القدس المحتلة-سانا

طالبت وزارة الخارجية الفلسطينية مجدداً المجتمع الدولي بالتحرك العاجل لوقف حرب الإبادة الجماعيةالتي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي منذ 69 يوماً على قطاع غزة المنكوب، محذرة من أن الوضع الإنساني والصحي كارثي في جميع مناحي الحياة هناك.

وقالت الوزارة في بيان اليوم: إن استمرار العدوان الإسرائيلي يعمق الكارثة الإنسانية من شمال القطاع إلى جنوبه في ظل استمرار التهجير القسري وتفشي الأوبئة والأمراض وانتشار المجاعة، فيما يفاقم فصل الشتاء مأساة أهالي غزة، مؤكدة أن ما نشرته وسائل الإعلام عن الجرائم والمجازر والدمار الهائل يكشف لغاية الآن بصورة جزئية حجم الكارثة التي حلت بالقطاع جراء قصف المنازل والأبراج والمنشآت والمؤسسات.

وأكدت الوزارة أن انتهاكات وجرائم الاحتلال في الضفة الغربية وعدوانه على جنين تصل إلى مستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، مبينة أن الفشل في تطبيق القانون الدولي بات يشكل غطاء للاحتلال لارتكاب المزيد من الجرائم وتنفيذ أطماعه الاستعمارية.

المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء

إقرأ أيضاً:

مؤتمر العدالة لضحايا الإبادة الجماعية في غزة: محطة مفصلية في مسار المساءلة الدولية

لم يكن مؤتمر "العدالة لضحايا الإبادة الجماعية في غزة" الذي عقد في إسطنبول، في 8-9 شباط/ فبراير 2025، تحت رعاية اتحاد المحامين العرب ونقابة المحامين الأردنيين والتحالف القانوني الدولي من أجل فلسطين، مجرد لقاء حقوقي أو ندوة أكاديمية، بل كان حدثا نابضا بالحيوية والطاقة، حيث التقى خبراء قانونيون وأكاديميون وناشطون ميدانيون من 23 دولة تحت سقف واحد، في مشهد يعكس حجم الالتزام العالمي بمكافحة الإفلات من العقاب وتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني.

ولم يكن المشاركون في هذا المؤتمر مجرد متحدثين عابرين، بل كانوا شخصيات بارزة في مجالات القانون الدولي وحقوق الإنسان، يتمتعون بسجل أكاديمي وحقوقي وميداني غني. فقد ضمّ المؤتمر قضاة ومحامين دوليين، وأكاديميين متخصصين في القانون الجنائي الدولي، ومدافعين حقوقيين، ونشطاء ميدانيين ممن كرسوا حياتهم لمكافحة الإفلات من العقاب وتحقيق العدالة للضحايا.

من بين الدول البارزة التي شهدت حضورا فاعلا؛ البرازيل، وتشيلي، وجنوب إفريقيا، وكندا، وبريطانيا، وفرنسا، وسويسرا، والنمسا، وبلجيكا، وبولندا، وإيطاليا، والأردن، والجزائر، ومصر، وتونس، والمغرب، وفلسطين، وهولندا، ولبنان، وإندونيسيا، وتركيا، والهند.

ومن بين الشخصيات البارزة التي شاركت في المؤتمر، كان لوزيرة خارجية جنوب أفريقيا السابق، د. غريس ناليدي باندور، حضور لافت، حيث أكدت في مداخلتها على التزام بلادها بملاحقة إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، مشددة على أن هذه الخطوة ليست مجرد موقف سياسي، بل استجابة قانونية تستند إلى الأدلة والمواثيق الدولية التي تثبت ارتكاب جرائم إبادة ضد الشعب الفلسطيني. كما دعت إلى توسيع نطاق الدعم القانوني لهذه القضية على مستوى الدول والمنظمات الحقوقية الدولية.

إحساسٌ قوي بأن هذه القضية لا تزال تحمل زخما كبيرا، وأن الجهود الحقوقية يجب أن تتواصل بلا توقف. كانت الأجواء مفعمة بالتفاؤل، رغم إدراك الجميع للصعوبات والتحديات التي تواجه العمل القانوني الدولي
كما قدّمت فرانشيسكا ألبانيز، المقررة الخاصة للأمم المتحدة بشأن الأراضي الفلسطينية المحتلة، مداخلة محورية حول دور المحكمة الجنائية الدولية في محاسبة مرتكبي الجرائم في فلسطين، حيث شددت على أهمية المضي قدما في التحقيقات رغم الضغوط السياسية التي تحاول عرقلة العدالة. وأكدت أن ما يحدث في غزة يشكّل انتهاكا خطيرا للقانون الدولي الإنساني، ويجب أن يُقابل بإجراءات قانونية صارمة تضمن محاسبة المسؤولين.

روح الحماس والإصرار على تحقيق العدالة

منذ اللحظة الأولى للمؤتمر، كان واضحا أن المشاركين لم يأتوا لمجرد تبادل الأفكار، بل حملوا معهم اندفاعا حقيقيا، وإصرارا صادقا على تقديم كل ما بوسعهم لدعم القضية الفلسطينية قانونيا وحقوقيا. لم تكن نقاشاتهم مجرد تحليلات نظرية، بل كانت مدفوعة بوعي عملي وتجارب ميدانية، تعكس خبرتهم العميقة وإيمانهم بضرورة التحرك القانوني الفعّال لمحاكمة مرتكبي الجرائم بحق الفلسطينيين.

ما لفت انتباهي أيضا حجم الإقبال والتفاعل من قبل المشاركين، حيث شهدت الجلسات حضورا مكثفا، ولم يكن هناك أي لحظة فتور أو تراجع في مستوى النقاش. كل مداخلة كانت تلقى اهتماما كبيرا، وكل قضية طُرحت للنقاش كانت تتبعها مداولات جادة، مما يعكس مستوى الاحترافية والالتزام لدى الحضور.

تنظيم متميز وإدارة احترافية

لا يمكن الحديث عن نجاح هذا المؤتمر دون الإشادة بحسن التنظيم الذي تميزت به الجهة المنظمة. فقد كان التنظيم مهنيا للغاية، بدءا من الاستقبال والتنسيق اللوجستي، مرورا بجداول الجلسات المحكمة زمنيا، وانتهاء بإدارة النقاشات بشكل يضمن استيعاب جميع وجهات النظر وإعطاء الفرصة لكل المشاركين للتعبير عن رؤاهم.

كان هناك اهتمام كبير براحة الضيوف وتوفير بيئة تفاعلية، حيث أُتيحت للمشاركين فرصة التواصل المباشر والتنسيق المستقبلي ضمن أجواء مريحة، مما جعل المؤتمر لا يقتصر فقط على كونه حدثا أكاديميا، بل منصة حقيقية لتوحيد الجهود الحقوقية الدولية.

برنامج متكامل وجلسات نقاش حيوية

افتُتح المؤتمر بكلمات ترحيبية قدمها كل من بروفيسور أحمد الخالدي، رئيس التحالف القانوني الدولي من أجل فلسطين، وياسين شاملي، رئيس نقابة المحامين الثانية في إسطنبول، وأ. ناصر كمال ناصر، الأمين العام المساعد لاتحاد المحامين العرب، وأ. يحيى أبو عبود، نقيب المحامين الأردنيين. وقد أكدوا جميعا على أهمية الجهد القانوني في دعم القضية الفلسطينية، مشددين على ضرورة تسخير كافة الآليات القانونية لضمان عدم إفلات الجناة من العقاب.

شهد المؤتمر نقاشات معمقة حول مختلف الجوانب القانونية، بدءا من المحكمة الجنائية الدولية، ودور محكمة العدل الدولية، والولاية القضائية العالمية، وحتى سبل العمل الحقوقي على المستوى الوطني والدولي لضمان تحقيق العدالة.

تكريم المشاركين وتقديم هدايا تذكارية

في لفتة تعكس التقدير للجهود المبذولة، تم تقديم دروع تكريمية للمشاركين الرئيسيين، عرفانا بمساهماتهم في إنجاح هذا الحدث الحقوقي، مما أضفى لمسة إنسانية جميلة عززت روح التضامن بين المشاركين، وأكدت على أن هذا المؤتمر ليس نهاية الجهد، بل بداية لمزيد من العمل المشترك.

البيان الختامي وتعهد بمواصلة الجهود

اختُتم المؤتمر ببيان ختامي تمت تلاوته باللغتين العربية والإنجليزية، أكد فيه المشاركون على حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وضرورة مكافحة الإفلات من العقاب، ومواصلة التحركات القانونية لمحاسبة مرتكبي الجرائم في فلسطين.

كما أشاد البيان بجهود جنوب إفريقيا في مقاضاة إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، ودعا الدول الأخرى إلى اتخاذ خطوات مماثلة لتعزيز الالتزام بالقانون الدولي. وشدد على أهمية تعزيز الولاية القضائية العالمية، بحيث تتمكن المحاكم الوطنية من محاكمة المتورطين في الجرائم ضد الإنسانية بغض النظر عن أماكن ارتكابها.

كما رحّب المشاركون بجهود مجموعة لاهاي، واعتبروها مبادرة واعدة لتعزيز التعاون القانوني الدولي في مواجهة الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني. وأكد البيان على أهمية تطوير آليات الدعم لهذه المجموعة، وتوسيع نطاق عملها، بما يضمن تكامل الجهود القانونية من مختلف الدول في ملاحقة مرتكبي الجرائم وتعزيز العدالة الدولية.

الرسالة الأهم: هذا الجهد لا يمكن أن يتوقف

ما خرجتُ به من هذا المؤتمر لم يكن مجرد معطيات قانونية جديدة، بل هو إحساسٌ قوي بأن هذه القضية لا تزال تحمل زخما كبيرا، وأن الجهود الحقوقية يجب أن تتواصل بلا توقف. كانت الأجواء مفعمة بالتفاؤل، رغم إدراك الجميع للصعوبات والتحديات التي تواجه العمل القانوني الدولي.

لكن ما يبعث على الأمل هو أن هذا المؤتمر أثبت أن هناك تحركا حقوقيا دوليا جادا لا يمكن تجاهله، وأن الإرادة القانونية موجودة، وتحتاج فقط إلى التنسيق والتكاتف لضمان تحقيق العدالة لضحايا غزة. لقد عكست النقاشات عمق الالتزام القانوني لدى المشاركين، وأظهرت أن هناك وعيا متزايدا بضرورة تحويل الجهود الحقوقية إلى خطوات عملية تؤثر في منظومة العدالة الدولية.

مكاسب قانونية متراكمة تُعزز الأمل في تحقيق العدالة

رغم التحديات التي تواجه العمل الحقوقي، إلا أن الجهود القانونية الدولية بدأت تؤتي ثمارها، مما يبعث الأمل في أن العدالة ليست بعيدة المنال. لقد شهدت الأشهر الأخيرة تطورات قانونية غير مسبوقة، أبرزها تحرك المحكمة الجنائية الدولية لإصدار مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، وهو تطور تاريخي يُعزز مبدأ عدم الإفلات من العقاب ويضع المسؤولين الإسرائيليين تحت طائلة المساءلة الدولية.

كما أن قرار محكمة العدل الدولية الذي اعترف بوجود أدلة معقولة على ارتكاب إسرائيل جرائم إبادة، وألزمها بوقف الانتهاكات في غزة، واتخاذ تدابير لحماية المدنيين، يمثل نقطة تحول مهمة في المسار القانوني للقضية الفلسطينية. هذا القرار، وإن لم يكن يحمل طابعا جنائيا، فإنه يرسّخ الأساس القانوني لمحاسبة إسرائيل على جرائمها أمام المؤسسات الدولية، ويفتح المجال أمام مزيد من التحركات القضائية لملاحقتها.

إلى جانب ذلك، فإن السردية الإسرائيلية التي طالما فرضت نفسها في الخطاب الدولي باتت في حالة انهيار، حيث أدى التوثيق المستمر للجرائم، والشهادات الحقوقية، والتغطية الإعلامية إلى كشف الوجه الحقيقي لإسرائيل أمام العالم، مما جعلها في موقع دفاعي غير مسبوق. لم تعد دولة الاحتلال قادرة على تسويق نفسها كضحية، بل باتت عبئا على المجتمع الدولي بسبب ارتكابها جرائم إبادة، وانتهاكها للقانون الدولي، وتعطيلها عمل مؤسسات دولية حيوية مثل وكالة الأونروا.

التفاعل القانوني وحده ليس كافيا ما لم يقترن بدعم دبلوماسي، وقرارات سياسية شجاعة، والتزام رسمي بإنفاذ القوانين الدولية. وهذا ما يجعل دور الحكومات والبرلمانات والأحزاب السياسية الداعمة لحقوق الإنسان محوريا في تحويل المساءلة القانونية من هدف إلى واقع ملموس
ولا شك أن هذه الإنجازات القانونية لم تأتِ من فراغ، بل كانت ثمرة جهود حقوقيين وخبراء قانونيين مثل الذين شاركوا في هذا المؤتمر، والذين كرّسوا خبراتهم وإمكاناتهم للدفاع عن حقوق الضحايا، والعمل على توثيق الجرائم، ورفع القضايا أمام المحاكم الدولية، وتقديم الاستشارات القانونية للدول والمنظمات التي تدعم العدالة. إن مثل هذه المؤتمرات لا تمثل مجرد لقاءات للنقاش، بل هي جزء من حراك حقوقي عالمي يهدف إلى ترجمة القانون الدولي إلى واقع ملموس، يضمن عدم إفلات مرتكبي الجرائم من العقاب.

كل هذه التطورات تؤكد أن العمل الحقوقي ليس جهدا عبثيا، بل هو مسار تراكمي يحقق اختراقات جوهرية في جدار الحصانة السياسية والقانونية التي تمتعت بها إسرائيل لعقود. وما تحقق حتى الآن، رغم كل الضغوط والعراقيل، يثبت أن الإصرار على المساءلة القانونية قادر على إحداث تغيير حقيقي في ميزان العدالة الدولية.

أهمية الرعاية الدولية لتعظيم الزخم القانوني

ومع ذلك، فإن نجاح هذه التحركات الحقوقية، على أهميتها، لا يمكن أن يعتمد فقط على جهود النشطاء والخبراء القانونيين، بل يحتاج إلى دعم ورعاية من الدول التي تلتزم بالقانون الدولي وتسعى لحماية مبادئ العدالة. فتعظيم الزخم القانوني لا يتحقق فقط عبر الاجتماعات والمؤتمرات، بل من خلال تبني الدول لهذه المبادرات الحقوقية في سياساتها الخارجية، ودعمها في المؤسسات الدولية، وخلق تحالفات قانونية تعزز من فرص محاسبة مرتكبي الجرائم.

إن التفاعل القانوني وحده ليس كافيا ما لم يقترن بدعم دبلوماسي، وقرارات سياسية شجاعة، والتزام رسمي بإنفاذ القوانين الدولية. وهذا ما يجعل دور الحكومات والبرلمانات والأحزاب السياسية الداعمة لحقوق الإنسان محوريا في تحويل المساءلة القانونية من هدف إلى واقع ملموس.

مقالات مشابهة

  • مؤتمر العدالة لضحايا الإبادة الجماعية في غزة: محطة مفصلية في مسار المساءلة الدولية
  • الخارجية تستدعي السفير.. السودان يجدد مطالبته للرئاسة الكينية بالتراجع عن تشجيع واحتضان مؤامرة تأسيس حكومة لمليشيا الإبادة الجماعية وتابعيها
  • الخارجية الفلسطينية تطالب جهات القانون الدولية بتحمل مسؤولياتها تجاه جرائم العدو الصهيوني
  • الأهلية الفلسطينية: إسرائيل ستحاول تعميق الأزمة الإنسانية في غزة حتى تدفع السكان للتهجير
  • الخارجية الفلسطينية تطالب الجهات القانونية الدولية تحمل مسؤولياتها تجاه جرائم الاحتلال
  • ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 48 ألفا و297 شهيدا
  • تحقيق يكشف دور مايكروسوفت وأوبن إيه آي في الإبادة الجماعية بغزة
  • الخارجية الفلسطينية تطالب بإجراءات دولية رادعة لحماية «الأونروا»
  • الخارجية الفلسطينية تدين اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي على مدارس “الأونروا”
  • «الخارجية الفلسطينية» تطالب بإجراءات دولية رادعة لحماية وكالة أونروا