضفة الغربية أراضي فلسطينية محتلة من قبل إسرائيل؛ فإن القانون الدولي يتطلب الموافقة على برامج الإغاثة لمستحقيها، وتسهيل ذلك بكل الوسائل المتاحة لها.

كما أن الاتفاقية تتناول الامتيازات والحصانات الدبلوماسية الممنوحة لعمليات الأمم المتحدة، "ويؤكد القانون الدولي أن إسرائيل لا يمكنها استخدام القانون الوطني الذي يحظر الأونروا، كمبرر لعدم الوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي". بمعنى أنه إذا كان هناك تعارض بين القانون الوطني والقانون الدولي، فالثاني مقدم على الأول.

إعلان حقوق إضافية للاجئين الفلسطينيين

وفق القرار الأممي الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 302 بتاريخ 8/12/1949، أُنشئت وكالة الأونروا كوكالة مؤقتة معنية باللاجئين الفلسطينيين كتعبير عن المسؤولية السياسية الدولية تجاه قضية اللاجئين الفلسطينيين، بخلاف المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التي تعبر عن المسؤولية الإنسانية تجاه جميع اللاجئين في العالم، ولكن مع فقرة المادة الأولى "د"، وما تضمنته التوجيهات لسنة 2017 سيحصل 2.7 مليون لاجئ فلسطيني مسجل في سجلات الأونروا (1.7 مليون في غزة، ومليون في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية)، على مستوى جديد وأكبر من الحماية الدولية من المفوضية العليا لشؤون اللاجئين والتي يتمثل الحل الأفضل بالنسبة إليها في حالات اللجوء طويلة الأمد (أكثر من 7 عقود ونيف) في تطبيق حق العودة إلى الوطن.

وليس هذا فحسب، بل حينها سيحصل اللاجئون الفلسطينيون على حقوقهم كاملة: (القانونية والإنسانية والحماية الجسدية التي تفتقر إليها وكالة الأونروا)، كما أن اللاجئ الفلسطيني لن يفقد صفته كلاجئ، بل سيبقى يحمل هذه الصفة مع أبنائه وأحفاده إلى حين العودة وفق قانون جمع الشمل، تمامًا كما يحدث مع وكالة "الأونروا"، وتراكم البيانات وحفظ عمليات التسجيل لملايين اللاجئين.

فهل سينقلب السحر على الساحر، ويتم الضغط على الأمم المتحدة، كي تعطي اللاجئين الفلسطينيين من خلال المفوضية العليا لشؤون اللاجئين ما عجزت عنه وكالة "الأونروا" بعد أكثر من 75 سنة، أم إن موازين القوى ستخذُل اللاجئين الفلسطينيين مرة أخرى؟

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • هرتسي هاليفي.. رئيس أركان الجيش الإسرائيلي المستقيل
  • المسؤولية الأممية عن اللاجئين بعد القانون الإسرائيلي بحظر الأونروا
  • استقالة رئيس أركان الجيش الإسرائيلي
  • رئيس أركان الجيش الإسرائيلي يعلن استقالته من منصبه
  • استشهاد 8 فلسطينيين على الأقل في عملية للجيش الإسرائيلي بالضفة الغربية
  • استشهاد 4 فلسطينيين في عملية للجيش الإسرائيلي بمدينة جنين
  • «التجارة»: الصناعات التحويلية تسجل نموا 7.1% في الربع الأول من العام المالي الجاري
  • بغداد تشهد 1848 حالة طلاق خلال شهر كانون الأول الماضي
  • ارتفاع مؤشر أسعار الاستهلاك لشهر كانون الأول 2024
  • "اتحاد كتاب الإمارات" يعقد اجتماعه الأول للعام الجاري